السبت 15 أيلول (سبتمبر) 2012

الإفلات من العقاب لا يعني النسيان

السبت 15 أيلول (سبتمبر) 2012 par صقر أبو فخر

في هذه السنة نطوي ثلاثين سنة على مجزرة صبرا وشاتيلا، هذه المجزرة المروِّعة التي ربما «تُعد واحدة» من أبشعِ مجازر العصر في حقبة ما بعـد الحــرب العالمية الثانية. وحتى الآن ما زالت يدُ العدالةِ مغلولةً، وأيـــدي القتلةِ طليقةً. ولعل البعضُ يريدُ أن يطويَ هذه الصفحةِ البشعة، بل حتى أن يسامح المجرمين، وأن يغفر لهم ما فعلوه اقتداء بالفدائيِّ الفلسطيني الأول السيد المسيح. لهذا فإن الكلام على هذه المجزرة اليوم، ليس إعادة فتح للجراحِ وهي كثيرة، بل هو إعادة تأكيدٍ على أن العدالة ما زالت طريدة.

ليس الاقتصاص والثأر ما يريده الفلسطيني اليوم بعد ثلاثين سنة على المذبحة. إنه يتطلع إلى ان يعترف من تسبب بهذا الألم بعذاباته وإنهاء العنصرية الموجهة إليه كإنسان فوق هذه الأرض.

إذا كان الفلسطيني اليوم لا يريد الثأر، فإن كثيرين يريدون أن يهيلوا ركاماً من النسيان على هذه المجزرة. لكن هيهات لهم هذا الأمر. فالذاكرة المثقلة بالأحزان ما فتئت تعيد استحضار ما لا يمكن نسيانه. وها هم رُسل الإنسانية والعدالة والمحبة والسلام قد أسسوا في أوروبا لجنة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا»، وها هم يصرون على المجيء في كل سنة إلى لبنان ليجددوا إعلاء صوت العدالة المفقودة، بعدما سعى كثيرون إلى إخفاء ما حدث، كما فعل الذي زور الحقيقة حين وضع تقريره في 29/9/1982 وزعم فيه أن ما جرى في المخيمين ليس مجزرة بل معركة خاضتها الميليشيات المسيحية، وان معظم القتلى الفلسطينيين هم من الذكور الذين قتلوا نتيجة لمعركة عسكرية، وأنه لم يقتل في المجزرة إلا 7 نساء و8 أطفال فلسطينيين («السفير»، 3/12/1982، نقلاً عن صحيفة «يديعوت أحرونوت»). ويبدو ان ما قصد إليه ذلك القاضي هو تبرئة حزب الكتائب و«القوات اللبنانية»، فقد جاء في التقرير أن لا أدلة على أن قيادة حزب الكتائب أو قيادة القوات اللبنانية كانتا على علم مسبق بما حصل، ولم يثبت من التحقيق أن أي أوامر صدرت عن هاتين القيادتين إلى مقاتليها للمؤازرة أو للاشتراك بهذه العملية (جريدة «النداء»، 21/6/1983، نقلاً عن وكالة الأنباء المركزية).

إن الوقائع الدامغة أثبتت، بصورة قطعية، بطلان هذا التحقيق ونتائجه. ومع أن مذبحة صبرا وشاتيلا غير مُحالة على المجلس العدلي، ما يعني انها تكون مشمولة بقانون العفو عن الجرائم الصادر في سنة 1995، إلا أن الجريمة تبقى جريمة ولو شملها ألف عفو، ولن تستطيع جميع الصلوات والأدعية وألاعيب الإخفاء السياسية ان تمحو هذا العار أبداً. وحتى لا تنتصر الهمجية على الإنسانية، وحتى لا يعلو صوت القَتَلة على صوت الضحايا، ها نحن مصرون على استعادة ذكرى الأبرياء المقتولين في كل سنة، وعلى التشبث بالعدالة حتى لا ينتصر العهر السياسي، ويصبح القاتل «مقاوماً» والعميل «وطنياً». والضحية سراباً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2180908

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2180908 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40