السبت 7 نيسان (أبريل) 2012

«خرافات» سياسات أوباما الخارجية

السبت 7 نيسان (أبريل) 2012

في المواقف الدولية الحاسمة واستلحاق «الربيع العربي»، ومكافحة التطرف، واستعادة تأييد العالم الاسلامي، وإحلال السلام بين الفلسطينين و«الإسرائيليين»، وإنهاء الحروب بكسب بعضها، وإغلاق «غوانتنامو»، ووقف النووي الإيراني والكوري الشمالي، والانسحاب من العراق باكراً، وسحب الجنود من أفغانستان... في كل تلك الملفات الخارجية وغيرها، سُجلت للرئيس الأميركي علامات متدنية قاربت الصفر أو تحت الصفر في بعض الأحيان. وفي الموسم الانتخابي تكثر جردات الحساب، ويشارك الجميع في حفلات «الجلد».

المؤيدون يتعامون عن بعض النقاط السلبية ويذكّرون بتركة جورج والكر بوش الثقيلة، أما المحايدون والمعارضون فيفندون كل خطوة عرجاء قامت بها إدارة أوباما خارج الحدود خلال السنوات الأربع الماضية، من دون تجاهل الحملة المستعرة التي يقودها اليمينيون الجمهوريون على وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، التي يحمّلونها جزءاً كبيراً من «تغييب القرار الاميركي في الخارج» و«فشل السياسة الخارجية الاميركية الليّنة».

وللعالم العربي الحصّة الأكبر في جردات حساب السياسة الخارجية، وأحداث «الربيع العربي»، وما أنتجته وتخبّئه من سيناريوات للمنطقة ألقت بظلالها على أغلب التحليلات الصحافية السياسية في هذا المجال. غضب مبرر ومعلن عند البعض وحديث عن «أساطير» و«خرافات» حيكت حول شخصية «الرئيس المخلّص باراك أوباما» منذ سنوات، و«إذ به يشبه سلفه، أو على الأقل يطبّق السياسات نفسها لكن بحدّة أقلّ»، هذا بعض ما اتهمه به الصحافيون. أما الدعوات فتراوحت بين إقصاء كلينتون عن منصبها وتغيير الفريق بأكمله أو حتى تبديل طريقة التفكير السياسية الاميركية في العالم العربي برمّتها واعتماد أسلوب جديد في التعامل معه على أسس مختلفة.

«لأن العرب ليسوا أغبياء»، و«لأنهم يفهمون موقع الولايات المتحدة في منطقتهم أكثر من الأميركيين أنفسهم»، و«لأن واقعية أوباما غلبت مثاليته»، و«لأن الأسطورة انكسرت»، و«لأن القتل في سوريا والعراق وأفغانستان مستمر»، علت الأصوات المطالبة بتغيير جدّي في السياسة الخارجية الاميركية قبل أشهر على الانتخابات الرئاسية، وقبيل أيام من انعقاد «قمة الثماني» لوزراء الخارجية في واشنطن.

«خمس خرافات حول سياسة أوباما الخارجية»، هو عنوان الجردة المصغّرة التي قدمها مارتن إنديك وكينيث ليبيرتال ومايكل أوهانلون في صحيفة «واشنطن بوست» منذ أيام. والخرافات الخمس التي طرحها هؤلاء تطال نجاحات الرئيس كما إخفاقاته في السياسة الخارجية.

الخرافة الأولى حسب مقال «بوست» هي مقولة إن أوباما «يقود من الخلف»، التي استخدمت للمرة الأولى عام ٢٠١١ خلال الحرب على ليبيا ونسبت إلى «مصدر مجهول» في البيت الابيض، «ومنذ ذلك الوقت باتت تختصر تلك العبارة نهج أوباما في السياسة الخارجية». ولكن الكتّاب يشيرون إلى أن «القيادة من الخلف» طبّقت فقط «عندما كانت المصالح الاميركية ثانوية مثل الوضع في ليبيا، حيث كانت مصالح الاوروبيين النفطية مهددة مباشرة أكثر من المصالح الأميركية، أو في حالة الثورة المصرية حيث لم يكن باستطاعة الولايات المتحدة أن تكون في الواجهة حفاظاً على شرعية بعض حلفائها المحليين». «لكن عندما كانت المصالح الاميركية الأساسية على المحك، قاد أوباما استراتيجيته من الأمام، كما في حملة محاربة «القاعدة»، أو تركيز إدارته على الحلفاء الآسيويين في رسالة إلى الصين بأن هناك مصالح وحلفاء للولايات المتحدة بجوارها»، يردف الكتّاب.

الخرافة الثانية هي أن «أوباما يعتذر عن أميركا». وهنا، يشرح المحللون أن بعض الجمهوريين يستخدمون أمثلة على ذلك مستشهدين بخطابات حملة أوباما الانتخابية عام ٢٠٠٨، حيث قدّم الاعتذارات عن عهد سلفه بوش، أو في خطاب القاهرة عام ٢٠٠٩ أيضاً الذي توجه فيه إلى المسلمين، معتذراً عن السياسات الأميركية السابقة. لكن كتّاب المقال ردّوا على ذلك بالقول إن خطاب القاهرة «كان بمثابة اعتراف بارتكاب بعض الأخطاء أكثر منه اعتذاراً». كذلك ذكّروا بخطاب أوباما في أوسلو عند تسلمه جائزة «نوبل للسلام»، حين لم يعتذر عن الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة للدفاع عن مواطنيها.

الخرافة الثالثة هي أن «أوباما عزز مكانة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي». يدحض الكتّاب هذه المقولة ويشيرون إلى أن شعبية أوباما في الدول الإسلامية حالياً تشبه إلى حد كبير تلك التي تمتع بها سلفه بوش في نهاية عهده. إنديك وزملاؤه يعزون سبب ذلك إلى فشل أوباما في إغلاق معتقل «غوانتنامو» وتصفية مسؤولين في «القاعدة» بواسطة طائرات من دون طيار. أمر آخر أثّر على شعبية الرئيس الاميركي أيضاً، حسب الكتّاب، هو اعتماد أوباما سياسة أخذ المسافة من «إسرائيل» فقط، من دون انتزاع أي حق أو تنازل منها لمصلحة الفلسطينيين.

الخرافة الرابعة أن «أوباما هو نقيض بوش». وهنا يعدد المحللون الوقائع التي تثبت أن أوباما لم يختلف كثيراً عن سلفه. وفي مقدمة تلك الأسباب أنه أول رئيس من حزب مختلف يبقي على وزير دفاع الرئيس السابق (والحديث عن روبرت غيتس)، كما أنه أبقى على سجن غوانتنامو مفتوحاً، وبدل سحب الجنود من العراق بعد ١٦ شهراً كما وعد، لم ينسحبوا إلا بعد ٣ سنوات وفق الجدول الزمني المتفق عليه بين بوش ونوري المالكي خلال عهد بوش، إضافة إلى فشله في وقف النووي الإيراني والكوري الشمالي، وحتى مقارنة بـ«أجندة الحرية» الخاصة ببوش، فقد تردد أوباما في البداية في احتضان ودعم المطالب العربية بالديموقراطية والانتخابات والمحاسبة.

الخرافة الخامسة والأخيرة هي التي يردّدها الجمهوريون أن «أوباما يقف جانباً بينما إيران تعمل على امتلاك السلاح النووي». وهنا، دافع الكتّاب عن الرئيس الأميركي بالثناء على جهوده في تنظيم حشد دولي رافض للبرنامج الإيراني وداعم لتصعيد العقوبات ضدها، «من دون أن ننسى تهديد أوباما الدائم بأن كل الخيارات تجاه إيران مفتوحة»، يضيف المحللون.

شقّ آخر من السياسة الخارجية الأوباماوية تناوله مارك لينش، في مجلة «ذي أتلانتيك». لينش بحث ضرورة أن تغيّر الولايات المتحدة نهج سياستها الخارجية تجاه العالم العربي لتواكب التغيرات الجوهرية الحاصلة، وعسى أن تبدأ أولاً بالاعتراف بأن «العرب ليسوا أغبياء». «قد لا يزال الأميركيون مؤمنين بأنه باستطاعتهم الإبقاء على سياساتهم ذاتها وكسب الشارع العربي في الوقت نفسه. لكن العرب لا يرون ذلك»، يقول لينش. ويردف «العرب حساسون جداً تجاه سياسة المعايير المزدوجة الاميركية وسياسة الكيل بمكيالين، وخصوصاً في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية». من هنا، يرى الكاتب أنه «الوقت الأفضل والأحوج لتعيد الولايات المتحدة التفكير في علاقتها بـ «إسرائيل»». كيف؟ يقول الكاتب إن «السياسة الأميركية القديمة القائمة على إدارة التوتر بين حليفتها «الإسرائيلية» وحلفائها العرب وعدم إنهاء عملية السلام والاعتماد على الأنظمة الديكتاتورية لسحق المعارضة الشعبية لم تعد نافعة». لينش يشرح أيضاً أن «على الولايات المتحدة أن تعترف بأن لسيطرتها على دول «الشرق الأوسط» حدوداً، لأن أيام التحكم الكامل في دول المنطقة ولّى مع صعود القوى الشعبية وتحرّك الشارع». لذا، يخلص الكاتب إلى أن «على الرئيس أوباما أن يفكّر في طريقة ليضع الولايات المتحدة على المسار الصحيح للتاريخ، لأن العالم المقبل لن يكون معلوماً أو مريحاً أو سهل التنبّؤ بأحداثه كالذي عشناه من قبل».

[brun]فيسك يذكّر أوباما [/brun]

روبرت فيسك غاضب من سياسات باراك أوباما الخارجية ومن أداء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. في مقال لاذع في صحيفة «ذي إندبندنت»، تناول الصحافي البريطاني «الحروب الدامية» التي قادتها بريطانيا والولايات المتحدة، والتي فشلتا في إنهائها بعدما ارتكبتا المجازر بحق المواطنين وكدّستا أعداداً من الجنود القتلى، من دون أن يتخذ أي من المسؤولين في البلدين قراراً نهائياً حاسماً بالانسحاب. فيسك غاضب على الحرب الدامية المستعرة في سوريا، ومن الحرب الليبية، ومن فظائع الحرب على العراق ومن الحرب الأفغانية التي آن لها أن تنتهي. فيسك يعلّق على كلام أوباما الأخير بأن «سوريا لا تستطيع خوض انتخابات عادلة وحرة في ظل الحرب المستمرة» فيوافقه على ذلك، ويردف «لكن أوباما نفسه هو الذي وافق على نتائج دورتين انتخابيتين فاسدتين في أفغانستان في ظل حرب قائمة، وهو من اتصل بحميد قرضاي مهنّئاً بانتصاره المزوّر».

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر : صحيفة «الأخبار» اللبنانية | صباح أيوب. [/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2181335

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2181335 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40