الثلاثاء 28 آب (أغسطس) 2012

سيناء وبداية التحدي

الثلاثاء 28 آب (أغسطس) 2012 par د. فايز رشيد

وفقاً لمصادر «إسرائيلية» عديدة، فإن رئيس وزراء حكومة العدو الصهيوني نتنياهو بعث رسالة «شديدة اللهجة» إلى القيادة المصرية عبر الإدارة الأمريكية، يطالبها فيها بسحب فوري للدبابات والمدرعات التي أدخلها الجيش المصري إلى شمال سيناء، كجزء من الحملة العسكرية المصرية ضد خلايا الإرهاب. كما طالبت «إسرائيل» بأن تتوقف مصر عن إدخال قوات جيش دون تنسيق مسبق.

مما سبق، يمكن الاستنتاج أن إدخال القوات المصرية دبابات ومدرعات مؤخراً إلى سيناء، لم يتم بالتنسيق مع «إسرائيل» ولا حتى مع الولايات المتحدة، بدليل سرعة الإدخال، فما كادت العملية الإرهابية تتم على الجنود المصريين في معبر رفح، حتى تمت التغييرات في الجيش المصري، وإدخال المعدات القتالية. جاء ذلك وسط إيحاءات حكومية مصرية بإمكان إخضاع «اتفاقية كامب ديفيد» للتعديل، وتصريح لوزير الإعلام المصري قال فيه إن الحكومة المصرية لن تقوم بالتطبيع مع «إسرائيل». إحدى مآسي «اتفاقية كامب ديفيد» وملحقاتها موافقة السادات على التحديد «الإسرائيلي»، لعدد ونوعية الأسلحة المصرية التي يمكن إدخالها إلى سيناء، والمقتصرة على أعداد قليلة من القوات المسلحة، والشرطة وبأسلحة خفيفة فقط، ما لا يسمح لمصر بممارسة أية سيادة فعلية على صحراء واسعة ومترامية الأطراف. وبالتأكيد، فإن إدخال هذا الكم من الدبابات والمدرعات إلى سيناء كان مقصوداً من القيادة السياسية المصرية الجديدة التي تشعر بلا موضوعية وخطأ هذا التحديد «الإسرائيلي»، ولذلك أرادت ممارسة السيادة الفعلية على أرض الواقع لملاحقة تجمعات سلفية مسلحة جعلت من أهدافها: ضرب المواقع المصرية، كما حصل في سيناء مؤخراً. وقد تحدثت تحليلات كثيرة عن ارتباط الضربة بتخطيط مشترك مع «الموساد»، وهذا ليس مستبعداً. الخطوة المصرية وفقاً للقانون الدولي لا تشكل خرقاً لبنوده، فسلطة دولة تريد ممارسة الحماية لأراضيها ونشر القوات المصرية في سيناء، ليس موجهاً ضد «إسرائيل». الرئيس مرسي كان قد أعلن مراراً في بداية تسلمه مهامه الرئاسية، أن مصر ستحافظ على كل الاتفاقيات الدولية التي وقعتها، وأنها تريد السلام، بما يعنيه ذلك من التزام بـ«اتفاقية كامب ديفيد» الموقعة مع «إسرائيل».

القضية ليست مدرعات ودبابات تم إدخالها إلى سيناء، ومهما بلغ عددها، تظل محدودة (فهي وفقاً للعديد من الخبراء العسكريين ليست كافية لشن حرب على الكيان الصهيوني ولا حتى في المستوى الأدنى)، وإنما في تلك الحساسية «الإسرائيلية» الكبيرة تجاه الحكم الجديد في مصر، وهذا هو السبب الذي جعل الدولة الصهيونية تتردد في شكل الرد المناسب على ما تراه «خروقاً خطرة» لـ«اتفاقية كامب ديفيد».

من ناحية ثانية، ووفقاً لصحيفة «معاريف» فإن الحكومة «الإسرائيلية» طلبت التدخل الأمريكي بعد أن تضرر التنسيق الأمني الوثيق الذي كان قائماً من قبل بين الجانبين. ونقلت الصحيفة عن مصدر «إسرائيلي» رفيع المستوى قوله «إن «إسرائيل» مشغولة البال كثيراً بالدبابات المصرية في شمالي سيناء، وتعدّ ذلك خرقاً فظيعاً لاتفاق السلام مع مصر». ذلك الأمر يوحي ويؤكد، أن التنسيق العسكري والأمني كان في أوجه إبّان حقبتي الرئيسين السابقين: السادات ومبارك، وإن هذا التنسيق لم يعد قائماً في عهد الرئيس مرسي.

إن رواد التنسيق مع الدولة الصهيونية هم بضعة أسماء: رئيس المخابرات المصرية الأسبق المُتوفى عمر سليمان، الذي زار «تل أبيب» مرات كثيرة، ومنهم أيضاً المشير طنطاوي والفريق عنان اللذان تمت إحالتهما على التقاعد بعد هجوم رفح.

الصحافة «الإسرائيلية» وصفت هذه الخطوة بأنها ثورة «قام بها مرسي في الجيش، فالإثنان كانا يُعدّان من المخلصين لـ«اتفاقية كامب ديفيد»، وللعلاقات المصرية - «الإسرائيلية»، وكذلك بالنسبة إلى العلاقات مع الولايات المتحدة. الأسف «الإسرائيلي» لإزاحتهما من منصبيهما وإحالتهما على التقاعد، يدلل على أن حقبة جديدة بدأت في العلاقة مع «إسرائيل» وعنوانها «اللاتنسيق».

بالنسبة إلى «اتفاقية كامب ديفيد»، فليس منتظراً أن يقوم الرئيس المصري بإلغائها، لاعتبارات كثيرة منها التحدي الاقتصادي الذي تواجهه مصر، والمديونية الكبيرة لها، والفساد، وثراء الكثيرين في العهود السابقة على حساب أغلبية الشعب المصري من الفقراء، والضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على مصر مستغلةً ما تسميه المساعدات الأمريكية لها والبالغة ملياراً ونصف المليار دولار سنوياً، وغيرها وغيرها. «حزب الحرية والعدالة» الذي انتمى إليه مرسي (استقال من الحزب بعد فوزه بالرئاسة)، كان واضحاً في هذه النقطة في المباحثات المتعددة التي جرت بينه وبين الولايات المتحدة في واشنطن والقاهرة، وهي في أنه لن يقوم بإلغاء الاتفاقية مع «إسرائيل». لكن ليس منتظراً أن تعود العلاقات المصرية - «الإسرائيلية» في عهد الرئيس مرسي إلى ما كانت عليه في حقبتي السادات ومبارك . «إسرائيل» حتى في ظلّهما نظرت إلى مصر وتزايد تسليح جيشها باعتبارها عدواً، فكيف بها في عهد مرسي؟ يبقى القول: إن مصر في هذه الخطوة تدرك ردود الفعل «الإسرائيلية»، لكنها بالرغم من ذلك قامت بإدخال قواتها إلى سيناء، الأمر الذي يفتح باباً للتحدي في العلاقة مع الدولة الصهيونية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 44 / 2180853

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2180853 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40