الأحد 20 حزيران (يونيو) 2010

الأديب البرتغالي العالمي خوزيه ساراماغو صديقاً للشعب الفلسطيني

الأحد 20 حزيران (يونيو) 2010 par نضال حمد

فقد الأدب العالمي واحداً من أهم رواده، انه الأديب البرتغالي العالمي خوزيه ساراماغو، الحائز على جائزة نوبل للآداب سنة 1998. ولم تفقده الحركة الثقافية الكونية ولا عالم الأدب فقط لا غير، فقبل كل شيء فقدته فلسطين القضية الأممية، التي لها أصدقاء كثر كما كان خوزيه ساراماغو في حياته وحتى مماته.

فهذا الأديب العالمي الكبير الذي زار فلسطين المحتلة مع وفد أدباء وشعراء من كل العالم، سافروا من كل الدنيا الى فلسطين المحتلة للتضامن مع فلسطين القضية والأدب والنضال العادل، ضد الاحتلال والعنصرية والاستيطان والاجتثات.. حضروا ليشاهدوا بأم العين جرائم الاحتلال وعنصرية القائمين عليه ورعاته أينما كانوا.

في الضفة الغربية المحتلة تعرفوا على حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال وتحت رحمة الحواجز والجنود العنصريين والمستوطنين. زار ساراماغو مع رفاقه الادباء مخيم جنين، الملحمة الحديثة في نضال شعب فلسطين.. ومن هناك قال خوزيه ساراماغو عن جنين كلمات سوف يبقى صداها مدوياً في ليل الكيان الصهيوني وأنصاره في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وفي آذان كل اليهود، الذين يعتبرون أنفسهم ورثة الذين قضوا في الحرب العالمية الثانية في أوروبا.... قال ساراماغو: “كل ما اعتقدت أنني أملكه من معلومات عن الأوضاع في فلسطين قد تحطم، فالمعلومات والصور شيء، والواقع شيء آخر، يجب أن تضع قدمك على الأرض لتعرف حقاً ما الذي جرى هنا.. يجب قرع أجراس العالم بأسره لكي يعلم.. أن ما يحدث هنا جريمة يجب أن تتوقف.. لا توجد أفران غاز هنا، ولكن القتل لا يتم فقط من خلال أفران الغاز. هناك أشياء تم فعلها من الجانب الإسرائيلي”تحمل نفس أعمال النازي أوشفيتس. انها أمور لا تغتفر يتعرض لها الشعب الفلسطيني".

وكان ساراماغو فجع بما رآه، وذهل من حجم وفظاعة جرائم الاحتلال، وكذلك الأمر بالنسبة للمثقفين العالميين الذين كانوا برفقته ومنهم وول شوينكا الحائز أيضاً على جائزة نوبل للآداب.

بدأ ساراماغو الذي ولد في اريناغا البرتغالية سنة 1922 لعائلة من المزارعين المعدومين حياته عاملاً في صناعة الأقفال، ثم تحول الى الكتابة فعمل صحافياً ومترجماً، ومع الأيام وهب نفسه كلياً للأدب. وفي سنة 1947 أصدر روايته الأولى بعنون “أرض الخطيئة” ثم بعد ذلك توقف عن الكتابة والنشر نحو عشرين عاماً.

وفي سنة 1966 اصدر ديوانه الشعري “قصائد محتملة”. ومن راوياته الشهيرة “العمى” التي نال على إثرها جائزة نوبل للآداب سنة 1998.

وله إصدارات عديدة بلغت نحو ثلاثين إصداراً، منها كتاب بعنوان ليفنتادو دوتشار 1980 ثم “الإله الأكتع” 1982، سنة موت ريكاردو رييس 1984، الطوف الحجري 1986، قصة حصار لشبونة 1989، العمى 1995، كل الأسماء 2002، الإنجيل بحسب يسوع المسيح 1992،.. هذا الكتاب الأخير أثار ضده زوبعة من الكنيسة الكاثوليكية والفاتيكان، قرر على إثرها الانتقال إلى “لازاروتي” في إسبانيا، ليعيش هناك حتى وفاته.

بالإضافة لجائزة نوبل للآداب سنة 1998 فقد حصل على جائزة نادي القلم الدولي عام 1982، وعلى جائزة “كأمويس” البرتغالية سنة 1995. اعتبره الناقد الأمريكي الشهير هارولد بلوم الروائي الأكثر موهبة على قيد الحياة. وأضاف بأن هذا المعلم هو أحد آخرعمالقة نوع أدبي في طريقه إلى الإنقراض. هذا الكلام قاله بلوم قبل وفاة ساراماغو، الذي أبدع في مجال الرواية وأثرى المكتبة العالمية بعشرات الأعمال الأدبية المميزة.

كان ساراماغو انسانا طيباً يؤمن بالحرية والعدالة والمساواة بين كل البشر، لذا انضم سنة 1959 الى صفوف الحزب الشيوعي البرتغالي، وناضل ضد الديكتاتورية والظلم في البرتغال وكل الدنيا. و ساراماغو عضو فعال في محاربة العولمة ووقع على إعلان “يورطو أليغري” في البرازيل.

وهو عضو فعال في محكمة “برتراند راسل” حول فلسطين، التي تأسست في آذار / مارس2009، وهي محكمة تهدف الى حث المنظمات الدولية، وخاصة الأمم المتحدة على معاقبة “إسرائيل” وإنهاء حالة لا عقابها... كما أنه شكّك بالرواية الرسمية حول هجمات 11 ايلول / سبتمبر 2001. وله مواقف سياسية لاذعة وناقدة بقوة لشخصيات رأسمالية معروفة مثل رئيس الوزراء الايطالي بيرلوسكوني الذي كتب ساراماغو عن فضيحته الجنسية ساخراً منه ومن مواقفه السياسية.

ففي يونيو حزيران من العام الفائت وفي جريدة أيل باييس الاسبانية وصف ساراماغو بيرلوسكوني بالفيروس. وكتب ساراماغو في المقال “وصفت هذا الشيء بالجانح ولا أندم على ذلك”. وجاء تعليقات ساراماغو في صحيفة ايل باييس على صور تظهر نساء عاريات الصدر ورجلا عاريا كليا التقطت خلال حفلات أقامها بيرلوسكوني في منزله في سردينيا.

وكان ساراماغو وصف رئيس الحكومة الايطالي بانه “جانح” في كتابه الاخير. وأضاف أن بيرلسكوني “منذ سنوات عدة يرتكب هذا الشيء، بيرلوسكوني جنحا متفاوتة الخطورة. وهو لا ينتهك القانون بل اسوأ من ذلك يفبرك القوانين لحماية مصالحه العامة والخاصة كسياسي ومقاول ومرافق لقاصرات” وتابع يقول : “هذا الشيء، هذا المرض، هذا الفيروس يهدد بالتسبب بالموت الاخلاقي لبلاد (جوزيبي) فيردي اذا لم تتمكن عملية تقيوء من الاعماق من اقتلاعه من ضمير الايطاليين قبل ان يتمكن من قضم الاوردة والقضاء على قلب احدى اغنى ثقافات العالم”. ونبه الى أن بيرلوسكوني “هو شيء خطر للغاية شبيه بكائن بشري، شيء ينظم حفلات وحفلات عربدة ويدير دولة اسمها ايطاليا”.

كتب بعد عودته من زيارة فلسطين المحتلة مقالة أحدثت ضجة كبيرة ونشرتها صحيفة الحياة اللندنية وفصلية الكرمل الفلسطينية وحملت عنوان: “من أحجار داوود إلى دبابات جوليات”، في هذه المقالة اللاذعة والقوية يعيد ساراماغو النظر، بشكل ساخر ولاذع، في أسطورة داوود و العملاق الفلسطيني جوليات. وأعلن بأن اليهود لم يعودوا يستحقون تفهم المعاناة التي تكبدوها إبان الهولوكوست. وأن عيشهم في ظل المحرقة وانتظار غفران كل ما يقترفون، بسبب تلك المعاناة، هو مبالغة في التوقعات. وأضاف أنه ظاهر للعيان أنهم لم يتعلموا أي شيء من آلام آبائهم وأجدادهم.

بعد مقالته القوية وتصريحاته الأقوى ضد الصهيونية غضبت عليه المراكز والمؤسسات الصهيونية واليهودية، خاصة “عصبة مناهضة اللاسامية” في شخص رئيسها العنصري، أبراهام فوكسمان الذي قال إن: “تعليقات سراماغو الهدامة مؤذية بشكل عميق، بالإضافة إلى أنها تظهر جهلا واضحا فيما يتعلق بالحجج التي يسوقها لكي يدعم أحكامه المسبقة عن اليهود..”.

حجج فوكسمان يستخدمها الصهاينة في كل مناسبة وفي أي زمان ومكان وضد كل من ينتقد الكيان الصهيوني بقوة ويفضح عوراته ويكشف فاشيته وبنيته الإرهابية. فهذه التصريحات مبرمجة في رؤس وعقول الصهاينة وأعوانهم في كل العالم. لكنها لم تعد تنطلي على الكثيرين، خاصة بعد انكشاف حقيقة كيان الصهاينة وسقوط الأقنعة التي كانت تغطي وجوههم الحقيقية. وفي معرض تحديه قام ساراماغو بالتوقيع على رسالة عالمية تدين الحرب العدوانية “الاسرائيلية” على لبنان سنة 2006. ولم يكتف بذلك بل أعلن في تصريحات عديدة أن الغرب يكيل بمكيالين فيما يتعلق بالصهاينة والفلسطينيين.

عندما اصبح الانترنت سيد المرحلة في عالم اليوم لم يفوت ساراماغو تلك الفرصة التي اتيحت له من أجل التعبير عن آرائه، لذا فقد أصبح مدونا وهو في الخامسة والثمانين من عمره، حيث افتتح مدونته سنة 2008، تحت عنوان “دفاتر ساراماغو” مستوحيا إسمها من عنوان كتابه السيرة الذاتية “دفاتر لانزاروتي”، اسم الجزيرة الاسبانية التي اختارها منفى له، ومات فيها.

وجدير بالذكر أن ساراماغو في خطابه بمناسبة فوزه بنوبل، تحدث عن سنوات الطفولة واستذكر وفاة جده جيرونيمو فقال: “ذهب إلى حديقة بيته. هناك بضع شجرات.. أشجار تين وزيتون. ذهب إليها واحدة واحدة واحتضن الأشجار ليقول لها وداعا، لأنه كان يعرف أنه لن يعود. إن رأيت شيئا كهذا وإن عشته ولمْ يترك فيك ندبا إلى آخر العمر، فإنك رجل بلا إحساس”. وها هو ساراماغو يرحل في ظلال أشجار لانزاروتي الإسبانية، وفي قلبه ظلت راسخة معاني الانتماء للعدالة والحرية والمساواة بين أبناء البشرية.. وللأرض التي تنجب التين والزيتون والليمون والأدباء المرموقين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2178168

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع نشاطات  متابعة نشاط الموقع متابعات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178168 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40