الأربعاء 16 حزيران (يونيو) 2010
قائد سفينة الحرية في حوار مع «الشرق» القطرية..

بولند يلدرم : أسطول قافلة الحرية 2 جاهز إذا فشلت الدبلوماسية في رفع الحصار عن غزة

الأربعاء 16 حزيران (يونيو) 2010

أجرى الحوار : جابرالحرمي - طه حسين

هو نوخذة من عصر اللؤلؤ.. ذلك الثائر التركي العنيد الذي لقّن الاسرائيليين وقوات النخبة درسا في عمق البحر مع مطلع الفجر، في مواجهة هم الذين اختاروا زمانها ومكانها، لكنه كان مستعدا لها بدون أي سلاح بل كان الطرف الآخر هم المدججون بالاسلحة التي كان مصيرها قاع المتوسط.

هناك في المياه الدولية كانت المواجهة التي قادها بولند يلدرم، ذلك المحامي التركي العنيد رئيس هيئة الاغاثة الانسانية التركية (IHH) ورئيس الحملة التركية لكسر الحصار، رجل استطاع - وبدون ان يكون ذلك هدفه - تحويل مدينته اسطنبول الى عاصمة المجتمع المدني العالمي ومربط خيول العرب وميناء تهوى اليه افئدة البحارة من كل صوب يريدون الانضمام الى قافلته الثانية الحرية 2.

ولمن لم يعش عصر اللؤلؤ فإن شخصية النوخذة هو ربان السفينة، وصاحب الأمر والنهي فيها، لكن الاحداث التي واجهتها سفينة الحرية التركية التي أبحرت من اسطنبول صوب غزة جعلت من بولند يلدرم شخصية أكبر من مجرد نوخذة، قد يكون بلغة اهل الغوص هو “السردال” وهو أكفأ النواخذة وأقدمهم وأكثرهم خبرة ودراية في الحسابات وأماكن الهيرات وأعماقها والاتجاهات الصحيحة وعلى معرفة بالشمس والنجوم والعلامات الموجودة على الساحل.

على سفينة الحرية برزت شخصية بولند يلدرم وحكمته في ادارة معركة غير متكافئة بالموازين العسكرية لكنها بالمعايير الاخلاقية رجحت فيها كفة بولند ورفاقه. لم تكن معركة اسلامية يهودية كما يحلو للبعض ان يراها، فالنوخذة كان يحمل معه شخصيات من شتى الاديان بل واللادينيين، كلهم جمعهم حب الانسان الفلسطيني الخاضع للاحتلال بحرا وبرا وجوا وجمعهتم الرغبة في رفع الحصار عنه.

كانت معركة ارادة، فـ “النوخذة” كانت تعليماته صارمة لرفاقه على متن سفينة الحرية: “لانريد أن نقتل منهم أحدا نريد فلسطين، لانريد ان نخسر معركة بإزهاق روح حتى لو كانت يهودية، سيطروا عليهم وانتزعوا أسلحتهم وألقوا بها في اليم، عالجوا جرحاهم، لن ننتقم للشهداء، دافعوا عن أنفسكم، لاتوقعوا على تعهدات، لاتهزكم أسلحتهم، فلسطين ستعود وسينهزمون”.

لقد خرج بولند يلدرم ورفاقه من المعركة منتصرا وعندما اتهمه الاسرائيليون بأنه استولى على أسلحة قوات النخبة استهزأ بهم وأشار إلى قاع البحر وقال “دونكم أسلحتكم هناك تصدر اشارات بإمكانكم انتشالها من قاع البحر”، نوخذة محبوب تركيا وعربيا وعالميا، رفض رفاقه أن يغادروا شواطئ فلسطين المحتلة إلا وهو معهم ليعودوا بروح عالية وبعزيمة أشد على تسيير سفينة الحرية 2 وبات مألوفا ان يستوقفه الناس في الطريق ويطلبون منه ان يسجل أسماءهم في قافلة الحرية الثانية بمن فيهم أسر الشهداء التسعة الذين سقطوا فداء لفلسطين.

اللقاء مع نوخذة سفينة الحرية تأجل أكثر من مرة بسبب انشغالاته ولقاءاته مع ممثلي المجتمع المدني العالمي والعربي والتركي ومع المسؤولين في الحكومة التركية، فالرجل قاد سفنا تركية ترفع العلم التركي وكونه يمثل المجتمع المدني الا ان الدولة في النهاية هي التي تريد دفة معركة مابعد المواجهة هي معركة دبلوماسية ومعركة توازنات، بينما يتولى بولند ادارة دفة الحراك المدني داخليا وعربيا وعالميا، وبسبب الوفود التي تتردد بلا انقطاع على مقر هيئة الاغاثة الانسانية التي يرأسها والتي نظمت قافلة الحرية تم اللقاء الذي امتد ساعة ونصف الساعة في مقهى صغير ولم يتوقف الا باشارة من النوخذة بأنه قد أرهق وقال مازحا انه لم يتعرض لكل هذه الاستجوابات من الاسرائيليين... فإلى نص الحوار..

- السيد بولند دعنا نبدأ من آخر التطورات.. ماذا بعد اسطول الحرية؟

* أولا نحن نشكركم على حضوركم الى تركيا لتسليط الضوء على هذه القضية.

اما بالنسبة لما حدث مع اسطول الحرية الذي كان ذاهبا في رحلة انسانية الى غزة، فان هذه القضية اصبحت اليوم قضية عالمية، واصبحت قضية رأي عام عالمي، ونحن لن نترك هذا الامر، فقد اصبح لنا 9 شهداء ومئات الجرحى، لكننا سنعطي فرصة لرؤساء الدول لحل هذه القضية، ولكن اذا لم تحل هذه القضية فاننا نفكر في اسطول الحرية الثاني، وهو سيكون اكبر بكثير من الاسطول الاول، واليوم هناك حملة رغبة لدى مختلف شعوب ومنظمات المجتمع المدني في مختلف دول العالم للمشاركة في الرحلة الثانية، والتي لن تكون عشر او عشرين سفينة، بل سيتجاوز العدد ذلك بكثير وسيكون محل استغراب العالم اجمع.

نحن اليوم ننتظر من زعماء العالم حل مشكلة غزة، واذا لم يتوصلوا لذلك فان خيار اسطول الحرية الثاني سيكون هو السبيل لكسر الحصار على غزة.

- هل تم تحديد موعد انطلاق الرحلة الثانية؟

* لا استطيع الاعلان عن الموعد القادم، لكن كل الامور جاهزة، وسنعطي فرصة بضعة اشهر للتحركات الدبلوماسية وسننتظر الجهود العالمية وتحركات رؤساء الدول لحل المشكلة ورفع الحصار عن غزة، هناك اليوم فتح جزئي لمعبر رفح، حيث تدخل بعض المواد الغذائية لسكان غزة.

- نفهم انه اذا فتح معبر غزة لن يتم تسيير سفن الى غزة؟

* نحن نستهدف كسر الحصار على غزة، واذا كانت التحركات الى غزة عادية ويستطيع السكان ان يتحركوا في كل مكان عندها لن نسير رحلات، ليس من حق اسرائيل او اي طرف فرض حصار بحري على غزة.

- هل هناك فترة زمنية محددة اذا لم تحل المشكلة ويرفع الحصار ستقومون بالرحلة الثانية؟

* ليس هناك فترة زمنية، ولكن حسب الاحداث العالمية، وسننظر ما سيفعله السياسيون، نحن في المرحلة الاولى قدمنا الشهداء، في المرحلة الثانية سيكون العقل والجرأة مصاحبين لهذه الرحلة العالمية التي ستكون الاكبر.

- هل ما جرى في الرحلة الاولى قدم لهم الجرأة ام ادخل الى قلوبهم الخوف من الاقدام على الرحلة الثانية؟

* اقول لك امرا.. اذهب الى عوائل الشهداء واسألهم هذا السؤال.. اليوم عائلات الشهداء جميعهم يريدون المشاركة في الرحلة الثانية.. في الشارع الناس العاديون يوقفونني ويرجونني بان اسجل اسماءهم في الرحلة الثانية.

- ما حقيقة ان هناك رغبات من مسؤولين اتراك وعرب بأن يكونوا ضمن الرحلة الثانية.. هل تلقيتم طلبات فعلية بذلك؟

* على الرحلة الاولى كان هناك مسؤولون وسياسيون، وفي الرحلة الثانية سيكون العدد الاكبر، فنحن في الرحلة الاولى اعتذرنا لعدد من السياسيين لظروف معينة، اؤكد ان الرحلة الثانية سيكون الامر مختلفا، والعدد كبير سواء من المسؤولين او العدد الاجمالي للمشاركين من مختلف دول العالم.

- ما حقيقة ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان سيشارك في الرحلة الثانية؟

* لا علم لدي بذلك.

- الى الآن الارقام متضاربة بالنسبة لعدد الشهداء.. ففي البداية قيل انهم 16 ثم تراجع العدد الى 9.. ما هو العدد الحقيقي للشهداء؟

* اسرائيل اعلنت في البداية ان عدد الضحايا 16 والسبب انها كانت لديها قائمة بأسماء وصور المستهدفين بالقتل، ولكنها عندما دققت في صور الكاميرات اكتشفت ان الذين استشهدوا كانوا 9 فقط، فتراجعوا عن الارقام التي اعلنوها في البداية.

- هذا يعني ان اسرائيل كانت متعمدة في ارتكاب الجريمة لاغتيال عدد من الشخصيات الموجودة على السفينة؟

* نعم، فالقائمة سقطت من الجنود خلال عملية الانزال على السفينة، ورأينا الاسماء المستهدفة بالقتل، ولكن لم يتمكنوا من قتل كل من ورد بالقائمة من الاشخاص وقتلوا شبيها للشيخ رائد صلاح وهو عجوز تركي خرج من اجل فلسطين.

- قيل كذلك إن هناك عددا من الشهداء قد ألقوا بهم بالبحر.. هل هذا صحيح؟

* في البداية عندما بحثنا عن الجرحى ولم نجدهم اعتقدنا انهم قد استشهدوا وتم القاؤهم بالبحر، لكن اكتشفنا في ما بعد انهم قد نقلوا الى المستشفيات، وحاولت اسرائيل في البداية ان تنفي وجودهم في المستشفيات، وقالت انه لا علم لها بهم، لكن بعد اصرارنا على معرفة مكانهم اخبرونا بأنهم في المستشفيات.

- كيف بدأ العدوان الاسرائيلي على السفن؟

* اول التحركات الاسرائيلية بدأ عند الساعة الحادية عشرة والنصف حيث كانت السفن الحربية الاسرائيلية تراقبنا عن بعد من كل الجهات ولم نكن نراهم بالعين المجردة، انما من خلال اجهزة الرصد الموجودة بسفننا، ثم تطور الامر بمرور بعض الزوارق الاسرائيلية من امام سفينتنا، وعند الساعة الثانية والنصف قلنا ان هؤلاء يريدون فقط اخافتنا دون الاقدام على عمل تجاهنا، فطلبنا من الجميع الذهاب للنوم، وفي الساعة الرابعة اذن للفجر، فقمنا للصلاة، وعند الساعة الرابعة والنصف اثناء استعدادنا لتأدية صلاة الفجر بدأوا بالاقتراب من السفينة، وظهرت فجأة الطائرات العمودية وخرج الغواصون، وبدأوا بإطلاق القنابل الصوتية والغازية والرصاص، وقبل الانزال الجوي بدأوا بإطلاق الرصاص الحي علينا، ثم بدأوا الانزال مع استمرار اطلاق النار، وهنا سقط لنا 9 شهداء و50 جريحا.

- هل بالفعل حدثت مقاومة على السفينة؟

* في البداية لم تكن هناك مقاومة، نظرا لوجود اعداد كبيرة على السفينة، ووجود نساء معنا كذلك، تفاديا لأي مبرر لإطلاق نار من قبل الاسرائيليين، ولم نكن نفكر اصلا انهم سيطلقون النار، لكن عندما رأينا استمرار اطلاق النار، وانه لا طائل من الوقوف حدثت بعض المقاومة، واستطعنا الامساك بالجنود الاسرائيليين فعليا، لكننا لم نؤذهم وقمنا بإطلاقهم، واخذنا اسلحة من الجنود لكننا رميناها في البحر ولم نستعملها ضدهم.

- لماذا لم تقوموا باستعمال الاسلحة التي اخذتموها من الجنود؟

* من اجل فلسطين، لاننا على الحق، وحتى لا نعطيهم اي مبرر لاستخدام السلاح، فلو استخدمنا السلاح الذي اخذناه منهم لربما ابادوا من في السفينة جميعهم.

- كيف كانت معاملة الاسرائيليين لكم منذ ان تمت السيطرة على السفينة واخذكم الى اشدود ثم الى الاعتقال؟

* بدأوا اولا بتعذيب الجرحى، كل الجرحى بلا استثناء، كأننا في السجن، وفي المراحل التي مررنا بها كان هناك تحقير لنا، وتم وضعنا في سجن جديد، وتم اعطاؤنا اطعمة غير معروفة، نقوم حاليا بإجراء فحوصات للتأكد ما اذا كانت مضرة صحيا او بها مواد ضارة بالانسان، وننتظر ظهور نتائج هذه الفحوصات، لان هناك من المعتقلين الذين تناولوا المياه التي قدمها الاسرائيليون لم يذهبوا الى دورات المياه لمدة يومين كاملين.

- تعتقدون ان الاسرائيليين قد يكونون قدموا لكم اغذية سامة او مضرة بالصحة؟

* نعم فقد اعطونا بعض الاغذية كالماء وبعض المأكولات من اجل اضعافنا، لكن مدى تأثير هذه الاطعمة على الجسم في المدى البعيد فاننا ننتظر نتيجة الفحوصات التي اجريناها بعد عودتنا.

- هل وقعتم على تعهدات بعدم قيامكم برفع قضايا ضد المسؤولين الاسرائيليين مستقبلا؟

* في البداية عندما اخذونا الى السجن بميناء اشدود اتوا لنا بأوراق تعهد للتوقيع عليها لكننا رفضنا ولم نوقع عليها، وعندما اصرت تركيا على خروجنا وعودتنا، اتوا لنا بأوراق مرة ثانية للتوقيع عليها وقالوا ان من لم يوقع لن يطلق سراحه، قمنا بالكتابة بهذه الاوراق ان اسرائيل دولة الارهاب وتحتل اراضي فلسطين ونحن لا نقبل ذلك ابدا.

لكننا لم نوقع اي تعهدات بعدم رفع قضايا على اسرائيل او المسؤولين الاسرائيليين.

- هل تعتزمون رفع قضايا ضد اسرائيل او المسؤولين الاسرائيليين؟

* نعم والمحامون بدأوا بذلك.. اسرائيل اساءت لنا واخذت اموالنا والمساعدات التي كنا نحملها واهانتنا.. كل الجرائم ارتكبتها بحقنا، سنقوم برفع قضايا في كل المحاكم سواء في تركيا في دول العالم المختلفة، وبالفعل بدأنا تحريك دعاوى ضد اسرائيل.

- اسرائيل ادعت ارتباطكم بتنظيم القاعدة وانكم ارهابيون.. وهي اليوم لا تريد اعادة السفن التي تحتجزها؟

* اسرائيل تدعي كل شيء، ولو سألتها عن سفينة “تايتنك” لقالت انها هي التي اغرقتها.. استغرب جدا من ادعائها ارتباطنا بالقاعدة، فلو كان هذا صحيحا لقامت تركيا باعتقالنا.

- عندما بدأت المواجهة الاسرائيلية للسفينة في المياه الدولية هل قمتم بإبلاغ الجهات الرسمية التركية، وطلبتم حماية القوات التركية البحرية منها او الجوية؟

* نحن وضعنا كاميرات لنقل كل ما يدور في السفينة الى العالم كله من خلال المواقع الالكترونية او الجهات التي ترغب بذلك، فالعالم كله كان يشاهد ما يدور في السفينة ويعرف اولا بأول بذلك، وحينما بدأت اسرائيل بمحاصرتنا اعلنا ذلك لكن لم يأت اي طرف لنا، ولم نكن نحن او غيرنا حتى يتوقع بقيام اسرائيل بهذه الجريمة.

- لكن بالتحديد هل طلبتم حماية سلاح الجو التركي او طلبتم تدخله؟

* قبل ان يبدأوا الهجوم على السفينة عند الساعة الرابعة فجرا قامت اسرائيل بقطع كل الاتصالات من السفينة الى العالم.

- في الرحلة الثانية اذا ما عرضت دولة ما حمايتكم عسكريا هل ستقبلون بذلك؟

* كلا لن نقبل بذلك.

- لماذا؟

* لاننا نمثل جمعيات ومنظمات اهلية ومجتمعات مدنية، والذين سيكونون على ظهر هذه السفن فانهم مستعدون لتقديم كل شيء.

- نتنياهو بعد اعتقال سفينة راشيل كوري واقتيادها الى ميناء اشدود قال انظروا لم تحدث مصادمات مع هذه السفينة لان الذين على ظهرها حضاريون من اوروبا، بينما من سبقوهم يقصد من على السفينة من الاتراك ارهابيون وفوضويون هم من تسبب بما حدث.. ما هو تعليقكم على ذلك؟

* طبيعي جدا الا تكون هناك مقاومة في سفينة راشيل كوري لان عدد من كان عليها قليل جدا ولا يقارن بمن على اسطول الحرية، الذي بلغ عدده 6 سفن، تحمل اكثر من 600 شخص كما ان الاسرائيليين قبل ان يبدأوا بعملية الانزال قاموا باطلاق النار واستمروا بذلك، وبالتالي هم من بدأوا باطلاق القنابل والرصاص ولسنا نحن.

الامر الآخر ان اسرائيل اتت الى سفننا وهي تحمل قائمة من الاسماء مطلوب اغتيالها، ورأينا تلك القائمة المتضمنة الاسماء والصور والتي سقطت من احد الجنود الاسرائيليين خلال عملية الانزال، بمعنى ان القوات الاسرائيلية جاءت الينا وهي تقصد مهاجمتنا عسكريا واغتيال عدد من الشخصيات التي كانت على السفينة، لذلك كان من الطبيعي ان تكون هناك مقاومة.

كانت اسرائيل تستطيع بسهولة السيطرة على السفينة دون استعمال الاسلحة، كان بمقدورها مثلا ايقاف المروحة التي تدفع بالسفينة ومن ثم ايقافها واقتيادها الى ميناء اشدود، لكنها لم تفعل ذلك لاهداف اخرى، وفضلت استخدام النار واطلاق الرصاص على الابرياء والعزل من اجل ايجاد تبرير لقتل الـ “16” شخصا المراد اغتيالهم من قبل اسرائيل.

- التفاعلات التي اعقبت الجريمة الاسرائيلية سواء على المستوى الداخل التركي او على المستوى العالمي.. هل تتوقعون استمرارها ام انها مجرد هبات سريعة ستتوقف وسينتهي كل شيء؟

* لا اعتقد ان هذه التفاعلات ستختفي، لان المشكلة الاساسية لم تحل، واقصد سكان غزة الذين لا يزالون يعانون من جراء الحصار الذي تفرضه اسرائيل عليهم، والتظاهرات القادمة ستكون اكبر واشمل، لأننا نجحنا في تعرية اسرائيل والعالم بات يعرفها اكثر.

- العلاقات التركية الاسرائيلية اليوم وبسبب اسطول الحرية دخلت مرحلة توتر شديد، ويقال انكم سحبتم تركيا الى حقل الغام.. كيف تنظرون الى هذا الامر؟

* على العكس نحن قمنا بتنظيف منطقة الالغام التي كانت موجودة بين تركيا واسرائيل!.

- ماذا تقصدون بذلك؟

* هناك الغام وضعتها اسرائيل، فهي دولة عنف في المنطقة، ونحن نحاول ان ننظف جانب العنف في اسرائيل في هذه المرحلة، وهذه السياسة التي تمارسها اسرائيل تضر كثيرا حتى بالشعب الاسرائيلي.

- لكن على صعيد العلاقات التركية الاسرائيلية فانها تتجه الى مزيد من التصعيد وربما المواجهة وانتم السبب فيها..

* تركيا اليوم تطالب اسرائيل بثلاثة امور، اولها دفع تعويضات، وثانيا رفع الحصار عن غزة، وثالثا الاعتذار لتركيا.

- واذا لم تفعل اسرائيل ذلك؟

* الحكومة التركية اكدت انها ستضع كل العلاقات مع اسرائيل على الطاولة وستبدأ بمناقشة كل بند في هذه العلاقات، ونحن سننتظر ذلك، لكن اؤكد لكم اننا لسنا السبب فيما وصلت اليه هذه العلاقات من تدهور، بل ان اسرائيل هي السبب الرئيسي لهذا التوتر، فنحن كنا في المياه الاقليمية الدولية، ولم نكن اصلا في المياه الاسرائيلية حتى تتم مهاجمتنا وقتل افراد منا، فلو دخلنا في المياه الاقليمية الاسرائيلية لكان الخطأ منا.

- هل انتم متحالفون مع الحكومة التركية؟

* نحن مؤسسة مدنية، وكنا ضمن مجتمع مدني، ولا نسمح للحكومة بالتدخل في عملنا.

- وجدنا وفودا عربية وعالمية توافدت عليكم، وهناك وفود ليس لها علاقة بالقضية الفلسطينية.. ما مغزى هذا التوافد الكبير لهذه الوفود؟

* هذا التوافد يشير الى ان هناك اتفاقا بين مختلف شعوب العالم على الفضائل، تماما كما كان في الجاهلية قبل الاسلام هناك حلف الفضول الذي تعاهدت فيه عدد من القبائل على نصرة المظلوم، واليوم هذا المشهد هو قريب من ذلك، فهذه الوفود ارادت ان تقول انها تناصر المظلومين في اي مكان بالعالم، ضد العنصرية.

ومؤسستنا ليست وليدة اليوم، انما الجميع في العالم يعرفها، ويعرف مواقفها ومصداقيتها وجهودها، ولدينا الملايين من المتطوعين.

- انتم اليوم على قائمة المطلوبين لاسرائيل، وتشكلون عنصر “مشاغبة” لها.. الا تخشون على حياتكم من اي تهديد؟

* الله هو الذي منحنا الحياة وليست اسرائيل.. اعيش حياتي عاديا، واتحرك كما اشاء دون خوف.

- ألم تتلقوا من الدول بصفة رسمية بتمويلكم او توفير السفن في الرحلات القادمة؟

* لم يكن هناك اي تمويل رسمي حكومي من اي دولة، ولا نطلب ذلك، ولا نريده اصلا، فنحن نتعامل مع الشعوب فقط وليس مع الدول.

- الظاهرة الجديدة التي كانت جلية على سفن رحلة الحرية انه كان تجمع المجتمع المدني العالمي.. كيف يمكن استثمار ذلك لنصرة قضية فلسطين؟

* هذا سيأخذ وقتا، لكننا نبحث ذلك فعليا.

- هل ستستثمرون هذه الصحوة العالمية لمزيد من الضغوط على اسرائيل؟

* قلت صراحة لاسرائيل خلال التحقيقات اننا نريد السلام، وطلبت منهم ان نفتح فرعا لمؤسستنا في القدس، لكنهم لم يسمحوا لنا.

- ما هو مفهومكم للسلام؟

* نريد ان تعيش الشعوب في الشرق الاوسط بسلام وامن ولديها الحريات والحقوق، ولا يهمنا كثيرا الرأي السياسي للسلطات او الحكومات في الشرق الاوسط، ولو كانت لدينا امكانية بسيطة سنستخدمها في خدمة الشعوب بالمنطقة والعالم، وقلت لهم اثناء التحقيقات معي اذا تعاملتم مع الشعب الفلسطيني بهذه الطريقة ستنعزلون عن العالم، واذا استمررتم فى هذه الطريقة فانه بعد عشر سنوات ستكونون انتم المحاصرون من قبل شعوب المنطقة، وعندها سنقف معكم لفك الحصار.

- اسطنبول كانت تعج بالاسرائيليين في كل مكان وخاصة خلال الصيف.. فهل سيشهد صيف هذا العام غياب الاسرائيليين من تركيا وبالتالي بقاءهم محاصرين داخل اسرائيل؟

* الاسرائيليون هم الذين سيقدرون ذلك، نحن لن نتدخل في ذلك، ولم نمنع احدا من المجيء الينا، فالشعب التركي يحترم الضيف، ويحافظ على امنه، كما حافظنا على ارواح الجنود الاسرائيليين على ظهر السفينة الذين وقعوا تحت ايدينا ولم نلحق بهم اي اذى، سنحافظ كذلك على سلامة الاسرائيليين اذا ما اتوا الى بلادنا لسنا امة انتقام.

- هذا يعني انكم اسرتم اسرائيليين خلال اقتحام الجنود لسفينتكم؟

* نعم ووسائل الاعلام نقلت ذلك وطلبت من الاطباء علاج جرحاهم وعدم تركهم ينزفون ونجحنا في شل حركتهم.

- زرنا اسطنبول مرات سابقة وكان للسياح الاسرائيليين حضور في الشارع التركي هل تعتقد انك تسببت في خفض عددهم هذا الصيف؟

* هم يقررون بأنفسهم اذا ارادوا المجيء الى هنا أم لا، وشعبنا يحترم الضيف ويحافظ على أمن الضيف أيا كان كما حافظنا على الجنود الاسرائيليين الذين كانوا في ايدينا.

- انتم اسرتم عددا منهم وكانوا في ايديكم؟

* بالطبع سيطرنا عليهم وألقينا بأسلحتهم في البحر وجلسوا يصرخون خوفا من انتقامنا لكننا اكتفينا بأخذ الاسلحة منهم وقمنا باحتجازهم وجعلناهم غير مؤثرين وشخصيا طلبت من اطبائنا ان يعالجوا جرحاهم رغم وجود شهداء لنا سقطوا بدم بارد وسلمناهم بعد ذلك الى القوات الاسرائيلية.

- في التشريح الذي جرى على جثث الشهداء تبين انهم قتلوا عن قرب؟

* صحيح وبعض الشهداء تعرضوا للقتل على بعد 45 سم فقط وقد اطلقوا النار على فتى لا يتجاوز عمره 14 سنة بدم بارد وبشكل متعمد وفي وجهه مباشرة.

- اختيار اسرائيل توقيت الهجوم بشكل مباغت واثناء صلاة الفجر هل كان الهدف منه بث الرعب اكثر منه رغبة في السيطرة على السفينة فهل حققت هدفها؟

* أنصحكم ان تلتقوا مع من خرج من السفينة لتسمعوا منهم وتشاهدوا روحهم المعنوية العالية بعد هذه المواجهة كلهم قالوا لي انه اذا تحركت السفن من جديد فهم سيكونون على متنها ليس فقط الاتراك ولكن الغربيين ايضا بل واسر الشهداء اكدوا انهم على استعداد للانضمام للقافلة الجديدة.

- اسرائيل تحتجز السفن بحجة انها لارهابيين؟

* القافلة لم يكن على متنها اتراك فقط بل كان هناك جنسيات من اكثر من 50 دولة فهل كل هؤلاء ارهابيون؟ على اسرائيل اذن ان تعلن الحرب على 50 دولة. السفينة كانت تركية لكنها تحمل جنسيات متعددة.

- هل لكونها تركية يشعر المواطن التركي ايا كان انتماؤه الحزبي ان كرامته اهينت على ايدي الاسرائيليين وان دمه اريق لأول مرة على يد اسرائيل والا يخلف ذلك كراهية لدى المواطن التركي؟

* ما حدث ليس امرا عاديا.

- اذن للشعب التركي ثأرعند الاسرائيليين؟

* نحن لا نعتبره ثأرا والشعب التركي لاينتقم من شعب آخر ويريد تصفية الامور بشكل قانوني ولا يريد الحرب ضد اسرائيل لكن يجب حسم الامور الباقية واسترداد حقوقنا كاملة وان تعتذر حكومة اسرائيل.

- واذا لم تعتذر؟

* هذا الامر يعود للسياسيين انا لست سياسيا

- لكن لك لقاءات متعددة مع السياسيين فما الذي تتداوله معهم؟

* هناك كثير من المجالات التي نهتم بها وللسياسيين دور في حلها.

- على متن السفينة كان هناك امريكيون كيف يمكن الاعتماد عليهم لادانة اسرائيل وتعبئة الرأي العام الامريكي معكم؟

* الشعب الامريكي سوف يقف مع الحقيقة والصورة الحقيقية سوف تتضح امامه بمرور الزمن ونحن نتحدى اسرائيل اذا كان لديها صور تديننا ان يخرجوها والصور تعبر عن نفسها نحن لم نقتل ولم نهاجم هم الذين هاجموا واعتدوا وقتلوا لقد اتهمونا بالاستيلاء على أسلحتهم وقلنا لهم هي هناك في قاع البحر تصدر اشارات وعليكم ان تنتشلوها والشعوب الغربية كلها اكدت وقوفها معنا وكثير من منظمات المجتمع المدني الغربية تؤكد مساندتها لنا ولغزة ضد الحصار الاسرائيلي ليس فقط الغرب بل وكثير من اليهود يأتون الينا ويشكروننا نحن نحاول الا يتحول هذا العمل الى معاداة لليهود او ضد السامية.

- لكن اسرائيل بدأت حملات اعلامية لتصحيح صورتها وادانتكم؟

* هناك من يعرف الحقيقة في وسائل الاعلام الغربية وهناك من يمثلنا ويرد شبهات اسرائيل ومن يدافع عن الصورة الحقيقية اكثر من الاسرائيليين بكثير.

- التقيت مع وفد خليجي ما طبيعة المشاورات التي جرت معهم؟

* نحن لم نتشاور في شيء هم جاءوا فقط لتقديم العزاء لأسر الشهداء وسألونا عن الحملة القادمة وقلنا لهم نحن لم نتخذ قرارا بشأنها حتى الان.

- انتم اجبرتم مصر على فتح معبر رفح فهل تسيير الحملة القادمة مرهون بغلق مصر للمعبر مرة اخرى؟

* خروج السفن الجديدة ليست له علاقة بغلق معبر رفح ولكن سيتم بناء على مواقف دول تشارك معنا في الحملة ضد الحصار وامريكا تتحمل المسؤولية الاكبر في مسألة رفع الحصار البحري المفروض ضد غزة. وعلينا ان ندرك ان معبر رفح لم يفتح بشكل كامل ولا تمر منه الا مساعدات بسيطة ولا يسمح بمرور الحديد والاسمنت الى غزة والمباني التي هدمتها القوات الاسرائيلية لايسمح باعادة بنائها ولا بترميم ماهو بحاجة الى ترميم.

- بما انك محام فاسرائيل تدفع قانونيا بحقها في تفتيش السفينة والهجوم عليها بناء على اتفاقيات دولية تسمح بذلك؟

* هذا سخف، هذا موجود في قانون القراصنة بكل تأكيد، هذه العملية هي قرصنة بحرية تمت في المياه الدولية ولم نكن في حالة حرب مع اسرائيل

- هل تفكرون في استغلال هذا الالتفاف حولكم من جانب المجتمع المدني العالمي لاستصدار قانون دولي يحمي منظمات الاغاثة من هكذا قرصنة؟

* كل شيء مطروح على الطاولة.

- قطر دعت قبل ايام الى تشكيل قوة دولية للتدخل في مناطق الكوارث هل يمكن ان تساهم تلك القوة في مساعدة المنظمات الاغاثية على اداء عملها؟

* نحن نقدر قطر في القيام بهذه المبادرات الانسانية ونحن رأينا القطريين دائما في اماكن الخير ونؤيد هذه المبادرات من جانبها ومن المؤكد اننا سيكون لنا تعاون مع المنظمات والجمعيات الخيرية الاغاثية القطرية في المستقبل.

- تركيا تحولت الى مركز لقيادة الرأي العام العالمي وتعبئته ضد الهيمنة الاسرائيلية كيف ترى هذا الدور في المستقبل؟

* نحن نتابع ذلك معكم لكن ليس لعملنا اية ابعاد سياسية نحن ليست لنا اي اهداف غير هدف الاغاثة، نحن نعتقد ان الدول برمتها سوف تنظم قوانين دولية لتساعد المنظمات الاغاثية على اداء امانتها ودورها تجاه الشعوب المنكوبة ومنها الشعب الفلسطيني وتركيا سيكون لها دور نشط وفعال في هذا المجال نتيجة القوانين الدولية وبدوافع انسانية.

-  مرفق النص الكامل للحوار بصيغة PDF .


titre documents joints

قائد سفينة الحرية في حوار مع صحيفة «الشرق» القطرية

16 حزيران (يونيو) 2010
info document : PDF
458.6 كيلوبايت


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2181285

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

78 من الزوار الآن

2181285 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40