الأربعاء 15 شباط (فبراير) 2012

أميركا وقطر ينجحان باستخدام ليبيا وثوارها في منظومة مخابراتية دولية

الأربعاء 15 شباط (فبراير) 2012 par جهاد الضاني

خلافاً لكل التوقعات السياسية التي كانت تبشر بأن ليبيا ستتمكن من استثمار فرصة التحول التاريخية التي وفرتها الثورة، حيث اعتقد الكثيرون أن سقوط القذافي سيسمح ببزوغ فجر الديمقراطية والعدالة وتداول السلطة، وأن هذا التحول سيكون سريعاً نظراً للتماسك الاجتماعي الذي كان سمة الشعب الليبي، ووفرة مواردها الطبيعية الكبيرة من نفط وغاز، وعدد سكانها القليل قياساً لمساحتها الممتدة على أكثر من 2400 كلم على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، إلا أن الخلافات والصراعات المسلحة والفوضى وعمليات التهجير القسري والاعتقال والتعذيب ورفض الآخر التي عمت ليبيا، عاكست كل التوقعات، صحيح أن موجبات التغيير والإصلاح في ليبيا كانت كثيرة، إلا أنها لا تبررالتحالف مع الناتو، والتماهي مع المشروع الغربي الذي استهدف ليبيا، وقسم المجتمع ودمر البنى الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وفتت القبائل ووشائج العلاقات الإنسانية التي تربط المجتمع الليبي ووحدته الوطنية.

تعيش ليبيا ما بعد الثورة أزمات عديدة لا يبدو أن هناك في الأفق قوى داخلية قادرة على حلها، إن كان من خلال مسؤولين في السلطة، أو قوى فاعلة خارجها، لأسباب تتعلق في بنية القوى التي تدير المشهد ومشروعها السياسي وقصور رؤيتها للحكم، وهشاشة تمثيلها للشارع، وانشغالها بترتيب المصالح الفئوية للميليشيات التي تمثلها، لقد سيطرت الميليشيات المسلحة وطغت على النخب السياسية والثقافية في البلاد، مما أدى إلى غياب وإبعاد التيارات والأحزاب السياسية عن المشاركة في الحياة العامة وإدارة البلاد، رغم أنها عاصرت وعانت خلافات طويلة مع القذافي في السابق.

المجلس الانتقالي بقواه المختلفة المتحاربة والمتصارعة في الأحياء والشوارع يواجه كمّاً كبيراً من المشكلات والأخطاء التي تتراكم يومياً، وباتت سبباً لإنتاج مزيد من التوترات السياسية والأمنية والاجتماعية.

لقد اتسم أسلوب إدارة المجلس الانتقالي للحكم بقصور الرؤية والفشل في الإشراف على تسيير أمور الدولة، واتباعه أسلوب المعالجة عن بعد وعدم نزوله إلى الشارع لحل قضايا الناس والتراخي في معالجة ملفات المليشيات وضعف قدرته على سحب السلاح بعد سقوط نظام القذافي، وهو ما تسبب في تراكم المشكلات وتضخمها وانتقال الأزمات إلى طور متفجر ومؤثر على تكوين ليبيا وأمنها.

هذا بالإضافة إلى عدم وجود سياسة عربية أو دولية واضحة وإفساح المجال للولايات المتحدة الأميريكية ودول حلف الناتو بالتدخل في الحياة الليبية وتفصيلاتها اليومية، وأدت سياسة غضّ البصر عن عمل المخابرات الأميريكية والقطرية، التي تمكنت من إدخال ليبيا وثوارها في منظومة مخابراتية دولية وربطتها في أجندات أمنية خارجية تتعارض مع مصالحها وأمنها القومي ودورها التاريخي في دعم المقاومين والمضطهدين في العالم، الذي كانت تلعبه في العقود الماضية، حيث تمكنت المخابرات الدولية من تحويل الثورة الليبية إلى مطية يستخدمها الغرب لتحقيق برامجه ومشاريعه في الخارج، مستخدماً الدم الليبي الذي مازال يهدر في غير موقعه ومكانه الطبيعي المعادي للسياسات الأميريكية والصهيونية في العالم.

هذه الفوضى التي تقحم ليبيا وتصيب قواها الحيّة بالغشاوة حول موقع ليبيا الحضاري ودورها السياسي وبناء العلاقات الدولية واختيار الأصدقاء والأعداء، عبّر عنها وزير الخارجية الأسبق عبد الرحمن شلقم، أن الشهداء الليبيين والجرحى يفوق عدد سكان قطر، وأن قطر مصابة بجنون العظمة، وليبيا لن تكون إمارة تابعة لأمير المؤمنين في قطر.
هذه الغشاوة أتاحت المجال لظهور تيارات تقوم بتنفيذ أجندات غربية دولية، وفي أول اعتراف مادي مباشر على مشاركة الميليشيات الليبية في القتال بعمق الأراضي السورية، أعلنت مواقع إلكترونية تابعة لهذه الميليشيات، عن سقوط ثلاثة قتلى في منطقة باباعمرو بحمص، والثلاثة هم الشقيقان طلال وأحمد وليد الفيتوري، والثالث أحمد جلال العقوري، وهؤلاء ينتمون إلى لواء طرابلس الذي يقوده المهدي الحاراتي التي تقول الحكومة الإيرلندية إنه عميل للمخابرات المركزية الأميركية، وهو كان مكلفاً بنقل الأموال من وكالة المخابرات إلى مسلحي القاعدة في ليبيا خلال مرحلة التحضير للثورة في ليبيا ضد نظام القذافي، وهو يقوم اليوم بتوريد المقاتلين الليبيبن إلى سورية ولبنان والعراق ويتولى المسؤولية المباشرة عن قيادة عمليات الجيش السوري الحر في منطقة جبل الزاوية بسورية، والثلاثة الذين سقطوا في سورية كانوا ضمن مجموعة من100 عنصر ليبي ينتمون للقاعدة، دخلوا عن طريق مطار بيروت وتم تهريبهم لسورية.

وفي محاولة لمقاربة دور ليبيا بالأمس وموقفها اليوم، نورد ما جاء في بعض التسريبات المخابراتية لتسجيل صوتي للقاء جمع عمر سليمان مدير المخابرات المصري السابق ومعمر القذافي، حيث بادر الأخير وقال: “إيه معنى أن يستمر السعوديون في التآمر على كل الدول العربية منذ عهد عبدالناصر إلى اليوم.. وهم وراء كل البلاوي التي تعيشها المنطقة..” ويرد سليمان مقتنعاً بوجهة نظر القذافي لكن بنصيحة ألا يفصح عن مثل هذا الكلام لأحد.. ويحادث به فقط أخيه الرئيس مبارك الذي يتقاسم معه نفس القناعة مع فريق صغير من مساعديه، “الأميركيون يفتتوا العلاقات العربية - العربية دي شغلتهم كدة.. والأميركيون يمولون ويغذون التيار الإسلامي عندنا في مصر.. الجماعة عايزين يفتتوا مصر وقادرين يخلوا الشارع يهيج ضدنا.. نحن منحاول نتعايش معاهم.. مش عايزين يعملوا معانا زي ما بيعملوا مع سورية.. إحنا بنأخر المواجهة”.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2177239

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2177239 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40