الخميس 23 آب (أغسطس) 2012

القواعد العسكرية الأمريكية في «إسرائيل»

الخميس 23 آب (أغسطس) 2012 par مأمون كيوان

تنتشر في أرجاء العالم مئات القواعد العسكرية الأمريكية لحماية الأمن القومي الأمريكي وتكريس أهدافه في الهيمنة وصون المصالح الحيوية الأمريكية في مناطق إستراتيجية في العالم، وعلى نحو خاص في منطقة «الشرق الأوسط» التي تشهد حالياً تغيرات دراماتيكية عنيفة، قد تسفر عن «شرق أوسط جديد» تأمل واشنطن أن يكون تلبية لمتطلباتها الإستراتيجية.

وثمة معلومات وإحصاءات كثيرة عن حجم التواجد العسكري الأمريكي في بلدان «الشرق الأوسط»، لكن أغفل الحديث عن التواجد العسكري الأمريكي في «إسرائيل»، على اعتبار أن «إسرائيل» هي في واقع الأمر في منزلة حاملة طائرات أمريكية ثابتة تسمى «دولة»، يقيم فيها جنود «إسرائيليون» مع عوائلهم وينتجون جزءاً من احتياجاتهم.

ولا يبدو هذا الإغفال أمراً عملياً راهناً، فلا بد من الكشف عن واقع التواجد العسكري الأمريكي في «إسرائيل» الذي تم استجابة لمطالب «إسرائيلية» حيث إن فكرة إقامة مخازن طوارئ أمريكية في «إسرائيل» وضعها آرييل شارون حين كان وزيراً للدفاع في بداية الثمانينات.

كما اقترح شارون إقامة مخزون طوارئ من الدبابات، حاملات الطائرات، الذخيرة والمعدات الطبية، بحيث تكون قريبة وفي متناول اليد للجيش الأمريكي في حالة الطوارئ يمكن لـ«إسرائيل» استخدامها. لكنه، أي شارون، رفض مرابطة جنود أمريكيين في «إسرائيل» خشية «الأثر النفسي المضعف والإحساس بالتعلق غير السليم بعنصر أجنبي لحماية الدولة». ورأى شارون في القواعد أيضاً فرصة اقتصادية. فقد اقترح أن تمول الولايات المتحدة كلفة الصيانة وتشتري جزءاً من الذخيرة في «إسرائيل». وأيد الفكرة رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن الذي اعتقد بأنه سيكون في قواعد الطوارئ عملياً إعلان التزام أمريكي حقيقي بأمن «إسرائيل». بينما عارض قادة حزب العمل إقامة مخازن الطوارئ بدعوى مضحكة تفيد أن الأمر قد يدفع «إسرائيل» إلى أن تدافع عن الولايات المتحدة بشكل غير مباشر. و«إسرائيل» ملتزمة بالدفاع عن حدود الدولة فقط وليس عن مصالح أمريكية.

تنتشر في «إسرائيل» ست قواعد أمريكية «سرية» مملوءة بالذخيرة، والقنابل الذكية، والصواريخ، والمركبات من أنواع مختلفة ومستشفى عسكري مع 500 سرير. وتوجد القواعد في «هرتسيليا بيتوح»، في مطار بن غوريون وفي قواعد سلاح الجو «عوفدا نباطيم».

وقد فصل الباحث العسكري وليم أركين، رجل الاستخبارات السابق، في كتاب «أسماء سرية» الذي صدر في 2005، مكان قسم من القواعد الأمريكية في «إسرائيل» التي لا تظهر في الخرائط ومكانها الدقيق سري. بعضها يوجد، حسب الكتاب، في مطار بن غوريون، في «نباطيم»، في قاعدة «عوفدا» وفي «هرتسيليا بتوح». وترقم المواقع برقم 51، 53، 54، 55 و 56. بعضها مخازن تحت الأرض، بعضها مبنية كبركسات مفتوحة. موقع 51، حسب أركين، يضم ذخيرة ومعدات في مخازن تحت أرضية. موقع 53 يوجد في قواعد سلاح الجو «الإسرائيلي»، موقع 54 هو مستشفى عسكري للطوارئ قرب «تل أبيب» مع 500 سرير، موقعا 55 و 56 هما مخزنا ذخيرة. وكانت صحيفة «هتسوفيه» قد كشفت قبل سنوات قليلة عن وجود قاعدة قرب مدينة «العاد»، بنتها شركة ألمانية بتمويل أمريكي.

يُذكر أنه في إطار الاتفاقات بين الولايات المتحدة و«إسرائيل»، تمول الأولى صيانة القواعد والحراسة عليها. بينما الجنود «الإسرائيليون» وشركات الحراسة «الإسرائيلية» يحرسون المنشآت بواسطة وسائل حراسة متطورة. ويشرف ضباط أمريكيون من مقر «يوكم» في ألمانيا على الصيانة.

وحسب موقع «يوكم»، يوجد 150 جندياً أمريكياً في «إسرائيل» في مهمات مختلفة. ويتضمن التعاون بين «إسرائيل» والولايات المتحدة معدات عسكرية في إطار اتفاق WRS : مخازن احتياط عسكرية.

تعرف محافل «إسرائيلية» وأمريكية قواعد الطوارئ جيداً وأهميتها الكبيرة بالنسبة لمنظومة القتال «الإسرائيلية». ففي بيان خاص صدر قبل ثلاثة أسابيع ذكر البيت الأبيض بأن القوات «الإسرائيلية» تتمتع بقدرة وصول إلى مخازن الطوارئ الأمريكية. وقال وزير «الدفاع» أيهود باراك إنه عند الطوارئ ستسمح الولايات المتحدة لـ«إسرائيل» باستخدام المعدات من مخازن الطوارئ.

وقال داني ياتوم، الذي كان رئيس شعبة التخطيط في هيئة الأركان في الفترة التي بدأت فيها الولايات المتحدة تبني المخازن في «إسرائيل»: «هذه المخازن تعطينا الإحساس بأن لدينا معدات أكثر مما لدينا حقاً. الاحتياطي عندنا لم يكن في أي مرة من المرات كافياً». وأضاف «المخازن الأمريكية تسهل لتخطيط الأعمال العسكرية لأنه في كل عملية يمكن أن تحتسب أيضاً المعدات الأمريكية. بشكل رسمي محظور علينا استخدام هذا إلا بإذن أمريكي. ولكن بالتأكيد يحتمل أن تمر في رأس أحد ما الفكرة في أنه إذا ما احتجنا لهذه المعدات احتياجاً شديداً، والأمريكيون لم يأذنوا لنا بالوصول إلى مخازن الطوارئ، فإننا سنأخذ هذا في كل الأحوال».

يتضح من أقوال ياتوم أن القواعد العسكرية الأمريكية في «إسرائيل» هي في منزلة الوديعة العسكرية الأمريكية التي تحقق لـ«إسرائيل» مخزوناً استراتيجياً من السلاح ويوفر على الولايات المتحدة عناء إقامة «قطار جوي» لتزويد «إسرائيل» على غرار ما حدث في حرب العام 1973.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165405

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165405 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010