الثلاثاء 4 كانون الأول (ديسمبر) 2012

رسائل بين القاسم وأبو زكريا

الثلاثاء 4 كانون الأول (ديسمبر) 2012

رسالة من فيصل القاسم إلى يحيى ابو زكريا

“أحيي فيك روح العروبة والإسلام والمقاومة أخي يحيى، لكن أربأ بك أن تدافع عن واحد من أسوأ الطواغيت عبر التاريخ. لقد نسفت بذلك تاريخك المشرف في المقاومة ضد الطغيان الذي لطالما تناوله الملايين عبر يوتيوب بالمديح والإعجاب. اين ذلك الفارس الذي حرض الشاع العربي على الثورة بعبارته التاريخية من يحيى الذي يدافع الآن عن نظام يستخدم كل أنواع السلاح ضد شعبه للبقاء في السلطة. صديقك من صدقك أخي أبا علي ”

رد يحيى ابو زكريا

أخي فيصل , و الله العظيم ما زلت كما عهدتني وكما تعرفني شهم أنا لا أخاف في الله لومة لائم .
لكن ماذا أفعل أمام الحجم الهائل من المعلومات بين يدي والتي إستقيتها من أوروبا و أمريكا , و ما يدبر لهذه الأمة مهول .
أنا مستعد أن أبعث لك الكثير منها , و بغض النظر عن المعلومات التي سأطلعك عليها بشكل شخصي أخي فيصل , فإن مشكلة الثوار و الإخوان منهم على وجه التحديد وهم أصدقائي , بل إن الغنوشي قال لي قبل وقت قصير أنت أفضل من كتب عني كتابا بعنوان : تونس من الثعالبي إلى الغنوشي , أنهم أخترقوا بالكامل .
صديقي فيصل …الثورات سرقت , و المشهد مظلم في تونس و مصر ذاهبة إلى التقسيم كما ابلغني جنرال مصري وطني , و اليمن ضاعت …لنفكر قليلا حبيبي ..
ثورات بدون قيادات , و أنت تعلم أن رموز المعارضة السورية أصدقاء و عبد الباسط سيدا كان ساكنا في نفس المدينة التي قطنتها عشر سنوات في أوبسالا السويد , و برهان غليون جمعتنا منتديات الفكر و هيثم مناع أكثر من صديق …
نترك سوريا و نحيّدها بالكامل …أقلها قي هذا لإستعجال …..
أين أصبحت تونس وفيما يختلف النهضويون عن الدستوريين …أمروا بإطلاق النار على متظاهرين نددوا بالإعتداء الوحشي على كرامة رسول الله عليه الصلاة والسلام , و النهضويون الذين وصلوا إلى دوائر القرار التونسي بلافتة رسول الإسلام أمروا باطلاق النار على من تظاهر إنتصارا لرسول الله حفاظا على كرامة أمريكا , لو فعلها زين العابدين لكفروه و زندقوه ,,,
الإخوان في مصر تصافوا و تعاقدوا مع الأمرييكيين و النتيجة ثلاثة قواعد أمريكية في مصر , أولها تم الإنتهاء من خارطتها الهندسية في سيناء …
و الوثائق عندي …
اليمن ضاعت و في ليبيا ما فعله الثوار بسكان بني الوليد , لم يفعله هتلر في أعدائه و الشواهد عندي كما الصور …
أخي فيصل الثورة فعل جميل , لكن ما أقبح هذا الفعل عندما ينتهي سريعا ويتحول إلى عورة , و معادلتي الأساس هي :
الثورة عندما تفتقد القادة الإستراتيجيين و الوضوح في الرؤية السياسية و الأهداف و البديل المتكامل في صناعة الدولة ستصبح مدخلا لحروب أهلية و المصاديق في مدن الملح و الإستبداد والثورة نحن شهود عليها الآن …
نعود الآن إلى سوريا…….. أنا أعلم أن ثغرات عديدة لازمت الأداء السياسي الرسمي ,, وأنا أتكلم من منطلق عربي و ليس من منطلق سوري وأنتم أدرى ببلادكم التي نحبها و نحترمها و مهما كان… عندما نترك الإنفعال و الإنتقام من الأجهزة الأمنية جانبا لا ننسى أن الدولة السورية قدمت الكثير للقضية الفلسطينية , و أنا كعربي متخوف من أن يصيب سوريا ما أصاب تونس و مصر و ليبيا و اليمن و بقية البلاد العربية المرشحة للتقسيم و التشرذم السياسي ..
نعم للسوريين كل الحق في أن يصنعوا قرارهم و يتدوالوا على الحكم و الجهر بنقد الفساد والإعتداء , لكن من حقي أيضا أن أقلق على الدور القومي لسوريا و الدور الريادي في نشر ثقافة المقاومة ..
سوريا التي أعرفها يوجد فيها تجاوزات و عدت القيادة السورية بالإنفتاح على المواطنين و المعارضين الشرفاء ..
و سوريا الجديدة التي تنادون بها صديقي العزيز فيصل , هي سوريا الطائفية وتفجير الطوائف و القتل بدم بارد و التكفير , عنصران كبيران في المشهد السوري المعارض الإخوان و الإرهابيون التكفيريون الطائفيون ..
فهل هؤلاء سيشكلون ضمانة لمستقبل سوريا , و الله لحد الآن لم أقرأ لهؤلاء مشروعا لإدارة الدولة السورية و آليات البناء الجديد .
صديقي فيصل تتهمون عناصر النظام السوري بالفساد , والفساد نخر المعارضة السورية إلى العظم , أحدهم صديق معارض حكم عليه بالإعدام في سوريا في أحداث حماه سرق 25 مليون يورو وحولها إلى حساب خاص به و لم تصرف على اللاجئين السوريين في مخميات تل الزعتري في الأردن ..و التكفيريون أهدوا سوريا تكفيرا و زواجا من الفتيات السوريات أسأل الله أن يحمي عرضهن و عرض السوريات .
وقد إتصل بي أحد الإسلاميين من أوروبا و قال أنه قادم إلى المنطقة لإصطحاب بعض الفتيات السوريات ..
حبيبي فيصل , صحيح أنك مثقف ثقافة واسعة عربية و غربية , و أنت واحد من أبناء جبل العرب , جبل الرجال و الأشاوس , لكن أخي و حبيبي أبا أصيل ..
هل دورنا يكمن في أن ندمر الدول ببدائل هشة لم تتكامل , و بعناوين الإسلام هو الحل ثم يترحم الناس على زمن مبارك و يلعنون الشريعة الإسلامية , ولا يبقي في الخارطة العربية غير التلمود و النموذج الغربي , و نكون بذلك قد خدمنا مجانا الإرادات الغربية و نؤكد بمسلكيتنا ما ذهب إليه فرانسيس فوكوياما من أن الليبرالية الغربية إنتصرت على كل الأفكار و الإيديولوجيات , وبالتالي تهزمنا أمريكا فكريا و عسكريا ..
أخي فيصل أنت خير من يعرفني و خير من يقرأني , وتعرف تاريخي بالكامل , و الله العظيم كلما مات مواطن عربي سوري من المعارضة و الشعب و الجيش العربي السوري و الأجهزة الأمنية أبكي بصدق , يخنقني الألم يا فيصل …
أعترف لك أن الموضوع السوري أرقني عذبني و أنا أرى الدماء تسيل…لماذا نحصن الأمن القومي الصهيوني و لا نحص الأمن القومي السوري و العربي؟
قرآنيا , الله يقول الصلح خير , و أصلحوا بينهما , فكريا , كل القضايا الكبرى و المعقدة في التاريخ إنتهت بالحل السياسي …
تأمل يا فيصل و إقرأ مفردات خطاب المعارضة السورية , خطباء و محللو الإخوان المسلمين و ضيوف برنامجك الذي كان برنامجا عربيا متربعا على قمة البرامج الحوارية و ان شرف المثقف العربي أن يجلس بحضرتك ليحصل على تأشيرة مرور إلى الدائرة الثقافية العربية , اليوم إفرنقعوا و فروا من برنامجك لسبب واحد هو تحول البرنامج إلى سوري خالص و كان بإمكانك حتى لما تحول برنامجك إلى برنامج سوري بأمر من القيادة القطرية , كان بإمكانك أن تتحول إلى واحد من عمالقة العرب , لو وجهت البرنامج إلى منبر للصلح و الحوار و المحبة و تحصين الأمن السوري و عصمة دماء شعبك , أليس من العار أن يحصن حمد بن خليفة آل ثاني أمنه بالقواعد العسكرية و المخابرات الإسرائيلية و يكلفك بتدمير الأمن القومي السوري ؟
يا حبيبي فيصل سوريا فيها مشروع نووي و قطر فيها مشروع منوي ، أربأ بك أن تقف مع المشروع المنوي و ليس مع المشروع النووي , آل ثاني صهاينة و أبناء يهودية بولونية , و أصدقاؤهم شمعون بيريز الذي زاركم في قناة الجزيرة و أطعمتموه تمر العرب و شرف العرب …و هذا البرنامج الذي تخرس فيه من يدعم سوريا و ترخي العنان لمن يتهجم على وطنها , و كان يفترض أن تبصق في وجهه لأنه يستهدف أرضك و بالتالي عرضك ,,,, هؤلاء الذين يرددون دوما في برنامجك الجدلي :
كلب , حمار , خنزير إبن زنا , حقير , أدوس عليه , إبن اليهودية , آلاف المفردات جمعتها رصدا و إستقراءا وإطلاعا , مبدئيا كيف سيدير عقل كهذا و لسان كهذا دولة سورية فيما عشرات الطوائف …
ذات يوم قال الدكتور عباسي مدني زعيم الجبهة الإسلامية المنحلة في الجزائر …أنت من أوصل الإسلاميين إلى السلطة في الجزائر بقلمك ولسانك ,,,
ولكني أقول الحمد لله مليون حمدا أن الإسلاميين لم يحكموا الجزائر و أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أفضل للجزائر من كل الإسلاميين الذي أصبحوا أفظع من “ألكابون” في جمع المال …
ثم يا فيصل , تأمل معي مشهد إعتقال الشاعر القطري الذي هجا حمد بن خليفة آل ثاني , أيعقل أن يحكم بالسجن المؤبد على إبن الذيب …
لماذا موقف حمد بن خليفة آل ثاني سليم وأنت أتمنى أن يكون عنوان حلقة برنامج الإتجاه المعاكس المقبل قص الألسن في قطر و إضطهاد المثقفين القطريين , و موقف بشار في ملاحقة بعض المثقفين غير سليم , و أنا ضد إضطهاد المثقفين في سوريا و قطر .
أنا معكم في ضرورة تكريس الحرية , و العدل والمساواة لكن لا الشك أن الصدقية تقتضي أن تتحدثوا في الجزيرة عن إضطهاد المثقف في قطر و سوريا على السواء ,,هكذا تكون الحيادية , و المهنية و الحرية …
أنا الدكتور يحيى أبوزكريا بملء شدقي أقولها بملء فيّ وفمي :
لا للمساس بالمثقف السوري و لا للمساس بالمثقف القطري أو أي مثقف عربي …
أخي أبا أصيل , هل اكون بعدها شبيحا , وتكونون في الجزيرة أصحاب صدقية …
إنتهاء أخي فيصل , لا أريد لإبنتك بردى التي سميتها تيمنا بنهر بردى السوري , أن تضيع في المنافي و المجهول , وهي تنتمي إلى أقدم الحضارات الإنسانية , و لأن النفط القطري الذي سينضب بعد ثلاثين سنة لا أريد لبردى أن تكون في دولة النعاج و هي تملك دولة الرجال و أبطال جبل العرب , بعد نضوب النفط , و موت حمد بن خليفة آل ثاني الذي سيغادر الدنيا في سنة 2013 سيغير كل شيئ في قطر , و حرب تميم وحمد بن حمد سوف تعيد قطر بالفعل إلى عصر النعاج ….
أبا أصيل ” المضيّع وطن فين الوطن يلقاه ” كما تقول الأغنية العربية التي تعبر عن الوجدان العربي ….
أخي فيصل رغم تباين الأراء و الأفكار بيننا , و التي بالتأكيد ستتقارب لو قررنا أن يكون الأساس هو عصمة دماء السوريين .
ثم أخي فيصل أنت بالتحديد كنت زعيما مقربا في سوريا , كان الدكتور بشار الأسد يحترمك , و أنت تعلم صفاء نفسه وفكره , كان يجب عليكم كمثقفين أن تنصحوه أو تقدموا له مشاريع و أطروحات لسوريا قوية لا أن تطعنوه في الظهر كما فعل القطري خالد مشعل أبو الوليد ……
…سأظل أحبك و ستظل صديقي إلى الأبد , أتعرف لم يا أبا أصيل أحبك ….لأنني عربي , و العربي الشريف لا ينسى الملح و الطعام الذي كان بيننا …
و أستميحك عذرا , حبيبي فيصل , و الخلاف لا يفسد للود قضية , سأنشر رسالتك لي و ردي حتى تكون ربما شهادة للتاريخ تفهم الأجيال المقبل لماذا إنهار عالمنا العربي .
وأتمنى أن نتعلم من الجزائر وسوريا معنى الوطنية و دعني أهديك فتوى العملاق الشيخ البشير الإبراهيمي أحد مؤسسى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ..
“لا توالُوا الاستعمارَ فإنَّ موالاته عداوةٌ لله و خروجٌ عن دينه. و لا تتولّوه في سِلم و لا حرب فإنَّ مصلحته في السِّلم قبل مصالحكم، و غنيمَته في الحرب هي أوطانُكم. و لا تعاهِدوه فإنّه لا عهدَ له. و لا تأمَنوه فإنّه لا أمانَ له و لا إيمان (…). و قد دلّت التجاربُ أنهم إنما يحالفوننا ليتخذوا من أبنائنا وقوداً للحرب، و من أرضِنا ميداناً لها، و من خيراتِ أرضنا أزواداً للقائمين بها، ثم تنتهي الحربُ و نحن المغلوبون الخاسرون على كلِّ حال، و قد تكرّرت النذُر فهل من مُدَّكِر ؟”
(الإمام محمد البشير الإبراهيمي في فتواه عن موالاة الاستعمار)
أخوك .د.يحيى ابوزكريا



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2181921

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع مواجهة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2181921 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40