الخميس 12 نيسان (أبريل) 2012
توفي طبياً قبل 10 أيام بمستشفى عين النعجة العسكري...

أول رئيس للجزائر المستقلة أحمد بن بله في ذمة الله

الخميس 12 نيسان (أبريل) 2012

توفي، الأربعاء، أول رئيس للجزائر المستقلة، أحمد بن بله، بمقر سكناه عن عمر يناهز 96 سنة، وعلم لدى أقارب الرئيس الراحل أن الحالة الصحية للفقيد تدهورت في الآونة الأخيرة، حيث أدخل المستشفى العسكري «محمد الصغير نقاش» بعين النعجة، قبل أسبوعين، فيما سجلت وفاته طبياً - إكلينيكياً -، منذ قرابة 10 أيام، حسبما علم لدى مصادر مقربة من محيط الرئيس الراحل.

الفقيد أحمد بن بله الذي قاد الجزائر المستقلة من الفترة الممتدة من 1962 إلى 1965، أدخل، أواخر شهر شباط (فبراير) الماضي، المستشفى العسكري مرتين على التوالي، وخضع للعلاج قبل أن يغادره ويستقر به الأمر في مسكنه بأعالي حيدرة بالعاصمة الجزائرية.

وكانت عدد من الصحف الوطنية قد أعلنت، الأسبوع الأخير من شهر شباط (فبراير) الماضي، عن تدهور صحة أول رئيس جزائري أحمد بن بله، وذهبت لحد نشر خبر وفاته، بينما أكدت صحف أخرى أنه كان لا يزال على قيد الحياة، فيما تراجعت تلك الصحف التي أعلنت وفاته، وأوضحت أن غموضاً كبيراً يشوب حالته الصحية، ونفت، حينها، وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية والقنوات الإذاعية الخبر، وقالت إن الحالة الصحية لأحمد بن بله مستقرة، وأنه تحت الرقابة الطبية.

وأكدت ابنة الفقيد، حورية بن بله المقيمة في القاهرة، وفي اتصال هاتفي معها، خبر الوفاة، خلال الساعات الأولى، من عصر أمس، فيما رفضت الخوض في تفاصيل أخرى عن ظروف الوفاة.

ويعتبر أحمد بن بله من الشخصيات الوطنية البارزة على المستوى الجزائري والعربي والإفريقي والدولي، في الآونة الأخيرة، بعدما استنجد به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في تمثيله في عدة محافل دولية، وبرز دور بن بله، بمجرد عودته للجزائر من منفاه الاختياري بسويسرا، في 29 سبتمبر 1990، حيث استقر بالجزائر، وتولى رئاسة اللجنة الدولية لجائزة القذافي لحقوق الإنسان، واعتبر من عقلاء قارة إفريقيا للإسهام في حل النزاعات التي تنشب في القارة السمراء، حيث أسندت له رئاسة مجموعة عقلاء الاتحاد الإفريقي، منذ سنة 2007 . ويعد الرئيس الراحل أحمد بن بله من بين أهم رايات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، حيث كان بن بله رفيق درب عبد الناصر وأحد أبرز الزعماء العرب تأثراً بمشروعه القومي، وينتظر أن يوارى جثمان الرئيس الراحل، اليوم، بمقبرة العالية بالعاصمة الجزائرية.

[brun]لم يقل شيئاً في حلقة «شاهد على العصر»

متى تصدر مذكرات بن بله «الخطيرة»؟[/brun]

كانت الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي من أكثر المهووسات بكتابة قصة حياة الرئيس أحمد بن بله، وكانت منذ أن أطلق الشاذلي بن جديد سراحه في بداية الثمانينات تتبعه مثل ظله على أمل أن تنال شرف موافقته بأن تروي حياته، خاصة أنها كما تقول تابعت وهي صغيرة من شرفة منزلها رفقة والدتها خطاباً لبن بله عندما كان رئيساً، ولكنه رفض عرضها، وقال لها في عام 2001 أنه كتب فعلاً مذكراته، ولكنه لن ينشرها، لأنها خطيرة جداً، وتعني أناساً لا يمكنه أن يلتقي بهم بعد نشره هذه المذكرات، ووعد بأن ينشرها بعد رحيله دون أن يذكر الكيفية ولا مكان وجود هذه المذكرات. وبقي السؤال الكبير عن خطورة هذه المذكرات إلى أن أطل الراحل أحمد بن بله على قناة «الجزيرة» عام 2004 كضيف على الصحفي أحمد منصور من خلال حلقات مطولة في برنامج «شاهد على العصر»، ورغم أن الراحل أحمد بن بله فتح ملفات كانت ضبابية عن عبان رمضان وعن هواري بومدين من الثورة إلى الاستقلال، ورغم أن بن بله أبكى في البرنامج أحمد منصور الذي أجهش بالبكاء في عدة حلقات خاصة عندما كان يتحدث بن بله عن أيامه العصيبة في السجن وكيف ماتت أمه بعد زكام أصابها، لأنهم كانوا يجردونها في عملية التفتيش قبل زيارتها لابنها في حجزه المنفرد، إلا أن الواضح أن الرجل الذي قارب سنه القرن وتعرف على كل زعماء الجزائر والعالم العربي من عبد الناصر إلى صدام حسين إلى معمر القذافي، ومن الثوريين الجزائريين ومفجري ثورة التحرير إلى الرؤساء في زمن الاستقلال، ظل يخفي الكثير من الأسرار حتى وإن كان بن بله هو في حد ذاته تاريخاً.

[brun]من آراء الراحل[/brun]

ـ عندما سئل بن بله بعد خروجه من السجن وتوجهه إلى فرنسا ومنها إلى سويسرا هل أنت لائكي - علماني - أجاب بأنّه ليس لائكياً وليس من دعاة اللائكية، وهي نتاج غربي محض وجاءت لتحلّ محل الكنيسة وقال أنّه مجرد مواطن جزائري ومناضل في حزب الشعب ثمّ حركة انتصار الحريات الديمقراطية ثمّ مجاهد في أول نوفمبر وأحد مناضلي جبهة التحرير الوطني.

ـ سئل بن بله عن الثقافة في الجزائر فقال : هل توجد ثقافة في الجزائر؟! هل يوجد في ذهن مسؤول جزائري تقلدّ وزارة الثقافة مشروع ثقافي؟! ألم يهن الكتاب والمفكرون؟!

ـ سئل عن الدولة في عهده فقال : أنا الذي كونت الدولة الجزائرية بعد استرجاع السيادة الوطنية، وهذا شرف أفتخر به، ذلك أن اتفاقيات إيفيان وهي التي أفضت إلى استقلال الجزائر فرضت ضرورة وجود طرف قويّ لتحمل المسؤولية وكان لابدّ لنا من اللجوء إلى الانتخابات الشعبية وتأميم أراضي الكولون.

ـ سئل بن بله عن وفائه لجمال عبد الناصر فقال : أنا وفيّ لفكر جمال عبد الناصر لأنني أعتبره رجلاً عظيماً ساهم في دعم الثورة الجزائرية أكثر من أي شخص آخر في الوطن العربي الذي تحكمه أطراف متناقضة ومتباينة مثل عبد الإله في الأردن ونوري السعيد في العراق وعبود في السودان وكانت تعيش تابعة للغير، باستثناء عبد الناصر الذي كان يمثل الوفاء للثورة الجزائرية في مختلف مراحلها، والجزائريون مدينون لهذا الرجل وأظن أنّ خروج الشعب الجزائري إلى الشارع يوم وفاته كان دليلاً على وجوده في وجدانهم وضمائرهم.

[brun]الراحل أحمد بن بله في سطور[/brun]

ولد الراحل الكبير أحمد بن بلّه، في مدينة مغنية بتاريخ 25 ديسمبر 1916، وواصل تعليمه الثانوي بمدينة تلمسان، وأدى الخدمة العسكرية سنة 1937، تأثر بعمق بأحداث 8 مايو 1945 فانضم إلى الحركة الوطنية باشتراكه في حزب الشعب الجزائري، وحركة انتصار الحريات الديمقراطية، حيث انتخب سنة 1947 مستشاراً لبلدية مغنية. وأصبح بعدها مسؤولاً على المنظمة الخاصة حيث شارك في عملية مهاجمة مكتب بريد وهران عام 1949 بمشاركة حسين آيت أحمد ورابح بيطاط.

ألقي القبض عليه سنة 1950 بالجزائر العاصمة، وحكم عليه بعد سنتين بسبع سنوات سجن، وهرب من السجن سنة 1952 ليلتحق في القاهرة بحسين آيت أحمد ومحمد خيضر حيث يكوّن فيما بعد الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني. قبض عليه مرة أخرى سنة 1956 خلال عملية القرصنة الجوية التي نفذها الطيران العسكري الفرنسي ضد الطائرة التي كانت تنقله من المغرب إلى تونس، والتي كان معه خلالها أربعة قادة آخرين لجبهة التحرير الوطني، وهم محمد بوضياف، رابح بيطاط، حسين آيت أحمد، ولشرف. تم اقتياده إلى سجن فرنسي، وبقي معتقلاً فيه إلى موعد الاستقلال فعاد هو ورفاقه إلى الجزائر.

في 15 سبتمبر 1963 انتخب كأول رئيس للجمهورية الجزائرية. وفي 19 يونيو 1965 عزل من طرف مجلس الثورة وتسلم الرئاسة هواري بومدين. ظل بن بله معتقلاً حتى 1980، وبعد إطلاق سراحه أنشأ بفرنسا الحركة الديمقراطية بالجزائر. عاد نهائياً إلى الجزائر بتاريخ 29 سبتمبر 1990، وتوجه بعد حرب الخليج الثانية 1991م إلى العراق وقابل الرئيس الشهيد صدام حسين. كان يؤمن بعروبة الجزائر ولذلك قام باستدعاء آلاف الأساتذة العرب من مصر والعراق وسوريا للمساهمة في قطاع التعليم. وسئل بن بله عن وفائه لجمال عبد الناصر فقال: «أنا وفيّ لفكر جمال عبد الناصر لأنني أعتبره رجلاً عظيما ساهم في دعم الثورة الجزائرية أكثر من أي شخص آخر في الوطن العربي»، ومن أقواله «لم يكن سواه رفيقي في كل الفترات التي قضيتها في السجون، إنه القرآن الكريم».

[brun]لعب لنادي مارسليا وبيليه تسبّب في طرده من الحكم

أحمد بن بله تزوّج في السجن ولم يُرزق بالبنين[/brun]

مهما اختلف الناس عن أحمد بن بله، فإنه سيبقى سياسياً ورئيس الأجيال، الرجل الذي شهد الحرب العالمية الثانية والثورة التحريرية، وبلغ «الربيع العربي» وكان له في كل مناسبة رأي، بل ورأي مسموع في إفريقيا والعالم العربي، حسب مختلف الروايات فإن أحمد بن بله غادرنا وهو على حافة بلوغ سن السادسة والتسعين، فقد اختلف الكثيرون حول يوم مولده ولكن الشائع أنه من مواليد مغنية في عام 1916، بعد أن حقق الكثير من أمنياته وأضاع الكثير من توابل الحياة ومنها البنين والبنات، بن بله عاشق متميز لكرة القدم التي لعبها كمحترف في أندية فرنسية كبيرة، وكاد أن يشارك في كأس العالم لعام 1938 التي احتضنتها فرنسا وأحرزت لقبها إيطاليا، حيث تقمص ألوان نادي مارسيليا وبمجرد أن اندلعت الحرب التحريرية وكان سنه قرابة الثامنة والثلاثين اعتزل الكرة، ولكن عشقه لها بقي وذاب في قلبه، وكان أول رئيس يسلم كأس الجزائر بعد الاستقلال لوفاق سطيف ولمولودية سعيدة، واهتم الرئيس الأسبق بالكرة إلى درجة أنه أقام منذ ثلاث سنوات حفل توديعه الملاعب في مغنية، حيث لامست قدماه الكرة وسنه فوق التسعين عاماً إلى درجة أن الصحافة الإنجليزية نشرت صورته وكتبت عنه أنه أكبر لاعب في تاريخ كرة القدم، والكرة هي نفسها التي تسببت في تضييعه الحكم عندما كان في ليلة التاسع عشرة من حزيران. يونيو من عام 1965 بملعب وهران، المسمى حالياً زبانة يلعب بمباراة بين المنتخب الجزائري ونادي سانتوس البرازيلي، الذي ضم في صفوفه أسطورة الكرة بيليه، بينما كان الراحل هواري بومدين يقود انقلاباً عسكرياً انتهى بوضع أول رئيس جزائري رهن الحبس، وهناك نسيه الشباب وبقي أحمد بن بله يتلقى زيارة والدته العجوز التي ترجته أن يُفرحها قبل وفاتها بالزواج، فكان لها ما أرادت عندما كان بن بله أول رئيس في العالم أيضاً الذي يتزوج وهو في السجن، حيث أشار لوالدته على صحفية تدعى زهرة سلامي، كان قد تعرّف عليها قبل الانقلاب وحدث الزواج داخل فيلا بحضور والدته في 25 أيار.مايو من عام 1971، حيث جاوز سنه الخامسة والخمسين وكانت الصحافية زهرة دون التاسعة والعشرين، وهي الصحافية والسياسية التي توفيت منذ سنتين وتم تشييع جثمانها في أرض أجدادها بعد صراع مع المرض وتركت الراحل يقول أنه أحس باليتم عندما توفيت زوجته التي قبلت بأصعب المهمات بالنسبة لامرأة، وهي الزواج من سجين مغضوب عليه من طرف النظام الجزائري بقيادة الراحل هواري بومدين، في ذلك الوقت. وتبنى بعد ذلك ابنتين عاشتا في المهجر وكانتا فنانتين في سويسرا التي اختارها الرئيس بن بله كمنفى اختياري له بعد أن أطلق سراحه الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد عام 1980.

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر : صحيفة «الشروق» الجزائرية.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2181351

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار عربية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2181351 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40