الخميس 23 شباط (فبراير) 2012

شتاء السلطة!

الخميس 23 شباط (فبراير) 2012

حتما بعد كل شتاء ربيع. وسيأتي الربيع الجزائري مهما تأجّل لأنه ينبغي أن يأتي وإن أبت السلطة والمستفيدين منها له أن يأتي. والمهم الآن هو اختيار السلطة كيف تريد لهذا الربيع أن يأتي، أبشكل طبيعي أم بعملية قيصرية. ولكي يأتي الربيع السياسي هناك طريق واحد مثالي. إنه الولادة الطبيعية من غير أي تدخل جراحي. والانتخابات، إذا ما توفرت فيها الحرية والنزاهة، يمكنها أن تكون تلك الولادة الطبيعية.

السلطة تعيش شتاءها القارس وتعيش بياتها الشتوي منكمشة على نفسها تتغطى بأكثر من لحاف للوقوف في وجه التاريخ. لحاف الاستقرار ولحاف الأمن ولحاف أن الجزائر عاشت ربيعها وليست في حاجة له أن يعود مرة ومرة بل وحتى لحاف ديمقراطية واجهة رديئة وعاجزة.

السلطة ’’تتدفأ’’ في شتائها هذا بثروة الجزائريين ولا تملك في الواقع غيرها وسيلة لمقاومة صقيع واقعها ومنع الناس من التطلع إلى ربيع آخر مؤجل.

قال لي أحد السياسيين السابقين، التغيير في الجزائر قد يأتي من أربعة أطراف الشارع أو السلطة وخص منها الجيش، الإسلاميون أو الخارج.

بخصوص الشارع يستبعد الكثير من المحللين أن يتحرك بشكل عارم وموحد، والآراء مختلفة في حصر أسباب ذلك، البعض يتحدث عن الخوف المتواصل من العنف والبعض عن كون السلطة توزع جزءا من الثروة بشكل فوضوي غير نافع، فذئاب المال بالمرصاد ينهبون كل دينار ويفرغون جيوب الناس بشكل منهجي، والسلطة صامتة راضية أو عاجزة، والبعض الآخر يرى أن الناس لم تنضج بعد للتغيير.

أما الطرف الثاني الذي هو السلطة فالكثير يستبعد أن تبادر إلى أي تغيير حقيقي. خاصة ونحن نراها تحاول أن تربح الوقت بعمليات ماكياج، كتبت مرة أقول أنها عمليات تجعل السلطة كامرأة قبيحة بمكياج رديء، ولهذا فليس هناك كثير من الجزائريين يصدقون أن التغيير يأتي من داخل السلطة. لأن التغيير المنشود والحقيقي لا بد أن يحقق مسألتين أساسيتين:

أولا أن توضع قواعد قانونية تقيّد السلطة وقواعد قانونية أخرى قوية وثابتة تحرر المجتمع وقواه كل قواه.

وثانيا أن تتغير طبيعة العلاقة بين الجزائريين والنظام والسلطة. فيصبح للناس من يمثلهم ويصبحون طرفا في معادلة الحكم واتخاذ القرار. وهو ما يبدو لحد الآن مرفوضا من قبل السلطة.

أما الطرف الثالث، أي الإسلاميين، فهؤلاء مثلهم مثل الكثير من القوى السياسية، إما متورطون، مثل حال حمس وغيرها النهضة والإصلاح، أو حتى محرومون من العمل السياسي حتى الآن، مثل حال جاب الله وأنصاره.

أما الخارج، خاصة فرنسا، فهو يعطي انطباعا قويا أنه راض ويفضل أن يبقى الوضع على ما هو عليه. فالثلوج التي تغطي فساد الحال مرغوبة جدا ولا ينبغي لها، على ما يبدو، أن تذوب حتى لا تتعرى الأوضاع.

مهما كانت دقة خلاصة هذا ’’السياسي السابق’’ بخصوص مصادر التغيير، فينبغي تأكيد أن لحظات الانكسار في حياة الأنظمة لا تحسب، كما أن التغيير ليس مهمة تيار بعينه إنه مهمة كل التيارات وإلا فلن يأتي.

ثم إن التحليل النخبوي هو تحليل كثيرا ما يُحكِّم منطقًا لا يختلف أحيانا عن منطق السلطة. لماذا؟ لكون النخبة تقرأ المجتمع انطلاقا من حالة استاتيكية و/أو من خلال قوالب جاهزة غير مؤكد أنها صائبة، وهي كثيرا ما لا تَنفُذ لعوامل أخرى غير منظورة ولكنها مؤثرة.

ولكن لا بد من القول: السياسيون السابقون كان بينهم من يفكر وكان بينهم رجال دولة ورجال يحبون الجزائر. أما اليوم فأغلب من يحتلون الساحة السياسية لا يتوفرون على القدرة على التفكير، لا في التغيير ولا في غير التغيير. فـ ’’ السياسي السلطوي’’ تعوّد أن يكون محميا من كل التقلبات وأن يكون محميا خاصة من المجتمع ومن عقاب الناخبين.

إن عقلية الولاء وهيمنة الرداءة وغياب المبادرة وصلت بالسلطة الحاكمة إلى الانكماش جهويا ومصلحيا، كما جعلتها تعطي انطباعا قويا أنها لا تستند إلا للمصالح الخاصة والفاسدين والذين لا يحبون الجزائر. إنه أمر مخجل جدا وصار يتسبب للكثير من الوطنيين في حالة من الغضب العارم ويدفعهم للصراخ يوميا في وجه الحاكم بركاكاكات. والله ’’بزاف’’ ارحموا الجزائر ضعوا حدا لهذا، عيب والله عييييب.

مصطفى هميسي- الخبر الجزائرية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2180686

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2180686 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40