الجمعة 20 نيسان (أبريل) 2012

قصيدة غراس تحذير من خطر «إسرائيل» على السلام

الجمعة 20 نيسان (أبريل) 2012

قصيدة الكاتب الألماني الحائز جائزة نوبل، غونتر غراس، التي اعتبر فيها دولة الكيان الصهيوني خطراً على السلام العالمي، وحذّر فيها بلاده ألمانيا، من أنها ببيعها غواصات لـ «إسرائيل»، تصبح متواطئة معها في جرائمها ضدّ الإنسانية، والتي أصدرت «إسرائيل» بعد نشرها قراراً بحظر سفر الكاتب إليها، مازالت تلك القصيدة تثير ردود فعل وأصداءً مختلفة.

رأى البعض في القصيدة تذكيراً بواقع البلطجة التي تمارسها «إسرائيل» في المنطقة وفي العالم، ولكن الغريب أن كثيرين اكتفوا بلوم «إسرائيل» على أسلوبها في الرّد على الشاعر والقصيدة.

في صحيفة «نيويورك تايمز»، (13-4-2012)، كتب نيكولاس كوليش من برلين بالاحتكام إلى سيل التعليقات المنهمر من الساسة والكتاب، ومن مقالات الصحف والمجلات ردّاً على قصيدة غراس، يبدو أن الجمهور الألماني، رفض القصيدة بصورة مطلقة.

ولكن تدقيقاً سريعاً في التعليقات التي ينشرها القراء على شبكة الإنترنت، يكشف واقعاً مختلفاً تماماً.

فقد لامس غراس وتراً حسّاساً لدى الجمهور الأوسع، إذ عبّر عن خيبات أمل الألمان إزاء «إسرائيل»، تلك الخيبات التي كثيراً ما يعبّر الناس عنها في أوساطهم الخاصة، ولكنهم نادراً ما يفعلون علناً، حيث يخضع الخطاب لهيمنة الماضي الماثل في الأذهان على الدوام. فالحديث الذي كان يمكن أن يظل حبيس الجلسات الخاصة قبل جيل مضى، بات يُعلن الآن على رؤوس الأشهاد، لا في قصيدة غراس وحسب، بل في المنتديات على شبكة الإنترنت، وعلى صفحات «فيس بوك».

ويقول الكاتب، إن كلمة واحدة تظهر باستمرار في مثل تلك النقاشات، وهي كلمة «نبّوت» أو «هراوة»، كناية عن تهمة «معاداة السامية» التي تُشهر في وجه كل من يوجه أي انتقاد لـ «إسرائيل». ويرى الكاتب أن قصيدة غراس أسهمت في كسر هذا الحاجز.

وفي موقع «فيتيرانز توداي»، (12-4-2012)، كتب ستيفن لندمان: إن غراس لامس الوتر الصحيح. وهو يستحق الثناء لا الإدانة. ولكنه يُجرح ويُشوه بسبب تناوله سر «إسرائيل» الذائع، وهو أنها دولة مسلحة نووياً وخطرة.

وفي امريكا و«إسرائيل»، مَن يكشف الحقيقة يُجرم. والشخصيات المتميزة من أمثال غراس، تُعاب ويعلن أنها غير مرغوب فيها.

وفي موقع «كاونتر بانش»، (10-4-2012) يستهجن المؤرخ والمفكر البريطاني، طارق علي، أن يُلام غونتر غراس على انتقاد «إسرائيل»، وألا يلتفت أحدٌ - والألمان على وجه الخصوص - إلى ما ترتكبه دولة الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين صُبح مساء، فلا يوجهون إليها أي لوْم، بل يمضون في دعمها وتسليحها، لكي يُكفّروا عن تاريخهم الرديء مع اليهود، ولكن على حساب الفلسطينيين.

يقول طارق علي : لقد استخدم بعض أعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة، التي تحكم «إسرائيل» اليوم، ووزيرُ خارجيتها ليبرمان، على وجه الخصوص، لغة فاشية ضد العرب الفلسطينيين. فهل غير مسموح لنا بأن نشير إلى ذلك؟ وهل استهداف وقتل الأطفال الفلسطينيين في غزة وغيرها، أمر لا بأس به؟

ويتابع الكاتب قائلاً، إن غونتر غراس كان معتدلاً في انتقاداته. وقد ركز الحديث على تنطع «إسرائيل» للحرب في ما يخص إيران. وكان بوسعه أن يقول أكثر من ذلك بكثير. وكوْنُ الأمر في حاجة إلى شجاعة سياسية في ألمانيا أو فرنسا، حتّى لقول ما قال غراس، يعكس صورة مؤسفة للثقافة السياسية في كلتا الدولتين.

أمّا الهجمات على غراس بسبب نشاطاته في زمن الحرب العالمية، فهي في غاية الخسّة. فقد كان «الإسرائيليون» مسرورين عندما ذهب الوزير الإيطالي السابق، جيانفرانكو فيني، الذي يُعتبر حزبه الوريث المباشر لموسوليني، إلى «إسرائيل» وامتدح جدار الفصل العنصري، فنال الغفران عن ماضي حزبه. وهكذا، فإن الماضي لا يَهُمّ إلاّ إذا كان الشخص منتقِداً لـ «إسرائيل». فالنازيون السابقون في المناصب المختلفة في الجمهورية الألمانية الفيدرالية في مرحلة ما بعد الحرب، الذين أقرّوا التعويضات ودعموا «إسرائيل»، لم يُوجه إليهم أي انتقاد.

ويرى الكاتب، أن على المواطنين الألمان، أن يوجهوا تعاطفهم الوجهة الصحيحة، فالضحية، هم الفلسطينيون الذين تضطهدهم «إسرائيل»، لا الدولة العبرية التي يحرّم الألمان توجيه أي انتقاد لها.

ويقول الكاتب، إن على المواطنين الألمان، أن يدركوا أنّ مَن قتل ملايين اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، لم يكن الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن الفلسطينيين، أصبحوا الضحية غير المباشرة للمذبحة اليهودية. فالذين مورِس الشّر عليهم، يمارسون الشر اليوم على الآخرين. فلماذا لا يتعاطف الألمان مع الفلسطينيين؟

وفي موقع «بروغريسيف»، (9-4-2012) كتب ماثيو روتشيلد: إن الجدل حول قصيدة غونتر غراس عن «إسرائيل» وإيران، يؤكد ما يقوله غراس فيها: وهو أنه يستحيل انتقاد «إسرائيل» من دون التعرض للتجريح.

إن غراس، الحائز جائزة نوبل عن روايته «طبل الصفيح»، ضمن أعمال كثيرة أخرى، تجرّأ على إثارة التساؤلات حول سياسة الضربة الأولى «الإسرائيلية» ضد إيران، وتجرّأ على وضع خطّ تحت «رياء الغرب» الذي يسمح لـ «إسرائيل» بامتلاك ترسانة من الأسلحة النووية التي لا تخضع لأي رقابة، ثم يسمح لـ «إسرائيل» بأن تهدد بإفناء الشعب الإيراني إذا حاولت إيران الحصول على قنبلة.

لهذا، أدين غراس بشدة، وحظرت الحكومة «الإسرائيلية» عليه دخول البلاد، وعرّض به بنيامين نتنياهو بسبب خدمته في الجيش النازي في شبابه.

وفي صحيفة «ديلي تلغراف»، (10-4-2012)، كتب نيكولاس بلينكو، أنّ سلمان رشدي قدّم دعمه لغونتر غراس وقال عبر صفحته على موقع «تويتر»، إن «رَد «إسرائيل» على القصيدة، بمنع غراس من دخول البلاد، نزقٌ طفولي .. فجواب الكلمات، يجب دوماً، أن يكون مزيداً من الكلمات».

ويقول الكاتب: لا شك في أن ردّ الفعل «الإسرائيلي» خطأ سافر. وهو رقابة متنمرة، وإذا أصرّت «إسرائيل» على موقفها، ولم تُلغ حظر دخول غراس، فقد يعيد الكتّاب في كل مكان، النظر في قبول الدعوات الموجهة إليهم لحضور معرض الكتاب في القدس، في العام المقبل. وفي صحيفة «الغارديان»، (10-4-2012) كتب روبرت شارب: إذا كان غراس قد كتب قصيدة مثيرة للجدل، فإنه ينبغي على نقاد الأدب «الإسرائيليين» أن يردوا عليها بشعر من عندهم . فالحوار الأدبي -بالمقارنة مع الانتقادات اللاذعة التي يطلقها الناطقون الرسميون باسم الحكومة «الإسرائيلية» - وسيلة أرقى وأسمى، في مناقشة هذه القضايا الشائكة.

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية | إعداد : عمر عدس.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2180998

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2180998 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40