الاثنين 30 نيسان (أبريل) 2012

موسى أبو مرزوق.. مقابلة غير مسبوقة (1 - 2)

الاثنين 30 نيسان (أبريل) 2012 par نقولا ناصر

المقابلة الحصرية المطولة التي استغرقت خمس ساعات ونصف الساعة على مدى يومين التي منحها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، د. موسى أبو مرزوق، لـ «لاري كوهلر ايسيس» مندوب صحيفة «فورورد» اليهودية العريقة لليهود الأميركيين في القاهرة، ونشرت في عددها الصادر في السابع والعشرين من نيسان / أبريل الجاري، هي مقابلة غير مسبوقة ولم تعرب بعد، وقد وصفها جيرشون باسكين الذي كان صلة وصل للتوسط بين «حماس» وبين حكومة دولة الاحتلال «الإسرائيلي» في صفقة تحرير الأسرى الفلسطينيين مقابل الافراج عن الجندي جلعاد شاليط، بأنها كانت «حدثا تاريخيا»، معربا عن دهشته «لطول الوقت» الذي منحه أبو مرزوق للمقابلة.

وكما نشر، جرت المقابلة في جو ودي، على غداء من سمك سليمان وسمك نهري من النيل في اليوم الأول ووجبة بيتزا سريعة في اليوم الثاني، في منزل فخم من ثلاثة طوابق لم يكتمل تأثيثه وسط حراسه ومعاونيه الذين لم يكن بينهم نساء، ويقع في «عزبة» تبعد حوالي تسعين دقيقة عن القاهرة في منطقة سكنية مخططة للطبقة الاجتماعية العليا لا تزال قيد البناء تعرف باسم القاهرة الجديدة.

و«يومية إلى الأمام اليهودية» (ذى جويش ديلي فورورد) التي صدرت بلغة اليديش عام 1897 وتصدرها باللغة الانكليزية منذ عام 1990 شركة إعلامية يهودية تملك صحفا ومحطات بث تستمر اليوم دون انقطاع كواحدة من أقدم وأعرق الصحف اليهودية في العالم و«كصوت لليهودي الأميركي وضمير» له في الولايات المتحدة كما تعرف نفسها.

ولأن «فورورد ليست مجرد منظمة صحفية فقط، بل ومؤسسة يهودية كذلك»، كما قالت الصحيفة في افتتاحية لها تعقيبا على المقابلة في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، فإنها كانت متنبهة لـ «الطبيعة التاريخية» ولـ «الرسالة» التي تبعثها موافقة أبو مرزوق على إجراء مقابلة صحفية للنشر معها، وهو «ثاني أهم قائد لحماس» كما وصفته، في إشارة ظاهرية إلى أن «المنظمة الارهابية تلين وترشد»، لكن «القراءة المتأنية» لما قاله أبو مرزوق «تسلط الضوء على الحقيقة المخيبة للآمال، والمثيرة للسخط حقا، بأن «حماس» تظل غير مستعدة للتخلي عن العنف والقبول بدولة «إسرائيل» اليهودية كواقع» وبأن «الرسالة» التي بعثها هي «رسالة فرصة ضائعة، لكل من يعنيهم الأمر»، لكن «الحقيقة الأكثر إثارة للذهول هي لقاؤه مع فورورد في حد ذاته، والوفاء بكل تعهد بشأن اللقاء»، كما أضافت.

والخلاصة التي استنتجها لاري كوهلر ايسيس الذي أجرى المقابلة مع أبو مرزوق هي أنه «خلافا لبعض التقارير الاعلامية، فإنه (أي د. أبو مرزوق) لم يشر إلى أي مرونة جديدة تقرب «حماس» من القبول بالشروط التي وضعتها ما تسمى اللجنة الرباعية للولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لمشاركة جماعته في عملية سلام «الشرق الأوسط» المحتضرة الآن»، لكنه استدرك بأن ابو مرزوق «لم يستبعد إمكانية علاقة أكثر توافقا مع «إسرائيل» في المستقبل».

وفسرت افتتاحية فورورد تعقيبا على المقابلة تلك «الحقيقة الأكثر إثارة للذهول» بالقول إنه «من الواضح أن «حماس» تعترف بحاجتها إلى التواصل مع اليهود الأميركيين، وعبرهم، مع الجمهور الأميركي»، أسوة بالحكومة «الإسرائيلية» التي تتودد اليهم «كما لم تفعل أبدا من قبل»، ومثلها «قادة فتح في الضفة الغربية»، وكان لحاق «حماس» بهم «مسألة وقت فقط».

وأكد أبو مرزوق أن دمشق لم تعد عنوانا له عندما أعطى لاري كوهلر بطاقة عمل عليها تحت اسمه أربعة أرقام هواتف في العاصمة السورية طلب منه إهمالها وكتب له رقم هاتف جديد على البطاقة داعيا إياه للاتصال معه عليه أو بواسطة البريد الالكتروني للرد على أي أسئلة لاحقة متابعة للمقابلة، وربما للتواصل أيضا.

إن التزامن بين خروج أبو مرزوق، وغيره من قيادات الحركة التي توزعت بين عواصم مختلفة منها الدوحة، من دمشق وبين فتح بوابة التواصل هذه مع يهود الولايات المتحدة لافت للنظر، في ضوء التجربة التاريخية لحركة «فتح» التي تواصلت أولا مع «اليهود غير الصهاينة» ثم مع صهاينة «يساريين» قبل أن تتوج تواصلها بتوقيع «اتفاقيات أوسلو» مع القادة الصهاينة لدولة الاحتلال «الإسرائيلي»، وقبل أن تعتمد «فتح» الولايات المتحدة راعيا ووسيطا وحيدا للسلام والتفاوض معها بالرغم من علمها الأكيد بأن يهود أميركا قد «أسرلوا» سياستها «الشرق أوسطية» لفترة طويلة مقبلة.

والتساؤل الذي يثيره هذا التزامن يثير سؤالا آخر عما إذا كان ضغط الأزمة السورية الراهنة على «حماس» مجرد حجة في ظاهرها الكثير من الاقناع وفرت لها مخرجا لـ «النأي» بنفسها عن الحاضنة السورية والايرانية لمقاومة دولة الاحتلال فلسطينيا ولبنانيا تمهيدا لتغيير في التكتيك في الأقل إن لم يكن في الاستراتيجية، وهو ما يهلل له «شركاء السلام» العرب وغير العرب باعتباره حقيقة واقعة وليس هدفا لهم يسعون إليه بكل وسائل الضغط على الحركة، بينما يتسرع البعض في الجانب الآخر، تحت ضغط الأزمة السورية أيضا، في «غسل أياديهم» من «حماس» كحليف استراتيجي لـ «المقاومة والممانعة»، مما وضع «حماس» في موضع شبهة، وشوش موقفها.

لكن الاستناد إلى عواصم عربية غارقة حتى آذانها في استراتيجية «السلام فقط» مع دولة الاحتلال يتناقض تماما مع أي استراتيجية للمقاومة بأشكال المقاومة التي كانت «حماس» تتبناها حتى الآن، مما يعزز الاشتباه والتشويش.

صحيح أن أبو مرزوق قد أصاب محاوره اليهودي بـ «الصدمة» و«الاحباط» و«السخط»، كما كتبت «فورورد» في افتتاحيتها، عندما أكد على ثوابت الحركة في المقاومة ورفض الاعتراف بدولة الاحتلال وحق اللاجئين في العودة اليها ورفض التفاوض المباشر معها، إذ كان جوابه (لا) قاطعة على سؤاله إن كان مستعدا للذهاب إلى القدس، إذا عرضت عليه «ضمانات لأمنه الشخصي»، للتفاوض على «الهدنة» التي تقترحها «حماس» بديلا لأي «معاهدة» أو «اتفاقية» سلام مع دولة الاحتلال.

لقد وقعت آخر عملية «استشهادية» نسبت إلى «حماس» في آب / أغسطس عام 2004 في بئر السبع، و«الهدنة» طويلة الأمد التي تقترحها «حماس» مع دولة الاحتلال وكررها أبو مرزوق في مقابلته تلتزم الحركة التزام الدول بنموذج لها في قطاع غزة خصوصا بعد أن تولت السلطة في القطاع أواسط عام 2007 وكل الخروقات لهذه الهدنة جاءت من الجانب الآخر، وهي تلتزم بمثلها في الضفة الغربية أيضا إذ ليس مقنعا أن سطوة قوات الاحتلال و«التنسيق الأمني» بينها وبين السلطة الفلسطينية برام الله تمنع مقاومة «حماس» فيها لو أرادت، لتقتصر مقاومتها اليوم على «الدفاع» في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

على هذه الخلفية، فإن ما يبدو ازدواجية في خطاب «حماس» كما عبر عنه أبو مرزوق في مقابلته غير المسبوقة مع «فورورد» اليهودية يزيد في الشبهة والتشويش في موقف الحركة.


titre documents joints

Reading Hamas – Forward.com

30 نيسان (أبريل) 2012
info document : HTML
43.1 كيلوبايت


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2180736

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2180736 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40