السبت 23 حزيران (يونيو) 2012

100 سنة أخرى من «الهراوة والجزرة»

السبت 23 حزيران (يونيو) 2012 par نواف الزرو

ليس صدفة ان تؤكد الكاتبة «الإسرائيلية» اوريت دغاني الخلفية الثقافية الإجرامية، لما يقترف في فلسطين من محرقة إبادية في مقال نشرته صحيفة «معاريف 1/1/ 2009» قائلة: «إن المجتمع «الإسرائيلي» بات مستلباً لثقافة الحرب، ولا يعرف أي لغة غيرها»، مضيفة: «إن «الإسرائيليين» يندفعون للحرب لأنهم يكرهون السلام، ويعتبرون أن القوة هي الخيار الوحيد لتحقيق الأهداف»، مؤكدة: «أن الحروب تجري في عروقنا مجرى الدم، حيث إننا نتصور أن من الطبيعي أن نندفع نحو الحرب التي يقتل ويجرح فيها الناس، لذا فإننا عادة ما نشعل حرباً بعد عامين ونصف العام تقريباً على انتهاء آخر حرب خضناها».

فحسب المكونات الجينية للعقلية الصهيونية ـ «الإسرائيلية» فإن كل هذه الحروب الممتدة من فلسطين الى لبنان، وكل هذه الانتهاكات الجرائمية ليست عفوية او ردات فعل على ما يطلقون عليه «الارهاب الفلسطيني» إنما هي نتاج مكثف لثقافة القتل والهدم والجدران، التي فرختها ورعتها وقوتها مستنقعات الفكر العنصري الصهيوني، ذلك الفكر الذي لا يرى بالآخرين من الفلسطينيين والعرب على نحو خاص، سوى «أغيار من الحيوانات»، التي يجب «سحقها او تصفيتها وإبادتها بالصواريخ»، حسب تصريحات كبير حاخاماتهم عوباديا يوسف.

وليس صدفة ان يطل علينا قبل أيام قليلة وزير الشؤون الإستراتيجية، موشيه (بوغي) يعلون، في مقابلة صحافية مع آري شبيط (ملحق «هآرتس»، 15/6/2012)، لـ«يقترح ان نعيش 100 سنة أخرى على «الهراوة والجزرة»»، الذي كان قبل ذلك طالب الإسرائيليين بـ«التعود على فكرة أننا في وضع إدارة الأزمات وأننا لن نحلها، وهذا الوضع قائم منذ 20 عاماً وربما يستمر لمئة عام أخرى» - («هآرتس» الثلاثاء 24/5/2011).

وفي ثقافة الهراوة والجزرة، كان جنرالهم شارون قد أعلن في أكثر من مناسبة «أن «إسرائيل» توجد في حالة حرب، وأن الجيش ينطلق فيها لينتصر»، كما تحدث عن «أن الصراع وجودي متواصل منذ أكثر من مئة عام».

وشارون لم يكن منفرداً في ذلك، إذ «إن القيادة الصقورية الشابة التي كانت تحيط به تتمسك بمقولة الصراع الوجودي بصورة أشد .. و«إسرائيل» بالتالي في حالة حرب بقاء وليس أقل من ذلك»، وهي «حرب من أجل أرض «إسرائيل» الكاملة التي كان له إسهام كبير في بنائها .. وإلى ذلك هناك مجموعة كبار الضباط النظاميين يعتبرون أنفسهم أيضاً في حرب وجودية».

ومن هنا فـ «إن القتال مع الفلسطينيين هو قتال حتى الموت، لأنه طالما بقي هناك أمل - في التحرر لدى الفلسطينيين، فلن يتوقف الإرهاب - كما أعلن وزير الأمن الداخلي في حكومة شارون الأولى عوزي لنداو لصحيفة «لوموند» الباريسية»، وبالتالي فإنه «في اليوم الذي يتخلون فيه عن كل آمالهم في طرد اليهود من هنا فسوف يوافقون على التوقيع على اتفاق سلام طويل الأمد لأنه لن يكون أمامهم خيار آخر».

ولأن الأمر كذلك وعلى هذه الخلفية بالذات «توقع «الإسرائيليون» والأمريكيون المزيد من التصعيد (زئيف شيف - «هآرتس»)، و«المزيد من العمليات والاغتيالات حسب تقديرات الجيش «الإسرائيلي»» (صحيفة «هآرتس»).

ما جعل الكثيرين يستخلصون «أنه لا أمل في أن يحل الهدوء، لأن إجماع متخذي القرارات في الحكومة «الإسرائيلية» يقول إنه يجب إخضاع الفلسطينيين بالقوة، من أجل كسر إرادتهم في تحقيق إنجازات بوساطة النضال، غير أن هؤلاء لا يقولون كيف يمكن أن تنتهي الأمور طالما أن لا أحد في الجانب «الإسرائيلي» يريد أن يفتح باباً للأمل (عوفر شيلخ - صحيفة «يديعوت أحرونوت»).

«ولذلك أيضاً دخلت المواجهة مع الفلسطينيين في جولة الموت»(معاريف)، و«باتت الأطراف على أعتاب عناق الموت كما أكد يوسي بيلين مهندس أوسلو من الجانب «الإسرائيلي» (هآرتس)، وأخذ بالتالي «سيناريو الرعب يتحقق» (الكس فيشمان «يديعوت أحرونوت»)، ما استدعى من وجهة نظر رئيس (الموساد) «الإسرائيلي» السابق شبتاي شبيط إلى التصريح مذكراً بـ «ويضرب العمالقة - أي الفلسطينيين - فتهدأ البلاد - أي «إسرائيل» اليوم - أربعين عاماً، ويضرب اليبوسيوين فتهدأ ثلاثين عاماً وهذا هو الطريق» («يديعوت أحرونوت»).

البعد الإبادي الإرهابي المرعب الذي عزّزه الجنرال يعقوب عميدرور قائد الكليات الحربية «الإسرائيلية» حينما صرح في لقاء مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» (1/3/2002) قائلاً : «إن منظومة العلاقات بيننا وبين الفلسطينيين في المستقبل القريب سوف تقوم على القوة باعتبارها العامل المركزي»، مذكراً هذا الجنرال بما قاله تشرشل للورد هاليفكس الذي اقترح عليه أن يتفاوض مع هتلر بواسطة الإيطاليين: «الشعوب التي تسقط في الحرب تنهض من جديد، أما تلك التي تذهب للمقصلة كالخراف فإنها ستزول».

إنه النهج ذاته والطريق العنصري الإرهابي الدموي الإبادي التطهيري ضد الفلسطينيين، وعلى هذا الطريق الإرهابي الصهيوني، أخرجت الحكومات «الإسرائيلية» المتعاقبة الخطط والمخططات الحربية المتكاملة، وإن اختلفت تسمياتها، والتي تتواصل منذ خطة «الصدمة»، عبر «السور الواقي» لتصل الى «امطار الصيف» وغيرها من الخطط الحربية العدوانية المفتوحة.

هي بالتأكيد إذاً، 100 سنة أخرى من «الهراوة والجزرة» من وجهة نظر يعلون وجنرالاتهم، غير أنها يمكن أن تكون 10 سنوات أو ربما خمس عشرة سنة، او عشرين، فالمسافة الزمنية رهن من جهة أخرى بمنسوب الدور والتدخل الفلسطيني العربي في المعادلة الصهيونية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2178302

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178302 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40