الأحد 13 حزيران (يونيو) 2010

الولايات المنتهية الفلسطينية

الأحد 13 حزيران (يونيو) 2010 par عريب الرنتاوي

بالإعلان عن إرجاء الانتخابات البلدية في الضفة الغربية ، تكون دائرة “الولايات المنتهية الفلسطينية” على حد تعبير أحد الظرفاء ، قد اكتملت ، وتكون مجالس الحكم المحلي وسلطاته ، قد انضمت إلى المجلس التشريعي والرئاسة الأولى وحكومة تصريف الأعمال والحكومة المقالة من حيث فقدانها لولاياتها وشرعيتها ، لتظل مؤسسات المنظمة ، منظمة التحرير الفلسطينية وحدها ، تحظى بقدر من “الشرعية” أو بالأحرى بـ“ظلال باهتة” منها ، بعد أن تعطلت الديمقراطية الداخلية في مؤسسات المنظمة ، واختطف قيادتها نفرّ من الشخصيات التي لا قيمة لها بذاتها ، بل بالوظائف والأدوار التي تؤديها ، ويكون سؤال الشرعية الفلسطينية قد طرح بقوة على مختلف المؤسسات والهيئات والمجالس والسلطات.

نحن بالطبع لم نكن من مؤيدي إجراء الانتخابات البلدية في الضفة من جانب واحد ومن دون توافق وطني عريض ، ونحن قرأنا في قرار إجراء الانتخابات على أنه تأسيس للقطع والقطيعة بين الضفة والقطاع ، ومسمار سميك وغيلظ يدق في رأس الوحدة الوطنية وعنقها ، على أننا بالطبع ننظر باستهجان واستغراب لقرار ربع الساعة الأخير بإرجاء الانتخابات ، ونرفض بكل قوة الأسباب والمبررات التي سيقت لتسويق الانتخابات بداية أو تسويغ قرار تأجيلها لاحقاً.

ونحن نرى في تأجيل الانتخابات على أنه إمارة على امتداد التفسخ والشقاق والانقسام إلى داخل السلطة والمنظمة وفتح ، ولم يعد مقتصراً على فتح وحماس أو الضفة وغزة فحسب ، بل وامتد ليصيب فتح بالعجز والشلل وعدم القدرة على خوض الانتخابات حتى في غياب منافس قوي لها ، وليبرهن مرة أخرى على أن أزمة فتح تكمن في “دواخلها” وليس في علاقتها مع حماس فحسب ، وأن كل ما يقال ويطرح عن تماسك فتح واستعادتها زمام الوحدة والمبادرة بعد مؤتمرها السادس ، ليس في واقع الحال سوى أضغاث أحلام.

كما أظهر قرار تأجيل الانتخابات مدى انصياع أو بالأحرى مدى توافق حكومة تصريف الأعمال مع مصالح فتح وحساباتها الفئوية ، وهو تواطؤ يتخطى على ما يبدو الحسابات والحساسيات التي ظهرت مؤخرا بين الجانبين ، لصالح “زواج المتعة” التي يربط هذه الحكومة بالحزب الحاكم ، في غيبة الفصائل الأخرى التي لم يكن لها ناقة ولا جمل ، لا عند إقرار موعد إجراء الانتخابات ولا عند تأجيلها ، لكأنها ديكور خارجي يندرج في سياق “لزوم ما لا يلزم”.

لا أدري كيف سينعكس قرار تأجيل الانتخابات البلدية في فلسطين على أجندة استئناف الحوار واستعادة المصالحة ، لكن حالة الترهل التي تكشفت عنها فتح عند أول استحقاق جدي تواجهه بعد مؤتمرها السادس ، تثير أسئلة مشروعة حول قدرة الحركة على مواجهة منافسة انتخابية حقيقية أمام حماس وفي مواجهتها ، وحول جدية الحركة في المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة ، فالحركة التي أخفقت في تنظيم انتخابات منفردة وبلا منافس ومن جانب واحد ، لا يمكن المراهنة على جدية دعوتها لتنظيم انتخابات وطنية عامة ، رئاسية وتشريعية ، ويصبح القول بأن هذا المطلب ليس سوى تكتيك سياسي يراهن على رفض حماس إجراء الانتخابات قبل وقت كاف من إتمام المصالحة ، وهدفة - التكتيك - الأول والأخير هو عزل حماس وحشرها في الزاوية وتحميلها وزر تعطيل الحوار وإرجاء المصالحة.

ما حدث بالأمس من تأجيل للانتخابات البلدية أقرب للفضيحة منه إلى أي شيء آخر ، ومن يرى خلاف ذلك عليه أن يعود لقراءة عشرات المبررات التي قادتها السلطة والمنظمة وحكومة تصريف الأعمال لتبرير إجرائها من جانب واحد ، وفي الضفة من دون القطاع ، وهي المبررات التي سقطت تباعاً ومن دون مبرر ، وبجرة قلم.

الخلاصة ، أن النظام السياسي الفلسطيني من قاعدته - مجالس الحكم والإدارة المحليتين - إلى القمة - الرئاسة ، مرورا بالسلطة التنفيذية - الحكومتين - والتشريعية - المجلس - قد انتهت ولايتها وفقدت شرعيتها ، وما عاد بمقدور أحد أن يزايد على أحد بأنه يمتلك شرعية انتخابية يفتقد لها الطرف الآخر ، والمواجهة اليوم تكتسب وجها سياسيا لا صلة له بأسئلة الشرعية وحساباتها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 51 / 2178892

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2178892 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 27


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40