الأحد 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012

النصر تصنعه بنادق المقاومين

الأحد 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 par ابراهيم الزين

نشأت على حب فلسطين، واحترام معاناة شعبها المجاهد، قبل أن تلفحني نار ثورتها المستمرة. ألا بورك قتال أبطالها المقاومين في غزة، وكل أرضها الغالية، وبورك دم الشهداء من أبنائها الصامدين على أرضها، فهم كمثل حبة الحنطة التي «دفنت نفسها في التراب، لتعطي في الغد سنابل كثيرة».
إن عطاء الدم في ساحات القتال ضد الأعداء الغاصبين، قادر أن يستنهض عزيمة الشعوب الحية، المستهدفة بالعدوان، ويفجر في نفوس أبناء الأمة كلهم الشعور بالعزة والكرامة والعنفوان، كما يدفعهم إلى التضحية بكل ما يملكون، دفاعاً عن حقهم في الحياة الحرة الأبية.
لقد أعادت معركة غزة الأخيرة، تصويب بوصلة النضال عند معظم أبناء الشعوب العربية، باستثناء الأغبياء منهم، أولئك الذين ضللتهم العصبيات الفئوية، فغرق بعضهم في دهاليز الأنظمة النفطية العربية والرجعية، وسياساتها المشبوهة الخاضعة باستمرار لإرادة الغرب الاستعماري، ودعمه الدائم للصهاينة المحتلين.
ولذلك تشعر كل الأمة اليوم بالفخر والشموخ، لصمود أبناء غزة الأعزاء في معركتهم مع الصهاينة المتوحشين، الذين أمطروهم بكل أنواع القنابل والصواريخ، ووسائل القتال المدمرة، غير أنهم صمدوا، وكانوا أهل شجاعة وثبات، وعشاق بطولة وإيمان، وليسوا أبداً نعاجاً ضعافاً أمام الذئاب الصهاينة، وكل داعميهم في الغرب المنحاز لعدوانيتهم الواضحة، فهذا الغرب الاستعماري تخلى من زمان عن قيم العدالة وحقوق الإنسان والديمقراطية التي يتغنى بها ليل نهار، بخضوعه المستمر لإرادة الصهاينة المجرمين، العنصريين.
فالصهاينة، ومنذ اغتصابهم قسماً من فلسطين، كانوا يعدون جيشاً قوياً محارباً لتحقيق هدفهم بإقامة وطن قومي لليهود في أرضنا، من الفرات إلى النيل. ولذلك راحوا يدعمونه بكل وسائل القتال الحديثة والمتطورة، وتسخير نفوذهم القوي في كل العالم، لجعله من أقوى الجيوش المحاربة، فيما ثروات العرب النفطية الهائلة، يصرف معظمها على بناء القصور وعيش الرفاه والترف الباذخ مع أقربائهم وحاشياتهم، وشراء السلاح بالمليارات بهدف إثارة التقاتل بين العرب والمسلمين، وتنفيذ خطط الغرب المستعمر في بلاد الشام وكل العالم العربي، لأنهم نعاج خائفون، لا يشعرون بالكرامة والانتماء الحقيقي إلى هذه الأرض الغالية، ولذلك هم مع «الشرق الأوسط الجديد» الأميركي الصهيوني، وليسوا مع مصالح الشعوب العربية الحقيقية.
أما شعوبهم، فقد شوهوها ثقافياً بالنهج التكفيري الإلغائي، لحرف نضالها عن قتال «إسرائيل» وداعمي اغتصابها في أرضنا، فتارة يخترعون لها عدواً اسمه إيران، وطوراً عدواً ثانياً اسمه الشيعة، أو دولة «شقيقة» اسمها سورية، بذريعة مطالبة شعبها «بالإصلاح والحرية والديمقراطية الغربية المستوردة» فيما هم غير معنيين بتطبيق تلك الشعارات في «دولهم» بل منفذون أمناء لإرادة المستكبرين، حفاظاً على مشيخاتهم وإماراتهم وممالكهم وبقاء عروشهم الفارغة والمهتزة.
لقد مارست «إسرائيل» ومنذ أكثر من ستين سنة كل أساليب الإلغاء والقمع والتسلط والقهر والتهجير ضد الشعب الفلسطيني، كما مارست الأنظمة الرجعية العربية الديكتاتورية روحية الاحتقار والتعالي وسوء المعاملة مع هذا الشعب المظلوم، ومع كل هذا الاضطهاد والتهميش والنفي، والمتاجرة بالمسألة الفلسطينية في المحافل الدولية. ظل الشعب الفلسطيني قوياً صامداً متشبثاً بحقه في أرضه، دائم الحنين إليها، إذا كان بعيداً عن ترابها ولو في أقصى المنافي النائية، وأياً كانت مغريات العيش في دنيا الهجرة والاغتراب، فكأن «الإثم الكنعاني» ظل فاعلاُ في نفسه، فلم تلغه عاديات الزمان ولا نكباته المتتالية على تجمعاته، أينما كان موقعها على خريطة هذا العالم.
ولذلك نحن نشعر اليوم بطعم النصر الحقيقي، بعد أن لقن أبطال غزة المقاومون جيش الاحتلال الصهيوني أقسى الدروس في الصمود والقتال البطولي، فراحوا يقصفون مستعمراته ومدنه في أنحاء فلسطين، بكل أنواع القذائف والصواريخ المتوسطة، التي أخذت تدك معاقل الصهاينة، في الأرض المحتلة بكل بسالة واقتدار وبات العدو، يشعر في أعماق نفسه أن أمنه في خطر مصيري حقيقي، ما جعل قادته يهربون للاختباء في الملاجئ الحصينة، خوفاً على حياتهم التي أضحت اليوم، بفضل دعم سورية وإيران، رهينة في ايدي مقاتلي المقاومة التي أنبتها تراب سورية العظيم، في العراق ولبنان وفلسطين، وظلت فلسطين، هي الهدف المركزي للجهاد، وبوصلة النضال التي لا تضيّع الاتجاه، وميدان القتال الحقيقي، اياً كانت التحديات والمخاطر.
إن إرادة الصمود والقتال، واعتماد مقولة الحرب الشعبية الطويلة الأمد، التي سلكت دربها فصائل المقاومة الوطنية في لبنان، وتابعت ذلك بفعالية مميزة المقاومة الإسلامية في حزب الله، ستبقى السبيل الأفضل للتحرير والانتصار.
لقد أضحى ذلك واضحاً وملموساً عند كل ذي بصر وبصيرة، أما السياسيون والحكام الذين صنفوا أنفسهم في خانة النعاج التي لا حول لها ولا طول، فهم طلاب عيش ذليل خانع، منفّذ أمين لإرادة أميركا وربيبتها «إسرائيل» وسيبقى هؤلاء الساقطون غرباء عن مصالح شعوبهم وإرادة أمتهم، ولن تكون نهايتهم إلا في الصفحة المظلمة من تاريخنا الحديث، لأنهم وصمة عار في حياة شعبنا الذي يصنع نصره القادم جهاد أبطاله المقاومين في العراق ولبنان وفلسطين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2177900

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177900 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40