الاثنين 30 تموز (يوليو) 2012

البحر هو البحر والعرب هم العرب..!

الاثنين 30 تموز (يوليو) 2012 par نواف الزرو

في الوعي السياسي الصهيوني المبلور عبر الأجيال على مدى أكثر من ستة عقود من الزمن، أن الصراع مع العرب وجودي ومفتوح، وأنه بدأ منذ أكثر من مئة عام، وقد يستمر مئة عام أخرى، حتى يستسلم العرب ويعترفون بعجزهم عن تسلق الجدار الفولاذي الجابوتنسكي، والسياسات الصهيونية بنيت على ذلك، وما تزال، فمن وجهة نظرهم «أن البحر هو البحر وأن العرب هم العرب»، وقد استحضر نتنياهو هذه المقولة الشهيرة التي أطلقها اسحق شامير عشية «مؤتمر مدريد»، للإشارة إلى أن العرب في عداء أبدي مع الصهيونية ولن يتغيروا، وذلك في كلمته الاستذكارية لشامير الذي توفي في منتصف تموز الجاري، وكان شامير قد أضاف حينئذ انه «سيجعل المفاوضات تستمر عشراً أو عشرين عاماً»، ولم تخيب الأحداث والتطورات السياسية توقعات شامير، فالمفاوضات تستمر منذ أكثر من عشرين عاماً، من دون أن تثمر عن شيء حقيقي في سياق التسوية المروج لها، بينما بقي البحر هو البحر، أما بالنسبة للعرب، فإن كان شامير قصد الأنظمة والسياسات الرسمية العربية، فقد انتقلت على نحو لم يخطر ببال مؤسسي الصهيونية، من سياسة ومواقف اللاءات للصهيونية، إلى سياسة ومواقف النعمات لها، ولكن إن كان شامير يقصد الشعوب العربية، فقد أصاب، ولم يخب ظنه.

وفي تفاصيل المشهد السياسي الصراعي المستمر مع المشروع الصهيوني، فالواضح الملموس أننا أمام خطين متوازيين لا يلتقيان على الإطلاق: «خط المفاوضات والسلام»، و«خط التطبيقات والإجراءات الصهيونية على الأرض» التي تنسف بمنتهى القسوة كل شعارات ومؤتمرات وفعاليات السلام المزعوم، فالمفاوضات والمؤتمرات شيء، وما يجري على الأرض من حروب صهيونية وصلت مؤخراً إلى مستوى تراثي وتاريخي شيء آخر.

فهذه هي السياسة الصهيونية في جوهرها، تطلق العنان لكل شعارات ولقاءات وقمم السلام الثنائية أو الثلاثية أو الرباعية مع العرب، في الوقت الذي لا يتوقف فيه البلدوزر عن بناء «حقائق الأمر الواقع» الاستيطاني التهويدي الإلحاقي على الأرض، التي لا يمكن لأي تسوية سياسية أن تخلعها على الإطلاق من جهة، ولا يتوقف فيه أيضاً عن التجريف والتخريب والهدم الشامل لمقومات الصمود والبقاء الفلسطيني وللبنى التحتية الاستقلالية الفلسطينية من جهة ثانية.

وفي قصة السلام «الإسرائيلي» كان حنان كريستال، معلق الشؤون الحزبية في الإذاعة والتلفزيون «الإسرائيلي» باللغة العبرية قال «لو قام أبو مازن بتقديم رؤوس قادة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» إلى اولمرت - في عهده - على طبق من فضة، فان الأخير غير قادر على التقدم خطوة حقيقية واحدة في اتجاه التوصل لتسوية القضية الفلسطينية»، وكان جدعون ليفي المحلل في «هآرتس» قد كتب حول هذه الحقيقة تحت عنوان: ««إسرائيل» لا تريد السلام» يقول: «حانت لحظة الحقيقة، وهذا يجب أن يقال: «إسرائيل» لا تريد السلام، انتهت ترسانة الذرائع، مخزن الرفض بات فارغاً، وإذا كان ممكناً حتى وقت أخير مضى القبول بالكاد لجملة حجج وشروط «إسرائيل» «لا شريك» و«لم يحن الوقت»، فان الصورة الناشئة الآن لا تدع أي مجال للشك، فقناع «إسرائيل» المحبة للسلام تمزق تماماً، ومن الآن فصاعداً يقال: لا مُحبة ولا سلام»، فـ «إسرائيل والسلام خطان مستقيمان لا يلتقيان» كما يؤكد الكاتب «الإسرائيلي» تسفي برئيل في «هآرتس»، ويضيف: «النظر إلى الوراء يشير إلى أننا - أي «إسرائيل» - نتدبر أمورنا منذ عام 67 من دون السلام مع سورية، أو لبنان أو الفلسطينيين، وهذا من دون أن نحصي السنوات التي سبقت الاحتلال، إذن فلماذا نغير عاداتنا؟».

وكانت عميره هاس - مراسلة «هآرتس» للشؤون العربية - أكدت على المضمون ذاته قائلة: «المفاوضات حول مستقبل بلادنا من النهر إلى البحر والشعبين اللذين يعيشان فيها، تجري في مسارين متوازيين، هذا ما كان الأمر عليه منذ محادثات مدريد وأوسلو، المسار الأول بين الفلسطينيين و «الإسرائيليين»».

وفي قصة السلام «الإسرائيلي» أيضاً، كان بن غوريون ذكر في مذكراته، أن أبا إيبان نصحه في يوم 14-7-1948، بأن لا يلهث وراء السلام، وتكفي اتفاقات الهدنة، معللاً ذلك بالقول: «لأننا إذا ركضنا وراء السلام فإن العرب سيطالبوننا بالثمن، والثمن هو تحديد الحدود أو عودة اللاجئين أو الاثنين معاً».

ومن بن غوريون إلى الراهن «الإسرائيلي» حيث كتبت صحيفة «هآرتس» أن أية حكومة «إسرائيلية» ليس باستطاعتها التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين مهما كان نوع ولون هذه الحكومة.

وأضافت «انه في حال تحول الفلسطينيين إلى «فنلنديين»، فان أي حكومة لن توقع للفلسطينيين على اتفاق سلام»، وأوضحت الصحيفة «إن السلام مع الفلسطينيين يعني الانسحاب من الأراضي المحتلة بما فيها القدس إضافة إلى عودة اللاجئين الأمر الذي لا يمكن أن تقبل به أية حكومة «إسرائيلية»».

هكذا هو المشهد على حقيقته، فالبحر سيبقى هو البحر، والعرب سيبقون هم العرب، والصهيونية ستبقى هي الصهيونية، وما جرى في فلسطين، يفتح الصراع الوجودي حتى تحين ساعة الحل الجذري بالتحرير وعودة أصحاب الوطن المغتصب والمهوّد..!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 82 / 2165274

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165274 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010