الخميس 5 نيسان (أبريل) 2012

الصعلكة السياسية : عبّاس إذ يعترف ....

الخميس 5 نيسان (أبريل) 2012 par رئيس التحرير

عندما يثبت رئيس السلطة في رام الله في رسالته الأخيرة إلى الصهيوني «نتنياهو» جملة سياسية واحدة تختصر ما لم يقله حتى الساعة لشعبه صراحة، فإنها أكثر حالات الصعلكة السياسية والبلطجة الفكرية عبر التاريخ تقمصاً، لم تأت صراحة هذه الجملة بجديد على الإطلاق ولم تكن من باب البلاغة السياسية ولا الفصاحة لتستأثر بالاهتمام، لأنها في الواقع ما احتاج رئيس السلطة عشرين عاماً ليقول ما لمسه الشارع الفلسطيني في فلسطين المحتلة على مدار الساعة ومنذ العام 1993 تحديداً.

الذي اكتشفه الراحل أبو عمار مبكراً وتأكد منه باليقين عام 2000 من التي تشير إليها رسالة عبّاس، أن الهدف الذي سعت إليه حكومة الكيان الصهيوني من أوسلو وما تلاها ليس أكثر من شراء الوقت المريح على حساب الانتفاضة والمقاومة لإكمال مشاريع الصهينة في فلسطين، وعندما لم تستطع تنفيذ ذلك بسبب وجود الثورة وفصائلها يوماً وتعبيراتها في الأرض المحتلة وامتداداتها السياسية والشعبية القوية، وفشلت محاولاتها المستمرة في خلق قيادات محلية تحظى بثقل في الشارع تؤمن هذا الوقت لها كما حاولت يوماً عبر «روابط القرى»، سعت إلى مكيدة حصان طروادة في هذه الأوسلو.

غيّرت منظمة التحرير وخاصة بعد الراحل عرفات الكثير وتم تدجين الفصائل وتحويل حركة «فتح» من قوة نضال وطني إلى صورة باهتة لحزب وظيفي، في حين لم يغيّر العدو الصهيوني يوماً من قناعاته ولا من شعاراته حتى، كما لم يتنازل عن شيء من هذا الإيغال الذي يزداد على مدار الساعة غطرسةً وغلواً وجموحاً ليس أعلاه ما يردده هذه الأيام في مسألة ما يدعيه «بالدولة اليهودية»، وعندما اعترف بمنظمة التحرير وقبل بدخول فصائلها إلى الوطن المحتل فعل ذلك على أساس ضرورة الاحتواء أولاً فالتوظيف ثانياً، لم يكن مطلوباً من مثل هكذا سلطة أكثر من أن تبقى تطحن أوهامها الخاصة بها هي كما تشاء، في حسن تمسك عن العدو الصهيوني كلَّ مناوئة من أي نوع وتحقق له صورة «المفاوض» السائر في تسوية سياسية ما تكفي لرفع سيف النقمة الدولية عن رأسه وتتيح لحلفه الامبريالي تسويق ما يزعم في انصياعه أخيراً للقبول بإنهاء معاناة شعب اقتلعه من أرضه وادعى غيابه.

المفجع في جملة أبو مازن أنه حتى الساعة لم يقلها لأبناء الشعب الفلسطيني الذين باسمهم احتكر أبو مازن وفريقه قضيتهم طيلة هذين العقدين في عقده الذي أنشأه مع الصهاينة ليحولوه من «الاحتلال إلى الاستقلال»، لينتهي به الأمر كسلطة أسوأ حتى مما كان عليه حال أداة للاحتلال تعاقد معها مثل «روابط القرى» على مستوى الخدمات إياها، ففي عهد مؤامرة «الروابط» الشهيرة كان الذي يهدد به أبو مازن اليوم العدو يجري دون تهديد، والشعب الفلسطيني لم يكن مضطراً لأي تنازل من أي نوع بينما يتحمل العدو المحتل كل مسؤوليات الشعب الذي يحتل أرضه، عندها كانت الحقوق على حالها والاستيطان مطارداً دولياً وليس مجرّد مادة تحت يافطة التفاوض، وكانت الانتفاضة التي اندلعت قادرة على لجم هذا العدو وطغيانه ومستطيعة لكنسه من الضفة وغزة بدون شروط ما جاءت به أوسلو على منظمة التحرير، إذن ماذا فعل فريق التصفية بنفسه وبشعبه تحديداً؟ وأين يضعه الآن خاسراً مزدوجاً في كل الأحوال؟!

متى اكتشف أبو مازن أن سلطة السلطة أقل كثيراً حتى من سلطة بلديات كانت فاعلة والعدو يحتل الأرض وصارت بفضله خاملة والعدو يحتل الأرض؟ ومتى اكتشف تحديداً أن الأسرى لم يتحرّر منهم بطل واحد من بركات بنود اتفاقية طالما تغنى أنه «مهندسها»؟ ومتى تيقن أن العدو أصلاً لا يعترف به طرفاً في مسألة القرارات التي يتسلح بها ولا ينوي الاعتراف لا بدولتين ولا بأي نوع من أنواع الكيانات السياسية باستثناء حالة تابعة محتواة على نمط دولة «سعد حداد» وشريطه الحدودي المكنوس؟

في مسألة وطنية من هذا النوع وفي قضية مقدسة على هذا القياس، ليس اعتراف من هذا النوع حتى لو أعلنه رئيس السلطة للشعب الفلسطيني ولو كان مصحوباً أو مختوماً باستقالة أو اعتزال فردي له أو حتى جماعي لطاقمه بكاف، ولا نظن أنه يجب أن تقل مسؤولية مقترفي هذه الخطيئة التاريخية التي دفع الشعب الفلسطيني من رصيد حقوقه مثلما عذاباته، عن محطة المطالبة بمحاكمة عادلة ليس فقط للأفراد والتيارات، بل حتى للنهج التخريبي الكامل وأدواته وبضاعته وأوهامه وفساده وإفساده، محاكمة تاريخية مستحقة لا تدع يوماً مصائر الشعوب ودماء أبنائها رهن أوهام وآمال سياسيين خبرتهم في هذا الحقل لا تتعدى مراحل محو الأمية كما أدانتهم ألسنتهم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 326 / 2166027

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف مقالات رئيس التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2166027 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010