السبت 25 شباط (فبراير) 2012

الدرع الصاروخية بين تركيا وخصومها

السبت 25 شباط (فبراير) 2012 par د. محمد نور الدين

لا يبدو أن موافقة تركيا على نشر الدرع الصاروخية على أراضيها وفي منطقة كوريجيك بملاطية سيمر مرور الكرام لا عند روسيا ولا عند إيران أو أي دولة تضع الولايات المتحدة وحلف الناتو في مصاف التهديدات لأمنها القومي.
وقد كنا شاهدين على تصريحات إيرانية عسكرية وسياسية شديدة اللهجة ضد نصب رادارات الدرع في تركيا. وقد حاول وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن يخفف من وقع خطوة نشر الدرع في تركيا بالقول إنه لن يكون مهددا لإيران ولا في أي وقت.

لكن الإيرانيين يعرفون جيدا أن هذا يبقى في الإطار النظري إذ إن الدرع هي فكرة أمريكية وتنفيذ أطلسي ومشاركة تركية وبالتالي إن تذكير انديرس فوج راسموسين أمين عام حلف الناتو من أن المادة الخامسة من نظام الحلف تقضي باعتبار أي هجوم على بلد أطلسي هجوم على كل الدول، هو رسالة إلى أن تركيا ستكون شريكة في الدفاع عن أي بلد أطلسي يتعرض لهجوم والعكس صحيح أيضاً أي أن تركيا ستحظى بحماية الأطلسي إذا تعرضت لهجوم. وفي الحالتين لن تكون رادارات الدرع الصاروخية في تركيا مجرد ديكور بل سيكون لها دور مركزي.

وهي ستكون بالتالي درعا كابحا مبدئيا لإمكانات نجاح أي هجوم روسي أو إيراني على تركيا أو الغرب.
نصب الغرب الدرع الصاروخية قبلا في شرق أوروبا ولم تستثر ردود فعل حادة من جانب روسيا أو إيران.
لكن الخطاب الذي وجهه الزعيم الروسي فلاديمير بوتن قبل أيام من أن روسيا سوف تتسلح بقوة حتى النهاية لكي تواجه تهديدات الغرب ولاسيَّما درعها الصاروخية الذي نشرته شرقا في أوروبا وجنوبا في تركيا كان محطة بارزة في هذا الصدد.

بوتن هنا يضع تركيا في فوهة المدفع وتحميلها مسؤولية الشراكة في محاولة الغرب خنق روسيا وإحاطتها بجدارات تهديدية من شبكة رادارات وصواريخ. وتركيا هنا لا شك هي التي اختارت قدرها بنفسها من خلال أنها هي التي طلبت كما كشف راسموسين نفسه نشر الدرع على أراضيها. وسياسة تركيا هذه تسهم في تهشيم سياسة تصفير المشكلات التي اتبعتها هي نفسها مع جيرانها وما لبثت أن تعرضت للإخفاق مهما تقدمت العلاقات التجارية والاقتصادية مع هؤلاء الجيران.

غير أن وظيفة الدرع الصاروخية في تركيا ربما تجاوزت حدود الدفاع عن الأمن القومي التركي إلى الدفاع عن شبكة الدول المرتبطة بالغرب وفي مقدمتها إسرائيل. بالطبع ينفي المسؤولون الأتراك كما الأطلسيون أن من مهام الدرع الصاروخية مساعدة إسرائيل للتصدي لأي هجوم إيراني على« إسرائيل». لكن الذرائع التركية ليست مقنعة بما فيه الكفاية خصوصا في ظل تصريحات لمسؤولين عسكريين أمريكيين من أن منظومة الدرع الصاروخية في تركيا وتلك الموجودة في «إسرائيل» ينتميان إلى حوض استخباراتي واحد مشترك.

ومؤخرا لفتت معلومات إعلامية تركيا إلى أن الرادارت التركية في ملاطية كانت جزءا من مناورات صاروخية إسرائيلية حصلت في العاشر من فبراير الحالي.
ومع أن مسؤولين رسميين نفوا أن تكون رادارات ملاطية كانت جزءا من مناورة رصد صواريح إيرانية فإن الإجابات التركية لم تبدد الالتباسات المحيطة بهذا الموضوع. اذ من جهة تقول معطيات أن الرادار بدأ بالفعل العمل منذ مطلع العام 2012 والبعض يقول إن الرادارات ليست بعد جاهزة للعمل.

قد تكون الأنباء «الإسرائيلية» حول اشتراك الرادارات في تركيا في المناورة الإسرائيلية صحيحة وقد تكون جزءا من محاولة تخريب العلاقة بين تركيا وإيران ومحيطها. لكن مما لاشك فيه أن تركيا لا تزال جزءا من الناتو بل هي جزء مركزي منه وأن سياسات أنقرة الطرفية في الصراع مع المحور الروسي – الإيراني تحول دون استبعاد أي احتمالات في ما يجري من مناورات وفي ما قد يكون عليه موقع تركيا في أي انفجار مقبل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165924

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165924 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010