الثلاثاء 8 حزيران (يونيو) 2010

«ضربة معلم» للرئيس مبارك!

الثلاثاء 8 حزيران (يونيو) 2010 par سماك العبوشي

“يثبت الرئيس حسني مبارك يوماً بعد يوم أنه”معلم“في التوقيت والرؤية واتخاذ القرار.. مبارك يبدو كسائق محترف يقود سيارته في طريق طويل جيئة وذهابا فعرف المطبات والانعطافات الحادة.. أصبح يدرك حتي دون أن ينظر في مرآة السيارة من المتربص بالقافلة التي يقود مقدمتها.. ومن الذي يطلق ألعاباً نارية ليشتت انتباه السيارات التي تضمها القافلة.. الرئيس مبارك منتبه إلي الدرب الوعر الذي يقود عليه سيارة”المقدمة“.. طريق منحدر في أجزاء ومرتفع في أجزاء أخري ويفضي إلي متاهات في بعض الأماكن. كما يحمل مفاجآت أو انهيارات صخور مفاجئة ربما تقذف بسيارة”المقدمة" وما خلفها إلي هاوية سحيقة.

من ثم فإن كل قرارات الرئيس مبارك تكون لمصلحة ركاب سيارته والسيارات الأخري في القافلة.. ليس هناك مغامرات ولا انعطافات حادة كالتي يفضلها البعض ممن يقودون علي طرق سهلة. لكنهم لم يجربوا الطريق الوعر الذي يقود عليه الرئيس مبارك"... انتهى الاقتباس!!.

ذاك لعمري كان اقتباساً لمقطع من مقال بعنوان “ضربة معلم” لرئيس تحرير جريدة الجمهورية القاهرية المنشور يوم الخميس المصادف 3 حزيران 2010، والذي ابتدأه بهذا المقطع “التعليمي عن فنون قيادة السيارات” في محاولة منه لمدح قرار السيد الرئيس مبارك الخاص بفتح معبر رفح، لينهال الكاتب الكريم بعدها بالذم والتشهير بحق القيادة والحكومة التركية والانتقاص مما اتخذته من مواقف مشرفة إزاء الجريمة الصهيونية التي اقترفتها في عرض البحر بحق قافلة الحرية، في ظل صمت وعجز وتواطؤ أنظمة عربية ساهمت تارة بترسيخ ذاك الحصار طويلاً، فيما كان نصيب بعض تلك الأنظمة العربية يتمثل بتشديد الحصار ومنع المساعدات من المرور عبر معبر رفح المصري- الفلسطيني تارة أخرى!!.

لا غبار من أن موقف تركيا الرسمي المشرف “قيادة وحكومة”، إزاء ما اقترفه الكيان الصهيوني في المياه الدولية باعتراضه قافلة الحرية، كان قد أوجع وأحرج الأنظمة العربية عموماً، والنظام المصري تحديداً، مما اضطر الأخير إلى المسارعة بالإعلان عن فتح معبر رفح “وإلى أجل غير مسمى!!” بخطوة لا تـُفسر إلا أنها ذر للرماد في العيون ومن باب رفع العتب عنهم، ولو كان الإعلام المصري الرسمي قد اكتفى بالإشادة بتلك الخطوة المصرية المكشوفة لما أجج لنا مشاعرنا وألهبها، لكن ذاك الإعلام الرسمي راح يقلل من شأن الدور التركي ويطعن في جدوى وثمار ما كانت قد أنجزته تلك الرحلة التاريخية المباركة لقافلة الحرية على صعيد إلقاء الأضواء على حجم الجريمة الصهيونية المقترفة بحق أبناء غزة في ظل تواطؤ دولي وصمت عربي مريب وشائن!!، وبذا فقد برهن ذاك الإعلام - دون أن يفطن - على صحة المثل المصري الدارج “اللي اختشوا ماتوا” من خلال ما نشره من مهاترات ووقاحات سمجة بحق الموقف التركي المشرف، في محاولة حثيثة يائسة منه لامتصاص بريق عطائه وما حققته تلك القافلة بسقوط شهداء فيها من أجواء حراك سياسي ودبلوماسي دولي وضع الكيان الصهيوني في خانة لا يحسد عليها، جنباً لجنب مع أنظمة عربية طال جلوسها وانتظارها وهي تتفرج إلى فصول جريمة اغتيال أبناء غزة بحصار التجويع الظالم وتقنين ما يدخل إليه من مواد إغاثة إنسانية، ولعل خير دليل على ما أصاب تلك الصحافة من ضيق وحرج، تلك المقالة المعنونة “ضربة معلم” المنوه عنها آنفاً والتي جاءت تطبيلاً وتهليلاً لقرار فتح المعبر أولاً وتشهيراً وقدحاً وذماً بالموقف التركي ثانياً، وأقتبس بعض ما نشرته تلك الجريدة الغراء:

1. “برهنت قضية”أسطول الحرية“أن الدور التركي ليس إلا أضغاث أحلام ولغو حديث.. أما الدور المصري فباق وراسخ..”!!.

2. “ثبت للجميع أن تركيا التي أخذت أكبر قلم علي قفاها من إسرائيل لم تستطع أن تغضب.. لأن الغضب التركي لا يتم إلا طبقاً للبوصلة الأمريكية.. أنقرة خاضعة لقائدة حلف الأطلنطي والأخيرة بدورها خاضعة لإسرائيل”!!.

3. “ربما تصلح تركيا لاستعراض سياسي كما حدث في منتدي دافوس بعد انسحاب أردوغان.. لكنها لا تصلح لمعاداة واشنطن.. بعكس القاهرة التي رفضت عشرات من القرارات والطلبات الأمريكية..”.!!.

4. “لقد ضرب الرئيس مبارك مثالاً يحتذي أمس الأول عندما قرر فتح منفذ رفح لمدة غير محددة لإدخال المعونات الطبية والإنسانية اللازمة لقطاع غزة واستقبال الحالات الحرجة والمرضي.”!!!.

5. “لقد كان قرار الرئيس مبارك أمس الأول رداً عملياً علي الذين يتيهون فخراً بتركيا ودورها الرائد العظيم في الشرق الأوسط.. الأن ثبت انه.. لا غني عن مصر ودورها خصوصاً بالنسبة للقضية الفلسطينية.. كان رد الفعل التركي علي المجزرة الإسرائيلية بارداً جداً.. الأتراك استخدموا صيغ البلاغة العربية وكلماتنا الحماسية التي تستخدمها سوريا كثيراً في تهديد إسرائيل كلما انتهكت مجالها الجوي.. أنقرة وصفت إسرائيل بأنها لا تخجل وتنتهك القيم.. يافرحتي” ..

6. "لذلك حمل القرار عدة رسائل أهمها:

أولاً: قطع الطريق علي من يحاول الزج باسم مصر في حصار الفلسطينيين في قطاع غزة والربط بين حصار تل أبيب البحري وحصار القاهرة البري للفلسطينيين.

ثانياً: القرار تأكيد علي أن فتح المعبر لا يعني انتهاء حصار الفلسطينيين. فإسرائيل مازالت متمسكة بإحكام حصارها البحري علي سواحل غزة.. غزة مازالت تحت الاحتلال وبالتالي فليس لها مياه إقليمية أو غير ذلك.. إسرائيل أيضاً تتحكم في خمسة معابر منها العوجة والمنطار وكارني واريز وكرم أبوسالم ولا أحد يتكلم عنها مع أن بعضها مخصص لعبور المعونات مثل كرم أبوسالم الذي تتصل مصر بإسرائيل كثيراً لفتحه أمام المساعدات للفلسطينيين."!!!.

انتهى الاقتباس مما نشر في تلك الجريدة الغراء!!.

أرأيتم بأم أعينكم حجم ذاك الإسفاف الذي اتصفت به تلك الجريدة بما نشرته!؟، أأدركتم الآن كيف يكون شكل وطعم الصلافة والابتذال وقلب الحقائق!!، أتلمستم النفاق الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام المصري الرسمية في التطبيل لرئيس نظامها في قرار كان قد اتخذه في أعقاب جريمة قافلة الحرية وما هو في حقيقة الأمر إلا ذراً للرماد في العيون ولم يتخذ إلا من باب رفع العتب وامتصاص لنقمة وفوران الشارع المصري والعربي والدولي!!، أرأيتم كيف ضاق بعض رجال صحافة النظام المصري صدراً من ضآلة دور نظام مصر القومي والإقليميي في مواجهة تعاظم دور تركيا ومواقف قادتها فراحوا يصفونها بـ “أضغاث أحلام”!!، وإذا كان النظام المصري وإعلامه الرسمي يعرف كلاهما حقيقة تمسك “إسرائيل” وإصرارها بإحكام حصارها البحري على سواحل غزة، وأن غزة لا تملك مياهاً إقليمية، وأن “إسرائيل” تتحكم أيضاً في خمسة معابر أخرى، فإنني أتساءل والحالة هذه:

أولاً ... وما دام النظام المصري ملماً بكل تلك الحقائق التي ذكرها مقال “ضربة معلم”، فما الذي منع نظام مصر إذن من أن يلعب دوراً “قومياً وإنسانياً وتاريخياً” رائداً في فك الحصار عن غزة، ونصرة أبناء جلدتها هناك من قبل أن يأتي الدور التركي ليمارس ذاك الدور بجدارة!؟

ثانياً ... ما الذي حدا بتركيا وغيرها من الدول ومنظمات الإغاثة الإنسانية فيها لتسيير قوافلها تلك نحو غزة، لو كان معبر رفح المصري مفتوحاً بشكل طبيعي ودائم!!؟.

ثالثاً ... هل كانت مجزرة قافلة الحرية قد حدثت وتصاعد دور تركيا الإقليمي في المنطقة لولا إصرار النظام المصري على إحكام إغلاقه لمعبر رفح والتضييق على الفلسطينيين في القطاع بمحاربة الأنفاق، أو ليس النظام المصري هو الذي ساهم بإحكام إغلاق معبر رفح أيام الحرب الوحشية على غزة، فلم يسمح حتى بإجلاء الجرحى ودخول الأطقم الطبية والأدوية!؟.

رابعاً ... وما الذي دفع النظام المصري لتشديد الحصار بذاك الجدار الفولاذي الجبار!؟، وما قصته!؟، وكيف نشأت فكرته!؟، ولمصلحة من ينفذ!؟.

خامساً .... لـِمَ يكون فتح معبر رفح متزامناً فقط في أعقاب كل تسخين وحراك على جبهة غزة ولأيام معدودة، ثم يعاود غلقه مجدداً حتى حراك آخر!؟.

سادساً... وإن كان النظام المصري وإعلامه الرسمي جاداً بالتخفيف عن معاناة أبناء غزة، فكيف نفسر إذن الطريقة التي تعاملت بها أجهزة النظام المصري مع قافلة شريان الحياة الأخيرة!؟، والتي إن تناساها النظام وإعلامه الرسمي فإننا والتاريخ لم ننسها أبداً!؟.

سابعاً... ما حقيقة ما نشر هذه الأيام من أنباء عن احتمال رقابة أوربية على معبر رفح المصري من أجل تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية لغزة!؟، وإن صح ذاك الخبر، ألا يعد ذاك انتقاصاً من سيادة مصر على أراضيها!؟.

ختاماً أقول ...

صدق حقاً من قال: فرب ضارة نافعة، فإن كان الضرر قد أصاب قضية فلسطين في أعقاب غياب دور مصر القومي والتاريخي، وحين تخاذل العرب عن نصرة أبناء فلسطين عموماً وغزة تحديداً، فإن ذاك الضرر قد تسبب عنه منفعة كبرى قد تحققت بمشيئة الله تعالى حين تأكد للجميع من أن قضية فلسطين ليست حكراً على أمة العرب التي تخاذلت فنامت فحسب، بل ازدادت القناعة رسوخاً من أنها قضية عربية وإسلامية وإنسانية، فها هي تركيا المسلمة تعود لأحضان أمتها الإسلامية لتؤدي دورها بشكل شرعي كامل، وها هي منظمات غوث أوربية إنسانية تسارع من منطلق إنساني لنجدة أبناء غزة، فشكراً لنظام مصر الذي بتقاعسه عن نصرة أبناء جلدته في غزة قد تسبب ولله الحمد في ازدياد لحمة واهتمام قيادة وحكومة وشعب تركيا المسلمة بقضية فلسطين عموماً ... وغزة تحديداً!!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165856

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165856 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010