السبت 10 آذار (مارس) 2012

حائط البراق في نيويورك...!

السبت 10 آذار (مارس) 2012 par نواف الزرو

على الأرض المقدسية تسابق دولة الاحتلال الزمن والعرب والمجتمع الدولي - قبل أن يفيق الجميع - وتقوم ببناء حقائق الأمر الواقع الكبيرة من الوزن الثقيل جداً، كي تحسم قضية القدس نهائياً، وتحولها إلى مملكة توراتية لهم فقط...؟!

وفي نيويورك هناك، تقوم منظمة يهودية - «منظمة حباد» - أحد التيارات الدينية اليهودية المتشددة - مؤخراً بعرض مجسم كبير لحائط البراق، على أنه «حائط المبكى اليهودي»، في متحف خاص في حي بروكلين في مدينة نيويورك الأمريكية، وذلك في إطار خطة ترويجية تهدف من ورائها دولة الاحتلال إلى تضليل الرأي العام العالمي حول حقيقة الأوضاع في القدس وفلسطين، معتمدة في ذلك سياسة الطمس والتزوير والتزييف، وقد وصلت يد التزوير الطولى إلى الولايات المتحدة.

مؤسسة الأقصى للتراث تقول في بيان لها إنه قد نظم حفل افتتاح رسمي للمجسم وشارك فيه وزير «إسرائيلي»، فيما تعهدت شركة الطيران «الإسرائيلية» «إلعال» بنقل «أوراق الأمنيات» التي ستوضع في المجسم ببروكلين، لوضعها بين حجارة «المبكى» في القدس المحتلة، وقالت المؤسسة «إن إقامة هذا المجسم «التهويدي» جاء ليكرّس أسطورة «المبكى» و«الهيكل المزعوم»، ويشير إلى المسعى المحموم الذي يبذله الاحتلال لإقامة «الهيكل المزعوم» على حساب المسجد الأقصى المبارك، مؤكدة على أن حائط البراق هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك، ويرتبط ارتباطاً كلياً برحلة الإسراء والمعراج، وأن هذا الجدار والساحة التي أمامه هما وقف إسلامي بحت.

وفي قضية البراق أيضاً، كان نتنياهو قد دعا السلطة الفلسطينية إلى نبذ الدراسة الصادرة عنها وإدانتها عام -2010 - التي تدحض المزاعم «الإسرائيلية» بشأن حائط البراق، الجدار الغربي للمسجد الأقصى والذي تسميه «إسرائيل» «حائط المبكى»، فزعم بيان صادر عن مكتب نتنياهو «إن إنكار العلاقة بين الشعب اليهودي وحائط المبكى من قبل وزارة الإعلام الفلسطينية أمر باطل من أساسه ويشكل فضيحة حقيقية»، مضيفاً: «أن هذا الإنكار من قبل السلطة الفلسطينية يضع علامة استفهام كبيرة جداً على نواياها الحقيقية في ما يخص السعي إلى اتفاقية سلام تعتمد على التعايش والاعتراف المتبادل»، زاعماً «أن الحائط الغربي أكثر الأماكن قدسية عند الشعب اليهودي منذ نحو ألفي عام حين تدمير الهيكل الثاني، وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الفلسطينيون تشويه الحقائق التاريخية، وذلك من أجل إنكار العلاقة بين الشعب اليهودي ووطنه».

وجاء هذا البيان «الإسرائيلي» رداً على دراسة للمتوكل طه نائب وزير الإعلام في السلطة الفلسطينية، تضمنت عدداً من الحقائق التاريخية التي تؤكد «أن الحائط الغربي حائط إسلامي وجزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف، وهو موقف كرره الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات».

وذكرت أن الحائط يقع في مدينة القدس القديمة، «وليس أثراً باقياً من الهيكل اليهودي الذي هدمه الرومان عام 70 ميلادية، بل هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى القريب».

كما قالت الدراسة إنه حتى عام 1917 لم يكن اليهود يصلون مطلقاً عند هذا الحائط، «لأن أجيال اليهود احتشدت هناك للبكاء على ضياع الهيكل».

ومن الحكومة «الإسرائيلية» إلى الإدارة الأمريكية، فلم تبق الإدانة حصرا بـ «إسرائيل»، إذ سارعت الخارجية الأمريكية أيضاً إلى إدانة الوثيقة الفلسطينية، فقال بي.جيه.كراولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية للصحافيين «نحن ندين بشدة هذه التصريحات، ونرفضها رفضاً تاماً بوصفها خاطئة من منظور الوقائع ولا تراعي أحاسيس الآخرين وتنطوي على استفزاز شديد»، مضيفاً «لقد آثرنا مراراً مع قادة السلطة الفلسطينية ضرورة الاستمرار في مكافحة كل أشكال السعي لنزع الشرعية عن «إسرائيل»، بما في ذلك نفي الارتباط التاريخي لليهود بالأرض»، وكذلك أصدر رئيس لجنة الخارجية التابعة للكونغرس، هاورد برمن، بياناً أدان فيه الدراسة، وقال إنه «يستنكر بشدة الدراسة، وأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس حكومته سلام فياض يدركان الأهمية الروحية للحائط الغربي بالنسبة لليهود في العالم»، كما اعتبر نفي «علاقة اليهود بالحائط الغربي» استفزازاً وتحريضاً لا يقل عن نفي علاقة الفلسطينيين بالحرم الشريف، وطالب السلطة الفلسطينية بإدانة الدراسة فوراً، وإصدار بيان ينفي أن يكون الحديث عن موقف رسمي للسلطة. كما طالب بـ «إزالة أي ذكر للدراسة من موقع السلطة».

وفي هذا النطاق فإننا لا نستغرب المزاعم وردود الفعل «الإسرائيلية» التصعيدية في هذا الصدد، غير أن الغرابة في أن تلتحق الإدارة الأمريكية هكذا انجراراً باطلاً وراء المواقف «الإسرائيلية»، والواضح أن كراولي أراد بتصريحه أن يستدعي وعد بوش لشارون الذي اعترف بحقائق الأمر الواقع التهويدي في القدس والضفة.

تستدعي هذه المزاعم «الإسرائيلية» - الأمريكية المتعلقة بالعلاقة الروحية بين اليهود والقدس، شيئاً من أدبياتهم وأساطيرهم المزيفة للمشهد المقدسي، فقد كان نبيهم ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية أول من ادعى مثل هذه العلاقة، فقال في إحدى خطبه في المؤتمر الصهيوني الأول ج 29 - 31/ آب/ 1897: «إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت ما أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء.. فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسأحرق الآثار التي مرت عليها قرون».

وإذا ما أضفنا لكل ذلك هذا التصعيد الأخير من قبل نتنياهو بخصوص حائط البراق، فان النوايا والمخططات والأهداف «الإسرائيلية» المبيتة ضد القدس والأقصى والبراق جزء لا يتجزأ منها تغدو واضحة صريحة، والواضح أن الغطرسة «الإسرائيلية» التي يجسدها نتنياهو في تصريحاته ومواقفه الاستخفافية بالعرب وحقوقهم التاريخية في فلسطين لم تكن لتحصل لو كان للعرب دور وحضور آخر مختلف، فالقدس تحتاج إلى عربها ومسلميها كي يتم إنقاذها من براثن نتنياهو التهويدية...!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 60 / 2165956

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165956 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010