الأحد 4 آذار (مارس) 2012

فلسطين ..والأمة ... ومالابد من قوله !

الأحد 4 آذار (مارس) 2012 par عبداللطيف مهنا

واقع الحال في راهن الساحة الفلسطينية، وما وصلت اليه اليوم قضية قضايا الأمة العربية، قضيتها المركزية في فلسطين، لايسُّر إلا أعداء لأمة العربية وفلسطين. حال يدعو إلى وقفة مع الذات. لاتحتاج الى كثيرٍ من التفكُّر، بيد أنها تستوجب ما لابد لنا من قوله ...
قد يندر أن نعثر على شعبٍ من شعوب هذه الأرض قد قدَّم من أجل قضيته الوطنية ما قدَّمه الشعب العربي الفلسطيني. وطيلة رحلةٍ مديدةٍ من نضاله الصعب، وعلى مدى عقودٍ قاسيةٍ من العذابات والمعاناة الممتدة لما ينوف على القرن، في مواجهة المستعمرين الغزاة البريطانيين ومن بعدهم الصهاينة، سطَّر هذا الشعب المكافح العنيد ملحمته النضالية الفريدة الحافلة بالبطولات الأسطورية التي قل نظيرها لدى سواه من الشعوب، ولم تتوقف مقاومته يوماً، واستمرت في ظروفٍ قاهرةٍ أقل ما يقال فيها هو انعدام التكافؤ ومالت فيها موازين القوى كلياً لصالح عدوه، حيث ظل يواجه ويصمد، وظهره إلى الحائط، أعتى وأشرس وأبشع صنوف الاستعمار الاستيطاني الاحلالي وأكثرها وحشيةً وبطشاً، ولم تتوقف طيلة صراعه التناحري المزمن هذا وحتى اللحظة قوافل تترى من شهدائه في مسيرته النضالية التي حفلت بمحطاتها العديدة المختلفة، التي تواصلت هبَّات وثورات وانتفاضات. وصمد طيلة كل هذه العقود قابضاً على الجمر عاضاً على الجراح متمسكاً بثوابته النضالية ومسلماته الوطنية، التي كانت لحمتها وسداتها وتظل حقه غير القابل للتصرف في استعادة كامل حقوقه المستلبة المتمثلة في تحرير كامل تراب وطنه التاريخي وطرد الغزاة نهائياً منه والعودة اليه.

... وبالتوازي، لم تبخل أمته العربية يوماً ... ونحن إذ نتحدث عن الأمة هنا نستثني منها غالب أنظمتها وأغلب نخبها ونقصد فحسب شارعها وعامتها... لم تبخل بدعمها واحتضانها الشعبين لنضاله ما استطاعت، باعتباره، ومن موقعه المتقدم في مواجهة أعدائها، إنما هو يدافع عنها وينوب في المواجهة، بل يمثل رأس حربة كفاحها المفترض المستوجب من أجل تحريرفلسطينها، التي هي مهمتها أولاً وأخيراً وليست مهمة الشعب الفلسطيني وحده ولاهى بمقدوره، أي باعتبار فلسطين كانت وتظل قضيتها المركزية وبوصلة انعتاقها ومعيارتحررها الحقيقي وسبيل وحدتها الغائبة ومؤشر بدء نهوضها المؤجل، وحيث الفلسطينيين ليسوا سوى خندقها المتقدم المديم للإشتباك مع عدوها حتى يحين أوان هذا التحرير واستعادتها لهذا الجزء أو القلب المغتصب من وطنها الكبير. وعرفت ساحات النضال الفلسطيني جميعاً، في مدها وجزرها، ومنذ أن بدأ وفي كل مراحله، القادة والمناضلون العرب من مشارق الأمة ومغاربها، وعلى تراب فلسطين ومن حولها سقطت القوافل من الشهداء العرب وامتزجت دماؤهم الزكية مع الدماء الفلسطينية، كما وتحملت أقطار الأمة المحاذية لفلسطين ماتحملت، وهو ليس بالقليل، في الحروب التي خيضت مع أعدائها ... إذن، لم هذا الحال، وما هومكمن المشكلة ؟!
هناك لاريب العديد من العوامل التي من شأنها أن أوصلت الحال الفلسطينية والقضية الفلسطينية الى ما هما عليه، بل دفعت القضية على عدالتها وتضحيات شعبها وأمتها في سبيلها إلى ماهو قاب قوسين أو أدنى من مشارف التصفية، ونتحدث هنا عن الذاتي، الفلسطيني والعربي، أوالحال التي شارفت على شبه التسليم الرسمي بضياع فلسطين. بيد أن أهمها، إذ لا تسمح هذه العجالة بتعدادها كلها، مسألتان:
الأولى، هى أن مشكلة الشعب الفلسطيني في مسيرته النضالية كانت دائماً وظلت، وطيلة عقود كفاحه الغنية بتجاربها والحافلة ببطولاتها وانكساراتها، تكمن دائما في قياداته، التى يجمع الفلسطينيون قبل غيرهم على أنها لم ترتفع يوماً إلى مستوى تضحياته أوترتقي إلى مستوى قضيته، والتي، ومن أسف، لم يتعلم المحدث اللاحق منها من أخطاء وعثرات السالف أوالسابق عليه، أو ينحو إلى المراكمة على ما أنجزه ويحيد عما وقع فيه من هناتٍ وحتى خطايا، في غمار رحلة حافلة من أشكال هذا النضال الثري بما شهدته محطاته العديدة المضيئة منها والمعتمة.

والثانية ، إن هذه المشكلة الوطنية هي جزء من مشكلة هى أعم واشمل وامتداد لأخرى هى على الصعيد القومي، أي مشكلة الأمة بكاملها، هذه المتمثلة في أنظمتها القطرية البائسة، التي إما هى عجزت عن التعبير عن توقها وتطلعاتها والإنسجام مع روحها وما يعتمل في وجدانها، وإما من سعت جاهدةً إلى توفير كل السبل التي من شأنها أن تكتم أنفاس الأمة وتسهم في تغييبها وتأبيد تخلُّفها والحؤول دون نهوضها. وكذا هو الأمر بالنسبة إلى غالب نخبها التي أقله لم تحسن التعبير عن همومها أو ترتفع ألى مستوى يوازي ما لديها من مخزونٍ كفاحيٍ تليدٍ ومجيدٍ حفل بحوافزه ومحصِّناته الحضارية والثقافية، التي جعلت منها، وعبر تاريخها العريق، فريدةً بين الأمم من حيث كونها قد شكَّلت مدرسةً دائمةً للشهادة في سبيل قيمها وكرامتها وسِفراً خالدً من الإباء للضيم والرفض للإستكانة أو الخضوع .

واقع الساحة الفلسطينية في راهنها المتردي، وحال الساحات العربية، على الرغم من كل هذه الإرهاصات الثورية الواعدة التي تتبدى في التحولات الجارية ومخاضاتها العسيرة التي تعتمل صاخبةً في ساحات انتفاضاتها المستعرة، يؤكد على ما سبق وأن ذهبنا إليه ولا ينفيه... مصالحات التكاذب الفلسطيني الفلسطيني تتواصل مسلسلات عروضها التي شابهت حكاياتها المبتذلة حكاية “إبريق الزيت” الشعبية، ومازالت الساحة العربية، أنظمة،ً ونخباً، و“ميادين” منتفضةٍ، تفتقر جميعها قولاً وفعلاً الى ما يذكّرنا بأن قضية فلسطين مازالت هى القضية المركزية للأمة ... آن الآوان للاعتراف بأن كافة الأشكال النضالية التي جربها الشعب الفلسطيني على مدار ما ينوف على القرن قد فشلت وشاخت أدواتها الماثلة المتبقية وعجز محدثها المستجد عن تدارك ماعجز عنه قديمها المهترىء، ولابد لشعبٍ مكافح مثل الشعب الفلسطيني من إبتكارأشكاله النضالية الجديدة المناسبة وهو أهل لذلك ... كما آن للعرب جميعاً أن يدركوا أن بوصلتهم هي فلسطين، التي بدونها لا من سبيل لهذه الأمة كفيل بأن يؤدي بمسيرتها إلى منشود انعتاقها ومطمح تحررها الحقيقي وتقدمها، أواستعادها لمكانتها وكرامتها ومأمول نهضتها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2165903

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165903 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010