الخميس 23 شباط (فبراير) 2012

الحرب المفلسة.. وقاعها العفن!!

الخميس 23 شباط (فبراير) 2012

لم يكن العقل البشري ولا منظروه الايديولوجيون بمقدورهم أن يتوقعوا أن العالم يمكن أن يشهد حرباً قذرة كتلك التي تدور أوزارها اليوم، حرب ما استثنت أداة وما تركت وسيلة ولامستنقعاً إلا ومارست فيه وعبره استهدافاتها،

وحين تفشل هنا، تحاول الاصطياد هناك، وعندما تتكشف كذبة تحضّر أخرى، وبعد أن تحترق ورقة تلجأ إلى ورقة ثانية.‏

هكذا، على مدى أشهر الأزمة التي تشهدها سورية، كانت حربهم الكونية.. باتساع المساحة وتعدد الأدوات والوسائل وانخراط قوى وأطراف ودول، وفي تورط أجهزة وأشخاص ومؤسسات ومنظمات وتنظيمات، وفي اللجوء إلى كل ما يمكن أن يوقد هذه الحرب ويؤججها..‏

فكان الكذب والتضليل والتجييش والتركيب والافتراء، وتحول كل ماشهدته المنطقة، وربما العالم، على مدى سنوات ماضية مشاهد تصلح للفبركة ولصق التهم وتجيير الموقف خدمة لأغراضها.‏

كثيرة هي الافتراءات الفاضحة وكثيرة هي حالات التضليل التي تبين زيفها وكذبها، ومع ذلك تواصل آلة الحرب دورانها.. تمارس شهوتها في القتل والاستهداف إلى حدود غير مسبوقة، فإذا كانت كل حرب عدوانية مستهجنة ومرفوضة.. وكل أدواتها ومنهجها من منبت قذر، فإن في هذه الحرب ماهو أقذر مما استخدم في الماضي كله.. وفيه نبش في قاع ملوثٍ ومستنقع آسنٍ لم يسلم منه قطاع ولا مجال، لم يترك طريقة ولا أسلوباً.‏

من لقمة عيش المواطن السوري إلى حياته مروراً بكل مافيها من تفاصيل.. كان الاستهداف، وكان القصف السياسي والإعلامي والدبلوماسي.. جُيرت في سبيل ذلك أدوات وأجهزة، وأنشئت غرف عمليات على أعلى المستويات وفي أضخم مراكز الاستخبارات العالمية. كلما أفلست في قاع ذهبت إلى آخر أكثر دونية منه، وكلما فشلت في موقع استبدلته بآخر.‏

من المفارقات المريبة، أن تذهب هذه الحرب اليوم في استهدافها إلى القطاع الصحي في سورية، ومن البوابة المزعومة بعد أن باتت كل الأبواب موصدة بوجه هذه الحرب، وبعد أن أغلق السوريون كل المنافذ عليها.. بوحدتهم وبوعيهم وبتمسكهم بقرارهم المستقل.‏

نجزم أن لا أحد يجهل مدى تطور الخدمات الصحية في سورية، ولا السوية التي تقدم من خلالها هذه الخدمات.. حتى في هذه الأزمة كانت مثالاً حقيقياً على قدرتها الفائقة في التعامل مع الظروف الطارئة وبكفاءة عالية، في مختلف مراحل الأزمة، وهو مايشهد به القاصي والداني.‏

واستطاع القطاع الصحي أن يحافظ على وتيرة خدماته رغم المعوقات والصعوبات، واستهدافه اليوم يكشف عن قاع عفن آخر لجأت إليه تلك الأدوات.. أسلوب جديد لقادة الحرب الكونية بعدما أفلسوا.. وهذا الضخ الإعلامي والسياسي والدبلوماسي لايمكن لأحد أن يخطئ في قراءته ولا في فهم ما يخفي خلفه.‏

في كل الحالات، تستطيع أدوات الحرب أن تفرغ مافي جوفها من حقد دفين وأدوات رخيصة.. وتستطيع أن تواصل كذبها وافتراءها.. لكن السوريين الذين خبروا تلك الحرب وأدواتها وعرفوا أطرافها والمتورطين فيها بوضوح شديد.. لن تنطلي عليهم كذبة أو فبركة أخرى.. ولن يغفلوا عن البوابة الجديدة التي تعمل تلك الأطراف على فتحها.. ولا الممر الذي يريدون من خلاله التعويض عن فشلهم الذريع في كل «الممرات» السابقة.. لا «الإنساني» الكاذب ولا «الآمن» الواهم.‏

كان متوقعاً، أمام حالة الاستنفار، وبعد أن أحرقت الأطراف العربية المتورطة في المؤامرة مراكب عودتها وأغدقت من مالها الوسخ للإرهاب والتخريب والفوضى، أن يكون هناك المزيد من المحاولات.. وأن تكون أشد قذارة من السابق.. وأكثر حضيضاً.. لذلك كانت رؤية السوريين واضحة.. جلية خصوصاً أن الاستهداف هذه المرة جاء فجاً وبكذبة لايمكن لعاقل أن يصدقها.. فالحرب المفلسة في العادة تلجأ إلى قاعها العفن للنبش عن الكذبات الكبرى.. تغور إلى الحضيض.. كي تؤكد ذلك الإفلاس؟!.

علي قاسم - الثورة السورية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165775

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165775 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010