الجمعة 25 أيار (مايو) 2012

«فورين بوليسي»: لماذا تقض انتخابات مصر مضاجع قادة «إسرائيل»؟

الجمعة 25 أيار (مايو) 2012

نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية على موقعها في الانترنت تحقيقاً من «إسرائيل» تتناول فيه أسباب قلق «الإسرائيليين» من الانتخابات الرئاسية في مصر واحتمال تغير سياسات هذه الدولة العربية الكبرى التي كانت اول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع «إسرائيل» تجاه هذه الدولة. ويقول معد التحقيق اورين كيسلر ان الانتخابات الرئاسية المصرية تبقي المسؤولين «الإسرائيليين» ساهرين في الليل ويتساءل: هل ستصبح الدولة العربية الأقرب إليهم عدواً عما قريب؟ وهنا نص التحقيق:

«انتهت الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة المصرية يوم الخميس بانخفاض المرشحين المحتملين الى عدد من المرشحين يعدون على أصابع اليد. أما النتائج النهائية فمن غير المنتظر ان تعلن قبل يوم الثلاثاء، وعلى الجانب الآخر من الحدود في «إسرائيل» يعمل النواب فكرهم لتصنيف الخيارات السيئة عن الأكثر سوءاً.

وكان الرئيس المصري السابق حسني مبارك، رغم كل أخطائه، شخصاً يمكن الاعتماد عليه، الى حد ما، وحليفاً لـ «إسرائيل» لثلاثة عقود الى حين الإطاحة به في انتفاضة شعبية العام الماضي. وأبرزت الانتخابات النيابية بعد ذلك خلال فصل الشتاء تولي جماعة «الإخوان المسلمين» التي ظلت محظورة لفترة طويلة بنصف المقاعد كلها، وحصل السلفيون المتشددون على ربع تلك المقاعد. ومن المبكر التكهن فيما إذا كان الرئيس الجديد سيكون إسلامياً، وحتى ان لم يكن منهم، فان دستوراً جديد سيمنح ما كان برلماناً مصرياً طيعاً في الماضي سلطات حقيقية (فقد أوكلت الى الهيئة مهمة إعداد الدستور وقد تعطلت أعمالها بسبب الاستياء من تغليب إسلاميين على أعضائها).

ويقول يورام ميتال، رئيس دراسات «الشرق الأوسط» في «جامعة بن غويون» في بئر السبع ان «التغيير في العلاقات المصرية «الإسرائيلية» ستكون واسعة وعميقة. ذلك ان مصر على وشك ان تُجري عدداً من التعديلات على سياساتها الأمنية والأجنبية ينظر إليها الكثير في «إسرائيل»، وخاصة نوابنا في «الكنيست»، بارتياب».

وكان أنور السادات، الرئيس الذي سبق مبارك، قد وقع «اتفاقات كامب ديفيد» مع «إسرائيل» في العام 1978، وبعد ذلك بسنة واحدة اتفاقية سلام - كانت الأولى مع زعيم عربي. غير ان الاتفاق لم يحظ بدعم شعبي بين المصريين (وقدم السادات حياته ثمناً لذلك)، وفي الحملات الانتخابية منذ الإطاحة بمبارك، دعا المرشحون الإسلاميون وغير الإسلاميين على حد سواء، الى إعادة النظر في الاتفاقية او إلغائها برمتها.

وسيتنافس المرشحان الأولان في انتخابات إعادة الشهر المقبل على ان يسلم الحكام العسكريون الانتقاليون السلطة بحلول الأول من تموز (يوليو). ولكن استطلاعات الرأي في «الشرق الأوسط» ما تزال معروفة بأنه لا يمكن الاعتماد عليها، ويبدو ان كل استطلاع يرسم الصورة التي يريدها. ومن دون أرقام خروج يمكن الاعتماد عليها فإننا مضطرون للاعتماد على حفنة من الاستطلاعات التي جاءت في الأيام الأخيرة من الحملات الانتخابية: وجد «مركز الأهرام» الذي تديره الحكومة هذا الأسبوع ان وزير الخارجية السابق عمرو موسى يتقدم بـ31.7 في المئة يتبعه رئيس الوزراء السابق احمد شفيق بـ22.6 في المئة ثم مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي بـ14.8 في المئة. وتضع أصوات الناخبين في الخارج مرسي أولاً يتبعه الإسلامي المستقل عبد المنعم أبو الفتوح ثم القومي اليساري حمدين صباحي. وبقي السلفيون بطاقة غير مكشوفة - وذلك بعد ان أسقطت لجنة الانتخابات العليا ترشيحه الشهر الماضي بسبب نقطة فنية، ويتنافس مرسي وأبو الفتوح على دعم السلفيين.

أما في «إسرائيل»، فإن ظلال الفوارق هذه لا ينظر إليها بتمييز كبير. ويشير أبو الفتوح وهو شخصية كبيرة سابقة في «الإخوان المسلمين» ترك الجماعة السنة الماضية بصور منتظمة الى جارة مصر بعبارة «الكيان الصهيوني». ويمكن «للإخوان المسلمين» أنفسهم ان يضاهوا أي إسلاميين آخرين في عدائهم للصهيونية واليهودية. وجلس مرسي في الصف الأول في مهرجان حاشد في إستاد رياضي بينما تعهد الواعظ بأن الخطيب سيحيي الخلافة الإسلامية هذه المرة في القدس. وهتف احد الحضور «قضوا مضاجع اليهود، هيا يا أحباب الشهادة فإنكم كلكم حماس».

وفي مصر تمتد المعارضة لمعاهدة السلام الى ما وراء الإسلاميين. وتبين استطلاعات للرأي ان 85 في المئة من المصريين ينظرون نظرة سلبية الى «إسرائيل» وان 97 في المئة يعتبرونها احد اكبر التهديدات لبلدهم وان 61 في المئة يريدون إلغاء المعاهدة كلياً (32 في المئة يريدون إبقاءها، و7 في المئة لم يحزموا رأيهم). وتمر مشاعر العداء لـ «إسرائيل» عبر كل خطوط الطبقات الاجتماعية: وفي السنة الماضية ازدادت المعارضة لمعاهدة السلام زيادة حادة في أوساط الخريجين الجامعيين (إذ ازدادت بـ18 نقطة الى 58 في المئة) وفي أوساط من هم دون الـ30 (ارتفعت 14 نقطة الى 64 في المئة). وفي أول مناظرة بين مرشحين رئاسيين هذا الشهر، وصف أبو الفتوح «إسرائيل» بأنها «عدو»، بينما اكتفى موسى بالتعبير الأكثر ديبلوماسية «خصم». (وللأخير سجل يمتد لعقود في معاداة «إسرائيل»، وقد كانت أغنية «بحب عمرو موسى وبكره «إسرائيل»» في قمة الأغاني المفضلة في 2001).

ولدى «إسرائيل» سبب مشروع للقلق - فمن بين المرشحين الخمسة المتقدمين هناك أربعة دعوا الى مراجعة «اتفاقية كامب ديفيد». ورثى موسى اتفاق السلام واعتباره «ميتاً ومدفوناً». أما مرسي فحض على عرض المعاهدة على استفتاء، بينما سماها أبو الفتوح «خطراً على الأمن القومي»، وحذر صباحي بأن مصر تحت قيادته لن تعود «عرَّابة» «إسرائيل» في المنطقة. وبدأ شفيق يعرض مؤهلاته في معاداة «إسرائيل»: إذ عندما اتهمه عضو برلمان إسلامي في الآونة الأخيرة بالفساد في عهد مبارك، رد عليه قائد السلاح الجوي السابق بأنه كطيار في ستينات القرن العشرين اسقط طائرتين «إسرائيليتين» بينما كان ذلك النائب «ملفوفاً بالحفاضات».

في الأشهر الخمسة عشر منذ بداية الثورة ضد مبارك، تغير المشهد السياسي في مصر، ودخل اقتصادها في مرحلة سقوط حر، وبالتأكيد لم تنتعش السياحة. أما التغيير الأكثر دراماتيكية، هو تدهور سلطة الحكومة في سيناء، مما فصل أرض مصر الرئيسية عن «إسرائيل». هناك، يدير البدو المحليون أحد أنشط خطوط التهريب في العالم: المخدرات والأسلحة الليبية إلى غزة، المهاجرون السودانيون والاريتريون الى «إسرائيل» (انتشار حصاد وتجارة الأعضاء على الطريق أحد القصص التي لم تحكَ كثيراً عن مصر ما بعد الثورة). هذا الشهر، استدعى «الكنيست» ست كتائب احتياط وسمح لست عشرة كتيبة إضافية وسط عدم الاستقرار المستمر على الحدود.

التدهور في سيناء قاد إلى إنهاء اتفاقية الغاز التي تمت عام 2005 بين مصر و«إسرائيل»، ومن المفترض أن تستمر خمسة عشر عاماً ويعتبر العديد من المصريين أنها كريمة أكثر مما يجب لـ «إسرائيل». تم تفجير خط الأنابيب الذي يمر بشبه الجزيرة 14 مرة خلال نفس العدد من الأشهر، واعتبر الشركاء المصريون في اتحاد الغاز أن الاتفاقية غير عادلة، معتبرين أن «الإسرائيليين» تخلفوا عن الدفع.

متشددون مسلحون - بعضهم مرتبط بالقاعدة - قد استقروا في المكان أيضاً. في الصيف الماضي، شن مسلحون يرتدون زي الجيش المصري هجوماً معقداً متعدد المراحل جنوب «إسرائيل» مما أدى لمقتل ستة مدنيين ورجلي أمن. المنفذون - معظمهم من سيناء وبعضهم من غزة - انسحبوا إلى الأراضي المصرية، وبعد مطاردة لاحقة قتلت القوات «الإسرائيلية» 10 منهم، وبالخطأ، قتلت خمس جنود مصريين.

طالبت مصر باعتذار، ورفضت «إسرائيل». بعد أسابيع، هاجم آلاف مشجعي كرة القدم السفارة «الإسرائيلية» في القاهرة، مما دفع «إسرائيل» لسحب أعضاء الوفد الدبلوماسي وإبقاء واحد فقط.

بالنسبة الى الكثير من المصريين، فإن أكثر بنود «اتفاقية كامب ديفيد» إزعاجاً هي اشتراط نزع السلاح في سيناء. فالمعاهدة تسمح للقاهرة بنشر وحدة واحدة فقط من الجيش في سيناء، أرض المعركة بين مصر و«إسرائيل» خلال عقدين من الزمن. وفي المناطق الأقرب من الحدود، فإن الشرطة المصرية فقط مسموح لها بالانتشار - وليس القوات. وقال الفتوح في المناظرة الرئاسية: «إنها اتفاقية تمنع مصر من ممارسة سيادتها الكاملة:، لكن زفي مازيل، وهو سفير «إسرائيلي» سابق في القاهرة، قال إن تغيير شروط انتشار القوات في سيناء ليس مطروحاً للنقاش، وقال: «إنه أساس الاتفاقية، دون ذلك، ليس هناك سلام».

وأخبرني مسؤولون أمنيون «إسرائيليون» كبار أن العلاقات مع نظرائهم المصريين لم تتغير كثيراً منذ عهد مبارك. إلا أن العداء يزداد عندما تقل الرتب: فخلال جولة حدودية في الآونة الأخيرة مع زملاء «إسرائيليين»، أشار لنا رجال شرطة مصريون عبر السياج المكهرب بتحية الأصبع الواحد.

وقال بنيامين بن اليعزر، النائب عن «حزب العمل»، وزير الدفاع «الإسرائيلي» السابق، وهو من أصدقاء مبارك لعقود: «سيناء اليوم مثل برميل البارود، ثمة فوضى هناك»، خسارة مصر «ستكون ضربة كبيرة لنا. يجب أن نكون مستعدين لاحتمال المواجهة».

سألت البروفيسور ميتال من «جامعة بن غوريون» عما إذا كان يعتقد أن مثل هذه الحتمية ممكنة. فقال إن أحداث العام الماضي تبرر قلقاً معيناً، لكن «الإسرائيليين» لن يجعلوا من يتوقعون المصائب ينتصرون بعد، وقال: «كثير من الجمهور «الإسرائيلي»، وبالطبع صناع القرار، يعتقدون أن سقوط نظام مبارك أدى إلى فوضى عارمة. بالنسبة إلي فإنه فهم مبسط للانتقال الثوري الذي يشهده المجتمع المصري، التاريخ يظهر أن مثل هذه المراحل تقود أولاً إلى عدم الاستقرار، لكن النجاح يقاس من خلال نظرة عبر الأعوام لا الشهور. إنها سنة فقط منذ سقوط النظام، والانتخابات الحرة تعقد فعلاً».

لكن بالنسبة للكثيرين في «إسرائيل»، فإن المشهد عبر الحدود لا يمكن أن يكون أكثر كآبة، وقال مازيل: «من الصعب أن تعرف ما إذا يجب أن نتكلم عن العلاقات بين مصر و«إسرائيل» أو غيابها، أياً كان الرئيس المنتخب، فإن الشعور هو أن ما سيأتي لاحقاً ليس بالأمر الجيد.


titre documents joints

Sleepless in Jerusalem - By Oren Kessler | Foreign Policy

25 أيار (مايو) 2012
info document : HTML
65.7 كيلوبايت


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178333

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178333 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40