السبت 7 تموز (يوليو) 2012

عرفات والمعطيات الجديدة

السبت 7 تموز (يوليو) 2012 par أمجد عرار

الاستنتاجات التي خلص إليها المختبر السويسري بشأن وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، تعزّز التكهّنات التي كانت تستند إلى أسس سياسية كما إلى تصريحات «إسرائيلية» وتسريبات، بأن عرفات قضى اغتيالاً. وبما أن وفاته لم تنجم عن قصف أو إطلاق نار، فإن الاستنتاج الوحيد الممكن هو لجوء الجهة المخطّطة والأدوات المنفّذة إلى السم أو المواد المشعة، وكلّها أساليب لم تستبعد تقارير استخدامها في حالات مثل الزعيم جمال عبدالناصر والرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين، والقيادي الفلسطيني وديع حداد. وقد كانت أقوى القرائن في هذا المجال محاولة اغتيال القيادي خالد مشعل في عمان سنة 1997، حيث تبيّن بعد إلقاء القبض على منفذّي المحاولة أنهما ينتميان إلى (الموساد) «الإسرائيلي».

إذاً، السوابق والقرائن تجعل الشبهة تحوم فوق رأس «إسرائيل» في جريمة اغتيال عرفات، وإذا كانت جهة دولية تتجنّب إحراجها، فإن بعض الإعلاميين «الإسرائيليين» أشاروا بلا حرج إلى إمكان تورّطها، حتى أن إعلامياً بارزاً مقرباً من رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الأسبق أرئيل شارون، هو أوري دان، أصدر في 2005 كتاباً تضمّن تلميحات تقترب من التصريحات، إلى دور لشارون في اغتيال عرفات، كما أن بعض الأوساط «الإسرائيلية» أشارت بإصبع المسؤولية إلى شاؤول موفاز الذي يشغل اليوم منصب نائب رئيس حكومة «إسرائيل»، وسبق له أن هدّد بتصفية عرفات.

منذ توفي مؤسس الثورة الفلسطينية المعاصرة في مستشفى بيرسي الباريسي، لم يتعامل أي فلسطيني مع الحدث كوفاة طبيعية، بل رأى الفلسطينيون في تقرير الأطباء الفرنسيين الذي عزا الوفاة إلى «فايروس غامض»، بمثابة إخراج يبعد الإحراج من إعلان الحقيقة. ومن دون شك، فإن أكثر جهة تتجنّب الدول الغربية إحراجها هي «إسرائيل»، فلو كان هناك احتمال بنسبة واحد في المئة يشير إلى تورط جهة أخرى لا تروق لهذه الدول، لما تردّدت في إعلان الاتهام لها.

ما أضافه التقرير السويسري ونشرته قناة «الجزيرة» يحدّد نوع المادة المشعة المستخدمة وهي البولونيوم، وهي مادة يؤكد الخبراء أنه لا يمكن استخراجها إلا في مفاعل نووي، لذلك فإن «إسرائيل» التي تملك مفاعلات نووية وتملك الدافع والمصلحة، هي المسؤولة عن الجريمة التي لم تكن الأولى ولا الأخيرة في تاريخها الدموي.

الآن توافرت معطيات تشكّل سبباً كافياً لكي تمكّن الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية من حمل الملف إلى حيث يمكن تفعيله بما لا يقل عن تشكيل لجنة تحقيق دولية في جريمة استهدفت قائد الشعب الفلسطيني ورئيسه المنتخب، وهو كان قبل كل شيء إنساناً في غير وضع قتالي، وبأساليب الجريمة المنظمة. ومثلما شكل «المجتمع الدولي» لجنة تحقيق دولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، فإن من حق الفلسطينيين أن يطالبوا بلجنة دولية تبدأ من حيث توصل التقرير السويسري الذي استند إلى أسس علمية.

لا حاجة إلى مناقشة من يقولون إن التحقيق لا يعيد الميت إلى الحياة، فهذا أمر مفروغ منه، لكن التحقيق الذي يوصل إلى المجرم يحقّق العدالة ويمنع الإفلات من العقاب. ومن هنا فإن اللجنة الفلسطينية المكلفة ملف الراحل لم تفقد مبرر وجودها، بل تجد اليوم بين يديها معطيات جديدة تمكّنها من توسيع مهمّتها وفتح آفاق دولية على طريق أشد وضوحاً، لعل السير فيه يؤكد واحداً من أمرين: مسؤولية «إسرائيل» عن هذه الجريمة أو نفاق ما يسمى المجتمع الدولي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178876

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2178876 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40