الاثنين 23 تموز (يوليو) 2012

لم يَهْدِمُوهَا في الحُروبْ .. هَدَمُوهَا في «الرَبيعِ العَرَبيّ»

الاثنين 23 تموز (يوليو) 2012 par عبدالشافي صيام العسقلاني

كثيرٌ من الحكام .. بعضهم مات، وبعضهم أخرجته ثورات «الربيع العربي» من الحكم والسلطة، والبعض ما زال متشبثاً بالكرسي رغم انتهاء فترته الرئاسية وانتهاء صلاحيته القانونية والوطنية وبلوغه أرذل العمر ..

هؤلاء وأولائك كانوا يقولون بأننا لا نريد الحرب، ولا نريد تدمير عواصمنا ومدننا من أجل قضايا لا تعنينا، رغم أنهم كانوا ينفقون الملايين لشراء الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، وكانت شرائح الأراذل من المؤيدين والأتباع ممن يُطْلَقُ عليهم أنصار الرئيس وجماهير الحزب الحاكم والفصيل الحازم «يُبَعِّرونَ» على وجه الأرض مُرَدِّدينَ بأن الرئيس والحزب والفصيل سيصنعون المعجزات.

ومن خلفهم «الدلاّلون» السياسيون يُقْرِفُونَنا بمآثر الرئيس وإنجازاته التي تُحصى ولا تُعدّ .. ويطلقون عليه من ألقاب التبجيل والتهويل والتدليل والتعظيم والتفخيم والتنغيم والتحميم ما يجعل سيادته أو فخامته لا يعرفُ نَفْسَهُ من نَفيسِه.

لا نعتقد أن ذاكرة الكثيرين من أبناء أمتنا العربية نسيت أو أنها ستنسى مُلاسَنَةً وقعت وموقفاً حدث بين اثنين من الرؤساء «المخلوعين» ...

الملاسنة وقعت بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح (مخلوع) وبين رأسِ فِتْنَةِ المخلوعين حسني مبارك قبيل العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة فيما أسموها «حرب الرصاص المصبوب» أو «الرصاص المنصهر»، عندما طالب الرئيس اليمني من نظيره المصري دعوة القادة العرب لاتخاذ موقف ضد «إسرائيل» لمنع عدوانها على قطاع غزة، ورد حسني مبارك عليه .. بأن مهمة الجيش المصري هي الدفاع عن أرض مصر، أما إذا كُنْتَ متحمساً فبإمكانك إحضار جيوشك وطائراتك لضرب «إسرائيل».

الكل يعرف بأن الرئيس اليمني غير قادر على عمل أي شيء لوحده سواء ضد «إسرائيل» أو ضد إرتيريا، وكلام مبارك كاذب كالعادة فهو لن يسمح لليمني بإدخال قوات أو إرسال طائرات أو حتى حزمة «قات». وأن كلامهما لا يعدو أن يكون أكثر من «ظراط على بلاط» ولعل بقية المعنيين من الرؤساء أو المحسوبين بأنهم رؤساء يشعرون بشيء من الخجل إن كانوا يستحون عليهم أن يغادروا المسرح في سكينة وأن يوفروا زَفّةْ «الجلاجل» التي وقعت حتى الآن لعددٍ من الرؤساء.

العواصم والمدن التي ادعى حكامها بأنها غالية وعزيزة عليهم هاهم يدمرونها بأيديهم، ويدكونها بمدافعهم، ويحرقونها بأسلحة الدفاع عنها، التي اشتروها من خبز المواطن المسكين ومن دوائه ومن معاناة أطفاله، ويقتلون يومياً الآلاف من «أبناء شعبي العزيز» وهي العبارة التي كانوا يبدأون بها خطابات نصبهم وكذبهم ودجلهم بحجة الحفاظ على أمن الوطن ووحدته الترابية، ولا نظن أن شعباً عاقلاً يقبل ببقاء هكذا نماذج لهكذا حكام يتحكمون في مصيره ومقدراته بأجهزة بوليسية قمعية، وبرجال آخر زمن «شَبّيحةّ» الرؤساء، والنتيجة هي خديعة الشعوب وسرقتها، والتربع على «عروش» الرئاسات.

عندما تتوفر الإرادة الصادقة والموقف «الذكر» للرجال، لا تكون هناك سدود أو موانع أو محاذير يخشاها ويخاف منها الرجال. فكم كان حجم المعاناة التي تعرّض لها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة ـ بشكل خاص ـ وشعبنا الفلسطيني في الشتات ـ بشكل عام ـ طوال فترة حكم «المجحوم السادات» و«المخموع مبارك» عندما كانت معاملة الفلسطيني تتم بشكل غير إنساني بمجرد أن يكون من أصل فلسطيني حتى لو كان يحمل جنسية دولة أجنبية ويتحوّلَ هذا الإنسان الغلبان إلى طريدة لأجهزة أمنية بوليسية تنهش منه كل ما تصل إليه، وبدل الاستنكار الرسمي يخرج علينا مسئول فلسطيني «أبو صُمّيلة» ليتمدح النطيح السادات أو مبارك .. وَيُتَهـْتِهْ «يا سيادة الرئيس .. والله لما أشوف سنك بدوخ».

لقد تَمّتْ رجاءات وتدخلات وتوسلات كثيرة لتخفيف القوانين والإجراءات ضد الفلسطينيين وكلها لم تأت بأي نتيجة، ولا يتسع المجال في «نصف الكلام» لسرد صور من تلك المأساة المؤلمة، ونأمل من مراكز البحث الفلسطينية توثيق تلك المرحلة السوداء التي تكاد تتشابه مع فترة محاكم التفتيش في أوروبا بعد سقوط الأندلس.

وكما تقول القاعدة الفقهية بأن دول الظلم إلى زوال، ها هو يأتي لمصر رئيسٌ يُمَثّلُ الخلق الإسلامي الصحيح ليرفع عن الفلسطينيين هذا الظلم وهذا التمييز غير الإنساني وغير الأخلاقي بقرار لا يصاحبه الضجيج يسمح للفلسطينيين دخول مصر .. كبقية خلق الله .. وربما بتكريم أكثر.

لا يستطيع أي مسئول فلسطيني أن يَدّعي بأنه وراء هذا القرار أو حتى له علم به، وبإمكان أي أخ فلسطيني أن يَسْحَبَ «شَخْرَة غزاوية» في وجه أي مسئول فلسطيني يُصَرّحُ بأن له صلة بهذا القرار.

على الفلسطينيين أن يتذكروا المعاناة التي مروا بها وتعرضوا لها خلال السنوات الماضية بأن يكونوا الأكثر حرصاً على احترام القوانين والتعليمات المصرية، وأن لا يصدر عنهم أي مخالفة تتخذ ذريعة ضدهم لأننا يجب أن ندرك بأن أطرافاً كثيرة لا تتمنى الخير للفلسطينيين وللأسف ربما بينها فلسطينيون.

إن نجاح ثورة التغيير المصرية، وانتصار إرادة الشعب المصري العظيم تشكل الرافعة الحقيقية لبقية الشعوب العربية وغير العربية.

وأن حالة من حراك التحول في دول وأماكن عربية أخرى يجب أن تبدأ حراكها الشعبي للتخلص من أنظمة جثمت على صدور الناس لعقود طويلة بحجج لا يقبلها عقل أو يصدقها منطق لإفساح المجال أمام تطلعات شعوبنا لتحقيق العدالة والديمقراطية الحقيقية وليس ديمقراطية العصابة وديمقراطية المصالح.

إن أصحاب المصالح والنفوذ هم المسيطرون الحقيقيون على مجريات الأمور في كثير من الدول لأنهم يتعاملون مع أشخاص مهزومين ومهزوزين، ليس بينهم من يحمل رمزية حقيقية، ولا نقاء وطنيا يؤهله لقيادة شعبه وخدمة أمته فالكل يأتي ظامئا ليبل ريقه بالدولار ويحظى برضى سيد البيت الأبيض.

إن لحظة التغيير قادمة وهي في سباق مع عزرائيل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165450

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165450 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010