الجمعة 31 آب (أغسطس) 2012

مرسي يتخطّى «عقبة إيران» ويُرضي حلفاءه

الجمعة 31 آب (أغسطس) 2012

استحضر الرئيس المصري، محمد مرسي، كاريزما خطاب حلف اليمين الدستوري بميدان التحرير، كي يُدلي بدلوه أمام قمة عدم الانحياز، أمس، ويتخطى «اختبار إيران»، الذي أُجبر على دخوله من دون تحضير إستراتيجية مسبقة لكيفية فتح باب العلاقات المصرية الإيرانية، والذي ظل مقفلاً طوال الثلاثين عاماً الماضية، وبالتحديد منذ اندلاع الثورة الإسلامية في إيران في نهاية السبعينيات.

تخطى مرسي الاختبار من دون أن يضطر للخروج عن شروط الحلفاء الخارجيين، أميركا والسعودية، والداخليين، التيارات الإسلامية المتشددة، وخصوصاً السلفيين، الذين يعادون معتنقي المذهب الشيعي.

وحرص الرئيس المصري على استدعاء مواقف قد تستفز الجانب الإيراني، ولكنه قد يُتغاضى عنها في الوقت نفسه، في سبيل كسب مصر كحليف وتوطيد علاقات قد تُستغلّ في ما بعد، ولا سيما أن طهران كانت راغبة بأن يكون الرئيس المصري حاضراً في القمة لكسر الجمود الطويل في العلاقات.

بداية كلمة مرسي حملت الرسالة الأولى التي أرادت توجيهها من إيران، إذ استهل كلمته بالقول: «الصلاة والسلام على رسول الله. اللهم صلّ وسلم عليه وعلى آل بيته وصحبه وارض اللهم عن سادتنا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين». حرص من خلالها على توصيل عدّة رسائل على الصعيد الداخلي المصري، ولا سيما السلفي، الذي انتقد زيارة إيران في ظل التوتر المذهبي الذي تعيشه المنطقة.

ويبدو أن هذه الرسالة وصلت جيداً، حيث كان وقعها جميلاً في آذان السلفيين في مصر، الذين سبق أن طالبوا مرسي بعدم الذهاب الى إيران وإرسال نائب عنه عوضاً عن ذهابه شخصياً، وقال قادتهم إنّ «ترضّي مرسي على الصحابة أثلج صدورنا جميعاً»، لافتين الى أن حديث مرسي تضمن رسالة واضحة الى العالم مفادها أنه لا مجال للتشيّع في مصر.

ورغم حرص المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، على عدم التطرق الى الوضع في سوريا خلال كلمته الطويلة، فإن الرئيس المصري كان على عكسه تماماً، وكان شديد الحرص على التطرق الى الوضع في سوريا، متراجعاً عن طلبه السابق بدعوة كل من الرئيس السوري، بشار الأسد، والرئيس الإيراني، أحمدي نجاد، ورئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، للاجتماع معه لبحث حل الأزمة بعيداً عن التدخل الأمني.

واعتنق مرسي بدلاً من ذلك، رؤية جديدة أقرب الى النظرة الأميركية - السعودية الى سوريا قائلاً «الوقوف والتضامن مع نضال الشعب السوري ضدّ النظام القمعي، الذي فقد شرعيته هو واجب أخلاقي وضرورة إستراتيجية وسياسية»، داعياً الشعب السوري الى مواصلة ثورته، قائلاً «الثورة المصرية مثلت حجر الزاوية في حركة «الربيع العربي» ونجحت في تحقيق أهدافها السياسية لنقل السلطة إلى الحكم المدني، فبدأت بعد أيام من ثورة تونس وتلتها ليبيا واليمن واليوم الثورة في سوريا ضدّ النظام الظالم».

وفي الوقت الذي وجد البعض في خطاب مرسي، والذي كشفت مصادر مقرّبة من الرئيس لـ«الأخبار» أنّه أعدّه بنفسه، وقام بعرضه فقط على مستشاريه، الذين أبدوا إعجابهم به ولم يضيفوا إليه شيئاً، بادرة أمل ومقدّمة لعلاقات يمكن تفعيلها، وجد البعض الآخر أنّ مرسي ذهب الى إيران حاملاً رسالة أميركية - سعودية.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، أن «خطاب مرسي قوي، ولكنه لم يقدّم جديداً؛ فحرص مرسي على تحديد موقفه من الأزمة السورية، رغم أن الكثير توقع أن المواءمات السياسية ستمنع الحديث عن الوضع السوري». وأضاف أن «مرسي تحدث بقوه عن الوضع السوري وساوى بين الوضعين الفلسطيني والسوري، بما يعبر عن وضوح في الرؤية وشجاعة في الطرح، ليؤكّد أن السياسة المصرية لن تعود تابعة لأحد». ولفت إلى أنّه رغم أن طرح مرسي وإدانته للنظام السوري يتفق مع موقف أميركا، لكنه أبلغ رد على أن ذهابه إلى إيران كان أفضل من غيابه.

من جهته، رأى مساعد وزير الخارجية الأسبق، عبد الله الأشعل، أن الرئيس المصري أراد من زيارته الى إيران تحقيق أمرين: الأول أن يكون لمصر موقف مناقض تماماً للموقف الإيراني في ما يتعلق بالأزمة السورية، لتنضم الى صفوف المعارضة مع السعودية وتركيا وقطر في العمل على إسقاط النظام السوري.

أما الأمر الثاني، فهو التأكيد على عدم حصول تباعد مع إيران، مدللاً على ذلك بأنه إذا كانت الزيارة لمجرد حضور قمة عدم الانحياز وتسليم رئاستها من مصر الى طهران، التي وصفها مرسي في خطابه بالشقيقة ثلاث مرات، فكان من اليسير أن يرسل مرسي ممثلاً عنه. وأضاف الأشعل أن الزيارة لا تخلو من رسائل الى الولايات المتحدة والخليج.

ورغم أن زيارة مرسي الى إيران لم تستغرق أكثر من ست ساعات، إلا أنها كانت كفيلة لتحريك المياه الراكدة في العلاقة بين البلدين طوال الثلاثة والثلاثين عاماً الماضية. ورغم أن لا أحد يعرف ما دار بين الرئيسين مرسي ونجاد داخل الغرف المغلقة خلال الاجتماع الذي جمعهما على مدار ساعة عقب انتهاء جلسة افتتاح أعمال قمة عدم الانحياز، فالواضح أن مصر ستتراجع عن نظرتها لإيران على اعتبارها «أكبر خطر على الشرق الأوسط»، حسب وصف الرئيس المخلوع حسني مبارك.

أهداف أصابتها زيارة أول رئيس مصري الى طهران منذ الثورة الإسلامية، مع أن المتحدث باسم الرئاسة ياسر علي، كان قد أعلن قبيل زيارة مرسي الى طهران أن «الرئيس ليس لديه أي خطط تجاه إيران الآن سوى حضور القمة المنعقدة هناك». وإذ كانت المملكة العربية السعودية هي أول قبلة يقصدها مرسي خارجياً بعد وصوله الى الرئاسة رسمياً في مصر، يرتقب أن يجري مرسي زيارة الى الولايات المتحدة، بعد إيران، للتأكيد على أن أميركا والسعودية هما الحليفان الأكبر لمصر سياسياً واقتصادياً.

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر: جريدة «الأخبار» اللبنانية | رنا ممدوح - القاهرة.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 52 / 2177280

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2177280 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40