السبت 19 حزيران (يونيو) 2010
العملية السياسية في العراق هي الحصاد المرّ وبنيت على الاستحواذ والإقصاء والفتن

حارث الضاري : المشروع الإيراني في العراق هزيل وبقاؤه يعتمد على وجود الاحتلال

المقاومة على قلة إمكاناتها دوخت الاحتلال ووضعته أمام أزمة عسكرية وسياسية واقتصادية طاحنة
السبت 19 حزيران (يونيو) 2010

قلل الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق الشيخ حارث الضاري من خطر التدخل الايراني في بلاده، مؤكدا ان المشروع الايراني في العراق هزيل وليس قويا، كما يعتقد العرب وغيرهم وانه مشروع يعتمد على حلفائه في العراق وهم بدورهم يعتمدون على وجود الاحتلال.

وقال في ندوة عن مستقبل الاحتلال في العراق نظمها المركز العربي للدراسات والابحاث وأدارها الدكتور عبد الرحمن النعيمي مدير المركز ان المشكلة تكمن في الاحتلال باعتباره مظلة التدخل الايراني والاسرائيلي والتدخلات الاخرى وان الوضع في العراق أصبح اليوم واضحا لكل متابع لان نهج كل من الاحتلال ومن اعتمد عليهم الاحتلال في حكم العراق أصبح مكشوفا ومعروفا.

واضاف الأمين العام لهيئة علماء المسلمين ان هؤلاء لا يهتمون بدماء العراقيين ولا مشاعرهم، معتبرا ان الوضع في العراق مازال سيئا، كما كان في البداية بل هو اليوم ينتقل من سييء الى أسوأ، لاسيما في السنين الاربع الماضية في ظل الحكومة الحالية وهي حكومة حزب الدعوة وقال الضاري ان هذا الحزب يريد ان يكون الحزب الاوحد المتحكم برقاب العراقيين ويريد رئيسه او مغتصب الرئاسة فيه نور المالكي ان يكون القائد الضرورة للشعب العراقي.

وأكد الضاري ان المالكي يعمل بكل جهوده لابقاء الوضع على ما هو عليه على الرغم من ان الاحتلال يدعي انه يريد التغير وتحسين الاوضاع في العراق، لاسيما بعد مجئ ادارة الرئيس اوباما.

واضاف الضاري ان التغيير في العراق لم يحدث ولن يحصل في المستقبل ما دام الاحتلال موجودا وما دام الاحتلال يعتمد على نفس الدمى التي اعتمد عليها من البداية وحتى اليوم، مضيفا ان الدمى التي اعتمدتها الإدارة السابق والحالية لا تريد التغيير وإلا توجد لديها رغبة او لدى الإدارة الامريكية رغبة بالتغيير في أية ناحية من النواحي المتدهورة والمفقودة في العراق سياسيا وامنيا واجتماعيا واقتصاديا.

وأضاف الضاري ان الحاكمين والمتحكمين في العراق في ظل الاحتلال ليس لديهم الرغبة في التغيير، فالرغبة الأولى والأخيرة لهم التمسك بالحكم بأية وسيلة ولو على حساب رقاب الناس ومستقبلهم وهذا الأمر ليس مستغربا لمن يعرف الأوضاع بدقة في العراق ولمن يعرف ممارسات الاحتلال وممارسات من عملوا مع الاحتلال وفي ظله ودعموه على تعزيز مشروعه الاحتلالي المسمى بالعملية السياسية التي دمرت العراق وأوصلته الى ما وصل إليه اليوم.

محكومة بالفشل

وقال الضاري : حتى العديد من الشركاء في العملية السياسية اعترفوا بان العملية السياسية فاشلة وكان حصادها مرا وهم من كان ينافحون عن العملية السياسية ويتهمون من يرفضها بالتطرف والتشدد والآن يقولون إنها عملية محكومة بالفشل. فالعملية السياسة هي مشروع بريمر الذي صمم ليكون أداة تمزيق للشعب العراقي وأداة تخريب للعراق كله في كل المجالات لأنها بنيت أساسا على الاستحواذ من ناحية وعلى الإقصاء من ناحية أخرى، الاستحواذ لجهات حاقدة على غيرها تريد إقصاء الآخرين بأية طريقة وفي الوقت نفسه جاهلة بالإدارة والحكم والكثير منهم لم يباشر في حياته أية مسؤولية في العراق أو خارجه والإقصاء لفئات أخرى كثيرة لذلك أسست العملية السياسية لزرع الفتنة التي كان يسعى إليها الاحتلال وليلهي الشعب العراقي بالخلافات والفتن والصراعات، كما حصل في بعض المراحل ما زال يحدث في العراق.

وأضاف الضاري ان الاحتلال ألبس في البداية هذه الفتن والخلافات ثوبا طائفيا رغم انه لم تكن هناك طائفية أصلا ولم يعرف العراق في تاريخه طائفية إلا إذا تم غزوه من الخارج فتفعل هذه الناحية التي فعلت في عهد التتار وفي عهد الهجمات الصفوية المتكررة على العراق، مؤكدا ان التعايش والتسامح والمودة بين كل أبناء العراق وبين مذاهبه وفئاته كانت علاقات إخوة وتضامن كانت وستبقى مذكرا بالمعارك التي اشتعلت بين السلطات الرسمية في عدد من العهود في العراق مع القيادات الكردية المتمردة من الثمانينيات والتسعينيات واستمرت العلاقة بين العرب والأكراد على حالها.

وقال الضاري لقد أراد الاحتلال وعملاؤه ان يحدثوا الفتن التي أحدثوها وأرادوا ان يلبسوها ثوب الطائفية ليحدثوا في العراق الخراب وليسهل لهم التمسك بالحكم وخدمة القوى الأجنبية التي مكنتهم من الحكم في العراق ومن ثم السعي لتقسيم العراق الى مناطق محددة لينتهي دور العراق كقوة في هذه المنطقة. حيث كانت نتيجة العملية السياسية ان خرب العراق ودمر ووصل ما هو عليه الآن.

وتطرق الضاري الى الواقع المعيشي في العراق بالقول إن المؤسسات في العراق الرئيسية التي لابد منها في كل مجتمع كلها مدمرة أو شبه مدمرة أو قاصرة عن القيام بمصالح الناس، فالمؤسسات الصحية التي دمرت في الحرب لم يصلح منها إلا القليل ولم تتزود المستشفيات بالأجهزة ومعظمها عاطل عن العمل.

ويستند الضاري في هذا الأمر الى شهادة وزير التخطيط في الحكومة الحالي الذي قال منذ الاحتلال لم تعمر مدرسة واحدة في العراق، كما يشير الى انعدام الخدمات الأخرى كالماء والكهرباء وغيرها من الخدمات التي يحتاج إليها الشعب العراقي، فالكهرباء منعدمة في معظم المناطق والماء الصالح للشرب لا تصل الى كثيرين من المدن فضلا عن القرى في العراق الحديث عراق الديمقراطية الفاعلة.

ضحايا الحرب

كما تعرض الضاري الى الإضرار التي لحقت بالإنسان العراقي التي قال عنها إنها لا توصف لمن بقي لديه أي شعور بإنسانية الإنسان وكرامة الإنسان، مشيرا في هذا الصدد الى تقارير منظمات دولية تحدثت عن الواقع العراقي قائلا إن آخر تقرير لمنظمة السياسية الخارجية المشتركة والقسم السكاني في الأمم المتحدة، الذي صدر في شهر مارس 2009 يقول ان نحو مليونين و35 ألف عراقي عدد ضحايا الحرب الامريكية على العراق بفعل الاحتلال المباشر أو بسببه، كما ان العراق أصبح اليوم اخطر بلد في العالم للسنة الرابعة على التوالي حسب التقرير الدولي لمعهد الاقتصاديات.

ويوجد في العراق 420 مركز اعتقال سريا فضلا عن السجون المعلنة للحكومة العراقية والاحتلال، مشيرا الى الممارسات.. ممارسات التعذيب وقتل السجناء وانتهاك أعراضهم وغير ذلك من الممارسات، مضيفا انه يوجد اليوم في سجون الحكومة والاحتلال ما يزيد على 600 ألف معتقل والاعتقالات مستمرة.

وتحدث الضاري عن وجود 7 ملايين عراقي مهجر منهم 4 ملايين خارج العراق، والباقي مهجرون داخل العراق يسكنون في الخيام صيفا وشتاء ولا تنفق عليهم أية جهة رسمية إلا من فتات الأمم المتحدة ومن بعض المحسنين العراقيين.

كما أشار الى الامراض التي تمكنت من العراقيين بسبب الغزو الأمريكي للعراق وهي امراض بعضها معروف والآخر لا يعرف بفضل ما قذف من أسلحة الدمار الشامل الامريكية التي استخدمت ضد العراق المعروفة، حيث ارتفعت نسبة السرطان وانتشرت انتشارا مخيفا بين الصغار والكبار، خاصة في الفلوجة والنجف وبغداد والبصرة فضلا عن ظاهرة تشوه الأجنة وهي الظاهرة التي أصبحت مزعجة لكل العراقيين والعراقيات ولا احد يتكلم بها لا من ساسة العراق أو الأمم المتحدة التي شكلت على أساس أنها ستساعد الإنسان المتضرر في العالم قائلا ان مؤسسات الأمم المتحدة في العراق أصبحت عبء على العراقيين وأنها أصبحت أداة من أدوات الاحتلال ومسيطر عليها من قبل الأجهزة الحكومية الرسمية على حساب العراق والشعب العراقي.

وقال الشيخ حارث الضاري ان أمريكا تريد فرض ثقافتها وحضارتها على العالم فإذا كانت حضارتها وثقافتها بهذا الشكل فالويل كل الويل للعالم من هذه الحضارة ومن قادتها.
واعتبر ان تقييم الأمم المتحدة لما يجري في العراق تقييم منصف وشبه دقيق ولكنها لا تقدم للعراق أو للشعب العراقي شيئا.

كما تحدث الضاري عن ملف المعتقلين في العراق الذين لا يطلق سراحهم رغم تبرئتهم من القضاء وبعضهم قضى ويقضي سنوات طويلة في السجون وملف الترحيل وسياسة هدم البيوت حيث يعطى ثلاثة ملايين دينار عراقي لا تساوي 2700 دولار كتعويض عن منزله.

متفرج ومتدخل

وقسّم الضاري موقف العرب والمسلمين المجاورين وغير المجاورين للعراق مما يجري فيه وقال : استطيع ان أقول إن الموقف ينقسم الى قسمين قسم متفرج ولا يهمه ما يجري في العراق والقسم الآخر - وهم الأكثر - إما متدخل في العراق بشكل ضاغط برغبته ولتحقيق مصالحه واما متدخل في العراق بدون رغبته وعلى الرغم منه لتحقيق مصالح الآخرين متسائلا ماذا فعل الشعب العراقي مع كل هؤلاء الناس حتى يجازى بالمواقف السلبية أو المتفرجة على ما يجري فيه وما ينفذ فيه من مصائب وويلات.

ودعا الضاري العراقيين الى العمل لعودة العراق الى ماكان عليه من خلال المزيد من الصبر والتحمل والتضحيات وقال ان هذا البلد هو العراق بلد العلم والحضارة والفقه والفلسفة وبلد الامة ومصدر ثقافة الامة وخزانة ثقافتها، واضاف الضاري ان العراق مثل دولة الاسلام السالفة على مدى سته قرون ووقف الى جانب امته في كل ملماتها ولم يبخل عليها بشيء في كل عهوده واكد ان العراق وابناءه لا يزالون لامتهم بالرغم من صدود تلك الامة وعقوقها له.

وقال الضاري انه على ثقة من ان العراقيين سيعيدون بلدهم وبعد ان تغيرت الاوضاع وثبت العراقيون وفشل المشروع الامريكي في العراق في ان يقدم للعراقيين خيرا وان المقاومة على قلة امكاناتها دوخت الاحتلال ووضعته امام ازمة عسكرية واضحة وازمة سياسية وازمة اقتصادية لاتخفى على احد.

ودعا العرب الى الاستفادة مما حدث في العراق كما استفادت المقاومة الافغانية من العراق قائلا انها المستفيد الوحيد من الازمة التي وقع فيها الاحتلال من الحيرة والتردد للمعتدين على امتنا وبلداننا وان على العرب ان يحددوا موقفهم من الاتجاهات الثلاثة التي طرحها وهي اما العراق الضعيف الغائب مسلوب الارادة او ان يسمحوا بتقسيم العراق ومن ثم غياب العراق عن الساحة والتأثير والخريطة او يختاروا الوقوف الى جانب العراق العربي الحر المستقل الذي يسعى للامن والاستقرار ليكون لأمته واقفا الى جانبها في ملماتها.

وردا على سؤال حول الاسباب التي ادت الى اقتناع جمهور اهل السنة بالدخول في العملية السياسية والتصويت لقائمة علاوي ومستقبل اهل السنة سياسيا بعد الانتخابات الاخيرة اكد الضاري ان الانتخابات الاخيرة شهدت حضورا اكثر من أي حضور سابق لكن هذا الحضور لايرتقي الى اكثر من 40 % من نسبة الشعب وقال ان هذا الاقبال يعود الى اسباب منها ما يعانيه العراقيون من احباط على مدى السنين السبع الماضية فأرادوا المشاركة لعل الانتخابات تأتي بأناس قد يستطيعون التغيير من الاوضاع المأساوية الخانقة، كما ان دول الجوار كلها العربية والاسلامية كانت مع العملية السياسية املا في تغيير الاوضاع في العراق.

وقال إن الاقبال يعود ايضا الى ظن الكثير من ابناء الشعب العراقي ان الولايات المتحدة قد تصدق في بعض ما وعدت به حيث جرت الانتخابات ولم تتدخل فيها سلطات الاحتلال في البداية لكنها تدخلت ايام فتح الصناديق واظهار النتائج لتقسم المقاعد وليس لتظهر النتائج، كما هي على القوائم الرئيسية تقسيما متقاربا حتى لاتستطيع أي قائمة ان تشكل حكومة بمفردها حتى لو تحالفت مع قائمة اخرى حتى تبقى هذه الحكومة التي قد تشكل او لاتشكل في الزمن القريب ضعيفة ومحتاجة لها فيكون الاحتلال والسفير الامريكي ممثلة في العراق هو المرجعية والحكم للمختلفين من الحلفاء المتحكمين في رقاب العراقيين وهو ماحدث بالفعل لان الوضع الحالي يصل في بقاء العراق ضعيفا مسلوب الارادة.

مستقبل إيران

وردا على سؤال حول مستقبل الوجود الايراني في العراق اكد الشيخ حارث الضاري ان ايران متدخلة في العراق باعتراف قادتها انفسهم وانها سائرة في التدخل في العراق بكل الوسائل الممكنة وان ايران لايردعها دين ولا تردعها قيم ولا اخلاق في نهجها تجاه العراق وهي تصرح بجلاء انها متدخلة.

وقال الضاري انه في ايام المحادثات حول تشكيل الحكومة اشترطت ايران انه اذا لم يكن رئيس الوزراء من الائتلاف الوطني فليكن من قائمة اياد علاوي وبشرط ان يكون شيعيا.

واضاف : وبصراحة ومع محاورين من دول صديقة لها يقولون هذا الكلام ويجاهرون به ولا يخفون شيئا منه.

واكد الضاري انه رغم كل هذا التدخل فان المشروع الايراني مشروع هزيل في العراق وليس قويا، كما يعتقد العرب وغيرهم وان المشروع الايراني يعتمد على حلفائه في العراق وهم بدورهم يعتمدون على وجود الاحتلال في العراق وان المشكلة تكمن في الاحتلال باعتباره مظلة التدخل الايراني والاسرائيلي والتدخلات الاخرى التي لم تكن موجودة في العراق الا بعد مجئ الاحتلال وان التدخل الايراني باقٍ ما بقي الاحتلال الامريكي وانه بمجرد رحيل الاحتلال سيخرج الايرانيون من العراق على يد ابناء العراق الذين استطاعوا ملاكمة الثور الاكبر والقوة الاعظم وباستطاعتهم ملاكمة أي متدخل آخر ودحره من العراق، سواء الايرانيون او غيرهم اذا لم ينسحبوا ويحترموا حق الجوار.

وردا على سؤال بخصوص التدخل التركي في العراق اكد الضاري ان التدخل التركي حتى الآن هو تدخل ايجابي وقامت تركيا بمواقف مشرفة ومذكورة لها عند العراقيين منذ بدء الاحتلال.
وحول وجود فهم عربي للعراق حاليا اكد الضاري ان العرب يعرفون الاوضاع في العراق بدقة وانهم في ذلك على فريقين الاول لايهمه امر العراق والآخر يتظاهر بأنه يريد الخير للعراق لكن كلا الفريقين لم يبد منهم الى الآن أي حراك يبشر بمواقف ايجابية عربية تجاه العراق.

وفي ما يتعلق بدور المقاومة العراقية في مستقبل العراق اكد الضاري ان دورالمقاومة العراقية مشرف وسيبقى كذلك كما هو منذ بداية الاحتلال وبعد رحيله وان المقاومة هي التي رفعت رأس العرب وهي التي دفعت عن العراق وعن الامة خطر الغول الامريكي واتاحت الفرصة للعرب ليستفيدوا لكن للاسف لم تتحقق تلك الاستفادة بسبب تجاهلهم لما يجري في العراق.

- المصدر : صحيفة «الشرق» القطرية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2181845

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2181845 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40