الاثنين 23 تموز (يوليو) 2012

أهداف جولة كلينتون

الاثنين 23 تموز (يوليو) 2012 par د. فايز رشيد

حرصت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على زيارة العاصمة المصرية بُعيد نجاح محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين في انتخابات الرئاسة. زيارة الوزيرة الأمريكية جاءت من أجل أهداف عدة، أولها: الاطمئنان إلى سريان معاهدة كامب ديفيد بين مصر و«إسرائيل»، وعن هذه النقطة كان الرئيس المصري واضحاً في خطاباته التي ألقاها بعد فوزه: «إن مصر تحمل رسالة السلام وستحافظ على جميع المعاهدات الموقعة بينها وبين دول العالم»، بما يعنيه ذلك ضمنياً من الحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد مع «إسرائيل». في المباحثات التي دارت بين وزارة الخارجية الأمريكية والإخوان المسلمين في مصر قبل الانتخابات الرئاسية، أخذت الولايات المتحدة وعوداً منهم باحترام اتفاقية كامب ديفيد، لكن ذلك لم يكن كافياً من وجهة نظر الوزيرة الأمريكية، فحرصت من خلال سماعها لمرسي ولرئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي، على تأكيد هذا الموقف الحيوي جداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

ثاني أهداف زيارة كلينتون إلى القاهرة، يتمثل في الاطمئنان إلى مسيرة العلاقات الأمريكية - المصرية على ضوء ما أفرزته الانتخابات الرئاسية من نتائج، فمصر وخلال الأربعين سنة الماضية، كانت حليفاً رئيساً للولايات المتحدة. ومع أن كلينتون امتلكت حقيقة الموقف من قبل الرئيس وحزبه قبل الانتخابات، من خلال المباحثات المشار إليها والتي أُجريت في الحلقة النقاشية التي نظمها «معهد كارنيغي للسلام» في واشنطن، وحضرتها وفود من الإخوان المسلمين من دول عربية عدة بما فيها مصر، إلا أن الخارجية الأمريكية أرادت أيضاً تأكيد هذه المسألة المهمة أمريكياً. في أحد خطاباته بُعيد تسلمه منصبه، أكدّ مرسي عدم تبعية مصر لأي دولة (من دون تسمية الدول)، بما يعنيه ذلك، ربما، من تغييرات طفيفة في العلاقات المصرية - الأمريكية، لذلك كانت الوزيرة الأمريكية في غاية الاهتمام بمقابلة المشير طنطاوي، لتأكيد الحرص المصري على العلاقة مع الولايات المتحدة.

ولذلك يمكن القول: إن كلينتون في مقابلتها لكل من الرئيس مرسي والمشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري، حاولت الإمساك بالعصا من منتصفها بين الرجلين، من خلال الإيحاء بأن الولايات المتحدة لا تتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، بالرغم، مثلما يقول مراقبون عديدون، من أن الولايات المتحدة أقنعت المجلس العسكري بإمكانية تسلّم مرسي الرئاسة في حالة فوزه في الانتخابات. مقابلة كلينتون لطرفي مصر القويين ستشكل سابقة لزيارات المسؤولين الأمريكيين إلى القاهرة مستقبلاً، من حيث التنقل بين مرسي والإخوان بأجندتهم الديمقراطية المعلنة والمعادية للغرب في الأساس، وبين المجلس العسكري الذي يبذل قصارى جهده لتعطيل خلق مؤسسات تعطي الانطباع بسيطرة الإخوان المسلمين على مصر، مع الحفاظ على ارتباطاتها الأمريكية والأخرى التي تشكل نافذة كبيرة مفتوحة على «إسرائيل».

وعن حقيقة ميزان القوى بين المجلس العسكري والرئيس مرسي، فإن تراجع الأخير عن قراره بدعوة مجلس الأمة إلى الانعقاد، والالتزام بالقرار الذي أصدرته المحكمة الدستورية ببطللان انتخابات المجلس، يشكل نوعاً من الرضوخ للمجلس العسكري المصري المتوافق تماماً مع قرارات المحكمة. هذا الأمر أعطى رصيداً للمؤسسة العسكرية، وأضعف بعض الشيء من توجه مرسي إلى الإمساك بكل صلاحيات الرئيس، وفقاً للدستور المصري السابق (بالطبع). لأن مصر ستنشغل بإعداد دستور مصري جديد، وهذه المهمة أيضاً ستشكل نوعاً من الصراع الخفي (وربما المعلن) بين المجلس العسكري والرئيس.

ثالث أهداف زيارة كلينتون إلى مصر يتمثل في إبلاغ مرسي والإخوان المسلمين شروط الكونغرس الأمريكي لاستمرار الدعم المالي (مليار ونصف المليار دولار) والعسكري لمصر، والتي من خلالها تطالب أمريكا باستكمال التحول الديمقراطي في مصر. وفي هذا المجال أيضاً، أرادت الوزيرة الأمريكية إبلاغ الرئيس أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب مصر في الحصول على مساعدة البنك الدولي، ولكن بالحرص على تنفيذ تعهداته بالمحافظة على حقوق المرأة، والأقليات الدينية، واحترام المعايير الديمقراطية والحفاظ على السلام مع «إسرائيل». هذه الشروط حملها ويليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية في زيارته إلى القاهرة ومقابلة مرسي يوم الأحد (8 يوليو/تموز الحالي).

رابع أهداف زيارة كلينتون إلى القاهرة يتمثل في الضغط على مصر بعدم فتح معبر رفح بشكل كامل أمام الفلسطينيين في قطاع غزة، وعن هذا الأمر ذكر موقع «قضايا مركزية» الصهيوني، أن الوزيرة الأمريكية طمأنت الجانب «الإسرائيلي» إلى هذا الموضوع، في زيارتها الأخيرة إلى الكيان.

جملة القول، إن مصر تواجه ملفات داخلية كثيرة خلال هذه المرحلة، من أبرزها، الأمن والأزمة الاقتصادية، وتشكيل الحكومة وإعلان لجنة الدستور، وهي تقتضي حواراً مع ألوان الطيف السياسي المصري كافة، وبخاصة الأحزاب القومية والليبرالية والناصرية واليسارية. وعن زيارة كلينتون إلى القاهرة يمكن القول، إنها حققت معظم الأهداف التي سعت إليها الولايات المتحدة في علاقتها مع مصر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 59 / 2177876

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177876 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40