الاثنين 14 حزيران (يونيو) 2010
«الكويت والإمارات وقطر والبحرين مهددة بالزوال»

النفيسي : طلبت توحيد دول الخليج وليس دمجها في السعودية

الاثنين 14 حزيران (يونيو) 2010

كشف عضو البرلمان الكويتي الأسبق، والمفكر الإسلامي الدكتور عبد الله النفيسي، تفاصيل الفكرة التي طرحها بتوحيد دول الخليج العربي في دولة واحدة لضمان بقاء واستقرار الدول الصغرى وهي الكويت والإمارات والبحرين وقطر، على حد تعبيره.

وقال في حواره مع “العربية. نت” إن الوحدة التي يدعو إليها ليست إندماجية، وليست تحت قيادة المملكة العربية السعودية، كما نقل عني بالخطأ سابقاً، مشترطاً أن يتم تنفيذ ذلك الفكر الوحدوي وفقا لخطوات مدروسة، الأولى منها توحيد وزارات النفط والخارجية والدفاع بحيث يكون لدول مجلس التعاون الست وزيرا واحدا لكل وزارة من تلك الوزارات، تمهيدا لتنفيذ الخطوة الثانية وهي الاتحاد الكامل لجميع الوزارات في حال نجاح الخطوة الأولى، دون المساس بنظام كل دولة واستقرارها الداخلي.

وأضاف النفيسي أن هدفه من ذلك التوحد إقامة خط دفاع حديدي أمام القوى الخارجية التي تريد النيل من الخليج، وخاصة من أعضائه الصغرى “الكويت وقطر والإمارات والبحرين”، مخترقة أمنيا ومنكشفة سياسيا، على حد تعبيره.

وأماط النفيسي اللثام عن وجود خطة أمريكية إيرانية، تحاك خيوطها خلف الستار، تهدف إلى تمكين الأخيرة من دول الخليج وتسهيل انقضاضها عليها في المستقبل القريب.

وأوضح النفيسى أن الهجوم على فكرته يرجع إلى سببين أولهما نمطية التفكير التي باتت عند المواطن الخليجي، فالكويتي يفكر كويتيا والإماراتى يفكر إماراتيا، إلى آخر دول الخليج، لذا هم يرفضون التوحد وأي من يدعو إليه .

أما السبب الثاني فعزاه النفيسي إلى جهات رسمية تتحسس من فكرة الوحدة ما يجعلهم يحرضون ضده، كتابا وصحافيين ونوابا وحتى رجال من عامة الشعوب، لإفساد الأفكار عليه ومحاولة تسميمها، وتشويشها، مشيرا إلى أن هجومه على المرجع الشيعي الكويتي السيد المهري الذي روجت له صحيفة معينة، هدفت إلى صرف أذهان الناس عن الفكرة من المحاضرة التي ألقاها وقتها “وهي توحد الخليج”.

الدول الخليجية الأربع الرخوة

وأكد النفيسي أن بقاء دول الكويت والإمارات وقطر والبحرين على وضعها الحالي، يشكل لها تهديدا كبيرا في المستقبل القريب من قبل قوى خارجية، على رأسها جمهورية إيران، مشيرا إلى أن الأخيرة اقتضت ظروفها الداخلية المهترئة أن تصنع عدوا في الخارج لتحاول به تعويض الاختلالات الداخلية، معتبرة أنه متنفس خارجي، بعد أن ضاقت بها السبل في الداخل .

وأضاف : لو كنت مكان المسؤول الإيراني، سأحاول بالطبع البحث عن أهداف رخوة ولن أجد إلا استهداف الشظايا الجغرافية الأربع الصغيرة المقابلة للساحل الإيرانى للانقضاض عليها “في إشارة إلى الدول الأربع السابقة”.

وزاد النفيسى : الوحدة التي أدعو إليها ليست اندماجية، بينما أدعو إلى أن تسبقها خطوات رمزية، بجعل لكل دول المجلس وزيرا واحدا لحقيبة النفط ومثله للدفاع ومثله للخارجية تحت لواء دول مجلس التعاون الخليجي جميعها، وليس تحت قيادة المملكة العربية السعودية كما نقل عني بالخطأ سابقا، لافتا إلى ضرورة أن يتم تدوير تلك المناصب كل عامين بين الدول الست، مع احتفاظ كل دولة بنظامها الداخلي الخاص وإستراتيجيتها ووضعها دون أي مساس .

وتابع : عندما تنجح الخطوة الأولى من التوحيد على صعيد توحيد الوزارات الثلاث، وتتضح الدروب أمامنا، يتم الانتقال إلى خطوة أخرى، وهي توحيد الوزارات جميعها مثل الاتحاد الأووربي الذي يحاول في الآونة الأخيرة توحيد سفاراته في كل الدول، بحيث تكون واحدة تمثل كل الاتحاد الأوربي، مستغربا من "عدم تفكيرنا في هذا الأمر مثلهم في وقت نعلم فيه أن ذلك سيقلل من التهديدات التي تواجهنا، وسوف يؤكد على إيران وغيرها، أن الاعتداء على أي من الدول الأربعة ليس مجرد نزهة .

صفقة أمريكية إيرانية

وعلى صعيد متصل كشف النفيسي عن وجود صفقة كبيرة قادمة في الطريق، بطليها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بشأن الوضع العام في الخليج، معربا عن خشيته من تلك الصفقة التي تحاك خيوطها في الخفاء، تمخضت من محادثات عمرها ثلاث سنوات ونصف.

وقال إن إيران لديها قدرة هائلة في التعامل مع الأمريكان ولديهم لجنة عليا مشتركة، مقرها العاصمة الأمريكية منذ قرابة العامين، خصصت لتلك الأغراض، مشيرا إلى أن المحللين الأمريكيين يعلمون تماما المحادثات السرية الدائرة منذ فترة ليست قريبة بين الطرفين.

وتابع : إن الدليل على ذلك أن غزو أمريكا للعراق كان عسكريا، بيد أن الغزو السياسي تركته أمريكيا للدور الإيراني لتقاسمها صناعة القرار، بعد أن أدركت أمريكا أنها لا تستطيع التخلي عن شراكة إيران لها بالعراق، والمثير أن المفاوضات بين الأمريكان والإيرانيين تمت في حضور نوري المالكي.

إيران تتمنى دوراً بالخليج

وفيما يتعلق بالهدف الإيراني من وراء ذلك التحالف الخفي مع الولايات المتحدة، قال النفيسي : إيران تطالب أمريكا من خلال وجودها الكثيف في العراق، بدور كبير يتناسب مع حجمها في الخليج والمنطقة العربية، معولة على ثقلها على الصعيدين النفطي والاستراتيجي، وإلا ما استطاعت أن تشاغل الأمريكان في العراق وتحتل معهم الدور السياسي، مشيرا إلى أن العراق حاليا لا يمكن أن يتحرك يمنة ولا يسرة إلا عندما يحصل على مشورة حكومة إيران.

وأرجع النفيسى تأخير تشكيل الحكومة العراقية إلى تمنع إيران أن تعطي رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الضوء الأخضر، منوها إلى أن التحالف الحادث بين المالكي والحكيم تم بإيعاز من إيران، ليصبحا أغلبية بالمجلس وبالتالي يصبح من حقهم تشكيل الحكومة العراقية.

وحول تواجد إيران بدول الخليج كوجودها بالعراق أكد النفيسي أن إيران موجودة بكل دول الخليج وخاصة الأربع الصغيرة، عن طريق التحكم في النواحي التجارية والثقافية والصحية والطبية والاستخباراتية، والأخيرة منها على وجه الخصوص.

زوال الخليج

وبين النفيسي أن أفكاره حول زوال الدول الخليجية الأربع الصغيرة تولدت من رحم قربه من مراكز صناعة القرار الغربي، مشيرا إلى امتلاكه مركزا في لندن أسماه “ابن رشد” للدراسات يجعله قريبا من القرار الذي يصدر من البرلمان الأوروبي ومن مجلس العموم البريطاني ومن الكونغرس، مضيفا أنه قام بتأسيسه ليكون بمثابة قرن استشعار للقرار الغربي تجاهنا قبل صدوره بوقت كاف، لكي يكون لدينا استعداد لأي طارئ.

وتابع : تمنيت أن تكون لدول الخليج مراكز مشابهة في عواصم الغرب لاستباق القرار والوقوف على نوعيته واتجاهاته، وقال إن منطلقاته تندرج تحت لواء استشراف المستقبل والعمل بمبدأ الحيطة والحذر من المخططات الغربية حيال المنطقة الثرية، لافتا إلى أن السياسة ما هي إلا الحيطة واستشراف المستقبل بعين ثاقبة.

وأضاف أن الأمريكان عندما يطرحون فكرة ويحاولون التسويق لها، يقومون بعمل بالون اختبار ليتعرفوا على ردود الأفعال بشأنها، مشيرا إلى أنه في عام 1992 تمت دعوته لحضور مؤتمر حول مستقبل دول الخليج بعد غزو الكويت، وفيه نوقشت ورقة عمل تؤكد زوال الدول الخليجية الأربع الصغيرة عام 2025 مع بقاء وحيد للملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، لافتا إلى أن ذلك كان بالون الاختبار الذي يجب أن نلتقط من خلاله إشارة الغرب، ونستبق خطواتهم بالاتحاد، الذي أدعو إليه، وسأظل أنادي به إلى أن يتحقق.

حساسية الحكومات

وحول التحديات التي تواجه الدول الخليجية في طريقها إلى تحقيق ذلك التوحد قال النفيسي : التحدي الأكبر والمعوق الأساسي هو حساسيات الحكومات مشيرا إلى أن حكوماتنا لا زالت رهينة بحساسيات تاريخية ينبغي تجاوزها أو القفز عليها، لأن التهديدات التي تواجه الخليج في المستقبل تفوق حجم الخيال.

وأضاف أنه طرق العديد من الأبواب محذرا من هذه المخاطر التي تحدق بالمنطقة عموما، وبالدول الأربع خصوصا، بيد أن الحساسية من هذا الرأي الجديد المتحرر من القيود الحكومية كانت لي بالمرصاد .

وطالب النفيسى الدول المعنية بالتفكير العملي في فكرة التوحد، والبعد عن حالة التشرذم التي نعيشها حاليا، والتي تكاد تتسبب في القضاء علينا، وتسهل من افتراسنا دولة بعد أخرى، لافتا إلى أن التوحد هو الضمان الوحيد نحو درء المخاطر الآنية والمستقبلية، وهو الذي سيوفر القسط الأكبر من استقرارالأوضاع بالخليج سواء السياسية أو الاقتصادية أو تلك المتعلقة بالأمن الفكري، مشيرا الى أن بالمملكة العربية السعودية إدارة خاصة تابعة لوزارة الداخلية تعنى بالأمن الفكري، نظرا لأهميته القصوى في حياة الشعوب.

تاريخ أمريكا بالخليج

وأشار النفيسى إلى “أن تاريخ الولايات المتحدة مع منطقتنا ليس جيدا، مذكرا بأحداث عام 1934 عندما اتفق الملك فيصل والشيخ زايد على منع ضخ النفط لها على خلفية دعمها للكيان الصهيوني في حرب اكتوبر (تشرين) 73، ما جعلهم يبعثون بـ”كسنجر إلى المنطقة ليوزع تهديداته، من ناحية، ومن ناحية أخرى ناقش الكونغرس خطة لتحريض إسرائيل على غزو الساحل النفطي من الكويت وحتى سلطنة عمان، لولا تدخل البيت الأبيض فى اللحظات الأخيرة لحدث ما لا يحمد عقباه".

وقال إن في مكتبة البيت الأبيض فى الطابق الثاني يباع كتاب بأقل من دولارين اسمه “حقول النفط في الخليج كأهداف عسكرية” يشرح تلك القصة، التي تدل على أن الغرب ليس له أمان ويطمح دائما بتحقيق أطماعه في بلادنا.

الدور التركي

وعن رأيه في الدور الذي تلعبه تركيا مؤخرا في المنطقة، لم يبدي النفيسي ارتياحا لذلك، مؤكدا على ضرورة أن تعول المجتمعات العربية دائما على الدول العربية، ومشيرا إلى انه لا يفضل قراءة السياسة بالقلب، إنما يجب إعمال العقل.

ودعا النفيسي إلى أهمية لجم ذلك الاندفاع العاطفي المبالغ فيه نحو تركيا، لافتا إلى ضرورة أن لا نعلق آمالا كبيرة على أطراف خارجية، رغم ترحيبنا بالدور المهم الذي قامت به تركيا في مواجهة الاندفاع الاسرائيلي والقرصنة التي مارستها على قافلة الحرية قبالة سواحل غزة، مؤكدا على أن ذلك الترحيب لا يعني إطلاقا استغنائنا بهم عن دور دولنا العربية الكبيرة المتمثلة في مصر والسعودية.

وأضاف لابد أن نعلق الآمال على البديل العربي ونصبر عليه حتى ينشط مجددا، وقال إن الإحباط الكبير ودرجة اليأس العالية التي وصل إليها المواطن العربي جعلاه يتعلق بأي قشة، فعندما لاحظ الاستعداد التركي لنصرة أهل غزة، ما كان منه إلا أن تفاعل معها وهتف لها ولأردوغان، الذي تكسب سياسيا من القضية.

ودعا النفيسي مصر والسعودية إلى إرجاع دوريهما الرائد في المنطقة، والعمل على خطف هذه المبادرة من تركيا، وإعادة تبني قضية غزة، لكونها قضية قومية عربية، مرتئيا أنه لا بأس من الانفتاح على العالم الاسلامي.

وفيما يتعلق بنظرته إلى العقوبات الأخيرة من مجلس الأمن ضد إيران قال النفيسي : لن يكون تحت الشمس جديدا، لأن إيران لديها قدرة فائقة على امتصاص أي عقوبات، وستكون الدول الكبرى التي وقعت خوفا من الولايات المتحدة هي أول من يخترق ذلك القرار سرا ثم جهرا، لأنهم يوافقون عن غير قناعة، بما فيهم الاتحاد الاوربي والصين وروسيا، مؤكدا أن العقوبات الأخيرة ستلقى مصير التي قبلها، ولن تحد من قوة وعناد إيران، لأنهم أساتذة العالم في لعبة الشطرنج مثل روسيا، وعندما تجيد هذه اللعبة، فأنت تجيد السياسة وتمهر في استراتيجياتها، إذًا فلا خوف عليك.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165976

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار عربية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165976 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010