الثلاثاء 10 نيسان (أبريل) 2012

العلاقات التركية - الإيرانية إلى أين؟

الثلاثاء 10 نيسان (أبريل) 2012 par د. محمد نور الدين

شهدت العلاقات بين أنقرة وطهران توتراً غير مسبوق في تاريخهما الحديث. وإذا كان من المبكر الحديث عن أزمة بنيوية في العلاقات الثنائية فإن مستوى التجاذب الكلامي بل العملي كان يعكس حدة الصراع في المنطقة وعلى النفوذ فيها.

عندما أعلن عن نية رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان زيارة إيران بعد انتهاء زيارته إلى سيؤول استبشر الكثيرون خيراً في أن تكون الزيارة بداية تعاون لتخفيف التوتر في المنطقة لا سيما في سوريا وبسبب سوريا أيضاً.

غير أن الزيارة انتهت على ما بدا إلى محطة لزيادة التوتر بدلاً من انتهاج مرحلة جديدة من التوافق.

لم تكن العلاقات الثنائية موضع خطر ولا في أي وقت من الأوقات. وكان البلدان يحافظان على أطيب العلاقات بينهما من تبادل زيارات واستثمارات اقتصادية وتبادل تجاري وغير ذلك.

لكن البلدين كانا مستعدين للتنافس في الساحات الثالثة من المنطقة العربية إلى القوقاز وآسيا الوسطى.

لقد كان لسياسات تركيا في تصفير المشكلات مع جيرانها أثر في اقتراب تركيا من الموقف الإيراني حيث كانت أنقرة، جزءاً من التحالف الغربي الذي يتبع سياسات معادية للقوى المعارضة للمشاريع الغربية في المنطقة لا سيما «إسرائيل». لكن تطورين مهمين بدّلا من السياسات التركية المتبعة.

الأول موافقة تركيا على نشر رادارات الدرع الصاروخية في الأراضي التركية في قمة لشبونة في خريف 2010 أي قبل اندلاع الثورات العربية. والثاني نشوب الثورات والاحتجاجات في العديد من البلدان العربية ولا سيما في سوريا.

ورغم تكرار المسؤولين الاتراك أن الدرع الصاروخية ليست موجهة ضد إيران ولن تستخدمها تركيا ضد إيران، فإن أحداً لم يصدق مثل هذا الكلام خصوصاً أن الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي قال حينها إنه لا فائدة من التعمية على الهدف من الدرع الصاروخية في تركيا، وهو مواجهة الصواريخ البالستية الإيرانية وإنه يجب أن نقول للقطة السوداء إنها سوداء أي أن الهدف هو إيران ونقطة على السطر.

ليس من شك في أن الدرع الصاروخية تستهدف إيران إضافة إلى روسيا.

أكثر من ذلك فإن هذه المنظومة تخدم وفقا لمسؤول عسكري أمريكي الأمن «الإسرائيلي» حيث سيكون الرادار في تركيا قادراً على اكتشاف أي صاروخ إيراني قبل أن تكتشفه الرادارات «الإسرائيلية» بثلاث دقائق. وفي الاستعدادات العملية بدأت الدرع في العمل منذ أسابيع عدة وربما منذ مطلع العام الحالي.

يؤكد نشر الدرع الصاروخية أن تركيا لا تزال أمنياً تابعة لحلف شمال الأطلسي، وهو ما يؤثر سلباً في علاقاتها مع القوى المعادية للغرب.

الحدث الثاني الذي ترك أثراً جذرياً سلبياً في العلاقات التركية - الإيرانية هو اندلاع الثورات في العالم لكن الاحتجاجات في سوريا كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.

إيران تدافع بشكل كامل عن النظام السوري والرئيس بشار الأسد، فيما تقود تركيا حملة قاسية منذ بدء الأحداث لإطاحة الأسد ولم تتردد في تسخير كل الطاقات لهذا الهدف من تنظيم المعارضة السياسية والعسكرية السورية ومدها بالأسلحة وتوفير الملاذ لها وحشد الدعم الدولي لها وآخرها مؤتمر «أصدقاء سوريا» في اسطنبول. وتركيا هي الوحيدة التي لا تكل في البحث عن أفكار وصيغ لإبقاء النظام السوري تحت الضغط.

ولا ترى إيران في الموقف التركي الحاد سوى وسيلة لإضعاف التأثير الإيراني في المنطقة بإسقاط الحلقة السورية ومن بعدها العراقية، فتُعزل إيران ويضمر دورها على أكثر من مستوى سياسي وعسكري ومذهبي.

الصورة اليوم هي على هذا النحو. ونشهد تداعيات لها عبر رفض إيران حتى الآن استئناف المفاوضات النووية مع مجموعة الخمسة زائد واحد على الأراضي التركية، وفي المقابل بادرت تركيا إلى تخفيض استيراد النفط من إيران بنسبة عشرين في المئة رضوخاً لمحاولات الغرب الاستغناء التدريجي عن النفط الإيراني.

ولم يفت رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان اتهام إيران بأنها تستخدم لغة غير ديبلوماسية تفتقد إلى الاستقامة في تصعيد كلامي غير مسبوق.

حافظت العلاقات بين تركيا وإيران على ثبات استمر لعقود طويلة، ولم يكن مرتبطاً بطبيعة نظام الحكم في البلدين. لكنها المرة الأولى التي تشهد محاولة إلغاء فعلية لدور الآخر لاسيما من جانب تركيا عبر الدرع الصاروخية وإسقاط النظام السوري.

ورغم كل هذا التصعيد الخطر لا نفتأ نكرر أن من مصلحة البلدين والمنطقة أن يتعاونا وأن يراعي كل منهما مصالح الآخر واعتباراته الأمنية والتاريخية .وأن محاولات الإلغاء لن تسفر سوى عن إلغاء الطرفين مهما تراءى لطرف معين أن الفرصة مؤاتية للتخلص من الآخر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2176673

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2176673 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40