الجمعة 22 حزيران (يونيو) 2012

«إسرائيلي» ... من يقتل فلسطينيي لبنان

الجمعة 22 حزيران (يونيو) 2012 par ابراهيم الأمين

ليس بين المتابعين لملف انعكاسات الأزمة السورية على لبنان من يتجاهل واقعة ان هناك من يعمل على استخدام المخيمات الفلسطينية في لبنان. أصلاً تعيش المخيمات نفسها واقع التأثر بما يجري في سوريا، شأنها شأن أي منطقة لبنانية. يضاف الى ذلك الواقع السياسي والأمني داخلها، حيث لا سلطة مركزية يمكنها ادعاء الإمساك بالوضع، فضلاً عن النشاط المطرد للجماعات الإسلامية على أنواعها، والذي يترافق مع ارتفاع منسوب نشاط «المقاتلين العرب» الذين وصلوا الى مخيمات لبنان، كما الى مناطق أخرى في البلاد ربطاً بما يجري في سوريا.

وحيث يتوقع ان يعمل الفلسطينيون على منع تفجير المخيمات على خلفية ما يجري في سوريا، وان يعمل اللبنانيون معهم على منع تحويل محيط المخيمات الى بؤر توتر، فإن كل ما سبق لا يبرر النغمة الجديدة التي تعمل عليها جهات سياسية وأمنية لبنانية وغير لبنانية، في سياق تعريض الفلسطينيين، مرة جديدة، لعقاب دموي، فقط لكونهم تحولوا خلال العقود الثلاثة الماضية مكسر عصا منذ حملة الجيش عليهم في منطقة صيدا اثر الدخول الى بعبدا ونفي العماد ميشال عون، في ما بدا توازناً اراده القائمون على البلد يومها لاعتقادهم بأن ذلك يرضي المسيحيين المحبطين، الى الحملة المجنونة على نهر البارد قبل بضع سنوات، في أسوأ عمل عسكري نظّم تحت عنوان مطاردة مجرمين وإرهابيين، لتكون النتيجة، في الحالتين، تعريض ابناء المخيمات والجوار الى مزيد من عمليات القتل والتنكيل والتهجير والإذلال الذي لا يتوقف، باسم الأمن والقانون.

لم تكن السلطة الفلسطينية يوماً في صف شعبها. تعاملت، ولا تزال، مع أبناء المخيمات على أنهم بشر من الدرجة الثانية، يُشرون ويُباعون في سياق الألعاب السياسية. وفي كل مرة، يصار الى إسكات البعض من الوجهاء بقدر من المال، سرعان ما ينفق على حروب الأزقة المدمرة أصلاً. ولم يكن العالم المتحضر(!) ليهتمّ بأكثر من تفكيك البنى الاجتماعية للفلسطينيين في الشتات كما على أرض فلسطين التاريخية. ولم تكن غالبية الحكومات العربية تتعامل مع هؤلاء إلا بوصفهم عالة عليها.. فصودرت حقوقهم الإنسانية والمدنية باسم العدالة وحق العودة والقضية.

في الأردن يطاحون لكون هاجس الوطن البديل يقلق أبناء البلد. وفي سوريا التي تميزت بالتعامل الإنساني مع اللاجئين، تعاني المخيمات اليوم أزمة متصلة باختبار الموقف الإلزامي من الأزمة. وفي مصر لم يختلف المشهد بعد الثورة عما كان قبلها كثيراً، فظل الحصار يُطبق على صدور الفلسطينيين في طريق انتقالهم من قطاع غزة وإليه. أما في لبنان، فالمشهد يزداد مأساوية يوماً بعد آخر، في ظل انعدام كل الشروط الإنسانية الضرورية لعيش طبيعي.

لكن فوق ذلك كله، يواجه فلسطينيو لبنان أزمة مختلفة. السلطات اللبنانية لا تعرف غير الجانب الأمني طريقاً للتواصل مع أبناء المخيمات. حواجز وحصار وتدقيق وجيش من المخبرين ينتشرون في كل مخيم ومن حوله، وكمّ هائل من المعلومات التي يرسلها مخبرون تافهون يقبضون ثمن معلوماتهم بطاقة هاتف او صفيحة بنزين او رخصة مسدس او غضاً للطرف عن نقل «كيس ترابة» في سيارة الى المخيم. لا مجال لغير هذه العلاقة. فجأة يتكون إجماع سياسي ورسمي في لبنان على «فشّ الخلق» بهؤلاء.

تفشل السلطات في توقيف مسلح يقطع الطريق في وضح النهار في أي منطقة لبنانية، فيصار الى اعتقال فلسطيني مشتبه في انه يحمل حزاماً ناسفاً.

تفشل الأجهزة والسلطات المعنية في توقيف مجرم او مطلوب، فيصدر القرار بأنه هرب الى احد المخيمات.

لم يبق في لبنان منزل من دون سلاح، وتزدهر تجارة الأسلحة والمتفجرات على أنواعها في كل أنحاء البلد، فتكون النتيجة ان كل السلاح مصدره المخيمات الفلسطينية.

يدخل مقاتلون عرب عبر مطار بيروت، وعبر المرافئ والمعابر البرية، ثم تنطلق عملية البحث عن مجموعات «القاعدة» التي لجأت الى المخيمات الفلسطينية.

تتوتر العلاقات السياسية بين فئات لبنانية، فتكون النتيجة قرار القوى السياسية إدخال المخيمات طرفاً. يرفض مسيحيو 14 آذار مصافحة فلسطيني لكنهم يحثون تيار المستقبل على إقناع الفلسطينيين بأن يكونوا جيشاً له في مواجهة «حزب الله».

تشعر سوريا بخطر استخدام قوى خارجية لمجموعات فلسطينية ضدها، فتبادر الى تحريك من يحالفها في المخيمات، وتكون النتيجة استنفاراً من الأهالي استعداداً لموجة قتل جديدة.

وفوق ذلك كله، يُدمّر مخيم بأكمله، كحالة نهر البارد. فترقص في عقل أصحاب الأموال غير الشرعية فكرة السيطرة على الواجهة البحرية، لإرضاء الغرب و«إسرائيل» التي لا تريد للفلسطينيين منفذاً بحرياً، وللإعداد لخطط ومشاريع سياحية واستثمارية على ما تبقى من أملاك الدولة البحرية.. فيما يترك أهل المخيم تحت حصار متنوع سياسياً وإعلامياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً.

لا يزال قسم كبير من اللبنانيين يبيعون بلدهم وأنفسهم لكل من يمر بالقرب منا، لكن هؤلاء يعيشون كذبة «الغريب» التي تتيح لهم بث عنصرية مقرفة، حتى يصبح من الجائز القول ان كل من يقتل فلسطينياً في لبنان اليوم، هو «إسرائيلي» الاسم والوجه والانتماء!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 82 / 2165580

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

2165580 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 27


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010