الجمعة 3 آب (أغسطس) 2012

الكونغرس الفاشل

الجمعة 3 آب (أغسطس) 2012 par د. سمير التنير

يعتبر الكونغرس الأميركي «فخر» الديموقراطية، والحافظ للتوازنات السياسية، بكل ما تحمله من تناقضات. ولكن الكونغرس الحالي يواجه الفشل الذريع، إلى جانب تهاوي النظام السياسي.

ان الكونغرس الحالي الأكثر فشلاً والأقل إنتاجية منذ العام 1947، إذ لم ينجز سوى 80 قانوناً في العام 2011، على الرغم من تراكم الأزمات السياسية والاقتصادية في ذلك العام، لم يتخذ أية مواقف في قضايا العجز في الموازنة الفيدرالية، والتغير المناخي، والهجرة، والسياسة الضريبية، وإصلاح أنظمة التأمين الصحي، وفي كل قضايا العصر.

تقف السياسة مكتوفة اليدين في أميركا ولا تستطيع حل مشاكلها، كما كان الأمر من قبل. ويصيب الفشل السياسة المالية والضريبية. لم يعد الكونغرس ذلك الجهاز الحافظ للتوازنات بين الأحزاب والشخصيات السياسية. تتحول الندوات والاجتماعات إلى العنف اللفظي، وعدم احترام الآخر. لقد فقد الكونغرس ثقة 80 بالمئة من الأميركيين. ويثير فشله الذريع إمكانية الحكم بالطرق القديمة.

يمثل تاريخ الكونغرس صفحات من الديموقراطية الأميركية المتلاشية اليوم. لم يعد بوسع تلك الديموقراطية تحديد الاتجاهات. لم تعد السياسة تتوجه إلى تحقيق رفاهية الناس. وأصبح ممثلو الشعب خاضعين لضغوط «اللوبيات» وجماعات المصالح المتنافرة.

تسير الأمور طبيعية وعادية، إذا كان النمو الاقتصادي يحقق تقدماً. إذ تقوم دولة الرفاه الاجتماعي عند ذاك بتوزيع الأرباح على كل الفرقاء. ولكن عندما يتجمد النمو الاقتصادي ويرتفع الدين الخارجي ويكبر عجز الميزانية، لا يعود باستطاعة الدولة تقديم أي شيء. كان المجتمع الأميركي ولا يزال مجتمع التطرف وصراع الأضداد.

يسود الغرور صناع السياسة في أميركا، وذلك منذ انفجار الأزمة المالية في العام 2008. تراجعت الثقة بالمؤسسات، وأصبحت الدولة عدوة للمواطن، والنخبة عدوة للشخص العادي. عاد التطرق إلى السياسة وتمثل ذلك بحركة «احتلوا وول ستريت» اليسارية و«حزب الشاي» اليميني المتطرف.

تبقى السياسة في العالم أمراً مركباً ومعقداً جداً. ولكنها في أميركا بسيطة ومباشرة بل وجاهلة لأبرز المشكلات في العالم، ومنها التغير المناخي، والهجرة التي تهدد سيطرة الطبقة البيضاء الحاكمة والمعروفة بـ WASP أي الأبيض الانكلو ـ سكسوني البروتستاني، والجاهلة كذلك للتفوق العملي وللسياسة الغذائية.

يدعي النظام السياسي الأميركي بأنه الأكثر شفافية في العالم. كما ان مراكز الأبحاث في واشنطن تعد الأفضل في العالم. ولكن السياسيين لا يتصرفون وفق المبادئ الإنسانية والعدالة، بل وفقاً لأفكار الأحزاب و«اللوبيات» التي ينتمون إليها.

تبقى السياسة في أميركا أمراً مكلفاً جداً. فالحملة الانتخابية الرئاسية تكلف ملياراً من الدولارات. أما حملة انتخابات مجلس الشيوخ فإن العضو الواحد منها يكلف حوالي 8,5 ملايين دولار وعضو مجلس النواب 1,4 مليون دولار، لذلك فلا عجب ان تمتلئ تلك المجالس بالأغنياء فقط.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165777

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165777 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010