السبت 12 حزيران (يونيو) 2010

«الشرعية» الفلسطينية حين تتبنى الرواية الصهيونية

السبت 12 حزيران (يونيو) 2010 par عريب الرنتاوي

هيلين توماس، حنين زعبي ومحمود عباس.

ثلاثة أسماء احتلت صدارة الأخبار خلال الأسبوع الفائت، لتناولها الموضوع نفسه وإن من زوايا مختلفة: هيلين توماس مراسلة الـ“يو بي آي” في البيت الأبيض منذ أكثر من نصف قرن، لا تكتفي بمطالبة الإسرائيليين بإنهاء احتلالهم لفلسطين والإفراج عن الشعب الفلسطيني الأسير، بل وتدعو اليهود للعودة إلى ديارهم الأصلية: ألمانيا، بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها، الأمر الذي أثار عليها غضب الحاخامات و“اللوبي”والبيت الأبيض على حد سواء.

حنين زعبي، واحدة من رموز وأبطال أسطول الحرية، ترد على قطيع من نواب الكنيست الغاضبين والشتّامين: لن أرد على الشتائم والتهديدات لأنني أحتقرها وأحتقر مطلقيها، وترد على نائبة من“إسرائيل بيتنا” قدمت حديثاً من روسيا: عودي إلى بلدك، عودي إلى روسيا، هذه بلدتي وهذا موطني.

محمود عباس، الرئيس المنتخب، والممثل الشرعي الوحيد، يلتقي بثلاثين من نشطاء “اللوبي” إياه: لم ولن أنفي حق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل، منصاعاً بذلك لا للمطلب ـ الشرط الإسرائيلي حول يهودية الدولة، بل ومتبنياً - طواعية - الرواية الصهيونية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. والمؤسف أنه تقدم بهذه “المكرمة الرئاسية”المجانية في الوقت الذي كان يعلن فيه هو نفسه، وليس أحد سواه، أن فرص قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة تتلاشى بفعل الاستيطان والعدوان والممارسات الإسرائيلية.

العالم يحتفي بهيلين توماس وحنين زعبي، وبمواقفهما الجريئة والتاريخية، الأولى من قلب البيت الأبيض والثانية من قلب الكنيست، فيما الرئيس الفلسطيني المؤتمن على “الرواية والحق التاريخيين” للشعب الفلسطيني، يتخلى عن روايتنا التي نشأنا عليها، ويتبنى رواية الآخر جملة وتفصيلا، ومن دون قيد أو شرط، مجاناً وقبل أن تلتئم مائدة المفاوضات، الآن وقبل أن نقترب من الحل النهائي، من جانب واحد ومن دون أن يكلف نفسه عناء مطالبة الجانب الآخر بأي شيء في المقابل.

تبني الرواية الصهيونية حول “الحق اليهودي التاريخي وأرض إسرائيل التاريخية” هو خطوة أبعد بكثير من مجرد “الاعتراف بوجود إسرائيل”، بل وأبعد من الاعتراف بـ“يهودية الدولة”، هو اعتراف بأثر رجعي بكل الأساطير التلمودية المؤسسة للدولة العبرية ، وفيه نفي للرواية الفلسطينية والعربية والإسلامية التي نشأنا عليها جيلا بعد جيل، بل وفيها نفي للرواية العقيدية التي يتلو الرجل بعضا من فصولها في كل صلاة جمعة يظهر فيها على شاشات التلفزيون.

ما الذي يريده وما هي خطوته التالية ؟ هل يفعلها ويردد ذات لقاء قادم مع “اللوبي” إياه نظرية “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”...لماذا الإصرار على التخلي عن آخر أوراق التوت، تارة يشن هجوما عقائديا صارما ضد المقاومة والكفاح المسلح، وأخرى يرمي الانتفاضة بذات الجمرات التي نرمي بها إبليس ، وثالثة يقبل بيهودية الدولة، ورابعة بالتخلي عن حق عودة اللاجئين وخامسة باختزال الصراع إلى مسألة “عودة وعي” أو “صحوة ضمير” عند نتنياهو ليصبح على شاكلة أولمرت أو طراز بيريز، لكأن حقوق الشعب الفلسطيني لا تتخطى حاصل طرح أو جمع مواقف هذا الزعيم الإسرائيلي إلى ذاك.

والمؤسف أيضا وأيضا ، أن الجسم الفلسطيني المتعب والمرهق، قد فقد مناعته على ما يبدو للتصدي لهذا التنازلات المجانية، الآخذ شكل الهراء والهذيان غير المكلف، فيتمادى من يتمادي في الاعتداء والتطاول على عقولنا ووعينا وذاكرتنا وضميرنا من دون حسيب أو رقيب، وبئس العصبية الفصائلية والمصالح الأنانية التي تحيل فصيلا أساسيا ، بل وفصائل أساسية إلى قطيع سائب، لا أحد يحسب له حساب، ولا أحد يأخذه على محمل الجد ولا أحد ينبري لقول كلمة حق في وجه سلطة وسلطان متهافتين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 49 / 2165494

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165494 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010