الجمعة 4 أيار (مايو) 2012

فيلتمان في بيروت ضد دمشق

الجمعة 4 أيار (مايو) 2012 par د. حبيب فيَّاض

دعا الرئيس اللبناني في قمة بغداد الأخيرة إلى تطبيق الديموقراطية بصورة تحفظ التعدد والتنوع في المجتمعات العربية. الدعوة هذه، تحولت فجأة إلى أطروحة جديرة بالاهتمام من المنظور الأميركي. وزيرة الخارجية الأميركية اتصلت بالرئيس سليمان تمهيداً لزيارة يقوم بها، إلى بيروت، مساعدها لشؤون «الشرق الأوسط» جيفري فيلتمان. كلينتون أخبرت رئيس الجمهورية أن فيلتمان يأتي إلى لبنان «في إطار متابعة بحث ما تضمنته كلمة سليمان في قمة بغداد، خصوصاً دعوته إلى المحافظة على المكونات البشرية المتنوعة في العالم العربي، على قاعدة الديموقراطية والمشاركة في إدارة الشأن العام»، معربة عن استعداد بلادها لدعم هذا التوجه.

مَن مِنَ اللبنانيين يصدّق أن كلاماً لرئيسهم عن «ضرورة المشاركة والتعددية ورفض التقسيم والهيمنة» يستدعي هذا الاهتمام من واشنطن؟ وهل يصدّق اللبنانيون أن إشكالية «المكونات البشرية المتنوعة في المنطقة» باتت في الحسابات الأميركية تفوق أهميةً، الأزمة السورية وسلاح المقاومة والانتخابات النيابية المقبلة؟ بالتأكيد، ليس الأمر تمويهاً أميركياً ساذجاً، للتغطية على حقيقة زيارة فيلتمان وأهدافها، خاصة أن لعبة الأوراق المكشوفة، هي ابرز ما يميز المرحلة الراهنة. الأمر لا يعدو كونه غزلاً أميركيا «رخيصاً» بالرئيس سليمان في وقت تشهد علاقته بفريق الأكثرية توتراً مرشحاً للتصاعد. إذ النجاح في إخراج رئيس الجمهورية من الخانة الوسطية باتجاه قوى «ثورة الأرز»، يصب بالصميم في مصلحة واشنطن وحلفائها اللبنانيين.

حلفاء واشنطن في لبنان في حال ترقب وانتظار. مستقبل هؤلاء بات مرهوناً بإيقاع الأزمة السورية. التحول في التعامل مع هذه الأزمة من الحسم السريع إلى النفَس الطويل لم يعد خافياً. التحول هذا يضفي على الساحة اللبنانية أهمية استثنائية في حسابات خصوم دمشق، ويجعل من لبنان مرتكزاً في العمل على إسقاط النظام السوري، في مرحلة ما بعد فشل كوفي أنان.

إذن، دَفْعُ الأزمة السورية نحو الحسم البطيء انطلاقاً من لبنان، هو خيار أكثر جدوى وأقل كلفة. الرهان على الانتخابات اللبنانية، رغم بُعد موعد إجرائها، بات ملحاً في ظلّ هذا المعطى. ضرورات تشديد الخناق على النظام السوري، تستدعي إعادة تشكيل التوازنات اللبنانية بدءاً من المعركة الانتخابية المقبلة. وإذا كانت هذه المعركة قد بدأت قبل أوانها، فإن أميركا مصرة على إدارتها منذ بدايتها: قطع الطريق على قانون النسبية خطوة أولى في هذا الاتجاه. إعادة تجميع أطراف 14 آذار خطوة تالية. رفض تأجيل الانتخابات ستكون خطوة لاحقة... كل ذلك مقروناً بدعم مالي واصطفاف مذهبي متصاعد ومحموم. فوز 14 آذار في انتخابات 2013، وفق حسابات واشنطن، ضرورة تتجاوز المعطيات اللبنانية. إمساك القرار اللبناني عبر عودة هذا الفريق إلى السلطة، يساعد على تحوّل دور لبنان في الأزمة السورية من حال «النأي» بالنفس إلى حال «الزج» بالنفس ولو ضمناً.

في المقابل، لن يبقى الفريق الآخر متفرجاً. ما يربط قوى 8 آذار بالأزمة السورية يتجاوز ما هو مصلحة إلى ما هو مصيري. وإذا كان الصدام بين الفريقين سيبقى محصوراً في قواعد اللعبة، فإن الانتخابات المقبلة مرشحة لخلق متناقضات إضافية بينهما، في ظل إصرار كل منهما على كسب المعركة والحصول على الأكثرية النيابية.

ليست الصدفة هي التي جمعت بين وصول فيلتمان ونائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي إلى بيروت. احتدام الصراع الأميركي - الإيراني على امتداد الإقليم قد يستدعي إخراج لبنان من حال المناصفة بين الجانبين. الانتخابات النيابية المقبلة سوف تكون موقعة إضافية وربما حاسمة بينهما. طهران ستدعم حلفاءها لإدخال لبنان في محور الممانعة. واشنطن ستقود معركة إلحاقه بالمحور التركي- الخليجي. كل ذلك على خلفية الأزمة السورية، أولاً، والتي باتت أم المعارك في المنطقة كلها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2181842

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2181842 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40