الأحد 7 نيسان (أبريل) 2013

مشعل وحماس وتساؤلات مشروعة

الأحد 7 نيسان (أبريل) 2013 par د. فايز رشيد

مما لا شك فيه أن اعادة انتخاب الأستاذ خالد مشعل رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس لمرة جديدة وبالتزكية هو عامل مهم في استقرار أوضاع هذا الفصيل الفلسطيني المهم. في الشهرين الماضيين كثرت الأخبار والمقالات والآراء والأقاويل عن الخلافات العميقة بين تيارين في الحركة: تيار الداخل وتيار الخارج وعمق التناقض بينهما، الأمر الذي أوشك أن يؤدي الى نهايات سلبية للحركة. نجاح حماس في انهاء هذه القضية التي كانت شائكة وهي: انتخاب زعيم للحركة هو مسألة في غاية الاهمية للحركة أولا وللساحة الفلسطينية ثانيا فمعروف عن مشعل انشداده الكبير للمصالحة الفلسطينية وهو يمتلك علاقات جيدة مع محمود عباس، وهو ما قد يبشر بالعودة إلى موضوع تحقيق المصالحة من جديد. حماس مطالبة بالكثير من التوضيحات بالنسبة لقضايا مفصلية فيها: الموقف من الهدنة مع الكيان الصهيوني، رؤاها الاستراتيجية من النضال الوطني التحرري الفلسطيني.. هل هي مع تحرير فلسطين كل فلسطين؟ أو هي مع دولة فلسطينية على حدود عام 1967 مقابل تسوية تاريخية مع اسرائيل؟ ذلك أن الكثير من التصريحات من قياديين وناطقين رسميين في حماس تأتي متضاربة الأمر الذي يلقي بضبابية شديدة على مواقف الحركة، وعلى سبيل المثال لا الحصر نقول ما يلي: لقد اعتبر أحمد يوسف أحد الناطقين باسم حركة حماس والمستشار السياسي السابق لرئيس وزراء الحكومة المقالة إسماعيل هنية “أن شطب حركة حماس من قائمة الإرهاب بات مجرد مسألة وقت”، كاشفاً في تصريح صحفي له النقاب عن أن اتصالات تجريها الحركة بمساعدة من دول عربية وإسلامية لإقناع الدول الكبرى والأوروبية برفع اسم حماس من قائمة الإرهاب. وأضاف يوسف مستغرباً ليس من المعقول أن تدعم الدول الغربية، الأنظمة الإسلامية في كل من تونس ومصر وتواصل مقاطعة حماس، التي خرجت من رحم هذه التيارات الإسلامية وتضعها على قائمة الإرهاب، هذا خطأ في المعادلة الدولية.
تصريح يوسف يعني فيما يعنيه إعطاء مصداقية كبيرة لكافة التقارير والأنباء التي تحدثت عن مباحثات سرية بين حركة حماس والعديد من الدول الأوروبية في العديد من العواصم، كما يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها، نقصد بذلك الاتفاق السري الذي جرى إبرامه وبوساطة مصرية بين حركة حماس ودولة الكيان الصهيوني على إثر العدوان الصهيوني على القطاع في نوفمبر من العام الماضي، والذي استمر ثمانية أيام وبموجبه أن لا تسمح مصر بإدخال قطعة سلاح واحدة إلى قطاع غزة. كذلك إمكانية اعتراف حماس بالدولة الصهيونية. هذا ما كان رئيس المكتب السياسي للحركة والمنتخب حديثا للمرة الرابعة في هذا المنصب خالد مشعل قد قاله في مقابلة له مع فضائية سي إن ان الأميركية عندما سأله المحاور عن إمكانية اعتراف حركة حماس بإسرائيل؟ أجابه يومها بأننا نعترف بالواقع ونريد إقامة دولة في حدود عام 1967. لهذا السبب وافقت الحركة في المباحثات السرية المعنية على عقد هدنة طويلة الأمد مع دولة الكيان، ومنع كافة تنظيمات المقاومة الأخرى من إطلاق أية صواريخ أو رصاصات باتجاه إسرائيل.
يدرك أحمد يوسف أن لا الدول الأوروبية ولا الولايات المتحدة ولا اللجنة الرباعية سترفع اسم حماس من قائمة الإرهاب، إذا لم تعترف بإسرائيل، وإذا لم تنبذ المقاومة المسلحة، ولذلك فإن بين طيات سطور تصريحه الأخير“بأن الحركة لن تستجيب لشروط الرباعية ومن ضمنها الاعتراف بإسرائيل” ما يؤكد على أن الحركة ستعترف بالكيان الصهيوني. وقد بدأنا نسمع من قادة حركة حماس تصريحات حول أهمية المقاومة الشعبية (السلمية بالطبع)، وبذلك تلتقي الحركة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في معتقداته بلا جدوى “الكفاح المسلح” وتحبيذ المقاومة الشعبية، وخيار المفاوضات مع إسرائيل. إذا كانت القضايا تجري على هذا المنوال، فلماذا لا تتم المصالحة؟ وما هو وجه الاختلاف مع حركة فتح؟.
بعد تسلم الإسلام السياسي الممثل بحركة الإخوان المسلمين (الذي يؤكد يوسف بأن حماس قد خرجت من رحمها) للسلطة في كل من مصر وتونس، فإن معادلات سياسية جديدة تجرى في المنطقة عنوانها تأييد الولايات المتحدة والدول الأوروبية للسلطتين مقابل تخلي الإخوان المسلمين عن النهج السابق قبل الوصول إلى الحكم بتدمير إسرائيل مقابل الاعتراف بوجودها، والمحافظة على الاتفاقيات الموقعة معها وأبرزها اتفاقية كمب ديفيد. ولذلك فإن الرئيس المصري محمد مرسي يؤكد على الالتزام بهذه الاتفاقية (وإن بشكل غير مباشر) ويخاطب رئيس دولة الكيان شمعون بيريز بـ “الصديق العزيز”، ويظل دور مصرفي عهده هو تمثيل دور الوسيط في كل القضايا المتعلقة بالفلسطينيين وبين الكيان الصهيوني (كما في قضية الأسرى على سبيل المثال وليس الحصر) تماماً مثلما كان الرئيس المخلوع حسني مبارك ونظامه. ولذلك ليس غريباً تصريح الشيخ الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية “بأن الدستور الجديد لتونس لن يتضمن تجريم التطبيع مع إسرائيل”. هذا هو الواقع. لذا ما دامت حماس تنتمي إلى الإخوان المسلمين وهي تعترف بذلك (كما صرح أحمد يوسف) فمن الطبيعي أن تخضع لنفس الاستراتيجية الجديدة للحركة المركزية للإخوان، ويتمثل الخضوع لديها في إلغاء استراتيجيتها وانتهاج أخرى جديدة، هذا هو المنطق وفي السياسة - في العادة - لا تؤخذ القضايا بالنوايا الحسنة. هذه الاتفاقيات جاءت بعد حوارات عديدة أجراها الإخوان المسلمون في كل من واشنطن وعواصم أوروبية مختلفة. الحلقة الجديدة من هذه الاتفاقيات هي اعتراف حماس بإسرائيل!.
حركة الإخوان المسلمين هي حركة تسلطية تعمل بموجب قرارات مركزية تتخذها الهيئات المركزية فيها. للأسف لم تراع هذه الهيئات الخصوصية الفلسطينية لحركة حماس وأخضعتها لاتفاقياتها الموقعة مع الأطراف الأجنبية. حركة حماس تمتلك أفضل العلاقات مع الحكم في مصر، ومع الرئيس محمد مرسي تحديداً. في عهد الرئيس المصري السابق المخلوع كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها حينما تعتدي القوات المصرية على الانفاق وتقوم بهدمها وردمها.
السلطة المصرية وبقرار من الرئيس مرسي، قامت بإغراق كافة الأنفاق في رفح بالمياه العادمة، ولم نسمع كلمة إدانة واحدة من حركة حماس للخطوة المصرية سوى من انتقاد خجول لعملية الهدم، مع أنها تُعتبر مشاركة فعلية للحصار الصهيوني على القطاع والمفروض عليه منذ سنوات طويلة.
إن رفع حركة حماس من قائمة “الإرهاب” أوروبيًّا وأميركيًّا ليس وسام شرف تعلقه الحركة على صدرها، بل هو تراجع عن حق مشروع أقره المجتمع الدولي لشعبنا، بغض النظر عن تسميته (إرهاباً) من قبل العدو الصهيوني وحلفائه. ان اسئلة كثيرة بحاجة إلى وضع النقاط على حروفها من قبل الحركة حول: سياساتها واستراتيجيتها فهل يسهل انتخاب خالد مشعل زعيما للحركة من وضع الإجابات الدقيقة عن كل تلك التساؤلات ؟ لننتظر ونر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 47 / 2165855

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165855 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010