الثلاثاء 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2012

الثبات: السوريات في الوطن العربي.. لاجئات أم “سبايا”؟

الثلاثاء 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2012

انتشرت فى الآونة الأخيرة دعاوى وفتاوى تحض على الزواج من اللاجئات السوريات في بعض الدول العربية، بحجة إسدال الستر عليهن فيما يُعرف بزواج “الستر”، وفي المقابل ظهرت حملات ترفض هذه الفكرة التي تخفي وراءها أهدافاً أخرى للابتزاز.

فبعد أن نزحت العائلات السورية هروباً مما يسمى “الجيش الحر”، حفاظاً على النفس والعرض، واجهت الفتيات أسوأ الاستغلال باسم الزواج، فبعد أن تزايدت أعدادهن في مخيمات بعض الدول العربية، ظهر زواج القاصرات السوريات تحت مسمى زواج “السترة”.

أمام كل هذا الاستغلال، ظهرت حملة “لاجئات لا سبايا” من قبل بعض الناشطين والناشطات، رداً على دعاوى بوجوب الزواج من اللاجئات والنازحات السوريات حفاظاً عليهن، و“سترة” لهن ولعائلاتهن، وانطلقت الحملة من مواقع التواصل الاجتماعي، لمواجهة الرأي العام بخطورة الظاهرة، داعين لوقفات احتجاجية من أجل وقف استغلال السوريات، وتوعية الناس من مخاطر النازحات السوريات من عرب أو أجانب تحت هذه الظروف.

جهاد الشهوات

الصحافي السعودي محمد العصيمي كتب مقالاً بعنوان “العار الزواج من سورية نازحة”، أشار من خلاله إلى توجه الخليجيين والأردنيين إلى مخيمات نزوح السوريات فى الأردن للزواج منهن، مؤكداً أن الحالات ليست فردية، لكنها سرعان ما تحولت إلى ظاهرة، وتتكلف فيها الزيجة من 500 إلى 5000 ريال سعودي للزيجة، فيما سماه الكاتب “جهاد الشهوات”.

وأعلن صندوق الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف” قلقه بشأن الزواج المبكر الذي يستخدم كآلية للتأقلم مع الأوضاع، والعاملون الميدانيون في الأردن يؤكدون أن ظروف المخيمات صعبة، وتزيد معها مخاوف التعرض للاغتصاب، الأمر الذي دفع أهالي البنات النازحين لتزويج بناتهن في سن مبكر، بشكل غير رسمي وغير مسجل لدى السلطات.

الحاجة هي السبب

إحدى الناشطات من الأردن تقول إن ريف “المفرق” تحديداً تتعرض النساء السوريات فيه إلى الابتزاز لتزويج بناتهن، فعلى سبيل المثال: عندما لا يستطيع عائل الأسرة دفع إيجار المنزل، فيتم الضغط عليه لتزويج الإبنة إلى صاحب الشقة أو ابنه، داعياً أنه يريد ستر الفتاة، وإذا كان جمالها فتان، فيتحجج صاحب المنزل بأنه يتزوجها لحماية مكانه من جلب الفتنة إليه، وفي هذه الحالة يضطر الأهل إلى ترك المنزل والبحث عن مكان بديل، أو الخضوع لطلب الزواج، أو إرسال الفتاة إلى أحد الأقارب في مكان آخر.. هذا الأمر لا ينطبق على الأردنيين فقط، لكن هناك شبكات كاملة من السماسرة الأردنيين والسوريين يتقاضون أموالاً مقابل تسهيل هذا النوع من الزواج، من الفتيات وزوجات القتلى صغيرات السن، وكثير منه غير موثق مدنياً، لأن هناك حالات أصغر من السن القانوني.

أركان الزواج

من جانب آخر، حذر علماء الدين من الانسياق وراء الدعوة إلى الزواج من السوريات اللاجئات إلى مصر والدول العربية‏،‏ تحت دعوى “نصرتهن‏”، مشيرين إلى أن ما يطلق عليه زواج السترة، والذي نادي به البعض، هو استغلال باسم الدين، ويخالف المقصد الإسلامي من الزواج الذي يحقق السكن والمودة والرحمة، ولا تتوافر فيه شروط صحة عقد النكاح في كثير من الوجوه.

وطالب علماء الدين بالبحث عن وسائل بديلة لـ“نصرة” السوريات بدلاً من استغلال الأوضاع المتردية، والزواج بهن بدعوى النصرة وهرباً من ارتفاع تكاليف الزواج في كثير من الدول الإسلامية.

ويؤكد علماء الدين أن الزواج جائز شرعاً إذا تحققت فيه الأركان اللازمة لعقده؛ من إيجاب وقبول وصداق وشهود وإشهار، وهو سنة مؤكدة من سنن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، حرص عليها وطالب بها المسلمين في أكثر من حديث شريف، لكن أي غرض للزواج دون ما أمر به الشارع الحكيم يعتبر غير صحيح، موضحين أن الحملات التي شنها البعض للزواج باللاجئات السوريات بدعوى السترة هي من قبيل استغلال الأزمة باسم الدين، لاسيما أنهن بناتنا وأخواتنا، وواجبنا أن نصون حقوقهن، وألا تكون معاناتهن سبباً لاستغلال ظروفهن بزواج فيه إضرار بهن، فمن أراد أن يقدم على الزواج فعليه أن يتقي الله، وأن يعطيها حقوقها كاملة غير منقوصة.

أي نصرة؟

ويبيّن علماء الدين أن الحكم الشرعي يقرر بأن أي مسلمة من حقها أن تتزوج بأي مسلم في أي مكان في العالم، مادام تم على الإيجاب والقبول والإشهار، ودفع لها مهراً، وهي خالية من الموانع الشرعية، مثل العدة، أو أن تكون على ذمة عقد زواج على رجل آخر، وغيرها من الموانع التي تمنع المرأة من الزواج.

وأكد بعض العلماء أن مثل هذا الزواج يعد تفريغاً للمجتمع السوري من نسله، وهذا ليس ستراً للسوريات، لكنه استغلال للظروف، بدليل أنه لو كانت المرأة السورية مستقرة وآمنة في وطنها، فهل ستوافق هي على مثل هذا الزواج؟ لكنها توافق الآن لأنها تحت ضغط الظروف الصعبة، وما أُخذ بسيف ماء الوجه فهو حرام، وهذا ما يؤكده فقه الواقع، محذرين من الانسياق والاستماع لمثل هذه الدعاوى، خصوصاً الشباب، بحجة أن مثل هذا الزواج يوفر تكاليف الزواج التي فاقت كل حدود طاقة الأسر المسلمة، وإلا سنجد أنفسنا في احتياج إلى أن نقوم بتكرار هذا العمل في كثير من الدول الإسلامية، لاسيما أن دول الخليج ذاتها مقبلة على فوضى وخراب في الفترة المقبلة، مما يوجد حالة عدم استقرار اجتماعي وأسري، مطالبين علماء المسلمين في كل مكان بالقيام بدورهم والتصدي لمثل هذه الدعاوى التي من شأنها الهدم والخراب وعدم الاستقرار للأمة كلها.

- ريم الخياط



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178916

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2178916 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40