الثلاثاء 10 نيسان (أبريل) 2012

«الفصح اليهودي» و «فرية الدم»!

الثلاثاء 10 نيسان (أبريل) 2012 par نواف الزرو

عندما كنا نسمع ونحن أطفال عن عيد الفصح اليهودي: «ان اليهود يغمسون مصة - خبز - الفصح بدماء الأطفال المسيحيين»، كنا نصاب بالدهشة والاستغراب :

كيف يمكن ذلك...؟!.

وهل يذبحون الأطفال فعلاً ليمصوا دماءهم...؟!.

حكاية اكبر من الخيال والتصور...؟!

غير أن هذه الحكاية المروية لم تعد كذلك مع الزمن، بل أصبحت حقيقة موثقة، فان كانت الحكاية تتحدث عن العصور الوسطى، فقد انتقلت الى المشهد الراهن، حيث قال لاعب المنتخب «الإسرائيلي» لكرة السلة ونادي «مكابي حيفا» سابقاً «ايدو كوجيكارو» عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك»: «ليس هنالك أفضل من الاحتفال بعيد الفصح (العبري) مع «مصّة» مغموسة بدماء الأولاد المسيحيين والمسلمين (8/04/2012)، وقد لاقت تصريحات اللاعب استحسان العديد من أصدقائه الذين أجابوه بتعليقات مؤيدة وساخرة من المسلمين والمسيحيين، وقد أجاب البعض بقوله «نريد ان نشاركك» ويضيف آخر «أريد أن أتلقى دعوة» لتنتشر القضية بعد ذلك الى خارج نطاق الـ «فيس بوك» وتصبح قضية رأي عام في «إسرائيل»، وفور انتشار الخبر انهالت على اللاعب العديد من طلبات الصداقة من جانب رواد الـ «فيس بوك» «الإسرائيليين».

ويعد عيد الفصح اليهودي (بالعبرية : يسَح) أحد الأعياد الرئيسية في اليهودية، ويحتفل به لمدة 7 أيام بدءاً من 15 نيسان حسب التقويم اليهودي لإحياء ذكرى خروج بني إسرائيل من مصر الفرعونية كما يوصف في سفر الخروج، والمصة باليهودية هي «المتسا» أي الخبز الجاف الذي لا تدخل الخميرة في صناعته ويتناوله اليهود في عيد الفصح.

فالحديث إذاً عن «خبز الفصح العبري المغمس بدماء الأطفال» لم يعد مجرد حكاية تتناقل من جيل الى جيل ومشكوك بصحتها، وليس تهويلاً او تزويراً او إلباساً للغير بقدر ما هو حقيقة كبيرة، فجزء كبير من الأحاديث والأقاويل التاريخية حول رقصات الدم اليهودية في أوروبا استند الى طقوس حقيقية وليست وهمية كما يزعمون، فقد استخدم اليهود دماء المسيحيين في عيد الفصح اليهودي.

وهذه الحقيقة التي يستحضرها للمشهد الراهن اللاعب «الإسرائيلي» كوجيكارو، وثقها قبل ذلك، المؤرخ اليهودي البروفيسور ارئيل طوئيف من «جامعة بار ايلان»، وذلك في إصدار جديد له بعنوان : «فصح الدم» الذي - صدر في ايطاليا -، وقد أثار الكتاب/ الاعتراف / الوثيقة ردود فعل غاضبة وقاسية «إسرائيلية» ويهودية ضد المؤلف.

ففي حديثه له من روما مع صحيفة «هآرتس» العبرية أكد المؤرخ طوئيف على استخلاصه بشأن استخدام الدماء من قبل اليهود الأشكناز في القرون الوسطى، وقال: «لن أتنازل عن التمسك بالحقيقة والحرية الأكاديمية، حتى لو صلبني العالم»، وعلى الرغم من حملات الاستنكار التي وجهت ضده، فقد أصر على أن الإدعاءات التي أوردها في كتابه، ومنها بعض الاتهامات بشأن «فرية الدم في أوروبا لها أساس حقيقي».

وقال: «منذ العام 2001 وأنا أدرس في «بار إيلان» عن فرية الدم، وأخذت الشهادات التي تظهر في التحقيقات في مقتل الفتى سيمونينو، وقمت بدراسة التفاصيل الواردة فيها، من أجل فحص إذا كانت مفتعلة وتم إدخالها بشكل تعسفي من قبل المحققين، ووجدت أن هناك أقوالاً وبعض شهادات ليست جزءاً من ثقافة القضاة المسيحيين، ولم يكن بإمكانهم إفتعالها وإضافتها».

وكشف المؤلف النقاب مؤكداً : «أنه تمكن وعلى عشرات الصفحات، من إثبات أن مسألة الدم هي مركزية في عيد الفصح، وتوصل إلى نتيجة أنه تم استخدام الدم في عيد الفصح، خاصة لدى اليهود الأشكناز، الذين كانوا يعتقدون بوجود مزايا طبية لدماء الأطفال، وعليه فقد استخدموا مساحيق مصنوعة من الدم».

واضاف المؤرخ «أنه عثر على أدلة تشير إلى سماح الحاخامات اليهود باستخدام الدماء، بما فيها الدماء البشرية أيضاً، وبرأيه فقد كان الدم مركباً مهماً في الطب الأوروبي في القرون الوسطى، وأن تجار الأدوية في ألمانيا كانوا يبيعون الدماء البشرية».

وفي السياق ذاته كانت مجلة «دير شطيمر» الألمانية قد أصدرت في الأول من أيار 1934 عدداً خاصاً تظهر في مركزه صورة طفل ألماني ممدد على الطاولة وحوله عدد من أصحاب الذقون والقبعات يمصون دمه بواسطة أنابيب طويلة «هآرتس»، وهذه لم تكن سوى واحدة وحالة في سلسلة طويلة من القصص التي تتحدث عن «فصح الدم»، وجاء في صحيفة «هآرتس» أيضاً «ان البداية كانت في نورتش في انجلترا في القرن الثاني عشر حيث ذكر ان يهوداً اشتروا طفلاً مسيحياً قبل عيد الفصح فشربوا دمه وصلبوه تحت تعذيب قاس، وهكذا تمتد القصص وصولاً الى أوروبا المسيحية كلها: فهناك قصص مشابهة وقعت في تورنتو الايطالية وفي غفاردة الاسبانية في القرن الخامس عشر، وكذلك في بولندا وهنغاريا واليونان وفرنسا وروسيا ومرة أخرى في ألمانيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وصولاً الى قصة «فصح الدم» المشهورة عن بيليس في القرين الحادي عشر في كييف في أوكرانيا، يضاف إليها كلها قصص شرب الدم التي انتشرت في دمشق عام 1840 وفي بيروت عام 1887 و1892.

وانتقالا الى الراهن في فلسطين، فالطبيعة الصهيونية الدموية قائمة كامنة بالأصل في ذلك التراث المشار إليه، وهي إذ تبلغ في السنوات الأخيرة ذروة جديدة في تجلياتها، بتشريع قتل الأطفال العرب بالجملة، فهذا إنما يؤكد تلك الحقيقة حول جذور فكر التكفير والدم والإرهاب لديهم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 86 / 2165961

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165961 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010