الجمعة 13 تموز (يوليو) 2012

اليورو... محكوم بالإعدام؟

الجمعة 13 تموز (يوليو) 2012

كسجين محكوم بالإعدام، حَظِيَ اليورو بوقفة اللحظة الأخيرة قبل تنفيذ الحكم. ما يعني أنه سيبقى على قيد الحياة لفترة قصيرة بعد. فالأسواق تبدأ بالاحتفال، كدأبها، غداة كل قمة من قمم «أزمة اليورو» إلى أن تبلغ حد إدراك ان المشاكل الأساسية لم تخاطب بعد.

على ان القمة الأخيرة تضمّنت أنباء جيدة: أدرك القادة الأوروبيون أن عملية الاستنهاض التي اعتمدوها، بحيث تقوم أوروبا بإقراض الأموال للمصارف لإنقاذ الدول ذات السيادة، وتالياً، تقوم الأخيرة بإنقاذ مصارفها، لن تنجح. كذلك، يدرك هؤلاء القادة اليوم ان قروض التحفيز التي تعطي المقرض الجديد أولوية على الدائنين الآخرين أدت إلى مفاقمة وضع المستثمرين الخاصين، الذين سيطلبون ببساطة زيادة معدلات الفوائد.

ويبدو واقع أن القادة الأوروبيين استغرقوا هذه المدة الطويلة لاستيعاب ما بدا جلياً مبعث قلق عميق (المسألة كانت بيّنة منذ أكثر من عقد ونيف إبان أزمة شرق آسيا). على ان ما هو مفقود في الاتفاق أكثر أهمية مما هو موجود. قبل عام اعترف القادة الأوروبيون بان اليونان لن تتعافى من دون تسجيل نمو، وبأن النمو لن يتحقق من خلال التقشف وحده. بيد ان ما اتخذ من قرارات بمقتضى ذلك كان قاصراً.

فما هو مطروح إعادة رسملة «بنك الاستثمار الأوروبي» كجزء من حزمة نمو قيمتها 150 مليار دولار. لكن الساسة جيدون في إعادة التغليف، وبحسب بعض التقارير فإن الأموال الجديدة جزء قليل من تلك الكمية، وبرغم ذلك فإنها لن تدخل إلى النظام مباشرة. باختصار، ان العلاجات، الضعيفة جداً والبعيدة جداً في آن، تنهض على تشخيص خاطئ للمشكلة، ونظرة اقتصادية معيوبة.

غير أن ألمانيا تخشى من أن تتحوّل في ظل غياب رقابة صارمة على المصارف والحكومات، إلى مجرد حامل لحافظة النقود من اجل جيرانها المبذرين. لكن، ذلك يفتقر الى إدراك النقطة الرئيسة: اسبانيا وايرلندا وعدد كبير من البلدان المتعثرة كانت تدير فوائض في الموازنة قبل الأزمة. وقد تسبب الانكماش بالعجز، لا العكس.

أما خطأ تلك البلدان، شأنها شأن ألمانيا اليوم، فأساسه أنها كانت ساذجة أكثر من اللازم تجاه الأسواق، فسمحوا (مثلهم مثل الولايات المتحدة ودول أخرى عديدة) بنمو فقاعة أصول من دون التحقق من ذلك. فلو أن سياسات سليمة طُبّقت، ومؤسسات أفضل أُسّست ـ التي لا تعني فقط فرض المزيد من التقشف فضلاً عن تعزيز الرقابة على المصارف والموازنات والعجوزات ـ وجرى استرداد معدلات النمو، فإن هذه البلدان كانت لتتمكن من الاستجابة لالتزاماتها، ولن تكون هناك حاجة للبحث عن ضمانات.

أكثر من ذلك، فإن ألمانيا ستبقى معلقة على الخطاف في الحالتين: إذا انهار اليورو أو اقتصاديات الأطراف فإن الأكلاف على ألمانيا ستكون مرتفعة.

لدى أوروبا مكامن قوة عديدة. وتعكس نقاط ضعفها اليوم بصورة أساسية السياسات المعيبة والترتيبات المؤسّسية. بيد انها كلها قابلة للتغيير في حال تم إدراك نقاط ضعفها الأساسية ـ وهي مسألة أكثر أهمية بكثير من الإصلاحات الهيكلية في كل بلد من البلدان على حدة. ففي حين أدت المشكلات البنيوية الى إضعاف التنافسية ونمو الناتج المحلي الاجمالي في بلدان محددة، إلا أنها لم تحدث الأزمة، ومخاطبتها لن تؤدي الى حلّها.

إن نهج المماطلة الذي تعتمده أوروبا تجاه الأزمة لن يشتغل الى أجل غير مسمى. وليست الثقة في أطراف اوروبا هي التي تشهد تراجعاً فحسب. وإنما بقاء اليورو ذاته على المحك.

[bleu]بقلم: جوزيف ستيغليتز، حائز جائزة نوبل للاقتصاد.

ترجمة: حسن الحاف.

«project syndicate»[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2181903

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2181903 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40