الثلاثاء 31 تموز (يوليو) 2012

ميدان إطلاق النار 918..!

الثلاثاء 31 تموز (يوليو) 2012 par نواف الزرو

قد يخطر بالبال أن هذا الميدان ربما يكون على خط من خطوط الجبهات «الإسرائيلية» العربية، أو قد يكون في ساحة من ساحات القتال الساخنة، أو ربما في قلب أحد معسكرات جيش الاحتلال، غير أن هذا الميدان وعلى خلاف ما قد يخطر بالبال، يعتزم جيش الاحتلال الصهيوني إقامته جنوب مدينة خليل الرحمن، وعلى أنقاض عشر قرى عربية، قرر وزير حربهم ايهود باراك هدمها، نظراً لحيوية المنطقة لتدريبات الجيش، ومن المفترض حسب التقارير أن يتم نقل سكان القرى المهددة بالهدم إلى يطا والبلدات المحيطة، وسوف يسمح الاحتلال - تصوروا - لسكان القرى الفلسطينيين بفلاحة أراضيهم ورعاية مواشيهم في الفترات التي لا يجري فيها الجيش أية تدريبات في المنطقة.

ورغم أن هذه القرى العربية قديمة وعريقة وقائمة قبل الاحتلال عام 1967، وقبل قيام «إسرائيل» عام النكبة، وهي قائمة منذ الثلاثينيات من القرن التاسع عشر، على الأقل، إلا أن جيش الاحتلال وما يسمى بـ«الإدارة المدنية» يعتبران سكان هذه القرى كـ«غزاة لمنطقة إطلاق النار 918»، أما القرى التي تقرر هدمها، فهي حسب مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية: مجاز، تبان، سفاي الفوقا، سفاي التحتا، فخيت، حلاوة، المركز، وجنبة الفوقا، جنبة التحتا، وخروبة، وأوضح المركز ان تنفيذ الاحتلال قراره هذا، سيشرد نحو 1500 مواطن، وسيصادر نحو 30 ألف دونم، علماً أن مساحة المنطقة المستهدفة تقدر بنحو 56 ألف دونم.

ويلجأ الاحتلال للسيطرة على الأراضي الفلسطينية عبر بوابة وحجة التدريب العسكري، بعد أن تفشل محاولاته الأخرى لمصادرتها بالطرق المعهودة مثل التزوير، والصفقات، ووضع اليد، مشيراً إلى أن هذه الذريعة (التدريب العسكري) تحرم صاحب الأرض من حق الاعتراض، ويذكر أن جيش الاحتلال كان قد أعلن في نهاية السبعينيات من القرن الماضي عن نحو 30 ألف دونم كمنطقة عسكرية مغلقة.

وحسب احدث التقارير الفلسطينية - القدس: 13/6/2012 - فان مئات العائلات الفلسطينية تحاصر هناك في عشرات القرى والخرب النائية والصغيرة أقصى جنوب الخليل بالضفة الغربية، وهي بدائية قاحلة.. معتمة ومليئة بالوجع والبؤس والحرمان، ففي سوسيا، وطوبا، ومنيزل، والتوانة، وهرابة النبي، والكرمل، والمفقرة، والتبان، وخلة الحجر، ومغاير العبيد، وطوبة، والمجاز، والفخيت، وأم الخير، وغيرها من القرى والخرب المهمشة، يجد المواطنون الفلسطينيون البسطاء، أنفسهم على الدوام في الهامش الضيق الذي ترزح فيه مناطقهم تحت وطأة الفقر والجوع.. ووطأة جيش ومستوطنين مسلحين بأنياب عنصرية، وهناك، على الخط الأمامي للمواجهة، تدور الوقائع في مساحة من الأرض الشاسعة التي تصل إلى نحو 100 ألف دونم، كانت أعلنتها سلطات الاحتلال في عام 1999، عبر سلسلة من الأوامر العسكرية، منطقة مغلقة بدعوى التدريبات العسكرية التي يجريها الجيش «الإسرائيلي»، غير أن هذه الذريعة استهدفت بالأساس تأمين إقامة مستوطنات «إسرائيلية» في المنطقة وتوسيعها.

وتكشف التفاصيل المريرة في سياق تنفيذ المشاريع التوسعية الاستيطانية، والسيادة على الأرض، بشاعة الأدوات التي يستخدمها جيش الاحتلال في سبيل تحقيق غاياته: «جنود يجرجرون الأجساد العارية فوق سخونة الصخر ووخز الشوك.. وأجساد أطفال لا تقوى على قساوة الهراوات، وأعقاب بنادق تنهال دونما رحمة على أجساد النساء والمسنين لأنهم يرفضون الانصياع لعملية تهجيرهم عن أماكن ولادتهم»، والأعمال العدائية تجاه عشرات العائلات في قرى وخرب شرق يطا، حالة مستمرة ويومية، ذلك ان هذه المناطق وغيرها ذات أولوية على خارطة المصالح «الوطنية» «الإسرائيلية»، كما يقول خبير الخرائط والاستيطان عبد الهادي حنتش، الذي أشار الى أن مناطق شرق يطا تتعرض منذ سنوات طويلة، إلى حملة «تطهير عرقي» بكل ما تعنيه الكلمة.

وفي الذاكرة الوطنية الفلسطينية، أن الإعلان عن أراضٍ فلسطينية كـ «ميادين إطلاق نار»، شكل في عهد الحكم العسكري «الإسرائيلي» في فلسطين المحتلة عام 48، منهجاً شائعاً للسيطرة على عشرات آلاف الدونمات التابعة للفلسطينيين وتقليص مجال معيشتهم، وبعد الاحتلال عام 1967 تبنى الحكم العسكري الجديد في المنطقة هذا النهج، وعلى مدى السنين أضيفت إلى ذلك الآلية المسماة «منطقة أمنية خاصة»، بموجبها يقيد دخول الفلسطينيين إلى مناطق يملكونها، وتوجد بجوار المستوطنات أو محاور حركة السير التي يستخدمها المستوطنون.

هناك إذن، جنوب الخليل، يخلع الاحتلال كل الأقنعة ليكشر عن أنيابه الحقيقية ويقف عارياً: حملات تطهير عرقي منهجية: إطلاق رصاص، قتل، تشريد، اعتقالات، تجريفات، هدم بيوت وكهوف وعرائش، وترك عشرات العائلات في العراء.

تواجه مدينة خليل الرحمن سياسة إرهاب شامل، على يد جيش ومستعمري الاحتلال، وتلك السياسة راسخة محمومة متصلة تقف وراءها كافة الحكومات والقوى السياسية «الإسرائيلية»، وتتكامل فيها ممارسات دويلة المستوطنين الإرهابية، مع تحركات وإجراءات الجيش والحكومة، في مسعى مبيت لإحكام السيطرة الإستراتيجية على المدينة.

تحتاج الخليل كما القدس وأنحاء الوطن المحتل، إلى سياسات وأولويات فلسطينية عربية أخرى، والى انتفاضات فلسطينية عارمة متواصلة حتى رحيل الاحتلال..؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2166003

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2166003 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010