السبت 5 أيار (مايو) 2012

سورية وفلسطين في الحملة الرئاسية الفرنسية

السبت 5 أيار (مايو) 2012 par د. حياة الحويك عطية

عندما كتبت عن الانتخابات الفرنسية في الأسبوع الماضي كتبت لي الصديقة فيوليت داغر رئيسة «الجمعية العربية لحقوق الإنسان» تقول : أتمنى أن يكون تفاؤلك بفرانسوا هولاند في مكانه. والواقع أنني لم أكن لأتفاءل بالمرشح الاشتراكي، فأنا اعرف الهيمنة اليهو- صهيونية في قيادة هذا الحزب. كما أن أحداً لا ينسى ان فرنسا الاشتراكية هي التي شاركت في الحرب ضد العراق عام 1990، رغم المعارضة الشديدة لذلك حتى من قبل وزير الدفاع جان بيير شفينمان، في حين أن فرنسا الشيراكية قد عارضت، كما لم يفعل العرب، الحرب على العراق عام 2003. غير أن الأمور لا يمكن أن تحسم في بلاد الفرنك بهذه الطريقة. فميتران كان اشتراكياً وشفينمان كذلك، ودومينيك دو فيللوبان كان يعد الابن الروحي لألآن جوبيه ، في حين أن الأخير هو الآن الأشد شراسة فيما يتعلق بسورية، كما كان الأكثر حماسة للتدخل في ليبيا. خلط إنما يؤدي الى ملاحظتين :

الأولى أن الخضوع لنفوذ اللوبي اليهودي في البلاد ليس مرتبطاً بيسار او يمين، وإنما بشخصيات معينة وشبكات معينة. في حين أن هذا الخضوع او عدمه مرتبط بالإيمان بمبدأ الاستقلالية الفرنسية عن الولايات المتحدة (نحن حلفاء لا تابعون قالت وزيرة الخارجية الفرنسية لمندوب أمريكا في اجتماع الأطلسي عام 2003).

الثانية، وهو المؤسف جداً، أن الشخصيات الفرنسية، سواء في اليمين او في اليسار التي اتخذت مواقف استقلالية تجاه اللوبي وتجاه واشنطن، ومواقف أخلاقية تجاه العرب، قد وجدت نفسها تعاقب بالإبعاد عن شاشة العمل السياسي. فها هو شفينمان يدخل دائرة النسيان بعد أن كان إحدى الشخصيات الأكثر شعبية في اليسار الاشتراكي، ومثله هيوبرت فيدرين، وها هو دومينيك دو فيللوبان يفشل في الحصول على عدد كاف من الأصوات لخوض المعركة الرئاسية، كما أن جاك شيراك نفسه اضطر الى العودة الى الالتحاق بالركب الأمريكي بخصوص لبنان وسورية، عله يخلص من العقاب عن مواقفه ضد العولمة الأمريكية بكل أبعادها التي لا مجال لذكرها الآن، وضد الحرب على العراق وضد التغول «الإسرائيلي» في فلسطين.

وإذا كان الوضع الحالي يضع سورية في مقدمة المعايير، فيما تظل فلسطين بالطبع هي القضية. فان فرانسوا هولاند يقول انه يؤيد مشاركة فرنسية في إطار قرار دولي من مجلس الأمن، في حين ان نيقولا ساركوزي يقول انه يريد تأمين الممرات الإنسانية إذا ما أقرتها الأمم المتحدة. إذاً هما موقفان متشابهان، فكلاهما لا يخفي العداء ولا الرغبة في التدخل ولكنه يريد غطاء دولياً كي لا يتحمل وحده المسؤولية، بما فيها مسؤولية التمويل.

وقد شاع في الفترة الأخيرة في باريس أن ساركوزي غاضب جداً من قطر لأنه يعتبر أنها غشته بشأن المعلومات عن سورية حيث أكدت له أن النظام ساقط خلال أسابيع، مما دفعه الى قرارات غير متأنية، كما ان أوباما غاضب من ساركوزي لأنه وعده بان يمنع «أصدقاءه» الفلسطينيين، من طرح مشروع الدولة في الأمم المتحدة، وعندما لم يتمكن من ذلك، عاد ليقترح على السلطة الاكتفاء بالمطالب بموقع مراقب فقط. في حين يرى الآخرون ومنهم هولاند، أن ساركوزي لم يكن على مستوى قراءة الوضع الدولي، خاصة المتغيرات المتعلقة بموقف روسيا والصين. والغريب هنا أن سياسة جاك شيراك كانت تقوم - حتى السنتين الأخيرتين من ولايتيه، على بناء خط صلب : روسي - ألماني - روسي، بوتين - شرودر - شيراك، لكن عندما أسقط المعسكر المقابل الأخيرين ليأتي بساركوزي وميركل، التفت بوتين نحو الشرق، بانتظار أن يفرض هذا الأخير على الغرب متغيراته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2178206

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178206 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40