الثلاثاء 17 نيسان (أبريل) 2012

أدباء عرب يهود معادون للصهيونية

الثلاثاء 17 نيسان (أبريل) 2012

في سنة 1950 أصدرت حكومة توفيق السويدي في العراق قانوناً يبيح إسقاط الجنسية عن اليهود العراقيين الراغبين في مغادرة العراق إلى «إسرائيل». ومع سريان المهلة لم يتقدم إلا القليل جداً من اليهود بطلبات الهجرة، وتبين أن الأغلبية الكاسحة لم تتجاوب مع هذا القانون الذي صدر تحت ضغط بريطاني مكشوف. لكن، في سنة 1951، وهي السنة التي ينتهي فيها مفعول ذلك القانون، وقعت تفجيرات متمادية في الأحياء اليهودية في بغداد، ونُسفت بعض محالهم، وقُتل بعض الأشخاص. وهذه التفجيرات أرغمت نحو مئة وعشرة آلاف يهودي على الرحيل إلى قبرص، ومن هناك إلى «إسرائيل» حيث وُضعوا في معسكرات بائسة (المعبراه) قبل أن يتم توزيعهم هنا وهناك في ما بعد. وقد عانى اليهود العراقيون الأمرّين جراء عنصرية الاشكيناز ضدهم؛ فكانوا يحلقون شعور رؤوسهم فور وصولهم، ويرشون أجسادهم بمادة د.د.ت. قبل ترحيلهم إلى المعسكرات. وخلّفت هذه المعاملة ندوباً في أفئدتهم، ولا سيما أن يهود العراق كانوا ينتمون إلى الطبقة الوسطى وما فوق، وكانت أحوالهم المالية والعلمية أكثر من جيدة في العراق، ويعتبرون أنفسهم أقدم الجماعات اليهودية في العالم؛ فهم جاؤوا إلى العراق مع السبي البابلي في سنة 586 قبل الميلاد، ولديهم تراث روحي شديد الارتباط بأرض العراق وثقافته ولغته.

قصارى القول إن هجرة يهود العراق إلى «إسرائيل» كانت إجبارية، وضد إرادة معظم المهاجرين الذين سيقوا سوقاً إلى قبرص تحت وطأة الخوف من القتل الذي تبين أن الحركة الصهيونية هي التي نفذت عمليات التفجير ضد اليهود في بغداد. وحتى اليوم، في إمكان مَن يمر بحي «رامات غان» في «تل أبيب» الذي يقطنه يهود عراقيون كثر، أن يستمع إلى أغاني فريد الأطرش وليلى مراد وعفيفة اسكندر وناظم الغزالي، وأن يشم روائح المطبخ العراقي، وأن يُنصت إلى اللهجة العراقية التي كان يتكلمها معظم سكان هذا الحي. وأبعد من ذلك، فقد غادر العراق عدد من الشبان الذين قُيض لهم أن يصبحوا شعراء وروائيين في «إسرائيل»، وظلوا يكتبون باللغة العربية فترة طويلة جداً، وكانوا يعرِّفون أنفسهم بأنهم «عراقيون يهود مقيمون قسراً في «إسرائيل»»، حتى أن بعضهم لم يطق البقاء في «إسرائيل»، وكان لا يستطيع العودة إلى بغداد، فآثر الرحيل إلى بريطانيا أمثال الروائي سمير نقاش والمناضل حزقيل قوجمان، أو إلى كندا أمثال الروائي نعيم قطان والمؤرخ مير بصري وغيرهما.

أسماء لامع[bleu marine]ة [/bleu marine]

كان الروائي سمير نقاش (ولد في بغداد سنة 1938 وتوفي في لندن سنة 2004) أبرز هؤلاء الشعراء والروائيين والمؤرخين، وظل يكتب حتى آخر أيام حياته بالعربية، وكان معادياً لـ «إسرائيل» تماماً، ومن أهم رواياته «نزولة وخيط الدم». وفي هذا السياق يمكن أن نسرد أسماء كثيرة أهمها شمعون بلاص (مواليد 1930) وسامي ميخائيل (مواليد 1926) ونعيم قطان (مواليد 1928 وغادر إلى كندا سنة 1954) ونزهت قصاب وصموئيل المعلم (شموئيل مورييه) واسحق بارموشي ومراد ميخائيل وسلام درويش وابراهيم عوبديا وداود تسيمح، علاوة على ساسون سوميخ الذي كان زميلاً في بغداد للشاعرين عبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري، وللروائي غائب طعمة فرمان، والذي درس على حسين مروة ومحمد شرارة، وأصبح رئيساً لقسم الأدب العربي في جامعة حيفا. ومن المعروف أن ساسون سوميخ وشمعون بلاص وداود تسيمح أسسوا «منتدى أنصار الأدب العربي» في «إسرائيل» سنة 1954.

[bleu marine]قمع الذات [/bleu marine]

ظل هؤلاء الكتاب والشعراء والروائيون يكتبون بالعربية إلى فترة طويلة بعد فرارهم إلى «إسرائيل» قسراً. لكن بعضهم وجد نفسه معزولاً عن الجمهور اليهودي الواسع الذي لا يمكنه القراءة بالعربية، بل يقرأ العبرية وحدها. فآثر هؤلاء الانتقال إلى الكتابة بالعبرية، وكان ذلك نوعاً من «قمع الذات الثقافية» أمثال سامي ميخائيل وشمعون بلاص وداود تسيمح وشموئيل مورييه (صموئيل المعلم)، وتحولوا، بالتدريج، إلى أدباء مزدوجي الثقافة. وفي جميع الأحوال ظلت رواياتهم وقصصهم وأشعارهم تدور، في معظمها، في أحياء بغداد، وتكتسي حنيناً جارفاً إلى العراق حيث الأماكن الأولى، والأحرف الأولى، والحب الأول ربما. أما ابرز الروايات التي كتبها هؤلاء العراقيون اليهود المقيمون في «إسرائيل» فهي: وداعاً بابل (نعيم قطان)، نذر الخريف (شمعون بلاص)، فكتوريا، حفنة من ضباب، عاصفة بين النخيل (سامي ميخائيل)، نزولة وخيط الدم (سمير نقاش). وفي هذا الميدان كتب العربي أنطون شماس بالعبرية كنوع من التحدي الثقافي وهو من (مواليد البصة سنة 1950) وصاحب رواية «أرابيسك» التي أصدرها في سنة 1986 وأحدثت جدالاً صاخباً آنذاك.

[rouge]-[/rouge][bleu] المصدر : ملحق «فلسطين» | صحيفة «السفير» اللبنانية | صلاح أحمد فاخوري.[/bleu]


titre documents joints

أدباء عرب يهود معادون للصهيونية | ملحق «فلسطين» | صحيفة «السفير» اللبنانية.

17 نيسان (أبريل) 2012
info document : PDF
672 كيلوبايت

صلاح أحمد فاخوري



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 141 / 2177943

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177943 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40