الاثنين 14 أيار (مايو) 2012

كيف سيؤثر انضمام «كاديما» لحكومة نتيناهو؟

الاثنين 14 أيار (مايو) 2012 par صالح النعامي

إنّ ما يثير الاستهجان في اتجاه معظم التحليلات العربية، وتحديداً الفلسطينية التي تطرّقت لتداعيات انضمام حزب «كاديما» بزعامة شاؤول موفاز لحكومة نتنياهو، إجماعها على أنّ هذه الخطوة جاءت للتمهيد لتوجيه ضربة عسكرية لقطاع غزة، أو أنّها ستعزز فرص توجيه مثل هذه الضربة. ومن المفارقة أنّ جميع الأوساط الرسمية والفصائلية في الساحة الفلسطينية تبنّت هذا التحليل، وراحت تثير الفزع في أوساط الجمهور الفلسطيني من خلال التشديد على أنّ الحكومة «الإسرائيلية» الجديدة ستكون حكومة حرب على قطاع غزة. بالطبع فقد استندت هذه التحليلات في استنتاجها هذا إلى خلفية موفاز، تحديداً كوزير حرب وكرئيس هيئة أركان سابق، وللسمات العامة لتصوره لشكل التعاطي المطلوب مع قطاع غزة، والذي يقوم على تكثيف عمليات الاغتيال واستهدافها جميع المستويات القيادية في التنظيمات الفلسطينية دون تمييز بين السياسي والعسكري.

[rouge]خلفية انضمام موفاز[/rouge]

إنّ ممّا لا خلاف حوله هو أنّ انضمام موفاز لحكومة نتنياهو جاء فقط من أجل الحفاظ على حياته السياسية ولو لأمد قريب، ولا علاقة لذلك بقطاع غزة ولا حتى بإيران. علينا أن نذكر أنّ الإعلان المفاجئ عن توافق نتنياهو وموفاز على تشكيل حكومة «الوحدة» جاء قبل ساعتين فقط من موعد تمرير مشروع قانون في البرلمان «الإسرائيلي» بحلّ «الكنيست» وتبكير موعد الانتخابات. ونظراً لأن استطلاعات الرأي العام التي أجريت مؤخراً في «إسرائيل» قد أجمعت على أنّ «كاديما» بزعامة موفاز سيكون أكبر الخاسرين في حال تم تبكير موعد الانتخابات، حيث أنّ استطلاعات الرأي توقّعت أن ينهار الحزب، الذي يملك حالياً أكبر عدد من المقاعد في البرلمان «الإسرائيلي». وحسب نتائج هذه الاستطلاعات فإنّ «كاديما» كان سيحصل على عشرة مقاعد فقط، مع العلم أنّه يملك حالياً 29 مقعداً. لقد جعلت هذه الاستطلاعات الرعب يدبّ في قلب موفاز، لأن تجسيدها لا يعني فقط انهيار «كاديما» وتفككه بالتالي، بل يعني بشكل أساسي إسدال الستار على المستقبل السياسي لموفاز نفسه. وممّا يؤكد ذلك أنّ موفاز حاول بكل قوة منع تمرير مشروع القانون الذي يسمح بحل «الكنيست» وتبكير الانتخابات، لأنه كان يدرك انعكاسات هذه الخطوة على مستقبل حزبه وعلى حياته السياسية. وعندما أدرك موفاز أنّ تبكير الانتخابات أصبح حقيقة ناجزة، سارع للتنازل عن كل ما يمكن أن يحفظ ماء وجهه ووجه حزبه ووافق على الانضمام لحكومة نتنياهو، دون أن يحصل على شيء تقريباً، باستثناء الموقع الوهمي المتمثل بمنصب «القائم بأعمال رئيس الحكومة». بالطبع حاول موفاز أن يظهر كمن أقدم على هذه الخطوة تحقيقاً لقيم عليا للمجتمع «الإسرائيلي»، لاسيما زعمه على أنّه انضم للحكومة بعد أن توافق مع نتنياهو على تجنيد طلاب المدارس الدينية وتغيير طريقة الحكم.

[rouge]غزة وموفاز[/rouge]

وعلى الرغم من أنّ انضمام «كاديما» للحكومة ليس له علاقة بالمخططات «الإسرائيلية» تجاه إيران، لكن ممّا لا شك أنّ هذا التطور سيساعد نتنياهو في تمهيد الأرضية لتوجيه ضربة لإيران، في حال اتخذ قراراً بذلك، على اعتبار أنّه من السهل على الحكومة «الإسرائيلية» أن تخرج لحرب أو حملة عسكرية كبيرة في حال كانت تستند إلى أغلبية برلمانية كبيرة، كما هو الحال بعد انضمام «كاديما». وفيما يتعلق بمستقبل التعاطي «الإسرائيلي» مع قطاع غزة، فيمكن القول أنّ التركيبة الشخصية للحكومة «الإسرائيلية» لن يكون له تأثير كبير على طابع المخططات «الإسرائيلية» تجاه غزة والمقاومة فيها، فحتى قبل انضمام موفاز، فإنّ حكومة نتنياهو تضم أشخاصاً يتشبّثون بمواقف أكثر تطرّفاً منه، لاسيما نائب رئيس الحكومة موشيه يعلون، الذي كان رئيساً للأركان خلال انتفاضة الأقصى، وأدار وأشرف على عمليات الاغتيال، بالإضافة إلى عدد من الوزراء. إنّ ما يؤثّر على طابع التعاطي «الإسرائيلي» مع قطاع غزة هو بشكل أساسي تداعيات «الربيع العربي»، فلا خلاف بين دوائر التقدير الإستراتيجي للكيان الصهيوني على أنّ «الربيع العربي» وضع «إسرائيل» أمام مأزق إستراتيجي من الطراز الأول، حيث أنّ «إسرائيل» باتت تدرك أنّ عملياتها العسكرية يجب ألاّ تؤثّر على مستقبل اتفاقيات التسوية الإستراتيجية التي توصّل لها مع مصر والأردن، على اعتبار أنّ هذه الاتفاقيات مركب مهم في الأمن القومي «الإسرائيلي». وترى معظم دوائر التقدير الإستراتيجي في الكيان الصهيوني أنّ الرأي العام العربي أصبح ذا تأثير هائل بعد الثورات، لذا فهي تخشى أن تسهم العمليات العسكرية ضد قطاع غزة في إثارة الرأي العام العربي، الذي سيضغط على صنّاع القرار باتخاذ خطوات ضد «إسرائيل». في الوقت ذاته، فإنّ الكثير من الخبراء الإستراتيجيين في «إسرائيل» يدركون أنّ «تل أبيب» لن تحقق منجزات إستراتيجية وسياسية كبيرة في حال شنّت حرباً على «حماس»، لكن هذه الحرب في المقابل قد تُحدِث اهتزازات إقليمية كبيرة تهدد الذخر الإستراتيجي المتمثّل في اتفاقيات التسوية بين «إسرائيل» وكل من مصر والأردن. لذا فإنّ الكثيرين من الخبراء الإستراتيجيين ينصحون صنّاع القرار في «تل أبيب» بأن يفرضوا قيوداً كبيرة على استخدام للقوة في مواجهة غزة.

قصارى القول أنّ انضمام موفاز لحكومة نتنياهو لن يؤثّر كثيراً على طابع سياساتها تجاه قطاع غزة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165305

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165305 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010