الاثنين 12 آذار (مارس) 2012
المراقبون يطالبون باستراتيجية «انتقال» مستقبلية لتجنب التخبط ...

4 عناصر تسقط الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان

الاثنين 12 آذار (مارس) 2012

هناك دائماً عناصر مثيرة في احتلال عناوين الصحف الرئيسة والتركيز على أحداث مثل تدنيس المارينز لجثث أعضاء في حركة طالبان، وإحراق المصاحف، والهجوم على الطواقم الأميركية والتابعة لقوات إيساف الذي أعقب ذلك، وهذه الفترة كانت قاتمة بالفعل، وتطرح تساؤلات حول الاستراتيجية الأميركية وفائدة الاستمرار بالنهج الحالي في الحرب.

فما هي عناصر الضعف المهمة التي تركت أميركا من دون استراتيجية فعالة مؤثرة في أفغانستان؟

[*الافتراضات*]

الواقع هو أن الاستراتيجية التي جرى تطويرها في ظل قيادة الجنرال ماكريستال كانت في حالة من الاحتضار الطويل، ولأسباب كثيرة تتجاوز مجرد تزايد عدم الثقة بين كل من أميركا وإيساف والأفغانيين.

فقد أصبح واضحاً في عام 2009 أن احتمال نجاح تلك الاستراتيجية لا يتعدى نسبة 50%. وبدت الأسباب الرئيسية الكامنة وراء تشكل حالة من الغموض حول إنجاز المهمة في أفغانستان، بمعنى تجاوز أفغانستان القادرة على الوقوف على قدميها والخالية من أي جيوب رئيسية للإرهابيين، المشكلات التي أوجدها المتمردون.

وبدا جليا أنه توجد أربعة تهديدات للنجاح متساوية نسبياً من حيث الأهمية، الأول يتمثل بحركة طالبان الأفغانية وشبكة حقاني وجماعة حكمتيار، والثاني هو الفساد وعدم كفاءة الحكومة الأفغانية، والثالث دور باكستان وتسامحها ودعمها ملاجئ المتمردين، أما الرابع فتمثله أميركا وحلفاؤها. والتهديد الرابع تفاقم بعد سنوات من الفشل في التركيز على أفغانستان، في مقابل تركيز أميركا على العراق، وتصاعد بسبب ضعف الجهود ونقص التمويل وشح الكوادر في بناء القوات الأفغانية، وغياب الإدارة والتدقيق في التدفق المنحرف للإنفاق العسكري والمساعدات، ونقص موظفي المساعدات المدنيين المؤثرين إضافة إلى غياب الإدارة والتنسيق الجيد للجهود.

وقد تمت الاستجابة لهذه التهديدات بالأمل في إصلاح المشكلات الكامنة في الحكومة الأفغانية، وافتراض أن المساعدات والتدريب للقوات الباكستانية وتنامي تهديد حركة طالبان باكستان، ستدفع بباكستان إلى التخلص من ملاجئ المتمردين الأفغان.

وكان ذلك يتطلب بناء قوة أميركية بما يكفي لتطهير المناطق والمقاطعات كثيفة السكان الحساسة والسيطرة عليها في الجنوب والشرق، وفي الوقت نفسه إبقاء قوات التحالف على مستواها الحالي على أقل تقدير، والدفع بمدربين واستشاريين بأعداد كافية لبناء مزيج من قوات أمن أفغانية فعالة، وإصلاح عمليات المساعدات والإنفاق ودمجها في إطار جهود مدنية عسكرية متكاملة، ونشر ما يكفي من موظفي الإغاثة الجدد للسماح للحكومة الأفغانية في السيطرة على المناطق والمقاطعات كثيفة السكان نفسها التي كانت مركز تركيز الحملة العسكرية والعمل على بنائها.

والافتراض الأساسي الحاسم وراء كل هذه الجهود هو أنها ستكون مجهزة بشكل مناسب بكل ما تحتاجه من موارد على امتداد المدة التي تحتاجها لتحديد مدى قدرة الاستراتيجية الجديدة على العمل جيداً، وأن جهود أميركا وقوات التحالف ستبقى قائمة بناء على شروط ولن تكون خاضعة لموعد نهائي اعتباطي.

[*أسباب الموت البطيء*]

على امتداد السنوات التي تلت ذلك، تم تقويض كل واحد من هذه الافتراضات، وقوضت سلسلة من المشكلات بشكل ثابت احتمالية النجاح.

وحتى قبل أن يعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما الاستراتيجية الجديدة، كانت النقاشات في واشنطن قد تقدمت أشواطاً عما بدا حينها التزاماً مفتوحاً من مرشح الرئاسة باراك أوباما باستكمال المهمة في أفغانستان، كما في خطابه بتاريخ 15 يوليو 2008 حول السياسة الخارجية. وحسمت بجملة من القرارات قطعت الطريق أمام توصيات قادة الجيش، وخففت خطة زيادة أعداد القوات الخاصة بالقوات الأميركية.

إضافة إلى ذلك، وفي أول خطاب رئاسي مهم له حول الاستراتيجية الأفغانية في 27 مارس 2009، وضع الرئيس الأميركي أوباما عناوينه الأولى ضمن سلسلة من العناوين التي تحركها السياسة. وخطابه دعا إلى الإسراع في تطوير القوات الأفغانية وإلى نشر نحو 4 آلاف جندي أميركي لتدريب قوات الأمن الأفغانية قائلا: سنسرع جهودنا لبناء جيش أفغاني عديده 134000 عنصر وقوات شرطة من 82000 عنصر للتمكن من تحقيق هذه الأهداف بحلول 2011. وهذا الموعد النهائي شدد على الكمية أكثر من النوعية وسرع من تطوير القوات الأفغانية وبناء قدراتها بشكل فاق قدرة أميركا وناتو على تدريبها ودعمها بشكل سليم.

والموعد النهائي الثاني جاء في خطابه في 1 ديسمبر 2009، عندما أعلن خطة زيادة 30 الف جندي في عديد القوات، هو عدد يقل بكثير عما سبق أن أوصى به قادة الجيش الأميركي.

ومن المهم ملاحظة ان تركيز الرئيس على هذا الموعد النهائي الجديد المفاجئ كان مشروطا.

وقال مسؤولون في البيت الأبيض: إن المنطق وراء ذلك كان الحاجة إلى كسب الدعم السياسي الداخلي من الكونغرس ذي الغالبية الديمقراطية، وكان الرئيس حذرا في القول: إن الموعد النهائي الذي أعلنه كان بناء على شروط. لكن الواقع هو أن الاستراتيجية الجديدة اطلقت مخاوف في أفغانستان والمنطقة من انسحاب متهور، والتوقعات في أميركا والغرب سرعان ما بدأت بوضع مواعيد نهائية كجزء رئيسي من استراتيجية خروج.

والكلام عن موعد نهائي بناء لشروط تدريجيا تمت تنحيته جانبا، وبحلول منتصف 2011، فإن الوقائع السياسية التي تشكل الجهود الأميركية والأوروبية تحولت سريعا نحو مغادرة أفغانستان بحلول 2014.

وقد تم وصف الاستراتيجية بأنها لا تعني بناء الأمم، في محاولة لمداهنة الجمهوريين كما كان وضع موعد نهائي مداهنة للديمقراطيين، وكان هذا عملا سخيفا يفتقر إلى الصدق.

وكان واضحا من البداية في تشكيل الاستراتيجية الجديدة أنه لا مكاسب تكتيكية يمكنها أن تجلب الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، إلا إذا بذلت جهود هائلة في بناء الأمم تعطي أفغانستان نظاما سياسيا نزيها، وقدرات اكبر على الحكم وقوات أمنية فعالة واقتصاد افضل.

وكل هذه المشكلات أصبحت اكثر خطورة عندما ألقى الرئيس خطابا جديداً حول الاستراتيجية الأفغانية في 22 يونيو 2011، حيث قال: سنعيد إلى الوطن ما مجموعه 33 الف جندي في الصيف المقبل، وسيستمر جنودنا في العودة بمعدل ثابت فيما تنتقل قوات الأمن الأفغانية إلى اخذ موقعها في القيادة. ومهمتنا ستتغير من القتال إلى الدعم. وبحلول 2014، مسار الانتقال سيستكمل، والشعب الأفغاني سيكون مسؤولا عن أمنه.

ولقد واجه الرئيس خيارات صعبة فيما يخص ضغوط الميزانية، في حرب أظهرت استطلاعات الرأي أنها خسرت دعم الشعب الأميركي وشعوب معظم حلفاء أميركا، والحاجة إلى إعادة تشكيل سياسة الأمن القومي الأميركي بخفض المصاريف والموارد. وواجه أيضا واقعا مفاده أن الحكومة الأفغانية لم تقم بالخطوات الضرورية لإصلاح الحكم، وباكستان أصبحت حليفا اكثر إشكاليا.

ومع ذلك، فإن هذا التخفيض في القوة أشار إلى أن أميركا ستنقصها القوات لتطبيق خطة حملتها الجارية في الشرق والجنوب عام 2012، في الوقت الذي اصبح عليها الإسراع نحو تطبيق موعد نهائي في نهاية 2014 من دون خطة انتقال. وكما اظهر طلب ميزانية وزارة الدفاع للسنة المالية 2013 بوضوح، فإن مستوى معدل القوات الأميركية، سينخفض من 98 ألف عنصر في السنة المالية 2011، إلى 90 ألف عنصر في السنة المالية 2012 وإلى مجرد 68 ألف عنصر في السنة المالية 2013.

وأشار أيضا إلى أن أميركا تقول لطالبان والمتمردين إنهم سيحتاجون فقط إلى تأجيل القتال لمدة ثلاث سنوات، وللأفغان والمنطقة ان أفغانستان تخسر الدعم الأميركي، وأشارت إلى حلفائها انه يتعين عليهم التخطيط للمغادرة.

والنتيجة النهائية هي ان أميركا وحلفاءها والأفغان والباكستانيين وباقي المنطقة يواجهون الآن ضرورة التخطيط لعملية الانتقال وتطبيقها بحلول 2014 التي تعتمد بشكل واضح على جهود بناء الأمم والتفاوض على سلام مع عدو بات يشعر ان عليه مجرد الانتظار حتى مغادرة أميركا وايساف.

الانتقال يجب أيضا أن يدفع مسرعاً بطريقة ما بعشرات المليارات من المساعدات في السنة للحفاظ على الحكومة الأفغانية والقوات الأفغانية والاقتصاد الأفغاني حياً. وهذا الانتقال هو الآن مجرد كلمات ومفاهيم وبضعة خطط وموارد، حيث التعهدات في المؤتمرات لا تشكل الوقائع، وحيث التعب المتنامي من الحروب، الممزوج بغياب الخيارات ذات مصداقية، يهدد بجعل الخروج التركيز الحيوي للاستراتيجية.

[*مباحثات السلام*]

وغياب نظام حكم فعال وتخطيط فعلي لعملية الانتقال له تأثيرات خطيرة، لا سيما خارج الشمال واقصى الغرب ومنطقة كابولستان، مع تطور مباحثات السلام إلى جزء أكثر أهمية فيما يبدو استراتيجية خروج بحكم الأمر الواقع من قبل أميركا وحلفائها.

وليس واضحا لماذا يفترض أن تأخذ طالبان مباحثات السلام على محمل الجد. وهناك نقاش مرير خفي داخل مجتمع الاستخبارات الأميركي حول ما إذا كانت طالبان تسعى للسلام، أم أنها بانتظار انسحاب أميركا وايساف.

ويبدو أنه في الوقت الذي تركز أميركا على جلب طالبان والحكومة الأفغانية إلى طاولة المفاوضات، وإبقاء باكستان ومنعها من محاولة استغلالها، فإن المتمردين يركزون على الانتصار. ولا يحتاج المرء إلا النظر إلى كيفية التعامل مع هذا الأمر في مباحثات السلام في فيتنام ونيبال وكمبوديا، لرؤية مدى خطورة هذا المسار.

ان مباحثات سلام فعلية هي افضل الأجوبة على الإطلاق. لكن المباحثات الحقيقة، تتضمن استعدادا للتفاوض من قبل الجانبين، والنجاح يتطلب أن يكون الجانب الأميركي قويا ويتمتع بمصداقية كافية للتفاوض بجدية.

[*مشكلة باكستان*]

والنزاعات الداخلية المريرة نفسها داخل مجتمع الاستخبارات تطول باكستان، فالبعض يشعر أنها المركز الاستراتيجي الفعلي للحرب، وأنه مازال ممكنا بناء علاقات هادفة معها. والبعض الآخر يشعر ان باكستان تحاول الفوز بنفوذ في مناطق البشتون في جنوب أفغانستان وشرقها حتى لو عنى ذلك العمل مع المتمردين.

وما يبدو واضحا هو أن العلاقات في أزمة مستمرة تقريبا، وأنه مازال هناك غموض حول مدى استعداد باكستان أو قدرتها على وضع نهاية لملاجئ المتمردين في بلوشستان، والتعاون سيكون محدودا ومبنيا على المخاوف الأمنية للجيش الباكستاني ومستوى الغضب الشعبي ضد أميركا.

ان العلاقات الأميركية الباكستانية تعد أكثر أهمية من أن يتم الإحجام عن إنقاذها. والفرص أمام أميركا للمساعدة جديا في إنجاحها، والقيام بعمليات انتقال ناجحة أو مساعدة الأفغان في الوصول إلى السلام، باتت غير مؤكدة في افضل الأحوال، وأقل احتمالية الآن.

[*فشل مكلف*]

وهذه القضايا لا تجعل الجولة الحالية من المشكلات بين أميركا وإيساف والحكومة الأفغانية والجيش والشعب اقل أهمية، لكنها تضعها في إطار أوسع بكثير وتظهرها كجزء يسير من التحديات التي تواجهها أميركا وحلفاؤها.

وهناك سلسلة من النقاشات داخل الحكومة الأميركية حول كيفية التعامل مع مستقبل القوات الأفغانية، فأهداف القوة ومستوى تمويلها الموضوعة في أوائل 2011 لا يمكن تحملها الآن، ولا توجد خطة فعلية للمستقبل. والنجاح يتطلب تمويلا هائلا لمدة غير محددة في المستقبل، في الوقت الذي لا توجد خطة تمويل ثابتة للقوات الأفغانية، وهذه الميزة المهمة في التخطيط لعملية الانتقال هي غائبة كما في التخطيط بجانبه المدني.

- [**المصدر : صحيفة «البيان» الإماراتية | ترجمة : نهى حوّا | بقلم : أنتوني كوردسمان.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2177197

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2177197 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40