الجمعة 27 كانون الثاني (يناير) 2012

إعلام عربي أميركي بصوت مرتفع

الجمعة 27 كانون الثاني (يناير) 2012 par د. سمير التنير

عانى الوطن العربي في القرن العشرين من الحملات الاستعمارية المتواصلة على بلدانه، والتي استولت على معظم الثروات وبخاصة النفط. وقد تركت السيطرة الأجنبية آثاراً سلبية وعميقة جداً في المجتمعات العربية. وساعدت السيطرة الاستعمارية في تحقيق المشروع الصهيوني وإقامة دولة« إسرائيل.» وهي كانت ولا تزال من الأسباب الرئيسية في إدامة التخلف ومنع تحقيق التقدم. وكانت سياستها عدوانية على مر السنين. وفي بداية القرن الحادي والعشرين، عادت المنطقة لتشكل هدفاً استعمارياً يحمل أخطاراً أكبر مما حملها في السابق، وخاصة احتلال العراق وعودة الاستعمار الأميركي المباشر إلى الأرض العربية. وقد أدى احتلال العراق إلى تفتيت البلد وإلى نشوب حروب طائفية وإثنية وعشائرية، بديلاً عن نشر الديموقراطية الزائف. أما الأمر الثاني فهو محاولة البعض في مصر المحافظة على السياسة الخارجية لنظام مبارك، وخاصة بما يتعلق بمعاهدة كامب دايفيد، والتي أدت إلى انحدار مكانة مصر الخارجية وألغت قدرتها على التأثير في الأحداث. وما نراه الآن من نشاط أميركي محموم للالتفاف على الهزيمة الاستراتيجية التي ألحقتها بها ثورات الربيع العربي. ويتطوع بعض الكتاب العرب في الدفاع عنها، متناسين مصلحة بلادهم الوطنية، أما الأدلة فهي كما يلي: كتب الأستاذ الياس حرفوش (جريدة الحياة 17 كانون الأول 2011) تحت عنوان «حسابات الربح والخسارة في بغداد»: لا هزيمة أميركية يمكن الاحتفال بها إذاً. إذا كان هناك من ينتظر الاحتفال. حقق الأميركيون ما أرادوا وما طالبهم به العراقيون بمن فيهم من يشتمون الاحتلال. هؤلاء هم الذين في الحكم اليوم بفضل ما دفعه المحتل الأميركي من خسائر في صفوف جنوده بلغت 4500 قتيل ومئات آلاف الجرحى وإنفاق على الحرب بلغ 750 مليار دولار». أما الرد على ذلك فيأتي من الأستاذ نجم دالي (كاتب وروائي عراقي مقيم في ألمانيا وما كتبه في جريدة «المستقبل» تحت عنوان «على أي حال ترك الأميركيون بغداد».. عدد 8 كانون الثاني 2012): «الحركة المحمومة تلك والتي تخيلها البعض منا بأنها ستنتج عراقاً جديداً، وئدت بشكل مبكر، أولاً مع مجيء الحاكم المدني بول بريمر الذي لم يحضر وصفات سحرية مثل «عطار» وحسب، بل فعل كل ما جعله يكتسب لقب «امبراطور». لم يكتف بحل الجيش والشرطة، بل جمع المعارضة العراقية التي جاءت على دبابات الأميركان وخاطب أفرادها بوصفهم هيئات تمثيلية لجماعات عرقية ومذهبية، ثم شكل منهم مجلس حكم يعين رئيسه شهرياً على أساس الحروف الأبجدية. العراقيون كانوا بحاجة إلى دولة المؤسسات الحديثة والمجتمع المدني، وليس دولة «أبجدية الطوائف». ويتابع الأستاذ الياس حرفوش مديحه للاحتلال الأميركي للعراق: «حقق الأميركيون للعراق نظاماً ديموقراطياً يسمح للعراقيين بأن يقولوا كلمتهم في طريقة ادارة بلدهم. وهو ما لم يكن ممكناً ان يحلم به عراقي في العهد السابق. وفي عز الصراع الطائفي والمذهبي الذي استشرى نتيجة انعدام اللحمة الوطنية وتدخل القوى الخارجية، سعى الأميركيون إلى لعب دور صمام الأمان خلال السنوات الماضية، فشجعوا الاتجاهات التوحيدية على حساب نزعات الانفصال». أما رد نجم والي فهو: «حصيلة ديموقراطية بريمر كشفت عن نفسها بأنها فقاعة لا غير. تحول العراق الى ساحة لاختبار قوة الطوائف والمذاهب والجماعات. من ينتمي إلى حزب او جماعة او ميليشيا دينية يستطيع فرض شروطه في السوق كما يشاء. أما رجال المعارضة فلم يكونوا أكثر من متاجرين صغار لا علم لهم بالقيادة ولا في السياسة. وهم تحولوا إلى أمراء حرب أحالوا الجموع المنفلتة إلى وقود». أما نتيجة الاحتلال للعراق فيرى الياس حرفوش انها: «باستعادة العراق سيادته الكاملة على أرضه يكون بلد عربي آخر قد بدأ يقطف ثمار الربيع العربي. ولا يعيب ربيع بغداد انه جاء مبكراً، وبفضل الدبابات الأميركية التي وفرت للعراقيين فرصة الحلم الديموقراطي الذي كان يبدو مستحيلاً قبل تسع سنوات». فالأكيد ان قلة من العراقيين أسفت لسقوط النظام السابق، ولا ينتقص من الكرامة العراقية، ان يكون صدام قد ذهب نتيجة غزو أميركي. وفي نظر نجم والي فإن نتيجة الاحتلال كانت: «أما الذباب الباقي فيدور في الملايين من مزبلة إلى أخرى يبحث عن قوته في مدن تحولت إلى قمامة منذ سنوات. من يزر بغداد والبصرة على سبيل المثال، وهما مدينتان كانتا ذات يوم من أجمل المدن، سيرى قمامة ترتفع وترتفع يومياً لتصبح على شكل تلال، لا كهرباء ولا ماء. لا نفط في بلاد النفط ولا غاز. فماذا يعني رحيل الأميركان، أو بقاؤهم وهم يتركون وراءهم بلاداً تحولت كلها إلى قمامة؟ قمامة أميركية بامتياز».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165477

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165477 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010