الخميس 21 حزيران (يونيو) 2012

مصر... مراجعة لا مواجهة

الخميس 21 حزيران (يونيو) 2012 par معن بشور

سواء أكدت النتائج النهائية الرسمية للانتخابات الرئاسية في مصر فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة مصر أم انها لم تؤكده، خصوصاً مع تكرار المفاجآت التي شهدتها الحياة السياسية مؤخراً في أرض الكنانة كحل مجلس الشعب، وإصدار الإعلان الدستوري المكمّل عشية إعلان نتائج الرئاسيات، فإن الأمور تتجه الى مواجهة خطيرة يرى فيها البعض إنقاذاً للثورة من نظام قديم يحاول إعادة إنتاج نفسه، ويرى فيها البعض الآخر مدخلاً لنوع من الاحتراب الأهلي يودي بالثورة نفسها ومعها كل طموحات الشعب المصري.

ولتجنب مثل هذه المواجهة المرتقبة، وقد رأينا مثلها في غير قطر عربي اصطدمت فيه النتائج الانتخابية بموازين القوى الفعلية، لا بد من مراجعة عميقة تقوم بها كل الأطراف المصرية الفاعلة والمعنية بمصير مصر كما بمصير الثورة نفسها.

والنقطة الأولى في هذه المراجعة تكمن في إقرار الجميع بأن ثورة 25 يناير هي ثورة أطلقها شباب مصر، واحتضنتها جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وأحزاب أخرى، وانتصرت لها القوات المسلحة في مصر، فجاءت تعبيراً عن ائتلاف كل قوى التغيير، الإسلامية والناصرية واليسارية والديموقراطية، كما عن وحدة الشعب والجيش معاً، وبالتالي فإن تذكّر هذه الحقيقة أمر ضروري كي لا يضيع الجميع في متاهات الصراع على السلطة، وكي لا ينزلق الجميع في مهاوي التسلّط أو التفرد أو الاستئثار.

والنقطة الثانية في هذه المراجعة تكمن في أن يقوم الجميع بنقد ذاتي لتجربته الخاصة، خصوصاً في الفترة الواقعة ما بين سقوط مبارك وانتخاب مرسي قبل ان يتوجه بسهام نقده للآخرين، فقوى الثورة الشعبية مدعوة لأن تفسّر للناس كيف يتمكن مرشح كان رمزاً للنظام السابق ان يحوز حوالي نصف أصوات الناخبين المصريين، كما ان المجلس الأعلى للقوات المسلحة مدعو لأن يفسر لنفسه، ولغيره أيضا، كيف تحوّل أكثر من نصف المصريين الى مواقع العداء العلني له بعد ان كانوا يهتفون باسمه في الميادين في شعار خالد «شعب وجيش يد واحدة».

والنقطة الثالثة في هذه المراجعة تكمن في أن يدرس الجميع، ونقول الجميع، تجارب حصلت حوله، بعضها قام على الإقصاء وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات فقاد بلاده الى الدمار والحروب الأهلية، وفيها من قام على الائتلاف فحفظ الثورة وحفظ البلاد أيضا مما كان يحاك لها من مخططات ومؤامرات.

أما النقطة الرابعة فتكمن في أن يتنبه الجميع ونقول الجميع، لدور القوى المضادة للثورة، سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية، والتي توزع الأدوار في ما بينها، فيغري بعضها هذا الطرف لجره الى صدام مع الطرف الآخر، فيما يبتز بعضها ذاك الطرف لمنعه من التفاهم مع الأطراف الأخرى.

فالمطروح اليوم هو مصير مصر التي اذا اعتزت اعتز معها العرب كلهم، وإذا اهتزت اهتزت معها الأمة من مشرقها الى مغربها، وحين يكون مصير مصر في الميزان ينبغي أن نتصور حجم القوى داخل مصر وخارجها، والتي يرعبها ان تستعيد مصر قوتها ودورها وان تحرر إرادتها من قيود التبعية في الخارج ومن سلاسل الاستبداد والفساد في الداخل.

أما النقطة الخامسة في المراجعة المطلوبة فهي أن يدرك الجميع، ان مرحلة التحول الديموقراطي، وهي بالضرورة مرحلة انتقالية، تختلف عن مرحلة النظام الديموقراطي الذي نطمح الى قيامه جميعاً، داخل مصر وخارجها، فإذا كان النظام الديموقراطي المتجذر في الواقع يقوم على أغلبية وأقلية يمتلكان مقومات التداول السلمي للسلطة، فإن التحول الديموقراطي يقوم بالضرورة على فكرة التوافق الوطني الواسع حيث ينخرط الجميع في بناء نظام ديموقراطي بكل مؤسساته، فلا غلبة ولا إقصاء، لا هيمنة ولا إبعاد.

هناك بالتأكيد نقاط عديدة تستدعي أيضا المراجعة، وهي نقاط يعرفها كل طرف معني بمصير مصر وثورتها العظيمة، لكن هذه النقاط تصب جميعها في دعوة للجميع لأن يستعيدوا روح الثورة التي هزت العالم كله.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165776

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165776 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010