السبت 12 حزيران (يونيو) 2010

حنين زعبي لـ «الأخبار» : الأسطول أخذ غزة إلى العالم

في الكنيست قراصنة سياسيّون .. يريدون تلقين التجمّع درساً
السبت 12 حزيران (يونيو) 2010

أجرى الحوار/ فراس خطيب

كان الفجر يتسلّل لاحتلال بقايا الليل على سطح المتوسط في ليلة شبه صيفية على متن «مرمرة»: «14 ضوءاً لسفينة عسكرية اقتربت في حالة غزو»، هكذا وصفت الاعتداء النائبة حنين زعبي، أول من رسم صورة مناقضة لما رواه الإسرائيليون...

هل من مشاهد عشوائيّة تذكرينها؟

- إطلاق النار قبل الإنزال، جرحى نزفوا من دون إسعافهم، مدنيّون مسلحون بعزيمتهم وإصرارهم، قافلة مدنية تحولت إلى مشهد غزو عسكري.

أضواء وإطلاق نار قبل إنزال الجنود وهم قراصنة برأيي. هجوم شرس ومروحية في الأفق. وقع الشهيد الأول بعد عشر دقائق من الهجوم. ثمّة جرحى نزفوا حتى الموت من دون تقديم المساعدة لهم. كتبت لافتة بالعبرية طلباً لإسعاف الجرحى، لكنَّ أحداً لم يكترث. تمَّت السيطرة على السفينة في غضون عشرين دقيقة، لكنّ الكوماندوس الإسرائيلي أعلن السيطرة بعد ساعةٍ وربع.

عشرة أيام مرّت على «أسطول الحرية»، ما الذي يحضرك الآن؟

- الأسطول والشهداء التسعة والضحايا الذين كانوا على متن «مرمرة»، لم يذهبوا سدى. هناك أمر حدث، لا تستطيع إسرائيل ولا العالم تجاهله.

لقد وضع هذا الأسطول حياة الفلسطينيين العالقين خلف الحصار في صلب العالم. كان نجاح الأسطول، الذي بدأ قبل انطلاقته، أحد أسباب النقمة الإسرائيلية، وقد أظهرت هذه السفينة استخفاف إسرائيل التام بالقانون الدولي، ورصيدها من تسامح العالم مع هذه الانتهاكات المنهجية والمستمرة. الأسطول لم يصل إلى غزّة، لكنّه أخذ غزة إلى العالم، وأحيا أهلها المحاصرين في سجنهم الكبير ولو في الإعلام.

خرجت من الباب الحديدي الموصود في ميناء أسدود بعد اقتياد «مرمرة». كنت أول من يحمل الرواية من عمق البحر؟

- كانت مسؤولية، لا يمكن وصفها، ملقاة على كاهلي. شعرت بأنّي أتحدث باسم الشهداء ومن كانوا على متن السفينة. كانت هناك مسؤولية لكشف سياسات إسرائيل والانتهاكات التي تمارسها وارتكاب الجرائم. مسؤولية عامة لإيصال رسالة ليس فقط إلى العالم، بل إلى الرأي العام الإسرائيلي، رغم الغيتو الذي يعيش فيه.

وعندها هوجمت أثناء الجلسة التي بحثت الموضوع من قبل أعضاء الكنيست. ماذا دار برأسك ونوّاب اليمين يشتمونك ويتهجّمون عليك ببث حي ومباشر؟

- شعرت بأنّني وَسَط عصابة من الرعاع. انفلات وعنصرية لا يمكن تشخيصهما. تساءلت عن مكان هؤلاء الناس المفترض بأننا نطرح لهم برنامجاً سياسياً. أين هم موجدون؟ تعجز أحياناً عن تفسير حال يكون هناك نقد شديد لإسرائيل وهؤلاء وحدهم مقتنعون بمنطقهم ويعتقدون - رغم انتقاد العالم أجمع - أنَّ جيشهم هو الأكثر أخلاقية في العالم. لديهم منطق خاص بهم، ونهج خاص بهم. في تلك اللحظات، وفي خضمّ الهجوم شعرت باحتقار شديد لمن يهاجمونني بهذه الصورة العنصرية وغير الإنسانية والشوفينية، وشعرت بأنني أتحدث عن أمور وعن قيم بعيدة جداً عن متناولهم. بالتالي لم أغضب، لم أنفعل، هم ببساطة عصابة من الرعاع، الصورة السياسية لعصابة القراصنة التي هاجمتنا في عرض البحر. كنت أنظر حولي، وأسمع الضجيج في القاعة فهدأت إلى حد السكون، انتابني هدوء أعصاب لا يصيبني كثيراً.

أنا عادة سريعة الغضب والانفعال، لكنني شعرت أننا أرقى منهم وأكثر إنسانية وحضارية وأخلاقاً.

وسياسياً؟

- رأيت أن هناك نوايا مبيتة للاستفراد بحزب التجمّع الوطني الديموقراطي والانتقام منه. يريدون بلغتهم تلقين التجمّع درساً. لكن ما كان على متن السفينة وما قبلها وما بعدها، كان جزءاً من مواقف ميّزت التجمع منذ معارضته «أوسلو»، وصولاً إلى «فك الارتباط»، ونحن تعاملنا بحزم ضد هذه الممارسات وضد الصمت عليها. بالتالي خروجنا إلى السفينة كان متصالحاً مع مواقفنا السياسية، نهجنا نحن وسلوكنا السياسي متصالح تماماً مع مواقفنا السياسية. في الدرجة الثانية هذه هجمة على الأحزاب العربية وعلى سقف النضال الوطني لشعبنا الفلسطيني في الداخل.

لو كنت رجلاً لما كان التحريض، هل توافقينني؟

- أعتقد أنّ هذا صحيحاً. عندما خرجت من الميناء وجّهت لي كلمات من قبل الناس والحرّاس والموظفين الذين كانوا هناك. ملاحظات غير أخلاقية ونابية تجاهلتها قدر المستطاع. وفي الكنيست أيضاً كانت هناك شتائم وعبارات نابية توجّه للنساء، اضافة الى الانحدار إلى محاولة الإهانة الشخصية.

خلال السنة الأولى لي في الكنيست، كانوا يسألونني ما إذا كنت أواجه مشكلة لكوني امرأة، وكنت أردّ بأنّ العداء للعرب هو الطاغي أكثر من العداء للنساء. هذه المرة الأولى التي أشعر بهذا الشكل أنّ هناك عداءً لي كوني أمرأة، وليس فقط من أعضاء الكنيست، إنما من أعضاء في الكنيست. كوني امرأة فقط يسهل لهم التعبير عن هذه العنصرية الغوغائية.

ما بعد الأسطول؟

- معركتنا سياسية وأخلاقية. علينا استغلال هذه الفرصة وتداعيات «أسطول الحرية» من أجل تعبئة الرأي العام العربي والعالمي واستغلال التضامن الكبير. علينا استغلال كل هذا لكسر الحصار عن غزة وعدم القبول بالعودة إلى الصمت. لقد نجح الأسطول في كسر مؤامرة الصمت، وحتى البدء في تفكيك الحصار. من جهة أخرى لقد فتح ملف فلسطينيي الداخل عالمياً وعلينا ألا تغلقه.

حنين ما قبل الأسطول وما بعده، ما الذي تغير؟

- تغيّرت أشياء كثيرة، ولكن ليس بشخص حنين. أنا لا أزال أنا، لكني متعبة أكثر. طيلة الأيام العشرة لم أنم إلا ساعات معدودات. سنعود إلى الحياة الطبيعية وسننشغل أكثر كيف من الممكن استثمار هذا التضامن الشعبي، ومن أجل إحراز تغيير على مستوى السياسات الرسمية أيضاً، ليس في ما يتعلق بالحصار فقط، بل في ما يتعلق بالاحتلال، وبالنضال ضد المشروع الصهيوني. لقد جسدت تداعيات الأسطول وحدة القضية الفلسطينية، الحصار والاحتلال من جهة وفلسطينيو الداخل ومواجهة المشروع الصهيوني كمشروع عنصري من جهة أخرى.

--------------------------------------------------------------------------------

كانت زعبي النائبة الوحيدة على متن السفينة. تعرضت للتحقيق بعد وصول السفينة إلى ميناء أسدود. حقق معها لساعات، لكنّ حصانتها البرلمانية منعت الإسرائيليين من اعتقالها. خرجت مثقلة بالرواية الأولى، التي استقطبت تضامناً عربياً ودولياً من جهة، لكنها خلقت تحريضاً منقطع النظير إسرائيلياً.

- المصدر : صحيفة «الأخبار» اللبنانية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 60 / 2165323

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165323 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010