الأربعاء 9 حزيران (يونيو) 2010
مبارك لم يسمِّ خليفته بعد وصقور الحكم يتناهبون سلطات الرجل المريض

اللايقين في السياسة الداخلية المصرية وإشكاليات العام القادم

الأربعاء 9 حزيران (يونيو) 2010

بدأت العديد من مراكز الدراسات الإستراتيجية والسياسية، والوسائط الإعلامية الإقليمية والدولية، وهي أكثر اهتماما في الآونة الأخيرة بإعداد الدراسات والبحوث والتقارير والتحليلات التي تسعى إلى رصد ما يدور في الساحة السياسية المصرية، وتطورات الوقائع والأحداث الجارية على خلفية المخاطر المتزايدة وإيقاع خطواتها الحالية والمحتملة: ما هي مصداقية احتمالات أن تواجه مصر سيناريو الأزمة، وهل من فرص متاحة أمام القاهرة للإفلات من شبح الكابوس القادم؟

السياسة الداخلية المصرية : إشكاليات العام القادم واللايقين

تقول التقارير والمعلومات، بأن الرئيس المصري حسني مبارك قد بلغ من العمر 82 عاما، وبرغم التمنيات بطول العمر والصحة والعافية، فإن قدرة الرئيس حسني مبارك على الاضطلاع بمهام القيادة، والإمساك بزمام المبادرة والسيطرة، أصبحت محدودة، إن لم تكن أكثر صعوبة في ظل أوضاعه الصحية الحالية في مرحلة ما بعد رحلة الاستشفاء الأخيرة إلى أوروبا والتي عاد منها سالما..

على أساس الاعتبارات المؤسسية السياسية، تقول التقارير والمعلومات، بأن الرئيس المصري حسني مبارك لم يقم حتى الآن بتسمية من يتولى منصب نائب الرئيس المصري، الأمر الذي أدى إلى العديد من المظاهر المؤسسية السياسية السالبة في الساحة السياسية المصرية، نشير منها -على سبيل المثال لا الحصر- إلى الآتي:

- تزايد الأعباء والضغوط على مؤسسة الرئاسة المصرية، بسبب عدم وجود نائب يقوم بتصريف الملفات السياسية الثانوية.

- تزايد نفوذ مراكز القوى في مؤسسات السلطة التنفيذية ومؤسسات السلطة التشريعية بحيث أصبح رئيس الوزراء المصري وبعض كبار الوزراء مثل وزير المخابرات ووزير الخارجية أكثر قدرة لجهة تمرير السياسات التنفيذية، وأيضا أصبح الزعماء البرلمانيين التابعين للحزب الحاكم يقومون أيضا بتمرير السياسات التشريعية وذلك في ظل وجود رئيس جمهورية تجاوز عمره الثمانين عاما، وأصبح يكتفي بمجرد تقديم الموافقات المختصرة والتي في حدود مباركته ما يرفع له من توصيات وتقارير.

تقول المعلومات والتسريبات بأن ملف الصراع حول منصب الرئيس المصري في انتخابات عام 2011م القادمة، قد اكتسب حضورا أقوى، وعلى خلفية التطورات التي حدثت مؤخرا، فإن ترسيمات الصراع تشير إلى أن الأطراف المتنافسة المصرية سوف تنحصر في الآتي :

- جمال حسني مبارك : يتمتع بتأييد ومساندة رجال الأعمال المصريين.

- الدكتور محمد البرادعي : يتمتع بتأييد التكنوقراط والشرائح الاجتماعية الإسلامية والعلمانية.

- اللواء عمر سليمان : يتولى حاليا منصب وزير المخابرات، ويتمتع بتأييد أجهزة المخابرات والشرطة التي تضمن بين صفوفها ما يقرب من مليون عنصر.

- أحمد أبو الغيط : يتولى منصب وزير الخارجية، ويتمتع بتأييد بعض الأقليات الإثنية الصغيرة والتي برغم صغر حجمها، إلا أنها تسيطر بقدر كبير على أجهزة الإعلام، ومراكز الدراسات التي تغذي عملية صنع القرار السياسي المصري، إضافة لذلك فهو يتمتع بتأييد قدر كبير من سكان منطقة الدلتا وعلى وجه الخصوص “محافظة الشرقية”.

- الفريق طنطاوي : يتولى حاليا منصب وزير الدفاع المصري، ويتمتع بتأييد المؤسسة العسكرية المصرية، وبرغم أن اسمه لم يبرز كمنافس رئاسي بشكل واضح خلال المراحل الماضية، فإن مشاركته في مراسيم تنصيب الرئيس السوداني عمر البشير جنبا إلى جنب مع بعض رؤساء الدول الذين حضروا، هي مشاركة تحمل إشارة واضحة بأن الفريق طنطاوي قد بدأ يخطو أولى خطواته في حلبة العمل السياسي.

تشير التوقعات إلى أن التنافس سوف يشهد عملية استقطابات أكبر خلال الفترة القادمة، وعلى الأغلب أن يخرج وزير الخارجية أحمد أبو الغيط من دائرة التنافس، وعلى الأغلب أيضا أن يقف إلى جانب جمال مبارك، أما بالنسبة لعمر سليمان والفريق طنطاوي، فعلى الأغلب أن تتحالف المؤسسة الأمنية مع المؤسسة العسكرية، إما لجهة دعم أحد الطرفين، أو لجهة الوقوف إلى جانب جمال مبارك، طالما أن البديل الآخر سوف يكون هو الدكتور البرادعي، والذي تقول المعلومات بأنه أصبح قاب قوسين و أدنى من بناء تحالف شعبي كبير يضم حركة الإخوان المسلمين، هذا، وتقول آخر المعلومات بأن حملة التوقيعات الشعبية المصري على موقع الفيس بوك قد وصلت إلى مئات الألوف من المؤيدين والداعمين لترشيح الدكتور البرادعي.

السياسة الخارجية المصرية :

تتميز السياسة الخارجية المصرية، بوجود أربعة محاور تقليدية لجهود مفاعيلها الدبلوماسية، وهي الدائرة العربية، والدائرة الأفريقية، والدائرة الأوروبية، والدائرة الأميركية، ولكن، وعلى خلفية ترتيب الأولويات، فإن ملف العلاقات المصرية-الأميركية-الإسرائيلية، أصبح يحظى بالاهتمام الأكبر، إضافة إلى أنه أصبح يمارس حضورا قويا فاعلا في حراك الدبلوماسية المصرية إزاء القضايا الأخرى، وعلى وجه الخصوص :

- ملف الصراع العربي الإسرائيلي.

- ملف العلاقات المصرية - السعودية - الأردنية.

- ملف النيل و السودان.

لم تتمكن الدبلوماسية المصرية من تحقيق التقدم والنجاح في إدارة هذه الملفات، وبسبب إدماج السياسة الخارجية المصرية نفسها ضمن السياسة الخارجية الأميركية، فقد نالت القاهرة المزيد من الانتقادات والغضب في أوساط الرأي العام العربي، وعلى وجه الخصوص: الرأي العام المصري الذي أدرك أنه لم يحصل على شيء سوى الإحباط الذي دفعه إلى اللجوء لخيار حركة حماس، إضافة إلى الرأي العام السوداني والذي أصبح ينظر بالكثير من الشكوك إزاء مصداقية السياسة الخارجية المصرية في معالجة مشاكل التدخل الأجنبي الأميركي والإسرائيلي في منطقة وادي النيل.

الأزمة المصرية : إشكالية صراع الأولويات

من المعروف، أن كل دول وحكومات العالم، تسعى إلى ترتيب أولوياتها السياسية، وبناء على هذا الترتيب تتحدد الخيارات ذات الأفضلية الأكثر أهمية، وفي حالة مصر، لمن تكون الأولوية: لقضايا السياسة الخارجية المصرية، أم لقضايا السياسة الداخلية المصرية، أم للموازنة التي تحقق التلازم والتوازن بين السياستين الداخلية والخارجية، وفي هذا الخصوص نشير إلى الحلقات المفرغة الثلاثة الآتية :

- دعم الاقتصاد المصري يتطلب الحصول على الدعم الخارجي، وتحديدا تدفقات رأس المال المباشرة وغير المباشرة..

- الحصول على الدعم الخارجي يتطلب إعطاء الأولوية للسياسة الخارجية المصرية الموالية لأميركا وإسرائيل.

- السياسة الخارجية المصرية الموالية لأميركا وإسرائيل تجد المزيد من معارضة وسخط الرأي العام المصري وذلك لأن ما حدث من انهيار وضغوط هو بسبب هذه السياسة.

ضمن هذه الحلقات المفرغة الثلاث تكمن أزمة السياسة المصرية، والتي أصبحت تكتسب طابعا إداريا، خاصة وأن كل واحدة من هذه الحلقات الثلاثة تقود بالضرورة إلى الأخرى، طالما أنها حلقات منفتحة على بعضها البعض.

نقاط الصدام القادمة أو بالأحرى المحتملة في مسيرة قاطرة الأزمة المصرية يعتقد العديد من الخبراء بأنها سوف تتمثل في الآتي :

- الصدام السياسي: الضغوط المتعاكسة حول آليات تداول السلطة سوف تؤدي إلى مواجهة بين المعارضين المطالبين بتغيير الدستور بما يحقق الانفتاح على حرية المشاركة ضمن بيئة دستورية قانونية خالية من القيود، والمؤيدين المطالبين باستمرارية وحتمية الإبقاء على القيود الدستورية والقانونية الحالية.

- الصدام الاقتصادي: تزايد معدلات الفساد المصحوب بتزايد معدلات التضخم والبطالة وانخفاض الأجور وانخفاض مستوى المعيشة وتزايد موجات الغلاء وتزايد انعدام السلع الضرورية. سوف تؤدي جميعها إلى المزيد من الاحتجاجات الشعبية العارمة، وربما الانتفاضات الجماهيرية.

ما هو مثير للاهتمام، أن الحكومة المصرية الحالية لم تسعَ حتى الآن إلى اعتماد الحلول الاقتصادية لمعالجة المشاكل الاقتصادية، ولا إلى اعتماد الحلول السياسية لمعالجة المشاكل السياسية، واكتفت حصرا باللجوء إلى استخدام الوسائل الأمنية-العسكرية كخيار رئيسي لاحتواء ضغوط الأزمة السياسية-الاقتصادية وكبح تداعياتها على الرأي العام المصري، وبرغم الاستقرار النسبي الذي يتمتع به النظام المصري حاليا بفضل قدرته وبراعته في اسخدام وتوظيف الوسائط الإعلامية، فإن سيناريو الكابوس الأزموي سوف يظل مطلا برأسه، وحتى الآن لا توجد أي معلومات عن استعدادات النظام المصري لمواجهة كابوس انفجار ضغوط الأزمة، وهو الانفجار الذي إن حدث ووقع فإن فرصة تحالف المؤسسة الأمنية (اللواء عمر سليمان) - العسكرية (الفريق طنطاوي) للصعود والسيطرة على “قصر القبة” سوف تكون أكبر، وما تبقى من تفاصيل سوف يتوقف على شكل الصفقة التي سوف تتم حينها بين اللواء سليمان والفريق طنطاوي، طالما أن جمال مبارك وحلفاءه من رجال الأعمال المصريين سوف يتم استخدامهم ضمن فعاليات “كبش فداء” الأزمة.

المصدر : موقع الجمل



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2181116

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2181116 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40