السبت 25 شباط (فبراير) 2012

الوطن العمانية: مفاهيم وحلول الزمن الأعوج.....

السبت 25 شباط (فبراير) 2012

يبدو أن سامر مؤتمر ما يسمى “أصدقاء سوريا” الذي استضافته ذات “ثورة الياسمين” لم تجرِ رياحه على ما تشتهيه سفن ذوي الاندفاع غير المحسوب نحو استخدام القوة العسكرية لتغيير الأوضاع القائمة في سوريا، وهذا ما يستنتج من نتائجه غير المرضية بالنسبة لأطراف غربية وعربية، ومن تنصب نفسها ممثلة للمعارضة السورية، حيث كان لافتًا حدة المناقشات وسخونتها ومن ثم الانسحاب من جلسات المؤتمر.

كما يمكن استنتاج حجم التناقضات والإشكالات التي صاحبت المؤتمر من خلال الكلمات التي ألقيت في افتتاح المؤتمر والتي بينت بوضوح أن كل طرف في وادٍ.

فقد تراوحت الكلمات بين التحذير من “تحويل سوريا إلى ساحة صراع دموية مفتوحة على القوى الخارجية”، ودعوة الحكومة السورية إلى ما سمي “التخلي عن العنف والقتل والدمار وانتهاك حقوق الإنسان”، وأهمية “توجيه رسالة واضحة نحو ذلك”. وبين “تأكيد التضامن مع الشعب السوري، والبحث عن السبل الكفيلة لتحقيق تطلعاته في الحرية والكرامة والديمقراطية”، و“رفض التدخل العسكري في سوريا من أي طرف كان، والتحذير من اللجوء إلى النموذج الليبي، لاختلاف سوريا عن ليبيا”. وما يبرز حجم التناقض بصورة أكبر هو الجانب الآخر للمؤتمر الذي يدعو إن لم يكن إلى اللجوء إلى التدخل الأجنبي العسكري المباشر، إلى وجوب تسليح المعارضة براجمات الصواريخ ومضادات الدبابات والطائرات.

هذا التناقض يطرح علامات استفهام كثيرة بدءًا من اسم المؤتمر “أصدقاء سوريا”، فالأصدقاء ـ كما نفهم ـ يجب أن يكونوا أصدقاء للدولة السورية وشعبها، وليسوا أصدقاء للأزمة وصب مزيد من الزيت على النار. ثم كيف يتفق دعوة النظام السوري لوقف القتل والعنف ـ كما يقولون ـ وهم في نفس الوقت فتحوا الحدود وخزائنهم لتسليح ما يسمى “الجيش السوري الحر” وبقية الجماعات المسلحة التي أصبحت تقاتل الجيش السوري جنبًا إلى جنب مع مسلحي تنظيم القاعدة؟ وكيف يتفق التحذير من تحويل سوريا إلى ساحة صراع دموية مفتوحة وانحدارها إلى حرب أهلية، مع أسلحة وأموال تتدفق بلا حسيب ولا رقيب وفتح الحدود وغض للطرف؟

وبالإضافة إلى هذه التناقضات التي لا تشير من قريب أو من بعيد عن صدق التوجه ولا رغبة حقيقية في حقن الدماء وتحقيق تطلعات الشعب السوري، ما كشفته من مواقف هيئة التنسيق الوطنية السورية المعارضة ـ أبرز تكتل للمعارضين السياسيين داخل سوريا ـ التي رفضت المشاركة في المؤتمر؛ حيث أدانت ما رأت أن المؤتمر يعتزم القيام به من “تحديد من يمثل الشعب السوري مكان الشعب السوري ومكان مؤتمر المعارضة التي أقرته جامعة الدول العربية، وترك قضية التسلح عائمة وفتح المجال للتطبيع الدولي مع فكرة التدخل العسكري الخارجي”. ما يعني أن الطرق المطروحة لـ (معالجة) للأزمة سواء كانت داخل المؤتمر أو خارجه، هي مرفوضة من قبل طيف واسع من الشعب السوري، ما يصبح الأمر تدخلًا في الشؤون الداخلية السورية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن الأزمة سوف تزداد تعقيدًا وتأزيمًا وأن دائرة العنف سوف ترتفع وتيرتها، ويبدو أن هذا هو المطلوب بحيث يتم قتل أي فرصة للحوار الوطني البنَّاء الذي يعد الوسيلة المثلى للحل، والذي لم يُشِرْ إليه “الأصدقاء” لا تصريحًا أو تلميحًا، فكيف يكون الصديق صديقًا وهو يشجع على القتل والعنف ويرفض الحوار؟ حقًّا إنه زمن أعوج باتت فيه المفاهيم والحلول عوجاء.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4 / 2165366

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165366 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010