الاثنين 9 تموز (يوليو) 2012

ثماني سنوات... سبع حقائق...!

الاثنين 9 تموز (يوليو) 2012 par نواف الزرو

كان ذلك في التاسع من تموز 2004، ثماني سنوات الآن على قرار لاهاي بشأن الجدار الصهيوني في الضفة الغربية، والاحتلال يقرر قبل أيام استئناف البناء على قدم وساق بعد أن أوقفه لسنوات، وهذه فرصة ذهبية للفلسطينيين والعرب ان يفعّلوا قرار المحكمة الدولية الداعي إلى وقف بناء الجدار وتعويض الفلسطينيين المتضررين منه، والأهم جوهر القرار الذي يعتبر الضفة والقدس أراضي محتلة وعلى «إسرائيل» الرحيل...!

غريبة عجيبة بعض وجهات النظر والمواقف الفلسطينية والعربية التي استخفت وتستخف بمعركة الجدار وقرار محكمة لاهاي الدولية، وسخّفت وتسخف من شأنها، واعتبرتها وتعتبرها صغيرة وهامشية ولن تغير على الأرض شيئاً، وأنها تختزل القضية والحقوق الفلسطينية في قضية الجدار فقط، وأن المعركة الفلسطينية أكبر بكثير من الجدار، وأن «إسرائيل» لن تلتزم في النهاية بتوصيات المحكمة كما فعلت إزاء عشرات القرارات والتوصيات الدولية الأخرى.

لا جدال بادئ ذي بدء بأن «إسرائيل» كعادتها ومنهجيتها تضرب بعرض الحائط وبمنتهى الاستخفاف والتحقير، ليس فقط قرار العدل الدولية، بل وكل القرارات الصادرة والمنتظرة عن الجمعية العامة وغيرها من الهيئات الدولية، كما أنها تعتبر نفسها فوق المحكمة وفوق القانون الدولي، وأنها «ستواصل بناء الجدار» - كما يجمع جنرالات «إسرائيل»، وأنه ليس من حق أي دولة في العالم أن تحتج على الجدار - كما أعلن وزير حربهم الأسبق الجنرال شاؤول موفاز، وادعت ولا تزال أمام العالم «أن هذا السياج الأمني لمحاربة «الإرهاب» الفلسطيني ولمنع تسلل «الإرهابيين» لتنفيذ عمليات تفجير ضد المدنيين «الإسرائيليين»».

المشهد الفلسطيني الماثل أمامنا في غاية الصعوبة والتعقيد، فالشعب الفلسطيني تعرض ويتعرض الى حرب صهيونية الغائية اقتلاعية مرعبة، والأرض الفلسطينية تعرضت وتتعرض لاجتياحات التجريف والتدمير والاستيطان والتهويد المبرمجة المنهجية، وليس ذلك فحسب، بل إن الإدارتين الصهيونية والأمريكية شنتا وتشنان حرباً إعلامية تحريضية مكثفة مستمرة ضد الفلسطينيين بزعم «الإرهاب»، بل إن قادة وجنرالات الاحتلال يزعمون أن المجتمع الفلسطيني كله تحول إلى وكر لـ«الإرهاب».

والإدارتان وظفتا كل وسائل الإعلام المتاحة لهما في سبيل تشويه الانتفاضة والنضال الفلسطيني وتحويلهما إلى «إرهاب» لتبرير استمرار الحرب التدميرية وبناء الجدار، وزعم شارون قبل قرار لاهاي: «أن العرب ليسوا بحاجة الى سبب لقتل اليهود، لأنهم يفعلون ذلك دائماً»، فيما قال وزير عدلهم آنذاك يوسي بيليد «إن على المحكمة بالتالي أن تناقش القضية الحقيقية وهي «الإرهاب» الفلسطيني، وليس وسائل الدفاع التي تتخذها «إسرائيل» للدفاع عن نفسها» - كما جاء في بيان لوزارة الخارجية «الإسرائيلية».

نثبت في ضوء كل ذلك: الحقيقة الكبيرة الأولى أن الحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني حرب شاملة في كافة الميادين وعلى مختلف الأصعدة، وهي تتكامل عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وإعلامياً، وتهدف بالعنوان الكبير الى تدمير البنى المدنية والأمنية والمعنوية الفلسطينية تدميراً شاملاً، وتهدف بالتالي إلى الإجهاز على الانتفاضات ومقومات الصمود والاستقلال الفلسطيني.

والحقيقة الكبيرة الثانية أن دولة الاحتلال تسعى الى جانب كل ذلك، الى حشر الفلسطينيين وعزلهم عن عمقهم وتواصلهم العربي واعتقالهم في معسكرات الاعتقال المشار إليها.

والحقيقة الكبيرة الثالثة أن الجدار يعتبر وفقاً لمعطيات كثيرة الصياغة النهائية للمشروع الصهيوني بامتداداته في الضفة الغربية حتى النهر، وأنه يشكل نكبة فلسطينية جديدة وكبيرة.

والحقيقة الكبيرة الرابعة أن القضية والحقوق الفلسطينية لا يمكن اختزالها بقضية الجدار، بل إن الجدار يشكل معركة في الحرب الشاملة التي تشنها دولة الاحتلال على الشعب الفلسطيني.

والحقيقة الكبيرة الخامسة أننا لا يمكننا إسقاط دور الجبهة الإعلامية والسياسية والأخلاقية في معركة الجدار، وأن نتعامى عن أهمية الرأي العام العالمي في إدانة وتجريم دولة الاحتلال بانتهاك المواثيق والقوانين الدولية، أو عدم إدانتها وتجريمها.

والحقيقة الكبيرة السادسة بالتالي أن للمعركة الإعلامية والقانونية والأخلاقية أهميتها البالغة والمركزية في صياغة المواقف الدولية على هذا الصعيد.

والحقيقة الكبيرة السابعة المترتبة على ذلك، أن معركة الجدار بعد قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، هي معركة إعلامية وأخلاقية وسياسية وقانونية لا يستهان بها إطلاقاً، رغم قناعتنا المبكرة بأن نتائج وتوصيات مناقشات المحكمة لن توقف ولن تهدم الجدار بصورة فورية، ولن تفكك الاحتلال ولن تجبر جندياً صهيونياً واحداً على الرحيل عن نهر الأردن، لأن هزيمة المشروع الصهيوني وتفكيك منشآت الاحتلال العسكرية والاستعمارية الاستيطانية تحتاج إلى لملمة الأوراق والطاقات الفلسطينية والعربية كلها، وتحتاج إلى إرادة سياسية عربية واضحة وحاسمة بالتصدي للمشروع الصهيوني.

فلنتصور مثلاً الصورة الأخرى المعاكسة، أي لو كسبت «إسرائيل» الجولة وخرجت محكمة العدل الدولية بتوصيات لصالح شرعية بناء الجدار - أو السياج الأمني حسب الدعاية «الإسرائيلية» - بكل ما ينطوي على ذلك من تداعيات وتعزيز وتكريس للمشروع الصهيوني بجدرانه العنصرية.. فهل نستخف حينئذ بآراء وتوصيات المحكمة الدولية؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2177766

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2177766 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40