الأربعاء 13 شباط (فبراير) 2013

الاستيطان وزيارة أوباما

الأربعاء 13 شباط (فبراير) 2013 par أمجد عرار

لو فكّر مسؤول أو مواطن فلسطيني في الخروج من مقر الرئاسة في مدينة رام الله حاملاً فنجان قهوة، وتوجّه سيراً على قدميه باتجاه مستوطنة “بيت إيل”، لأمكنه الوصول إلى قلب المستوطنة قبل أن يأتي على الرشفة الأخيرة من القهوة . هذه المستوطنة التي زرعها الصهاينة مبكّراً في خاصرة مدينة البيرة، حظيت قبل يومين بقرار من حكومة الاحتلال يقضي ببناء تسعين وحدة استيطانية جديدة فيها لتتمدّد باتجاه مخيم الجلزون أمام أنظار اللاجئين القابعين منذ نكبة ال 48 تحت سقوف البؤس وبين جدران التواطؤ العربي والدولي، بما فيه الإسلامي . قبل يوم واحد من هذا القرار أقرت حكومة نتنياهو إضافة مئات الوحدات الجديدة لمستوطنة “تقوع” في أراضي بيت لحم .

الاستيطان أحد أركان المشروع الصهيوني ويحتل دائماً ذروة سنام السياسة “الإسرائيلية” والبرنامج السياسي لأية حكومة تفرزها أصوات تجمع المستوطنين المغتصبين لفلسطين . لهذا فإن قرارات الاستيطان ليست لحظية، ولا هي ناجمة عن ردات فعل إزاء مواقف فلسطينية أو عربية معيّنة، ولا حتى استغلالاً لظروف فلسطينية او إقليمية أو دولية مواتية، علماً بأن هذه العوامل تؤثّر في القرارات الاستيطانية، لكنّ غيابها لا يجعل الاستيطان يتوقّف . ورغم ذلك لا يكف بعض المسؤولين والكتبة الفلسطينيين والعرب عن ربط النشاط الاستيطاني بهذه المناسبة أو تلك، بزيارة هذا المسؤول الأمريكي أو ذاك الوفد الأوروبي . هذه المرة خرجت الألسن ذاتها لتربط قرارات الاستيطان الأخيرة بقرب زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمنطقة .

إنه نهج أكل عليه دهر التجارب المرّة وشرب، وظلت التجارب مرّة، والمسؤولون أنفسهم مصرّون على التفسير الآني والمناسباتي لأخطر ما في المشروع الصهيوني القائم بلحمه وشحمه على نهب الأرض واستيطانها، منذ كتب هيرتزل “الأرض واحدة وطالب الأرض اثنان ولا بد أن تكون لواحد منهما فقط” . ربما يصرّ هؤلاء على هذا الأسلوب الضيّق من أجل ربط الموقف الفسطيني والعربي أيضاً بالمناسبات إياها، بحيث يقال إن المسؤول الفلاني سيطلب من أوباما “الضغط” على فلذة كبده “إسرائيل” كي تجمّد آخر قرار استيطاني، مقابل الموافقة على إصلاح “بنشر عجلة السلام ودفعها للدوران في الحلقة المفرّغة ذاتها” .

“إسرائيل” تتبنى الاستيطان كنهج ثابت، بل هي نفسها كيان استيطاني، فلماذا يخرج علينا من يربط قراراً استيطانياً بقرب زيارة أوباما الذي لم يزر المنطقة، كرئيس، طوال ولايته الأولى؟ ورغم ذلك أقرت “إسرائيل” آلاف الوحدات الاستيطانية وحوّلت كليّة استيطانية إلى جامعة في مستوطنة “اريئيل” المزروعة في أراضي سلفيت، في قلب الضفة الفلسطينية، علماً بأن المستوطنتين، “بيت إيل” و”أريئيل”، تقعان خارج الكتل الاستيطانية الكبرى التي حددتها “إسرائيل” بنفسها لتبقى جزءاً منها بعد “اتفاق سلام” مع فريق التفاوض الأبدي .

الرئيس الأمريكي قادم إلى المنطقة في مارس/آذار المقبل . وفي آذار يجف الراعي بلا نار، كما تقول جداتنا، وهو أيضاً شهر لثنائية الشمس والغيوم، الصحو والمطر . لكن مسؤولينا، هداهم الله، يأخذون بالغيوم ويتجاهلون شمس آذار . مجلس الأمن القومي الأمريكي، والمسؤولون “الإسرائيليون” وإعلامهم، يؤكدون جميعاً أن زيارة أوباما ستركّز على الملفين الإيراني والسوري، وربما تكون التسوية موضوع بحث في فترات الاستراحة . ثم لو افترضنا أن التسوية هي الموضوع الوحيد على جدول البحث، فلن يغيّر هذا شيئاً في واقع التدخّل الأمريكي فيها، وهو تدخّل حفر طريقه في صخر السياسة الأمريكية على أساس التبني المطلق وغير المشروط ل “إسرائيل” ظالمة أم ظالمة . لذلك فإن “من يجرّب المجرّب، عقله مخرّب” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165653

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165653 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010